كربلاء/خاص
النبأ: خرج المئات من
أهالي كربلاء صباح الخميس في تظاهرة طافت شوارع المدينة مطالبين بإعدام
صدام حسين وأركان نظامه، والمحامين المدافعين عنه، كما طالبوا بتعويض
أسر الضحايا الذين أعدمهم صدام خلال فترة حكمه وهم بالملايين..
دعا لهذه التظاهرة الحاشدة أحزاب إسلامية وجمعيات سياسية، قالوا
إنها جاءت لتأكيد الدور الشعبي في المطالبة بإنزال أقصى العقوبات بصدام
الذي حملوه كل ما عانى منه العراقيون في الماضي والحاضر، وقد تقدمت هذه
التظاهرة شخصيات سياسية معروفة مثلت منظمة بدر، وحزب الدعوة الإسلامية
بفرعيه، وتجمع جماهير الانتفاضة، كما مثلت السجناء السياسيين، والأحزاب
الإسلامية الأخرى، فضلا عن حضور المرأة المسلمة بشكل واضح فيها..
السيد أبو مرتضى الكربلائي، مسؤول مكتب منظمة بدر في كربلاء وصف
التظاهرة قائلا" غاية المسيرة التي تبنتها الأحزاب الإسلامية في محافظة
كربلاء المقدسة، وأهالي المحافظة الكرام، هي المطالبة بمايلي: محاكمة
صدام بصورة عادلة، وإنزال العقاب الذي يستحقه، ولن يقبل المتظاهرون
بأقل من عقوبة الإعدام".
ولم تنس التظاهرة أن تطالب بإرجاع المفصولين السياسيين إلى وظائفهم،
وقد عبر السيد أبو مرتضى الكربلائي عن استعرابه لمنطق "مكافأة الجلاد"
حسب وصفه، وترك الضحية للفقر والعوز :" نريد أن نرى المفصولين
السياسيين وقد عادوا ليمارسوا وظائفهم بشكل منصف يليق بهم وبعوائلهم
التي تحملت الكثير من الألم، فلماذا تثار ضجة كبرى مفتعلة للمطالبة
بعودة البعثيين للسلطة، ولاتثار مثلها لإعادة المفصولين السياسيين
لوظائفهم.. هل ترى أن هذا من الإنصاف؟!".
ويضيف السيد أبو مرتضى الكربلائي، عاكسا الشعارات والهتافات التي
أحاطت به قائلا" المتظاهرون يطالبون أيضا بحقوق الشهداء الذين قضوا في
سجون صدام وفي مقابره الجماعية بصورة ظالمة ودون أية محاكمة.. كما
نطالب بحقوق المهاجرين والمهجرين.. نريد من الحكومة أن ترعى هؤلاء،
وإلا فإن استمرار الظلم بحقهم يعني أن سقوط صدام لا قيمة له".
أما السيد أبو بلال الكربلائي من مجلس إدارة المحافظة ، فأكد رغبته
والمتظاهرين بإعدام صدام وكل" الخونة" الذين شاركوا في قتل العب
العراقي، وقال وهو يقطع الطريق مع حشود المتظاهرين المتجهين نحو مبنى
المحافظة قاطعين شارع العباس( ع)" الهدف الأساسي لهذه التظاهرة هو
المطالبة بإعدام صدام وكل الخونة الذين ساهموا معه بقتل الشعب العراقي".
وبينما كان العراقيون من حوله يرددون بغضب" أم الشهيد تنادي أعدموا
قاتل أولادي" أضاف السيد أبو بلال الكربلائي قائلا: "هذه الصيحات تعكس
الدين الذي لعوائل الشهداء في رقاب جميع الشرفاء والخيرين، فهناك عوائل
أعدم صدام أكثر من واحد من أبنائها، فهل يعقل أن يعفى صدام من
المسؤولية ويتنعم بالحياة أمام أنظار ذوي المعدومين والمغيبين..؟".
ولم ينس الحاج الكربلائي أن يذكر بإدانة المتظاهرين للعمليات
الإرهابية التي تطال العراق بكل مافيه ومن فيه لا سيما الشخصيات
الشيعية الوطنية، وقد رفع في التظاهرة شعارات يافطات تؤكد المعنى الذي
ذهب إليه، وقد حمل بقايا النظام الساقط وما أسماه بالزمر الضالة
مسؤولية الوقوف وراء الأعمال" الإجرامية" التي يشهدها العراق..
وأبدى المتظاهرون إجماعا على ضرورة محاكمة صدام عن الجرائم التي
اقترفها بحق العراقيين..
أبو محمد العامري مسؤول مكتب كربلاء لحزب الدعوة الإسلامية تنظيم
العراق ذكر أيضا بالجرائم التي ارتكبها نظام البعث بحق العراقيين وغير
العراقيين وطالب بانزال العقوبات المترتبة على هذه الجرائم " المجتمع
العراقي عانى الكثير من الويلات خاصة الشهداء والمظلومون وعوائلهم
وبالتالي هم يطالبون بحقهم في القصاص من صدام وأعوانه والحكم عليهم
بالإعدام ".
ويبدو أن الإجماع شمل أيضا المطالبة بحقوق المتضررين من صدام، حيث
أضاف السيد العامري" ونطالب بإيجاد فرص للمظلومين وأبناء الشهداء،
وإبعاد البعثيين عن كل مؤسسات الدولة العراقية الجديدة".
واستنكر العامري الدعوات المطالبة بإطلاق سراح صدام حسين وقال عنها"
هذه دعوات شيطانية تريد الالتفاف على حقوق ومطالب الشعب العراقي ".
