تتوارد أخبار متوالية بين حين وآخر سواء من قبل العراقيين داخل
البلاد أو من المتواجدين منهم في المنافي ممن تتاح لهم فرصة المشاركة
ببعض البرامج المبثة بالصورة خصوصاً عبر الأقمار الصناعية بواسطة بعض
الفضائيات الناطقة باللغة العربية عن إدانتهم لما يقال من أن هناك
تدخلاً فعلياً من قبل عناصر إسرائيلية يهودية في الوضع العراقي.
وبعض تلك الأخبار أصبحت بعض الصحف العراقية الصادرة في الداخل
العراقي أو خارج العراق تشير صراحة وبالأسماء والمناصب التي يمكن
تسميتها بـ(الخط الثاني) لممارسة وظائف رفيعة يشغلها يهود إسرائيليون
دخلوا العراق ضمن قوات الأنكلو – الأمريكية وبعض هؤلاء اختيروا ليكونوا
مستشارون في العديد من الوزارات التي يدير شؤونها مجلس الحكم الانتقالي
العراقي ويشرف على أشغال تلك الوظائف السفير (بول بريمر) على اعتبار أن
هؤلاء اليهود هم من حملة الجنسية البريطانية والأمريكية ولا دخل
لـ(إسرائيل) بما هو واقع على ارض العراق، فقد نشرت صحيفة (البداية) في
عددها الأول الصادر قبل أسابيع قائمة بأسماء يهود من إسرائيل يتبؤون
الآن مراكز ومناصب حساسة في الدولة العراقية القائمة الآن.
ولعل مما لا يجد تفسيراً شافياً له كيف يجيز لـ(المسؤولين) في
قيادتا لندن وواشنطن إقحام عناصر من يهود إسرائيل في إدارة الدولة
العراقية أليس في ذلك تحد لشكيمة وكرامة شعب العراق وفرض تدخل عدائي
سافر في صميم شأنه السياسي وهل يوجد شك من أن إشراك يهود إسرائيليين في
الوزارات العراقية سوف لا يترك أثره السلبي المعادي في تأجيج التوجهات
التي ستكون منافية لأمل عقد اتفاقية سلام في فلسطين التي يتطلع العرب
على مستوى الحكومات العربية حسبما جاء في أحد مقررات مؤتمر القمة
العربية المعقود بتونس والذي أنهى أعماله يوم الأحد 23 أيار الجاري
2004م حيث أشير إلى ضرورة العمل لعقد مؤتمر سلام بين الحكومات العربية
وإسرائيل.
فأي نية تتحكم الآن في السير على هذين الخطين اللذين يناقض بعضهما
بعضاً اللهم إلا إذا قصد من تدخل إسرائيل في الشأن العراقي عبر زرع
ألغام عناصر منها في وزارات عراقية قائمة هي الدعوة المبطنة أن تثأر
لمثل هذا التدخل السخيف المستقوي بالقوة الأنكلو أمريكية المهيمنة على
الوضع العراقي كي لا تتبنى الحكومة العراقية المؤقتة المزمع انبثاقها
في أواخر شهر حزيران القادم 2004م أي بعد زهاء أقل من شهر ونصف كي لا
يكون لها أي توجه أو دور لقبول أي اتفاق سلام في المنطقة العربية، إذ
كيف سيستقبل العراقيون اتفاق سلام يعقد بين الفلسطينيين العرب ويهود
الإسرائيليين ويوجد بنفس الوقت إسرائيليون يهود يتحكمون بالقرار
العراقي على خلفية لا ينفى عنها شبهتها في التابعية لقوى الإنكليز
والأمريكان المحتلة الآن للعراق.
وبطرح سؤال سياسي من قبيل هل أن هناك مؤامرة خفية تعمل لأجل التمهيد
لها قوى بريطانيا وأمريكا وإسرائيل ضد العراق ومستقبله؟!
أسئلة عديدة تدور في الشارع العراقي حول الغايات الخفية التي تقف
وراء تعيين يهود إسرائيليون كـ(مستشارين) لبعض الوزراء في العراق.
إن هذه الفضيحة التي يمكن أن توجه للسلوك الأنكلو أمريكي بالدرجة
الأولى مازال الوقت كافياً لإنهاء هذه الحالة الشاذة التي ستضر بمستقبل
العلاقة بين العراق الجديد ودولتا الاحتلال بريطانيا وأمريكا رغم العلم
أنهما دولتان تحتفظان بعلاقات استراتيجية خاصة مع إسرائيل وكلن لا
ينبغي أن يكون ذلك على حساب السيادة العراقية وربما حان الوقت أيضاً
لحكام إسرائيل أن يفكروا بمصالح اليهود في فلسطين وأن لا يفتشوا عن
أعداء جدد بين العراقيين ممن لا تربطهم قصة غض نظر عما يحدث بالعراق.
فإن كانت قيادتا لندن وواشنطن لا تفكران إلا بغرور أمتلاكهما للقوة
العسكرية كـ(أداة وحيدة) بدل لغة التفاهم وإقرار حقوق الشعب العراقي
ومن ذاك عدم جواز زرع ألغام لعناصر يهودية – إسرائيلية في وزارات
ودوائر الدولة في العراق وتحت أي تبرير ممكن أن يكون، لأن مثل هذا
الاعتداد بالغرور العسكري أو السياسي لدى عموم الجانب الغربي سوف لن
يكون أهلاً لتقبل العقول السياسية الراجحة به.
فإذا ما استمر وجدد هؤلاء اليهود الإسرائيليون على أرض العراق وتحت
أي مسمى كان فليس في ذلك سوى توريط هؤلاء في التواجد ببلد كالعراق الذي
يريد أن يبني مستقبله الوضاح ذو السيادة الكاملة على أساس التكافؤ مع
الدول الأخرى ودون أي تدخل في الشأن العراقي بالحيلة السياسية. |