اطلقت مجموعات من الاسلاميين الملثمين السبت حملة للقضاء على
الممنوعات بنظر الشرع الاسلامي كالاشرطة الخليعة والمشروبات الروحية في
مدينة الفلوجة المعقل السني في غرب العراق.
وكانت بيانات تحمل توقيع "مجاهدي الفلوجة" قد علقت منذ يومين على
جدران المنازل والمحلات في الفلوجة وكتب فيها "نحن مجاهدو الفلوجة نعلن
منع بيع الاقراص المدمجة الخليعة المخالفة للشرع ومنع تداول الخمور
والادوية التي تحتوي على مواد مخدرة ونعطيكم مهلة 48 ساعة للتخلص منها".
وجالت السبت مجموعات مسلحة ملثمة على المحلات المعنية في جولة
تفتيشية كما افاد مراسل فرانس برس. فقد ترجل 15 مسلحا من شاحنة صغيرة
ودخلوا محلا لبيع الاقراص المدمجة وخرجوا مع صناديق كبيرة من الكرتون
وضعوها في السيارة وانطلقوا بها.
وقال صاحب المحلي باسم الجميلي لوكالة فرانس برس "صادروا كل الاقراص
المدمجة. سيطلعون عليها ويعيدون لي ما يتوافق مع الشرع الاسلامي
ويتلفوا ما يتعارض معه".
ويردد محمد حميد العيساوي الذي يملك متجرا مجاورا العبارة نفسها
ويضيف "ابلغوني انهم سيكتفون هذه المرة باتلاف الممنوعات اما اذا
وجدوها لاحقا فسوف انال عقابا لم يحددوا طبيعته".
كما دخل المسلحون الى محلات "التضميد" التي تقدم اسعافات اولية منها
الحقن وتقطيب الجروح وشددوا على ضرورة التخلص من اي دواء يتضمن مادة
مخدرة "تحت طائلة العقاب" وفق صاحب احد المحلات الذي طلب عدم الكشف عن
هويته.
وشهد هذا المعقل السني في غرب العراق الاحد اول عقاب علني "شرعي"
تمثل باقدام ملثمين مسلحين على عرض "مذنبين" نصف عراة تبدو اثار الجلد
واضحة على ظهورهم لمخالفتهم الشريعة امام الاهالي.
وقال محمد العبيدي (30 عاما) "داهموهم ليلا واكتشفوا خمورا في
متاجرهم بعد انتهاء المهلة" التي كان حددها "مجاهدو الفلوجة" للتخلص من
المشروبات الروحية.
ويقف العبيدي بين عشرات من الرجال تحلقوا في ساحة في وسط المدينة
ينتظرون مرور سيارتي البيك آب مجددا تعرضان اربعة من "المذنبين".
وتتقدم السيارة الاولى ببطء. ملثمون يحملون رشاشات وقذائف ار بي جي
وعنصر من الشرطة العراقية يحيطون ب"مذنبين اثنين" معصوبي العينين
وحليقي الراس وعاريي الصدر فيما اثار الجلد واضحة على ظهورهم. وتليها
السيارة الثانية التي ترتفع منها هتافات "الله اكبر" و"هذا جزاء
الكافرين".
ويقول زهير داوود (25 عاما) بكل ثقة "هذا واجبهم. المجاهدون قدوتنا".
ويعتبر فايز المحمد (40 عاما) "ان المجاهدين حرروا المدينة من
الاميركيين ومن حقهم ان يصونوا سمعتها". ويضيف "هم الاولى بحمايتها
وكلنا معهم" مؤكدا ان المجاهدين هم فقط من ابناء الفلوجة التي تعرف
ب"مدينة المساجد" لكثرة جوامعها.
يذكر بان الفلوجة كانت طوال شهر نيسان/ابريل مسرحا لمعارك عنيفة بين
"المقاومين" والقوات الاميركية سقط خلالها اكثر من 280 قتيلا عراقيا
وعشرات من الجنود الاميركيين.
وتوقفت المعارك وعاد الهدوء الى الفلوجة بعد ان وافقت سلطة الائتلاف
بقيادة الولايات المتحدة على ان تعهد بامن المدينة الى لواء مؤلف من
ضباط وعناصر سابقين في الجيش العراقي من ابناء المدينة.
ونفذ "المجاهدون" الاحد تهديداتهم. فقد اطلقوا السبت حملة تفتيش
للقضاء على "الممنوعات في نظر الشرع الاسلامي" كالاشرطة الخليعة
والمشروبات الروحية.
وجاءت حملة المداهمات بعد مهلة يومين اعلنوا عنها في بيانات الصقت
على جدران المنازل والمحلات وكتب فيها "نحن مجاهدو الفلوجة نعلن منع
بيع الاقراص المدمجة الخليعة المخالفة للشرع ومنع تداول الخمور
والادوية التي تحتوي على مواد مخدرة. ونعطيكم
مهلة 48 ساعة للتخلص منها".
واكد المسلحون خلال جولة المداهمات السبت لاصحاب المحلات ان كل
مخالف سينال عقابا من دون ان يوضحوا طبيعته. ويقول صاحب محل طالبا عدم
الكشف عن هويته "التزموا بالموعد وها هو الدرس الاول".
ويقول شاب في العشرين من عمره عرف عن نفسه باسم صدام "يستحقون ما
جرى لهم. يخالفون اصول الدين من اجل حفنة من الدنانير". ويؤكد رائد "سنخلص
المدينة منهم. من لا يتبع الشريعة تسهل عليه العمالة للاميركيين".
ويشير الى ان "العقوبات انحصرت بعد المعارك العسكرية في تصفية عملاء
الاميركيين".
