أثبتت الحكومة العراقية المؤقتة بعد استلامها زمام إدارة الحكم في
البلاد بثلاث أيام فقط أنها عازمة على محاكمة صدام وفريقه السياسي
الإجرامي على ما اقترفوه فبين تاريخ يوم الاثنين 28 حزيران المنصرم
والخميس 1 تموز الجاري هو الفاصل الزمني الذي تمت فيه تهيئة المستلزمات
الأولية لإجراء تلك المحاكمة – الحدث – التي ستعقد أول جلساتها الرسمية
في ظل الحكومة العراقية المنتخبة التي ستعمل رسمياً في مدة أقصاها
نهاية شهر كانون الثاني 2005م القادم.
وكان لظهور لقطات (بالصوت والصورة) لصدام وهو يمتثل أمام قاضي عراقي
ويستمع لتوجيه لائحة الاتهام ضده على أكثر من (7) بنود رئيسية كافياً
إلى إثبات أن (صدام) سيدان بشأن تلك الاتهامات التي كانت تحركها
الجريمة السياسية في العراق على أيام عهده.
وصدام الذي ظهر بمظهر الصلف الذي خانه أسياده الغربيين وبدأ يتخبط
في إيجاد طريقة عسى أن تسعفه في مواجهة الظرف الجديد الذي لا يُحسد
عليه وهو قابع في قفص الاتهام وتحت حراسة شرطي عراقي يحمل شارة (شرطة
الإصلاح) فحين بدأ يتكلم مبرراً عدم توقيعه على لائحة الاتهام الصحيحة
الموجهة ضده تطرق إلى شرح شيء من موقفه اتجاه ما حدث في عهده الإجرامي
لكن الشفقة تقع في قلب كل شريف شاهده وهو بتلك الحال الذي بدى فيه وقد
سمح له بصبغ شعر رأسه وتخفيف شيئٍ من لحيته ولأسباب يمكن تقديرها فقد
امتثل أمام القاضي العراقي وأنه لم يكن في حالة الاعتداد بنفسه وتكلم
بعبارات أثارت اشمئزاز العراقيين قبل غيرهم نظراً لما عرفوه عنه من صفة
الجبن والعمالة والخسة فقدم نفسه وبلا أي مناسبة على كونه (صدام حسين
رئيس العراق) ونكر أن يكون له يد في جريمة قصف قرية حلبجة الكردية
شمالي العراق بالغازات السامة كما تهجم على أخوتنا في الكويت ووصفهم
بأسلوبه الشوارعي المعتاد بـ(الكلاب) وهو الكلب العميل للاستعمار الذي
أوعز له لاحتلال الكويت بدعوى تحريرها وهو يتناسى أن أي خلاف بين
العراق والكويت لا يمكن أن يحل وعلى ضوء المعطيات السياسية العالمية
الجديدة إلا بأسلوب الحوار الأخوي والمباحثات المسؤولة واحترام إرادة
الشعب في كل من العراق والكويت التي لا فوقها إرادة.
أما عن نية الكويتيين بحسب مقولة صدام عنهم بكونهم استهدفوا نساء
العراق لإفسادهن فلا أحد يدري إلى مستوى أخلاقي ضحل قد وصل إليه رئيس
دولة في إطلاق كلام اعتباطي من هذا النوع وكيف عرف ذلك هل أجرى مثلاً
إحصاء عام على الرجال في الكويت وثبت تلك النية؟! يبدو أن الحياء قد
فقد تماماً من صدام. والسؤال المثار بهذا الصدد هو: من الذي أشاع إفساد
العديد من النساء العراقيات؟ أليست هي سياسة (اتحاد نساء العراق) التي
أجبرت جمهرات من العراقيات العفيفات على الانضمام لذاك الاتحاد النسائي
السيء الصيت الذي ركز حق من تريد أن تغوى في عفتها كـ(حق ثابت) ضمن
الخطة الدولة الصدامية لإفساد العراقيات وحتى إذا ما طبقت فيما بعد
سياسة صدام وفريقه السياسي الإجرامي بسلب مقومات العيش من العائلة
العراقية – عبر إجراءات مدروسة كانت تقف وراءها جهات أجنبية معادية
للعراق فظهرت من بين هؤلاء النساء طبقة عريضة من الفاسدات اللائي خلعت
عنهن سمات العفة فانتشرن في شوارع العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية
الرئيسية وأصبح المجتمع العراقي متفرجاً عما أوصله النظام إليه من بؤرة
الذل والمهانة والفساد وكان كل ذلك يتم تمريره وتشجعيه من قبل سياسة
ثابتة للدولة الصدامية.
وحين بدأ صدام يستغل أجهزة الإعلام في خطاباته ويطلق نعيقه حول
مصطلح (الماجدات) كانت النساء العراقيات يلعنه ويلعن اليوم الذي جاء به
إلى سلطة الحكم مع فريقه السياسي، ولعل نظرة على بعض دول الجوار للعراق
اليوم ممن وصلت إليها بعض النساء الفاسدات من ضحايا النظام الصدامي
وممارستهن الفاحشة لسد لقمة العيش لديهن لفيها ألف دليل على حقيقة
بطولات إفساد صدام وولديه عدي وقصي وفريقه السياسي للنساء العراقيات
وحتى إذا ما سادت ظاهرة الفساد عند جمهرة من العراقيات اللاتي كل من
قبل حكم صدام (نموذج راقٍ للعفة) فظهر ما جعل من كون إطلاق صفة (قوادي
السياسة) على صدام وفريقه السياسي يستحقونه (بكل جدارة)، فلقد باعوا
الوطن العراقي منذ انقلابهم الاستعماري سنة 1968م ونكلوا بكرامة
العراقيين وعرضوا جمهرة من النساء العراقيات إلى الفساد الاضطراري بعد
أن أجبروهم بطرق في منتهى الخباثة على ذلك.
وأخيراً فإن صدام ليس بحاجة لإصدار قرار محكمة ضده بعد أن أصدر
الشعب العراقي حكماً بإعدامه منذ سنوات ليست قليلة. |