في تطور كان جانباً من الرأي العام العراقي يتصور أن بمجرد الإعلان
عن تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة والشروع بعملها فإن قوى الإرهابيين
ستوقف نشاطها على خلفية الاعتقاد الخاطئ أن لهؤلاء الإرهابيين مطالب
حتماً ممكن التفاهم عليها في ظل حكومة دستورية وأن كانت مؤقتة إلا أن
ما حدث ويحدث الآن من توالي العمليات الإرهابية العشوائية ضد الشعب
العراقي يتضح أن هؤلاء الإرهابيين هم في حل عن أي التزام سوى تنفيذ
أوامر الخارج الصادرة إليهم.
وتتوقع مصادر سياسية أن مستقبل العراق القادم سوف يكون مظلماً أكثر
ما لم تتم مواجهة كل حدث يومي بالعدل والقانون ذو الصبغة المغلفة
بالعنف الموضوعي ضد كل من سوّل له نفسه وهذا أول ما يتطلب العمل به هو
مراعاة المطلب الشعبي الذي منه قص مخالب الإرهابيين خصوصاً وأن كل
الاتجاهات السياسية المتمثلة الآن في تشكيلة الحكومة العراقية المؤقتة
متفقة على ضرورة اجتثاث كل قوى التطرف والإرهاب من أرض العراق أين كانت
وكيفما كانت. وبهذا الصدد يكفي أن انبثاق وزارة باسم (وزارة حقوق
الإنسان) في العراق يكفي لتأمين حياة آمنة لعموم الشعب العراقي، ففي
قوة الرأي العراقي الذي اضطهد في عهد النظام المباد ما سيمكن المجتمع
العراقي أن لا يتردد من إعلان دعواته لخلق عراق ديمقراطي حر ينهي مسألة
التناحرات السياسية اللامبررة إذ من غير المعقول أن أي خلاف في وجهات
النظر السياسية يؤدي حتماً إلى الصدامات العسكرية بين الأطراف
المتنازعة.
للحياة السياسية مقومات لا تبدأ بكل الاعتراف أن الوطني الآخر له
تصوراته عن حياة العراقيين وما تتطلع إليه العائلة العراقية المحرومة
من خيرات البلاد، وهناك اعتقاد سائد اليوم بأن التقوقع على المبادئ أو
التعامل مع الآخر على أساس الهاجس للإدانة لا يكفي ونقل بهذا الصدد على
لسان (إياد علاوي) رئيس الوزراء في الحكومة العراقية مؤقتاً تصريحاً لم
يؤيده الإعلام الدولي أو يكرر نشره ومفاده أنه قد هد بتسليم أي إرهابي
إلى الشعب العراقي في حالة إلقاء القبض عليه متلبساً بالجرم الإرهابي
المنشود وهذا أن صح فيعتبر إجراء قانوني من الناحية الشرعية إذ أن ما
يتعرض له المواطنون في العراق في عمليات قتل على أيدي هؤلاء الإرهابيين
الذين لم يشهدهم ضمائرهم إلى مبدأ حي وعلى اعتبارهم من مرتزقة السياسة
الدولية الذين ينفذون ما يؤمروا به فإن في تصفيتهم الفورية دون إخضاعهم
لأي محكمة سيكون فيه درساً سياسياً بليغاً لكل من سولت له أو تسوّل له
نفسه في معاداة الشعب العراقي.
لقد حُرم الكثير من أبناء الشعب في العراق حتى من إقامة قبر لهم
وذلك لتناثر أجسادهم جراء التفجيرات الكبرى التي يقوم بها الإرهابيون
المرتزقة كما أن الذين تم تشييع جثامينهم لم يكن قد بقي من تلك
الجثامين سوى قطع رمزية منها حتى لم يتم التأكد أحياناً من كونها تعود
فعلاً إلى جسد هذا الشهيد العراقي أو ذاك.
وليكن معلوماً أن مرتزقة الإرهاب في العراق ليس لهم أي رأي ولا أي
مطلب من الحكومة العراقية المؤقتة بل إن مهمتهم محصورة بإقلاق الأوضاع
الداخلية العراقية ويتجمع اليوم داخل العراق فلول النظام السابق
وإرهابيو المنطقة العربية ممن باعوا ضمائرهم بثمن بخس لأعداء العراق
الخارجيين، والضجيج الإرهابي المفتعل المفتقر لأي مبرر بما ذلك افتقاره
العقلاني للدفاع حتى عن النظام البائد في العراق ما يؤكد تماماً بأن
تسويغ الجرائم السياسية التي كان النظام البائد يقوم بها ما هي إلا
صفقات مالية مدفوعة الثمن ممن يستطيع أن يدفع الآن بدلاً من النظام
السابق الذي كان يقوم بهذا المهمة (غير المشرفة) حين كان يحاول صف أكبر
عدد ممكن من الإعلاميين من العرب والعروبيين المزيفين والعربان الذين
مازالوا لم ينظروا بعد إلى معاني مواقفهم المخزية الداعمة إعلامياً
للنظام البائد ورموزه المجرمة.
إن تستر الإرهابيين بمبادئ مثل العروبة والإسلام ومعاداة الاستعمار
هي محل استهانة من قبل الشعب العراقي فإذا كان هناك نظام لا عروبي ولا
إسلامي ولا صلة له بمعاداة الاستعمار هو النظام الصدامي السابق فأي
مبادئ هذه التي كان النظام المذكور قد عادى بها كل شعبه وأباد ما لا
يقل عن (4) ملايين نسمة من العراقيين وأكثر من ذلك ممن اضطروا للهرب عن
العراق بطرق مختلفة.
وأمام حالة الصمت العربي الرسمي مما جرى في العراق من مآسي تفوق
التصور على أيدي النظام البائد والفريق السياسي الاستعماري الذي تحكم
بمقدرات العباد والبلاد طيلة فترة ناهزت الثلاث عقود لم يبقى سوى
اجتثاث كل إرهابي عن أرض العراق المقدسة. |