قال احمد الجلبي عضو مجلس الحكم العراقي يوم
الجمعة ان تحولا في السياسة الامريكية قد يسمح لمسؤولين من حزب البعث
السابق بالانضمام الى حكومة عراقية جديدة يرقى الى حد وضع النازيين في
السلطة في المانيا.
وقال الجلبي لرويترز "هذه السياسة ستخلق مشاكل
كبيرة في الانتقال الى الديمقراطية وتعرض للخطر أي حكومة يشكلها الاخضر
لابراهيمي مبعوث الامم المتحدة وتتسبب في سقوطها بعد 30 يونيو."
وتحدث الجلبي بعد ان اعلن البيت الابيض تعديلا
في سياسة تطهير البلاد من البعثيين قد يسمح لبعض الاعضاء السابقين
بالانضمام الى حكومة مؤقتة تتولى الامم المتحدة تشكيلها قبل الانتقال
المزمع للسيادة الى العراقيين في 30 يونيو حزيران.
وقال الجلبي الذي يرأس لجنة تابعة لمجلس الحكم
العراقي تقوم بتطهير الادارة من كبار المسؤولين السابقين في حزب البعث
"هذا الامر يشبه السماح بعودة النازيين الى الحكومة الالمانية فور
نهاية الحرب العالمية الثانية."
وقال الجلبي ان بول بريمر الحاكم الامريكي
للعراق بحث مع مجلس الحكم العراقي يوم الخميس سبل اعادة بعض صغار موظفي
الحكومة مثل المدرسين الذين كانوا اعضاء بالاسم في حزب البعث لكنه لم
يشر الى بعثيين يشاركون في حكومة جديدة.
ومن المقرر ان يشرح بريمر التغير في هذه السياسة
في كلمة يذيعها التلفزيون على العراقيين في وقت لاحق يوم الجمعة.
وحكم حزب البعث الذي أسسه مثقفون تلقوا تعليمهم
في فرنسا في الاربعينات العراق من عام 1968 وحتى الاطاحة بصدام حسين في
العام الماضي.
وتؤيد المعارضة العراقية السابقة التي قمعها
بشدة حزب البعث مساعدة الاعضاء الصغار في العودة الى العمل في حالة عدم
ارتكاب جرائم لكنهم يرفضون احتمال عودة البعثيين لشغل مناصب حكومية
رفيعة.
وقال عدنان الاسعدي وهو مسؤول بحزب الدعوة
الممثل في مجلس الحكم "نرفض هذا الاتجاه الامريكي. مثل النازيين كان
حزب البعث منظمة عنصرية شوفينيه."
واضاف "سيساعد ذلك على تدهور الامن أكثر ويصيب
بالاحباط العراقيين الذين عهدوا الى الائتلاف بادارة العملية السياسية
ويؤدي الى حرب اهلية."
وكاد صدام يقضى على حزب الدعوة تقريبا وامر
باعدام زعيمه محمد باقر الصدر في عام 1980 مع شقيقته.
وحدث انقسام في الحزب الذي حاول ان يستجمع قواه
منذ مقتل الصدر.
واعرب الجلبي عن فزعه من اعلان البيت الابيض على
الرغم من ان هذه السياسة يمكن ان تجلب مزيدا من السنة الى مناصب السلطة.
وقال نصير الجادرجي انه يوجد بعثيون سابقون
انضموا الى الحزب دون الايمان بأيديولوجيته لكن هؤلاء الناس يجب
اختيارهم بمعرفة عراقيين يعرفون سجلهم تماما اذا كانوا سينضمون الى
الحكومة الجديدة.
وكبار مسؤولي حزب البعث من السنة الذين حكموا
العراق منذ تأسيسه في العشرينات لكنهم فقدوا السلطة والامتيازات في عهد
الاحتلال
وقال الجلبي "الولايات المتحدة حولت العراق الى
فأر تجارب دون ان تعطي للعراقيين حق التعبير عن رأيهم."
هذا وكان متحدث باسم سلطة الائتلاف الذي تقوده
الولايات المتحدة في العراق قد اعلن يوم الخميس الماضي ان بعض كبار
المسؤولين العراقيين السابقين الذين فصلوا من وظائفهم لصلتهم بنظام
الرئيس السابق صدام حسين سيعادون الى اعمالهم في تعديل للسياسة المتبعة
منذ اقصاء النظام السابق.
