قُدم تاريخ استلام السلطة للعراقيين اعتباراً من صباح هذا اليوم
الاثنين الموافق 11 جمادي الأول – 28 حزيران 2004م أي بالتبكير لمدة
يومين حيث كان المقرر أن يتم تسليمها من قبل قوى الاحتلال الأنكلو –
أمريكية يوم الأربعاء القادم 30 حزيران الجاري.
ويأتي موضوع استلام العراقيين لزمام الأمور الحكومية في بلادهم
كـ(حدث مفرح) يتأمل الشعب العراقي أن يكمل مشواره الذي سيحتاج حتماً
إلى تضافر جهود الشعب وقواه السياسية المخلصة حتى يمكن إعادة بناء
العراق الجديد خلال فترة قياسية وينعم الناس العراقيين في بلدهم
بالحرية والكرامة والسؤدد بعد أن فرض عليهم النظام الصدامي الاستعماري
المقبور شتى عمليات الإبادة وصنوف التعذيب على أيدي مرتزقته من قوادي
السياسة في العراق وخارجه.
والحكومة العراقية المؤقتة إذا ما انتهجت حقاً سياسة الاعتماد على
الشعب تماماً فإنها ستفلح في تحقيق كل خططها خصوصاً إذا ما منحت
العراقيين حرية التعبير عن الرأي السياسي المسؤول بما يحدث في العراق
الجديد وتجاوز مرحلة الخطر ستحتاج حتماً إلى سعة صدر في مواجهة أي حدث
سلبي قد يحدث في البلاد وهذا أمر إن لم يكن طبيعياً فهو متوقع.
ولعل في الاعتماد على تفضيل العقول الخبيرة والأيدي الماهرة
العراقية ما سيعزز تنفيذ خطط الدولة العراقية الجديدة في عهدها الجديد،
ومن الموضوعية الشديدة التحلي بوضع مصلحة الإنسان العراقي والوطن
العراقي فوق كل اعتبار آخر، صحيح أن هناك إجراءات عديدة ينبغي أن تتخذ
لصيانة الوضع الداخلي في العراق وهذا حق سواء عبر إعلان أحكام عرفية
غير جامدة ما يشابهها.
إلا أن قرار (العفو العام) الذي صرح مؤخراً رئيس الوزراء إياد علاوي
بأنه سيكون أحد مقررات حكومته المؤقتة إضافة لقرار (المصالحة الوطنية)..
فلا ينبغي أن يكون ذلك على حساب الحقوق الثابتة للمتضررين وذلك لأن
المصلحة العليا للبلاد لا تقضي أن تكون هناك (ديماغوجية) تخلط أوراق
الضحية والجلاد إذ لا بد أن تكون هناك محاسبة قانونية للمجرمين لأن في
قراري (العفو العام والمصالحة الوطنية) ليس فيهما ما يدل أن هؤلاء
المجرمين سوف يصبحون بين ليلة وضحاها (أناس أسوياء) إذ أن الجريمة
متأصلة في نفوسهم الملعونة.
إن العراق الحاضر ينبغي أن تفتح فيه العيون على كل شاردة وواردة وأن
ممارسة السيادة الحقة ينبغي أن يلمسها المجتمع العراقي برمته وطبيعي
فهذه ليست دعوة لإعلان حالة الطوارئ إذ أن في أعقاب صدور قراري العفو
العام والمصالحة الوطنية ربما ستعود القوى الإجرامية التي لا ترغب
الاستفادة منهما خصوصاً إذا ما تم العلم أن مجرمي السياسة في العراق
الذين قاموا بمساندة نظام صدام وتعاملوا مع شعبهم العراقي كـ(عدو رقم
1) لهم ضمن اللعبة الاستعمارية السابقة سوق يستمرون بأخذ أوامرهم من
سيدهم المستعمر الذي لا تروق له حالة السلم الاجتماعي في العراق..
اللهم إلا (تكتيكياً).
إن المجتمع العراقي سيبقى في انتظار تعريفه بمن هم الذين سيشملهم (قرار
العفو العام) ومن هم الذين سيكونون ضمن صف الآخرين الذين يستحقون
المصالحة الوطنية معهم، وربما ستخطئ الحكومة المؤقتة في العراق الراهن
إذا أرخت الحبل لمجرمي النظام السابق وفريقه الصدامي المستقود في كل
تاريخه السياسي المخزي فلقد عمل هؤلاء على اعتقال واغتيال وقتل ملايين
العراقيين ومن غير الطبيعي أن يعفى عنهم بقرار لا يأخذ حق المظلومين
والمتضررين بعين الاعتبار.
إن المعلومات المتوفرة لدى أحزاب وشخوص المعارضة العراقية للنظام
الصدامي السابق ليست قليلة من ناحية استطاعتها تشخيص أولئك المجرمين من
الفريق السياسي الصدامي المستقود ممن أساؤا للعراقيين شر الإساءات
والأضرار وأن التخوف منهم لا يحل المشكلة بل سيعقدها في العراق الجديد
وأن منحهم فرصة عشوائية للعفو العام سوف يشعرهم بأن الحكومة العراقية
المؤقتة عاجزة عن مواجهة مؤامرتهم الجديدة في العراق التي تمثلت في
العمليات الإرهابية والتفجيرات المتكررة التي قاموا بها بالتنسيق
والتعاون مع القوى السياسية المستقودة غير العراقية.
إن على العراقيين أن لا يتفاءلوا كثيراً إذا ما جلب مجرموا النظام
السابق إلى صف المواطنين الصالحين في البلد الذي يرفض أبناؤه من حيث
النتيجة الأخيرة أن يوضع بينهم هؤلاء الأفاعي السياسيين ممن كانوا من
أزلام السلطة الصدامية السابقة من تنظيم مافيا السياسات المشبوهة. |