يتابع العراقيون ورأيهم العام موضوع (المصالحة الوطنية) وهكذا سميت!
بحذر شديد نظراً لما تحمله من معانٍ ضمنية تتجاهل ألفاظ التاريخ فيما
جرى على العراق على أيدي نظام المرتزقة الصدامي الاستعماري الجائر من
أهوال الإرهاب العشوائي.
من العقل والعقلانية أن تكون الكلمات والمصطلحات والشعارات المرفوعة
سياسياً ذات دلالة دقيقة لما يراد لها من توصيل لفكرة ما وفكرة (المصالحة
الوطنية) التي ترفع شعارها الآن الحكومة العراقية المؤقتة ولكن السؤال
الكبير يبقى مرفوعاً عن أي مصالحة وطنية تم الحديث وهل هناك متابع وطني
واحد يعتبر عناصر النظام البائد (وطنيين) وأن الحد الأدنى لأي واحد
منهم أثناء ممارسة نشاطه السياسي الآنذاك كان كاتباً للتقارير التي (تكسر
الرقاب) واليوم فلأن أعداد مرتزقة النظام السابق كبير فإن هذا هو الذي
يخلق المبرر لدى الحكومة المؤقتة أن تقدم على فعله رفع شعار (المصالحة
الوطنية)!
إن المصالحة الوطنية إذا ما أريد لها أن تأخذ مداها الإيجابي فينبغي
أن تشمل الجهات السياسية المؤتلفة الآن في الحكومة المؤقتة وليس أولئك
الذين عادوا الشعب وحاربوا تلك الجهات في العهد المقبور، أما عن وجود
حالة من التهيب من الرقم الكبير الذي يصل إليه أعضاء التنظيم السياسي
الصدامي الحاكم سابقاً فينبغي عدم التهيب منه أبداً حيث تؤيد التجربة
التاريخية العراقية الحديثة كيف أن ما لا يقل عن (4) ملايين مرتزق
صدامي قد تنصلوا عن رئيسهم حتى لم يتجرأ واحد منهم أن يأويه في بيته
وهذا يدل على أن هؤلاء المرتزقة لا يجمعهم ولم يكن يجمعهم بأي مرحلة من
مراحل حكمهم الظالم للعراق أي رابط من الوطنية أو الإخلاص للمبادئ التي
كانوا يدعوها للتمويه على الرأي العام في العراق وخارجه، وما هذه
النعرة اللاعروبية المرفوعة اليوم لصالح الدفاع عن نظام صدام السابق
إلا أحد أسلب التأثيرات الخارجة من عباءة ذلك التمويه.
إن تقديرات الحكومة العراقية المؤقتة البادية عبر الدعوة للمصالحة
الوطنية بهدف تحقيق الأمن والاستقرار إذا ما قامت تلك المصالحة مع
أعداء الشعب العراقي المتمثلين بكل من تعاون مع ا لنظام السابق أو
انتمى إلى فريقه السياسي فإن الويل هو الذي ينبغي أن تنتظره الحكومة
العراقية المؤقتة بكافة أعضاءها واصطفافاتها قبل الشعب العراقي وهذا ما
يتطلب من هذه الحكومة أن توعى للحقيقة التاريخية التي تفيد أن الخونة
والجبناء ومنهم مرتزقة النظام السابق دون أي استثناء وكما لاحظ الرأي
العام العراقي قبل غيره كيف كانوا في الهزيمة كـ(الغزال) يوم سقوط
النظام فأين كانت مبادئ هؤلاء المرتزقة التي يدعوها عن (النضال)
و(الاستعداد للتضحية) والى آخر هذه الترهات من الشعارات الزائفة التي
استطاعوا أن يضحكوا بها على ذقون بعض المغفلين واللاوعين والذين
تقدمتهم في مسيرة العداء للشعب العراقي حثالة القيادة الصدامية بكل
تركيبتها الاستعمارية وذات الماضي المخزي.
إن العراقيين يثمنون دور الحكومة العراقية المؤقتة في إثبات حُسن
نواياها في موضوع التحالفات السياسية داخل العراق لكن الأعراف قد
اعتادت أن لا تمنح الثقة لـ(العاهر) وبالذات في عالم السياسة الذي وصل
سلوك الفريق السياسي الصدامي الحاكم آنذاك إلى درجة (العهر السياسي)
الذي لا بد وأن تسحب منه الثقة ومن فلوله ولا تقبل بهذا المجال أي
ذريعة أما عن كيفية مواجهة الحكم الجديد لاحتمالات أي موقف قد يؤدي بأن
يتجمع هؤلاء المرتزقة مرة أخرى ليعيدوا تشكيل تنظيمهم السياسي فأنهم
سيقومون بذلك بأحد تشكيل تنظيمهم السياسي فأنهم سيقومون بذلك بأحد
دافعين أما أن يكون المستعمر المسؤول عن الفريق السياسي الصدامي السابق
قد يأمر بذلك وهذه مسالة تقع أساساً خارج إمكانية الحكومة العراقية
المؤقتة وأي حكومة عراقية قادمة لأن الفريق السياسي الجاسوسي المذكور
لن يستطيع عدم تنفيذ أمر من السيادة. وهذه المسألة ممكن تركها للزمن
والأمر الثاني هو أن الإجراءات القانونية الصارمة بحق أولئك المجرمين
من أركان النظام السابق تكون ذات طابع ثوري يصفي كل من قتل أو اغتال أو
تسبب بموت أي مواطن عراقي وعند ذاك سيلاحظ أن العدد الهائل من مرتزقة
النظام سوف يختفي من الساحة العراقية تماماً لأن صفة الجبن هي صفة
متأصلة في نفوس عناصر ذلك النظام من قيادة إلى كوادر والى القواعد أيضاً.
وحتى لا ينسى الشعب العراقي شهداء والأبرار وأكثر من (260) مقبرة
التي اكتشفت وضمت رفاتهم فلا بد من أن تكون (الإرادة العراقية) هي التي
تحدد مطالب المشاعر الدفينة عند الناس وإلا فإن إعادة الحثالة السياسية
للنظام الصدامي السابق إلى صدر الوجاهة السياسية في العراق الجديد..
فسيعني ذلك تمهيد مؤكد لذبح الشعب العراقي وإبقاء الوطن العراقي لخونته
المارقين. |