تتناثر في شارع قريب من دبابة أمريكية متوقفة بجوار مكتب المحافظ
الاف المنشورات التي تحث سكان النجف على تسليم أسلحتهم.. جميعها
تقريبا ممزق.
قال أحمد موسوي العامل بأحد المقاهي وهو يقف أمام المكاتب المحصنة
حيث يتقاذف الهواء أجزاء الاوراق المبعثرة "يقرأ الناس المنشور
فيتملكهم شعور بالضيق ثم يمزقونه."
ويتحرك الجنود الامريكيون في الشوارع الرئيسية بالمدينة بحرية أكبر
منذ أدت هدنة عرضها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الاسبوع الماضي الى
الحد من وطأة العنف بعد اشتباكات استمرت ما يقرب من شهرين وقتل فيها
مئات العراقيين.
ترك القتال بصمته على المدينة التي كانت تعج يوما بالزائرين اذ أبعد
مئات الالاف من الشيعة الذين كانوا يتدفقون من ايران وغيرها لزيارة
العتبات المقدسة.
ويلقي كثير من السكان باللائمة على الصدر في اثارة مواجهة لا طائل
منها بين مقاتليه من جيش المهدي الذين لم ينالوا قسطا كافيا من
التدريب وبين قوة النيران الامريكية الضاربة.
لكن حتى معارضي خطط المواجهة التي انتهجها الصدر يقولون ان العداء
ازاء المحتل الامريكي يتغلغل الان بين الناس.
قال علي الغريفي الذي تظهر على منزله اثار قذيفة مورتر طائشة أطلقها
مقاتلون شيعة "لا نسلم من الاذى من الجانبين لكن الامريكيين محتلون
أجانب أما جيش المهدي فمن أهلنا."
وبينما يسير جندي أمريكي من مشاة البحرية الى دبابته حاملا بطيخة
يرطب بها جوفه من حرارة الصيف اللافحة يطلق حيدر صالح وهو مهندس يبلغ
من العمر 28 عاما عنان لعناته عليه.
قال صالح الذي يقع داره قرب مكتب المحافظ "من الاثم أن نعرض عليهم أي
شيء. انهم يهود."
وفي الاحياء التي اختفى منها المقاتلون العراقيون الان تثير
تحركات الدوريات الامريكية حفيظة المارة.
قال جابر كاظم وهو تاجر عمره 52 عاما "هذه هي الحرية التي وعدونا
بها" بينما كان يشير الى ميدان امتلا بأعمدة انارة متفحمة وفنادق
خربتها القذائف وزجاج متناثر.
وبعد مرور أكثر من عام على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة
يقول بعض الشيعة ان عدم اكتراث الامريكيين بمشاعرهم ومقدساتهم قلب
احساسهم العميق بالعرفان لخلع صدام حسين الذي عانوا في عهده من القمع
الى عداء صريح للامريكيين.
قال الشيخ علي الربيعي وهو رجل دين يبلغ من العمر 38 عاما "أراد
الناس أن يتخلصوا من صدام بأي ثمن... لكن الاخطاء التي ارتكبها
الامريكيون تسببت في عزلتهم."
ويقول تجار ورجال دين بالنجف ان حتى أنصار الزعيم الشيعي الاعلى
اية الله علي السيستاني الذي أحجم عن تأييد المقاومة التي قادها
الصدر يؤمنون الان باراء أكثر تشددا.
وقال محسن حامدي الذي يملك متجرا للكتب الدينية "هناك الان رفض
أقوى للاحتلال محسوس وملموس على نحو أكبر بكثير."
وتغطي الان شعارات مناهضة للامريكيين الجدران التي كانت تحمل من
قبل رسالات انتقاد لحزب البعث الذي كان صدام يتزعمه.
وكتبت في أماكن متفرقة بالمدينة عبارات بعبوات رش منها "أخرجي يا
أمريكا" و "لا.. لا.. لا لاسرائيل وأمريكا" و "نعم للمقاومة المسلحة".
ومع تنامي مشاعر العداء للامريكيين اختلفت نظرة بعض الشيعة للزعيم
المخلوع.
يقول صادق حساني وهو مزارع عمره 47 عاما "تبين أن صدام حسين أكثر
رأفة من بوش. نعم لقد اذانا صدام حقا لكن بوش أشد ظلما ويعتمد على
قوة شرسة. فشل بوش في فهم العراقيين.
"أعتقد أن أمريكا ستخسر معركة العراق. سنهزمهم باذن الله."(رويترز)
|