أظهر تقرير يرصد حال الإصلاح في مصر حيث الكل
يتحدث عن ضرورة التغيير القادة والأحزاب الموالية، والمعارضة والجماهير
برأي أمريكا كما أوروبا، فيما سبق وأكد الرئيس حسني مبارك إن الإصلاح
السياسي سيكون حجر الزاوية للإصلاحات التي ستتم على قدم وساق في مصر،
لكنه أضاف إن هذه الإصلاحات ستتخذ عبر خطوات صغيرة؟!! بهدف الحفاظ على
الاستقرار الذي هو أساس التقدم في كل الحقول خصوصاً في وجه الإرهاب
الدولي؟!! وبدورنا نقول هل فعلاً مصر غير قادرة على إصلاح ما يؤسس على
إصلاح بخطوات صغيرة؟ وكما بحاجة المشروعة العربي للإصلاح على تفسير
وتوضيح مفهوم الاستقرار الذي يتأسس على أبعاد اجتماعية واقتصادية
وسياسية وثقافية؟!! كيف نستطيع أن تخلق بيئة إنسانية تجسد ما قاله
هيرودوتس قبل ثلاثة آلاف سنة، حين قال (إنه حين تتوقف مصر عن الضحك،
فهذه ستكون علامة من علامات نهاية العالم) وأوضح التقرير في سؤاله من
سينفذ الإصلاحات؟ الرئيس مبارك وأركان حزبه بالطبع، فالحزب الوطني
الحاكم أطلق أخيراً حملة في مجلس الشعب لتمديد فترة ولاية مبارك الذي
سيبلغ السادسة والسبعين في آيار/ مايو المقبل لست سنوات أخرى، يذكر أن
الرئيس مبارك قد أعلن في أكثر من مناسبة أنه يرفض ترشيح ولده جمال، ولم
يؤكد أو ينفي بنيته بالتمديد، وأضاف التقرير نشاط جمال مبارك الذي بدأ
العمل السياسي أثر عودته من لندن، عين عام 2002 رئيساً لسكرتارية
السياسة في الحزب الحاكم؟! ومن هذا الموقع نجح في حمل الحزب على تبني
برنامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ودفع إلى واجهة الحزب
نخباً جديدة من رجال الأعمال والأكاديميين الذين تعلموا في الغرب وكان
جمال مبارك وراء الخطوات المهمة لإلغاء محاكم أمن الدولة؟ وتأسيس مجلس
حقوق الإنسان، وإطلاق سراح مئات السجناء السياسيين ومنح الجنسية لأولاد
الأم المصرية، وإلغاء أحكام الأشغال الشاقة، والأهم من ذلك أن نجل
الرئيس المصري يأتي من خارج سلك المؤسسة العسكرية، التي تعتبر الحاكم
الفعلي في البلاد، وأشار التقرير لكن مشكلة جمال مبارك تتفرع إلى
مشكلتين:
1- أنه في حال وصول إلى منصب الرئاسة سيكون معه
كل النخب المدنية والعسكرية الحاكمة الآن، وهي نخب تقاوم بشدة أية وكل
إصلاحات حقيقية وكان لافتاً أن تترافق نجاحات جمال مبارك الإصلاحية مع
قيام مجلس الشعب الذي يديره الحزب الحاكم؟! بتمديد قانون الأحكام
العرفي الذي يقيد الحريات السياسية والمطبق منذ الحرب العالمية الثانية؟!!
إلى الآن عدا ثماني سنوات يتيمة. وهل ما فسر كثيرون بأن المشاريع
الإصلاحية، لا تعدو كونها محاولات لنقل السلطة بشكل هادئ من الجيل
القديم للنخبة المصرية الحاكمة إلى جيل جديد ينتمي إلى النخبة نفسها في
حين أن الإصلاح الحقيقي يتطلب نخباً جديدة تقوم بإلغاء قوانين الطوارئ،
وتطلق حرية تشكيل الأحزاب السياسية، والحريات الصحافية وتؤكد استقلالية
القضاء، وتمكن الشعب من انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر المشكلة
الثانية برأي التقرير تكمن في مسألة الخلافة نفسها، فجمال مبارك يفتقد
إلى الدعم الضروري في أوساط الجيش والنخبة السياسية البيرقراطية
الحاكمة، وما لم يدفع والده إلى تعيينه خلال حياته سيكون من الصعب، إن
لم يكن من المستحيل، على الابن وراثة الأب برأي التقرير مضيفاً أن
الطريقة الوحيدة لتحقيق الخلافة، تكمن في تعديل الدستور لعام 1971
للسماح بانتخاب الرئيس بالاقتراح المباشر بدلاً من انتخابه بغالبية
الثلثين في مجلس الشعب وهذا ما تطالب به أوساط المعارضة، وهذا ما ترفضه
بشدة النخب الحاكمة، والحصيلة؟ بقاء مشروع الخلافة معلقاً في الهواء،
وبقاء الإصلاحات الحقيقية والجدية نفسها في طريق مسدود؟!
أما على صعيد الأحاديث الخارجية، فيبرز الصوت
الأمريكي مرتفعاً مطالباً بالإصلاحات والتغيير الديمقراطي بعد أحداث 11
سبتمبر 2001م أكد الرئيس بوش نيته الضغط من أجل الإصلاح والديمقراطية
في الشرق الأوسط، خص مصر باهتمام لافت، وهدد بتعليق بعض المساعدات
الأمريكية خلال محاكمة الباحث سعد الله إبراهيم، والكونغرس الأمريكي
بدأ بتخفيض هذه المساعدات (نحو بليوني دولار) بالتدريج في حين اتهم
ريتشارد بيرل، أحد أبرز منظري الصقور الأمريكيين، النظام المصري
بالديكتاتورية ويدعو ضمناً إلى تغييره وكان مارتن انديك قد أوضح حين
قال (أمريكا توصلت إلى الاستنتاج بأن دعمها للأنظمة الديكتاتوريات
لعقود طويلة بهدف الحفاظ على مصالح أدى إلى انفجار القنبلة في وجها لذا
تتجه الآن إلى الاهتمام بمتطلبات الناس من حريات سياسية وفكرية وثقافية
وتعليمية.
تعليق واعداد بسام محمد حسين
aboalibassam@jawab.com |