وأضاف " من يقتل شخصا يعاقب على جريمته هذه بالقتل، فكيف بالذي قتل
الملايين؟!".
ولم يختلف السيد سالم الشمري وهو شيخ يرتدي الزي العربي( الكوفية
والعقال) وجاء لعبر عن غضبه على صدام حسين حسبما يقول، لم يختلف عن
الآخرين في المطالبة بإعدام صدام" نطالب بالقصاص العادل من صدام المجرم
الذي أجرم بحق الشعب العراقي طيلة فترة حكمه".
وعدد السيد العامري بعض جرائم صدام بالقول" لماذا لا يحاكم صدام على
جرائم قتل العلماء وإشعال الحروب ضد دولة إيران الإسلامية، ودولة
الكويت الشقيقة.. لماذا لانحاكمه على جرائم استخدام الأسلحة ضد سكان
حلبجة وتجفيف الأهوار، ولماذا لا ننزل به القصاص جراء قتله الملايين من
شبابنا في السجون والمقابر الجماعية؟"..
السيد علي الطالقاني من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق
طالب هو الآخر بإنزال أقسى العقوبات بصدام وقال" ومن قتل نفسا بغير حق
فكأنما قتل الناس جميعا".. أرجوك كم من نفس بريئة قتلها صدام حسين، على
أساس الشبهة والظن؟! لا لشيء إلا لتثبيت دعائم حكمه، فالرسالة التي
أوجهها إلى كل الناس، إلى كل العالم.. إلى المؤيد لصدام، وإلى
المعارضين له... أقول لمن يؤيده: إذا أردت أن تسأل عن شخص، فستسأل
الناس الذين يعرفونه.. في منطقته أو محلته وبيته، وهم الذين سيصفونه
لك..فاسألوا " بيت صدام" وهو العراق" واستطرد قائلا" ولو أن صدام لم
يعتبر العراق بيته ولو اعتبره كذلك لما فعل به وبأهله ما فعل"..
ثم أضاف" اسمعوا ماذا يقول العراقيون عن صدام... هذه الصور التي
يحملها المتظاهرون وتلك المرسومة بأذهان الناس وفي الخراب الذي نراه في
كل مكان .. كلها صور تعبر عن خسته ونذالته وإجرامه"..
وكرر السيد الطالقاني ما طالب به الآخرون في تظاهرة كربلاء وغيرها"
نطالب بإنزال القصاص العادل به" ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ
أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتّقون).. ولو كنا لانخاف الله
لطالبنا بتعذيبه كما كان يفعل بشبابنا"..
أما الشيخ عصر الباني من المجلس الأعلى فقال" رسالتنا أن هذا الشخص
مجرم، فالذي يقتل نفسا واحدة بغير حق يقتل، فكيف بالذي قتل الملايين من
البشر من العراقيين وغير العراقيين"..
وأضاف" مطالبنا بمحاسبة صدام حسين وإنزال القصاص به مطالب بديهية
ولا تحتاج إلى استدلال أو برهان أو حديث أو أي شيء.. فكما هو معلوم
للجميع أن صدام ارتكب جرائم مشهودة ولا بد أن ينال العقوبات المترتبة
على هذه الجرائم، بأن يعدم وأن لا يتدخل أحد بهذا الموضوع سوى القضاء
العادل"..
وواصل المتظاهرون مسيرتهم نحو مبنى المحافظة، وكانت أعدادهم تضاعف
باستمرار حيث التحق بهم مواطنون آخرون..
أحد المتظاهرين من مؤسسة السجناء السياسيين المستقلة عبر عن هذه
التظاهرة قائلا " هذا صوت يعبر عن مطالب العراق بأجمعه، فكر بلاء تضم
صوتها لبقية أصوات الشعب العراقي في المحافظات الأخرى وتطالب بإعدام
صدام حسين واجتثاث البعث من الساحة السياسية العراقية ونشر العدالة في
العراق الجديد".
متظاهر أخر" عدنان الشيخ ظاهر" كان يردد الشعارات ويهتف بصوت عال
وبطريقة تشبه البكاء وهو يرفع يديه للسماء مرددا" أطالب بالقصاص العادل،
وهو حق الجماهير المظلومة.. التي قدمت التضحيات والشهداء من أجل
الكرامة والحرية ومن أجل العراق الجديد"..
وكان للمرأة العراقية حضور ملموس للمطالبة بإنزال العقاب بصدام...
ولم تنس النساء العراقيات أحزانهن ، حيث رفعن عشرات الصور لأبنائهن
الذين أعدموا على يد النظام البائد، وبينما كانت السيدة " أم أحمد"
تردد شعارات على طريقتها كن أخريات يجهشن بالبكاء، وهن يلوحن بصور
الشباب المعدومين..
السيدة " أم زهراء" قالت أنها لا تريد أكثر من إذاقة صدام الموت
الذي أذاقه لأبنها ظلما، وتضيف أن ابنها كان قد تخرج للتو من كلية
الهندسة، ولكن البعثيين اختطفوه بحجة انتمائه لحزب الدعوة فأعدموه.."أم
زهراء" لم تستلم جثة ابنها ولم تعثر على بقاياه في المقابر الجماعية،
ولكنها تيقنت من موته بعد سقوط صدام حسين، وبعد أن مر اليوم أكثر من 25
عاما على غيابه..
سيدة أخرى عرفت نفسها" أم كريم" كانت تبكي بحرقة وهي تلوح أيضا
بصورة ابنها الذي بدا يافعا. لقد اختطفه رجال الأمن من بين يديها حسب
قولها، " كنت على وشك أن أفرح بزواجه، ولكنهم أخذوه .. وبعد عام وثلاثة
أشهر أعادوه لي جثة هامدة".. |