في
وقت مبكر بعد سقوط نظام صدام بدأ تلفزيون كربلاء يبث برامجه المختلفة
كليا عما كان يبثه تلفزيون النظام بكل قنواته، فهو تعبير عن ضمير
الإنسان العراقي المسلم .. تدرج هذا التلفزيون في ساعات البث ليصل
إلى 6 ساعات قبل الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة كربلاء مؤخراً
ولكنه تعرض لهجوم مسلح من مجهولين ألحقوا به أضرارا أوقفته عن البث
.. في هذا اللقاء مع السيد علي الجنابي وكيل مدير تلفزيون كربلاء
نسلط الضوء على جوانب هذا الطموح الإعلامي ..
يقول السيد الجنابي عن بداية تلفزيون كربلاء: " يعتبر تلفزيون
كربلاء أول إشارة مرئية في سماء العراق بعد سقوط النظام، بدأ
بثه في 16\ 4\2003، بجهود مجموعة من أبناء المدينة استطاعوا ان
يقدموا للمشاهد الكر بلائي برامج لم يكن يتوقعها من تلفزيون خاص يعبر
عن ثقافة المدينة، فلم يكن أحد ليتوقع أن يرى تلفزيون اسلامي
يعبر عن العائلة المسلمة ويقدم برامج تتماشى مع قدسية المدينة ووضعها
العام، سيما وأننا اعتدنا دائما على البرامج الموجهة التي تصنعها
الدولة".
ولكن من أين حصل "الشباب" على أجهزة الإذاعة؟
ويضيف السيد علي الجنابي" الأجهزة حصلنا عليها من هنا وهناك،
بعضها قدمته لنا شخصيات حريصة والبعض الآخر حصلنا عليه من أناس خيرين
من ابناء المدينة"..
البعض يقول أن بث هذا التلفزيون بدأ مع سقوط صدام، وربما تكون
سلطات الاحتلال قد ساعدت في إيجاده وتقديم الدعم المادي له، ولكن
السيد الجنابي يؤكد: " ليس لسلطة الاحتلال أي دخل بالتلفزيون لا من
قريب ولا من بعيد.. هي لا تتدخل ببرامجه ولا تمد يد العون له.. ليس
هذا فقط بل إن أي منظمة أو تنظيم سياسي أو غيرها من الأطراف لا تتدخل
في عمل التلفزيون ولا تقدم له العون".
ولكن كيف هي علاقة التلفزيون بأطراف الساحة الكربلائية السياسية
والدينية؟.
ويؤكد وكيل مدير تلفزيون كربلاء:" حاولنا الجمع بين كل
الأطياف..علاقتنا بالمرجعية علاقة روحية، نحن لا نروج لمرجعية محددة
بل نروج لكل علماء الدين وكنا ننقل صلاة الجمعة من الحرم الحسيني
الشريف ومن مكتب السيد الشهيد الصدر"قدس" في جامع المخيم والبيانات
الصادرة عن مكتب آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي وكذلك نبث
الندوات الإعلامية لسماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي و
في كربلاء، وكل المرجعيات دون استثناء ولم ننحز لأي طرف"..
الهجوم على مبنى التلفزيون
ورغم أن التلفزيون لم يكن له توجه يثير حفيظة أحد أو ينتمي
لجهة على حساب جهة أخرى، غير أنه تعرض لهجوم مسلح من قبل مجموعة من
المسلحين بالتزامن مع الأحداث التي شهدتها كربلاء المقدسة.. أغار
هؤلاء على مبنى التلفزيون وأجبروا حراسه على التنحي جانباً ثم أطلقوا
النار على أجهزته، فأوقفوا البث لأسابيع عدة.. ويقول السيد الجنابي
عن هذه الحادثة "الهجوم لم تعرف أطرافه أو الجهة التي تقف وراءه وهذا
العمل استنكر من الجميع، وحضر مندوب من مكتب الشهيد الصدر "قدس" الى
هنا وأبدى استياءه واستنكاره، كذلك أعربت الأحزاب السياسية عن أسفها
واستنكرت هذا العمل غير المبرر، فالتلفزيون كما هو معروف للجميع ".
ويضيف السيد وكيل مدير تلفزيون كربلاء"البرامج التي نقدمها هي
برامج الخط الملتزم بعيدا عن الابتذال والإسفاف، وهي ذات طابع
ديني واجتماعي ملتزم، ونهتم كذلك بالبرامج الرياضية ونبتعد عن
الموضوعات التي تفتقر الى الحشمة".
أما عن رأي الشارع بالتلفزيون فيقول" أذواق الناس تختلف، ولكن هذا
لا يمنع القول أن هناك شريحة واسعة من المجتمع الكر بلائي تتابع
برامجنا وتهتم بها رغم قصر ساعات البث التي كانت ست ساعات قبل
تعرض التلفزيون للهجوم المعروف، ومن ثم أصبحت ساعتان في النية
زيادتها لتصل الى ما كانت عليه قبل أشهر".
ومع ما قاله السيد الجنابي عن أهمية تلفزيون كربلاء بالنسبة
للمجتمع الكر بلائي، هناك انتقادات حريصة توجه لبرامجه تؤشر خلو
مساحته الأثيرية من البرامج السياسية الهادفة لتشكيل وعي المواطن
وتعريفه بما يدور حوله من قضايا متشابكة على مدار الساعة، وللسيد
وكيل مدير التلفزيون رأي آخر:" لا هذا الكلام غير دقيق" كان"
لدينا العديد من الاستضافات، "وكان" لدينا برنامج على الهواء مباشرة
استضفنا فيه السيد علي الدباغ وأزهر الخفاجي والعديد من الشخصيات
المعروفة بهدف تعريف المشاهد بما يدور حوله".
ولم تمنع المعوقات والمصاعب كادر تلفزيون كربلاء من الطموح: "
نطمح لصناعة البرامج التي تنافس التلفزيونات الأخرى، ولكن نحن نفتقر
للإمكانيات .. لدينا الكادر الواعي والمقتدر ولكن إمكانياتنا
المتواضعة تعوقنا وتمنعنا من تحقيق ما نطمح إليه علما أننا تلقينا
رسائل من مختلف المحافظات تطالب بإيصال البث إليهم وبعض الشخصيات
الدينية كانت تتمنى أن يتطور التلفزيون إلى فضائية.. ما ينقصنا الآن
هو المرسلة فمرسلتنا قديمة تعود إلى عام 1986 وهي محورة وبدأ بثها
يضعف الآن .. نتمنى الحصول على مرسلة وندعو لدعم هذا التلفزيون لأنه
صوت إسلامي اذا لم نقل أنه صوت شيعي ".
إن كان لابد من كلمة أخيرة، فلابد من القول أن ثقافة العصر اليوم
هي ثقافة الإعلام، فهو يغزو كل بيت ويصاحب المرء في حله وترحاله عبر
هذه الموجات الهائلة التي تنقل له يوميا آلاف الأفكار والأحداث
والأخبار، لذا فالمطلوب هو مواكبة هذا التطور التقني والعلمي الكبير
وبما يجيب على جزء على الأقل من تساؤلات المتلقي المسلم، فهل تلتفت
الجهات المعنية وتلك الحريصة التي تملك المال لبناء صروح إعلامية
إسلامية تواكب ما موجود الآن وتوفر للعائلة العراقية المسلمة ما
تفتقر إليه الآن؟
|