دعك من مفتشي الاسلحة النووية وتردي الاوضاع في العراق وتفشي تعاطي
المخدرات فكل ذلك لا يهم الان. الموضوع الاهم في ايران هذه الايام هو
الازياء وما يمكن ان يسمح للنساء بارتدائه.
فقد شنت شرطة الاخلاق والمتحمسون الدينيون حملة شعواء على "الملابس
غير اللائقة" وصادرت المعاطف الضيقة والسراويل القصيرة من مراكز التسوق
التي تعرض الجديد في عالم الازياء واحتجزوا عشرات النساء كل يوم بسبب
مخالفة الزي الاسلامي.
وفرض الحجاب بعد الثورة الاسلامية الايرانية في 1979 وهو يلزم
النساء بتغطية الشعر وارتداء ملابس طويلة غير ضيقة لا تظهر تفاصيل
الجسم.
واعتقلت الشرطة روشاناك (27 عاما) واحتجزتها ليومين بعد أن انزلق
حجابها بينما كانت توقف سيارتها.
وتقول روشاناك "اضطر زوجي لدفع عشرة ملايين ريال (1170 دولارا)
للافراج عني. وأنا أنتظر المحاكمة. ويقول محامي الدفاع انني قد أعاقب
بالجلد أيضا."
ورغم أن الحملة على الملابس غير اللائقة ليست جديدة فان التنفيذ
عادة ما يفشل خلال الصيف عندما تضطر درجات الحرارة المرتفعة بعض النساء
الى اجتياز حدود هذا القانون الذي يثار حوله جدال غير مسبوق.
وتقول وسائل اعلام محلية ان وزارة الداخلية تعكف على صياغة ارشادات
جديدة لتوضيح المسموح به والممنوع في عالم الملابس النسائية.
وبالنسبة للكثيرين فان التدخل في طول المعاطف النسائية أو فيما
يتعلق بالسماح بارتداء الصنادل أو الاقراط يعرض للخطر الحريات القليلة
التي حصلت عليها النساء خلال الاعوام الاخيرة.
وقالت صحيفة الشرق الاصلاحية في افتتاحيتها "أسلوب الناس في اختيار
ملابسهم أمر يرجع للافراد ولا يمكن للحكومة الموافقة على قانون من هذا
القبيل."
لكن العديد من رجال الدين الذين أزعجتهم مخالفة بعض النساء للباس
الاسلامي التقليدي وارتدائهن ملابس تميل الى الاسلوب الغربي يعتقدون أن
هناك حاجة ملحة لقانون من هذا القبيل.
وقال رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي "بعض النساء يظهرن في الشوارع
وقد أوشكن على التخلي عن اللباس الاسلامي. انه اتجاه خطير للغاية."
واقترح رجل دين بارز انشاء وزارة للاداب تشبه تلك التي استخدمتها
حركة طالبان لاجبار النساء في افغانستان على ارتداء الملابس الاسلامية
والرجال علىاطلاق اللحى.
وانحت مجموعة متشددة باللائمة في ارتفاع عدد حالات الاغتصاب على عدم
الالتزام بالحجاب التقليدي وحثت الشرطة على التصدي لذلك.
ويقول محللون سياسيون ان موضوع الحجاب ربما يكون اختبارا حقيقيا
للمحافظين الذين ابعدوا الاصلاحيين عن السلطة.
والرئيس الاصلاحي محمد خاتمي الذي شجع على عدم التشدد في تنفيذ بعض
القواعد ومنها موضوع الحجاب بعد انتخابه في 1997 ستنتهي فترة رئاسته
بعد عام. وفقد حلفاء خاتمي الاغلبية في البرلمان في انتخابات فبراير
شباط الماضي بعد عملية استبعاد واسعة النطاق للمرشحين الاصلاحيين.
ويقول المحلل السياسي حسين رسام ان "المعتدلين في المعسكر المحافظ
يعرفون ان شن حملة شديدة على امور اجتماعية من شأنه ان يؤدي الى رد فعل
من جانب الناس الا ان التقليديين يريدون ان يجعلوا من الحجاب قضية."
وتأتي بعض الاصوات المطالبة بعدم التشدد في موضوع الملابس من داخل
المعسكر المحافظ نفسه.
وقالت صحيفة رسالات المحافظة "اي سياسة تفرضها الدولة لشن حملة على
من يخالفن الحجاب ستفشل."
وحتى الزعيم الاعلى الايراني اية الله على خامنئي الذي يدافع عادة
عن التمسك بالقيم الاسلامية على طول الخط كان اقل تشددا خلال احد
احاديثه في الاسبوع الماضي عندما قال "محاكاة ثقافة الغير خطر كبير.
لكن لا تسيئوا فهمي. انا لا أعارض الازياء والتنوع والتجديد."
فقد نقل عن الزعيم الاعلى الايراني اية الله على خامنئي انه طالب
بتصميم زي وطني يتباهى به الايرانيون على الا يستوحوا خطوطه العريضة من
صفحات الازياء بالمجلات الغربية.
وكان المحافظون قد شنوا مؤخرا حملة على النساء اللائي لا يحترمن
قواعد الزي الاسلامي في ايران بارتداء معاطف تبرز تضاريس اجسادهن
ويتركن خصلات من شعورهن تنسدل من تحت الحجاب.
لكن خامنئ صاحب الكلمة الاخيرة في كل مايتعلق بأمور الدولة قال ان
الامر لاينبغي ان يبعث على الفزع.
ونقل عنه قوله للشباب في مدينة همدان الغربية "شباب هذا البلد
مؤمنون حقا ومرحون ومراعون لدينهم."
وقالت صحيفة الشرق اليومية ان الزعيم الاعلى الايراني عاد من جديد
للتحدث عن فكرة الزي الوطني التي اثارها منذ سنوات.
وقال خامنئي "للعرب والهنود والاندونيسيين والافارقة ازياؤهم الخاصة
وهم فخورون بها. اقول لتجلسوا وتصمموا زيا وطنيا...لكنني لااقول انه
يجب ان يكون شيئا من هذا النوع الذي يعود الى 500 عام مضت."
واضاف "اقول اذا اردتن ان تقصصن شعوركن وان تغيرن الطريقة التي تضعن
بها مساحيق التجميل وان تغيرن من طريقة سيركن فلتفعلن."
وقال "اذا وضع مصممو الازياء في اوروبا وامريكا تصميما لانواع من
الملابس للرجال والسيدات في مجلات الازياء فهل ننقلها عنهم في طهران
ومشهد وهمدان.. سيكون هذا شيئا سيئا".
وقال "التقليد الثقافي خطر كبير لكن لا تسيئوا فهمي فانا لا اعارض
الموضة والتنوع والتجديد."
وقال خامنئي الذي يرتدي عادة عباءة سوداء فضفاضة ويغطي رأسه بعمامة
سوداء انه ليس هناك ما يشين في ارتداء المعاطف والسراويل وانه من ان
اخر يرتدي معاطف مطر غربية الطراز.
ويبدو ان فكرة الزي الوطني صادفت هوى كبيرا لدى رجل الدين الايراني
المتشدد احمد خاتمي الذي عبر عن مخاوفه من اطلاق حرية الملبس خلال
مقابلة مع صحيفة هامباستيجي.
وقال "بعض النساء يخرجن الى الشارع وهن قاب قوسين او ادنى من مخالفة
الزي الاسلامي. انه اتجاه خطير للغاية."
المصدر: وكالات |