لم تعش كربلاء بعيداً عن أصوات القذائف وإطلاق
النار، بل كانت على الدوام مسرحاً لهجمات ليلية يشنها جيش المهدي على
قوات التحالف مستخدماً قذائف المورتر وقاذفات الآر بي جي، الأمر الذي
أربك الوضع الأمني فيها لأسابيع طويلة، وأشد ما كان يخشاه السكان لا
سيما من تقع بيوتهم في محيط مقرات التحالف، هو أن تخطيء إحدى القذائف
الصاروخية هدفها فتنفجر في أحد البيوت، وهذا ما حصل بالفعل مرات عدة،
وكانت آخر قذيفة أطلقت على مبنى المحافظة الذي تتحصن بالقرب منه قوات
التحالف قد سقطت على بناية السوق المركزي في المدينة.
ولكن هذا الوضع المربك تصاعد مؤخراً لاشتباكات شوارع حين شنت قوات
التحالف هجمات متعددة ومن أطراف مختلفة على المقرات الثابتة لجيش
المهدي، حيث استيقظ السكان على مواجهات شديدة استخدمت فيها أسلحة
مختلفة كان بينها الرشاشات الثقيلة ، ففي حي الموظفين تعرضت دورية
أمريكية لكمين نصبه لها أفراد من جيش المهدي، وبينما ردت على مصدر
النار أصابت عددا من السيارات المدنية وقتلت أربعة مدنيين، في وقت لم
يسلم بيت محافظ كربلاء القديم ، وهو بناية تابعة للدولة شغلها اتحاد
عشائر الفرات الأوسط قبل أن تشغلها مفرزة من جيش المهدي، لم يسلم من
التدمير حين هاجمته دبابة أمريكية ودخلت باحته لتطلق قذيفة في داخله..
كما أن مؤسسة الشهيد الصدر الثقافية تعرضت هي الأخرى لأضرار بالغة
حين هاجمتها دبابات هاجمت أيضاً مقرات جيش المهدي في حي الحر.
ولم يعرف على وجه الدقة الخسائر الحقيقية بين صفوف جيش المهدي وقوات
التحالف حيث يتكتم الجانبان على الإصابات في صفوفهم، ولكن خسائر
المدنيين تجاوزت الخمسة قتلى وثلاثة جرحى، وإعطاب ثلاثة سيارات حتى
كتابة هذا التقرير..
وعلى صعيد رد الفعل الشعبي جراء ما يجري في كربلاء بدا الناس غير
مكترثين بما يدور حولهم، ففي المساء يستعدون لموجة من المصادمات،
بينما يحاولون في النهار ممارسة نشاطهم الحياتي بشكل طبيعي، الأمر
الذي يعكس ميلاً لدى الناس في استتباب الأمن والهدوء، لا سيما وأن
عودة سيارات الشرطة العراقية ورجالها إلى شوارع المدينة قد قوبلت
بترحيب وارتياح واضحين من قبل السكان في كربلاء..