كل التوقعات المتفائلة تشير على أن العراق ممكن أن يتخطى كل دول
منطقة الشرق الأوسط من حيث تطوره العمراني والعلمي التكنيكي لو صدقت
الوعود بمنح المجتمع العراقي فرصة التقدم المنشود.
تتزامن الدعوات لإعادة إعمار العراق مع اختيار ضروري لأحدث ما في
الأسواق العالمية من تكنولوجيا كي يستوردها العراق في عهد حكومته
المؤقتة المعلنة منذ أيام وما ستستكمله الحكومة المنتخبة القادمة في
أوائل السنة القادمة 2005م نظراً للإمكانات المالية الضخمة التي في
حوزة العراق كونه أحد البلدان المتقدمة في استخراج وتسويق النفط إضافة
لامتلاكه معادن ثمينة أخرى لم يتم استثمارها حتى الآن أو هناك.. تلكؤ
في استثمارها ففي المثلث الأعلى من أرض شمالي العراق كان اليورانيوم قد
اكتشف ومادة الذهب قد اكتشفت في المناطق الحدودية الجنوبية المحاذاة
للمملكة العربية السعودية وهناك أخبار شبه مؤكدة عن اكتشاف وجود كثيف
للزئبق في محافظة ميسان وكل تلك المواد الثمينة لم يتم إنتاجها بعد.
أما بالنسبة لمادة الكبريت المكتشفة في مناطق هيث وغيرها فلم تستثمر
حتى الآن بشكل واسع وهذا ينطبق على مشروع فوسفات القائم – عكاشات حيث
أن مادة الفوسفات الموجودة بكميات هائلة لم يتم استثمارها من أجل سد
الحاجة الداخلية للبلاد وكذلك التصدير حتى الآن بصورة مرضية إذ من
المعلوم أن مادة الفوسفات يمكن أن يشتق من مركباتها سماد زراعي وكذلك
استعمالاته الأخرى في صناعة بعض الأدوية لما في الفوسفات من مركبات
غنية بهذا المجال، وطبيعي فإن موضوع استحداث مشاريع عملاقة لاستثمار
المواد المعدنية وغيرها داخل طبقات الأرض العراقية تدخل اليوم ضمن طموح
أي حكومة عراقية وطنية هذا ناهيكم عن إنتاج النفط الذي يعد أهم شرايين
الاقتصاد العراقي.
من المعتاد في الحسابات المستندة إلى الأساليب الحديثة للتخطيط أن
توفير المال الكثير نتيجة لكثرة نجاح العملية التنموية في العراق سيؤدي
إلى رفع المستوى الصحي وكذلك الثقافي والاجتماعي وحتى السياسي أيضاً لو
تُرك العراق يحكم نفسه بنفسه على أساس من الديمقراطية الحقة والمساواة
بين المواطنين ولعل من تلك الأساليب المطلوبة الاعتماد على التكنولوجيا
الحديثة والتفكير جدياً بإيجاد الطرق الكفيلة التي ستضمن تطبيق آخر ما
توصل إليه العقل العلمي التكنيكي فالعراق بحاجة فعلية للاعتماد على
الذات في إدارة شؤونه عبر أحدث وسائل العلوم والتكنولوجيا.
لذلك يفضل أن لا يغيب عن البال كي يكون العراق الجديد محاوراً
بواسطة حكومته المؤقتة أو أي حكومة عراقية قادمة مع القوى الدولية
للاستفادة وعلى أساس مشترك مع كل دول العالم بما يضمن إحداث نقلة نوعية
في تهيئة مستلزمات الحياة التكنولوجية فبذاك ستكون هناك نهضة عمومية
بالبلاد تأخذ بأيادي المجتمع العراقي إلى آفاق معيشية وحياتية أكثر
تطوراً وسيجتاز العراق كل أزماته الحالية بأقل فترة ممكنة.
إن ريادة العراق في امتلاك الامكانات المادية والصناعية والزراعية
المكللة بنجاح مشاريعه المرتقبة مسألة تحتاج إلى وضع داخلي آمن كي ينعم
فيه الناس بخيرات البلاد وربما كان العراق يوماً في تجربته القادمة
نموذجاً يحتذى منه أي بلد آخر وهذا الوضع الأمني المطلوب الذي يوفر
الطمأنة لعيش الناس هانئين في وطنهم لا يمكن أن يتحقق دون توفير
المستلزمات الأولية للمشاريع والحاجات البيوتية لها ومن ذاك مثلاً
ضرورة توفير الطاقة الكهربائية للبلاد وتوفير مياه الشرب الصالحة وهما
مطلبان من السهل جداً تحقيقهما بسرعة لو توفرت النيات للبدء في هذين
المشروعين – مشروع توفير الكهرباء ومشروع توفير المياه وكيف لا يكون
ذلك ونهرا دجلة والفرات كافيان في كميات مياههما كما أن تشغيل محطات
الكهرباء للحصول على الطاقة الكهربائية أمر في غاية السهولة إذا ما عرف
أن عمليات التشغيل تتم بواسطة مادة النفط ومشتقاته لأي محطة كهرباء
تولّد الطاقة.
أما عن كون العراق بلد زراعي فهذا ما يشجع أيضاً على إدخال
التكنولوجيا الحديثة في مجال الصناعات الزراعية كإنتاج المواد الغذائية
المعلبة وغير المعلبة أيضاً، وعن إمكانية الاعتماد على التكنولوجيا
الحديثة في مجال الخدمات وتنظيم أمورها كالنقل والمواصلات والبث
الإذاعي والتلفزيوني واستعمالات الهواتف والبريد وتوفير السلع الضرورية
فلِكلّها مرشح العراق ليبرز فيها كـ(أحسن بلد) في إنتاجها وترويجها.
وأكيد فإن كل ما يطمح إليه العراقيون ليس طريقاً مفروشاً بالورود
والرياحين إذ سيحتاج العراق إلى مزيد من الجهود والمعرفة والمال وبذاك
فقط سيمكن القول أن عهداً جديداً بالعراق قد بدء فعلاً. |