ويروي شاهد عيان طلب عدم الكشف عن هويته "ان عميلا اختفى وبعد اربعة
ايام وجدت جثته على احد الارصفة". ويقول "اثار التعذيب كانت ظاهرة وقد
الصقت على صدره ورقة كتب عليها: هذا جزاء الجاسوس والعميل".
ويتهامس الاهالي عن وجود "امراء" للمجاهدين في بعض الاحياء لكنهم
يرفضون الحديث عنهم. ويقول شاب في السادسة عشرة من عمره عرف عن نفسه
باسم ابو اسلام "المجاهدون في منطقتنا اخبروني عن اميرهم (قائدهم) ابو
اسامة ولكنهم رفضوا ان التقيه حفاظا على امنه".
اما القلة من المعترضين على هذا النوع من العقاب فحذرة في تعليقاتها.
ويقول الحاج ابو فاروق عجوز سبق له ان مارس مهنة التدريس "يعاقبون على
الشبهة وهذا حرام" مشددا على ضرورة "محاكمة المشتبه بهم اما في محكمة
مدنية او شرعية". ويضيف "المجاهد يمثل نفسه وهذا تصرف فردي" متخوفا من
استغلال ذلك في اطار تصفية الحسابات الفردية.
ورغم مشاركة عنصرين من الشرطة العراقية في عرض العقاب لم يكن في
الامكان الحصول على تعليق من مركز شرطة المدينة حيث علقت لوحة على
الجدار كتب عليها "منهج محمد طريق العراق للنهوض من جديد".
قبل "انتفاضة" الفلوجة كانت شعارات التاييد للرئيس العراقي السابق
صدام حسين تنتشر على جدران المدينة التي تركزت فيها الهجمات على القوات
الاميركية اسوة بغالبية مدن المثلث السني في غرب العراق.
اما حاليا فتمجد غالبية الشعارات "المجاهدين" و"الاسلام". ومن هذه
الشعارات بالخط الاسود العريض "لا لاميركا لا لصدام نعم للاسلام"
و"المجاهدون يطبقون قانون الشريعة الاسلامية" و"اللهم احفظ المجاهدين"
و"قانون الشريعة الاسلامية القانون الوحيد في الفلوجة".
وفي تناقض واضح لهذه الحركة وفي مكان قريب عن الفلوجة تتدرب
سبع عشرة امرأة عراقية في القاعدة الاميركية في العامرية غرب بغداد على
امل الانضمام الى قوة الدفاع المدني العراقية التي انشأتها سلطة
الائتلاف للمساهمة في حفظ الامن في العراق.
وتنظر شيماء جاسم بتكدر الى الثقوب الثلاثة الصغيرة قرب قلب شخص
مرسوم على لوحة من الكرتون تتخذه النساء هدفا للرماية وتقول "كنت سيئة
جدا اليوم".
قبل شهر من الآن كانت هذه الشابة البالغة من العمر 22 عاما ترفض
الامساك بسلاح في حقل الرماية في قاعدة العامرية الاميركية التي تستخدم
من اجل تدريب عسكريين عراقيين.
وتأمل المتدربات بالانضمام الى قوة الدفاع المدني العراقية. وقد
تلقين تدريبا اساسيا على استخدام السلاح والقيام بالاسعافات الاولية
على ان يتم توزيعهن على الحواجز حيث سيكلفن تفتيش النساء خلال العمليات
الامنية.
في الانتظار تتدرب النساء في حقل الرماية. ويقول مدربهن السرجنت
وولتر شالابا من فرقة الخيالة الاولى "اذا اطلقن النار في قلب الهدف
فهذا يعني انهن اصبحن جاهزات. اذا اصبن الكرتون لا بأس فهذا يعني انهن
قادرات على القتل".
في البداية لم تكن عائلاتهن على علم بانهن يرتدين لباس الدفاع
المدني. الا ان السرجنت شالابا يؤكد ان الامور تتغير.
وقالت شيماء "والدي على علم بالامر وهما مسروران جدا. انا فخورة
بالقتال من اجل بلادي ضد الارهابيين وضد القذرين" في ترداد للعبارات
التي يستخدمها الاميركيون. كذلك تتدرب شقيقة شيماء التي كانت عاملة في
مصنع في السابق بهدف الانضمام الى قوة الدفاع المدني. واضافت "اقول
للجميع انني اعمل لصالح قوة الدفاع المدني العراقية وقوات الائتلاف".
وتفضل ايمان علي من جهتها اعطاء اسم مزيف خوفا من تعرضها لعملية
انتقامية من جانب الجهات المناهضة لسلطة الائتلاف والمتعاونين معها.
وقد تعرض عدد كبير من "المتعاونين" لهجمات اودت بحياتهم.
وترى ايمان (28 عاما) في عملها الجديد وسيلة للتحرر في مجتمع محافظ
الى حد بعيد. وتقول ايمان وهي ام لاربعة اطفال "لدي انطباع بان الامر
يعطينا نحن النساء شجاعة لم تكن لدينا من قبل. اخترت البقاء في هذه
القاعدة ولا يرى زوجي مانعا. الا ان علي ان اهتم بشؤون المنزل كل صباح
اعتبارا من الساعة الخامسة".
ويقول شالابا الذي بدأ بتدريب هذه الدفعة من النساء منذ اربعة
اسابيع انهن اكتسبن الكثير من الثقة. ويضيف "في السابق كان الرجال
يهتمون بكل شيء. انهن يمثلن جيلا جديدا ولن يرجعن الى الخلف".
المصدر: وكالات |