ظل الكويتيون يحلمون لاكثر من عشرة أعوام بسقوط صدام حسين .. والان
وبعد أن سقط بالفعل لا يزال شبح العراق يطارد الكويت.
تشعر هذه الدولة الخليجية الصغيرة والحليف الرئيسي للولايات المتحدة
بالمنطقة بقلق بالغ من أن يمتد العنف في العراق الى عتباتها.
وفيما تنفست الكويت الصعداء بعد أن أطاحت القوات الامريكية بصدام
العام الماضي بدأت في الترويج لنفسها بأنها البوابة الطبيعية لاعادة
اعمار العراق التي تتكلف مليارات الدولارات.
وخلال عام 2003 تجاوزت أسعار الاسهم في أسواق المال الكويتية الضعف
وتأهبت البلاد لمستقبل يخلو من التهديد بتكرار الغزو الذي قاده صدام
لها عامي 1990 و1991.
غير أن الامور لم تسر كما كان مخططا لها اذ تزايد العنف ضد قوات
الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة الى جانب خطف الاجانب وقتلهم
مما جعل الشكوك تحيط بمستقبل العراق بعد عودة السيادة رسميا للعراقيين
في 30 يونيو حزيران.
وقال وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح مؤخرا ان
من المؤكد أن عدم الاستقرار في العراق سيكون له عواقب سلبية وان هذا هو
سبب اهتمام الكويت باستعادة الاستقرار في العراق بأسرع وقت ممكن.
وشددت الكويت من اجراءاتها الامنية المشددة بالفعل بعد ارتفاع وتيرة
العنف في العراق وظهور ما وصفته بأنه تقارير ذات مصداقية تشير الى تعرض
منشات محلية واجنبية لتهديدات ارهابية.
وجاءت الاجراءات الامنية المشددة حول المنشات النفطية والبعثات
الدبلوماسية التي شملت دوريات بالطائرات فوق المناطق الحدودية ودوريات
بحرية في أعقاب هجمات شنها متشددون من أنصار اسامة بن لادن زعيم تنظيم
القاعدة على المملكة العربية السعودية.
وكانت الكويت القاعدة التي انطلقت منها الحرب التي قادتها الولايات
المتحدة العام الماضي وأقصت خلالها صدام عن السلطة وقد عبرت عن دعمها
للعراق الجديد وسارعت بارسال المساعدات الانسانية الى عدوها السابق في
لفتة تنم عن التضامن العربي.
غير أن بعض المحللين يقولون ان عددا من القضايا يقف عقبة في طريق
اقامة علاقات طبيعية بين الدولتين .. الثقة واحدة منها.
وقال عادل الذي يبلغ من العمر 50 عاما "السبيل الوحيد لاقامة علاقات
مع العراقيين هو أن يكون هناك شعب عراقي جديد." وقال انه لا يستطيع أن
ينسى أبدا ما راه حين اغتصبت مجموعة من الجنود العراقيين امرأة ثم
قتلوها أثناء احتلال العراق للكويت.
وقالت لمياء وعمرها 33 عاما "عندما تكون هناك حكومة جديدة وقوية
للعراق يمكنها أن تعطينا قدرا من الامن وتضمن استقلالنا سنحاول حينذاك
أن نثق بهم."
ويقول محللون ودبلوماسيون ان جميع القضايا بدءا باتفاقيات الحدود
وانتهاء باستعادة العلاقات التجارية والدبلوماسية كاملة واسقاط مليارات
الدولارات من ديون العراق وكذلك المطالبة بالتعويضات عن حرب الخليج
تتراجع الان بسبب المخاوف الامنية.
وأعربت الكويت عن استعدادها لقبول حلول وسط لمعظم القضايا الا أنها
لا تستطيع اسقاط المطالبة بالتعويضات الخاصة بالحرب بل ان البرلمان أقر
مشروع قانون يمنع الحكومة من تنفيذ هذا.
وقال دبلوماسي غربي "كل شيء متجمد الان في الواقع. الكويتيون في
انتظار اتضاح الامور في العراق على الصعيدين الامني والسياسي."
ويقول المحللون ان مما يزيد من مخاوف الكويتيين النفوذ السياسي
المتصاعد لشيعة العراق الذي شجع بعضا من شيعة الكويت على المطالبة
بمزيد من المساواة في الحياة السياسية بينهم وبين السنة الذين يشكلون
غالبية في الكويت.
وحاول رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الاحمد الصباح التعامل مع
هذه المخاوف فقال لجريدة الحياة اللندنية ان شيعة الكويت هم ابناء
الكويت وهم ليسوا من شيعة العراق أو شيعة ايران رغم أن أقلية منهم ترى
غير ذلك.
وبالرغم من أن الشيعة يشكلون ثلث عدد الكويتيين البالغ عددهم 900
الف نسمة فانه لا يوجد منهم سوى وزير واحد في مجلس الوزراء المكون من
18 عضوا وخمسة أعضاء بالبرلمان المؤلف من 50 عضوا.
وفي الوقت الذي يمثل فيه الشكل السياسي المستقبلي للعراق أهمية قصوى
بالنسبة للحكومة الكويتية تشعر الكويت بالقلق مادامت الصورة غير واضحة.
ويعزف كثير من الكويتيين عن التوجه الى الشمال خشية تعرضهم للخطف
ويقولون انهم يريدون ضمانات لا تشوبها شائبة من حكومة عراقية دائمة
فيما يتعلق بسيادة بلادهم.
وقال صلاح البالغ من العمر 47 عاما "العراق والكويت لديهما تاريخ من
الالم. لا نستطيع أن ننسى الناس الذين قتلوهم واغتصبوهم والاموال التي
سلبوها ... لكن الامر يتعلق بمحاولة بدء شيء جديد لاننا مرتبطون ببعضنا
البعض. ما من خيار أمامنا."
هذا وقد بلغ عدد السكان الاجمالي في الكويت 2,48 مليون نسمة في
نهاية العام 2003 بزيادة 5,1% مقارنة بالعام 2002 وفقا لتقرير حكومي
نشرته وكالة الانباء الكويتية الرسمية.
واوضح التقرير الذي اعدته وزارة التخطيط ان عدد السكان الاجمالي في
الكويت انتقل من 2,36 مليون نسمة في العام 2002 الى 2,48 مليون في
نهاية العام 2003.
وبلغ عدد ابناء الكويت 913500 نسمة مقابل 884550 نسمة في العام 2002
اي 36,8% من عدد السكان الاجمالي في البلاد.
وبالتالي فان الاجانب يمثلون الغالبية في هذا البلد النفطي ويصل
عددهم الى 1,57 مليون نسمة بموجب التقرير. ومن بين الاجانب يعمل حوالي
400 الف نسمة في غالبيتهم من النساء المتحدرات من جنوب شرق اسيا كخدم
في المنازل.
المصدر: وكالات |