واشار دان سينور المتحدث باسم سلطة الائتلاف الى
ان هناك انتقادات واسعة للمدى البعيد الذي ذهب اليه مجلس الحكم العراقي
المعين من قبل واشنطن في منعه اعضاء بارزين سابقين بحزب البعث الذي
تزعمه صدام من العودة لاعمالهم.
وقال سينور في مؤتمر صحفي "نريد ان تطبق (السياسة)
بالاسلوب الذي وضعت به."
وقال سينور انه "لا مكان في العراق الجديد"
للبعثيين السابقين المتورطين في "جرائم واعمال وحشية" ولكن الافراد ذوي
الكفاءة ممن كانوا اعضاء بالبعث بالاسم فقط يجب ان يرحب بعودتهم
لاعمالهم.
وقال ان الخطة الاصلية كانت تنص على السماح
بالتقدم بالتماسات للتحقق من هوية الذين لم يتورطوا في الممارسات التي
حدثت خلال حكم صدام والسماح لهم بالمساعدة في بناء العراق.
وتابع قائلا "عملية الالتماسات كانت في بعض
الاحيان ابطأ في تنفيذها مما كان مقدرا اصلا" وان الافا من العراقيين
شكوا الى بريمر بشأنها.
وكان حزب البعث يعتمد في اختيار قياداته
الرئيسية على ابناء الاقلية السنية التي ينتمي اليها صدام حسين نفسه.
ويمثل رجال المقاومة الذين خرجوا من المعاقل
السنية في شمال وغرب بغداد اعنف مقاومة يواجهها الاحتلال في العراق
بسبب ما يعود في جانب منه الى شعور الطائفة السنية انها تعاقب وتهمش
بعيدا عن مركز صنع السلطة منذ سقوط صدام قبل نحو عام.
واعيد عدد صغير من ضباط الجيش العراقي السابقين
الى الخدمة الاسبوع الماضي للمساعدة في عمليات تشكيل القوات المسلحة
الناشئة التي ستحل محل الجيش الذي اعلن بريمر حله في مايو ايار الماضي.
واعلن البريجادير جنرال مارك كيميت المتحدث باسم
الجيش الامريكي في العراق انه سيتم اعادة مزيد من الضباط العراقيين
السابقين الى الخدمة.
وتابع قائلا "مع اتساع نطاق المؤسسة سيكون هناك
حاجة لضباط من ذوي الرتب العالية فكما هو واضح هذه مهارة لا يمكنك
الحصول عليها في غضون اسابيع."
واعلن البيت الابيض ان الولايات المتحدة تدرس
ايضا اجراء تغيير في السياسة المتبعة للسماح ببعض البعثيين السابقين
بالانضمام لحكومة عراقية مؤقتة تشكلها الامم المتحدة .
وقال سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الابيض "نحن
نراجع حاليا كيفية تطبيق السياسات وننظر في سبل الموازنة بشكل افضل بين
الحاجة للخبرة والمعرفة التي يملكها بعض العراقيين وبين الحاجة للعدل."
وقال مكليلان ان هناك حاجة لافراد ذوي خبرة في
الحكومة العراقية.
وقال "انك بحاجة للتأكد من ان الناس يخضعون
للمحاسبة ويقدمون للعدالة ولكن يتعين عليك ايضا ان توازن هذا وان تنظر
الى الحاجة لتوفر الخبرة في قطاعات داخل العراق."
كان بريمر قد حل القوات المسلحة واجهزة الامن
ووزارات الدفاع والاعلام بعد وصوله مباشرة الى بغداد في مايو ايار
الماضي.
وتعرض قراره الذي ادى لفقدان نحو 400 الف شخص
لوظائفهم لانتقادات واسعة لانه قدم قوة جديدة من الرجال الناقمين كي
ينضموا الى جماعات المقاومة العراقية.
وقالت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية أن
البيت الأبيض أعلن أنه قد ينظر في امكان إجراء تغيير في سياساته يسمح
لبعض الأعضاء السابقين في حزب البعث ممن لديهم الخبرة بالمشاركة في
الحكومة الانتقالية التي يجري العمل على تشكيلها.
وتعلق الصحيفة ان هذا القرار الأمريكي يأتي في
أعقاب اعلان سابق من جانب وزير الدفاع حول احتمال توظيف مسؤولين
عسكريين سابقين من ذوي المراتب العليا أثناء حكم صدام حسين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين في بغداد
تأكيدهم أن هذا الاجراء لا ينبغي النظر إليه على أنه يشكل تراجعا عن
سياسة استئصال حزب البعث في العراق بل انه يشكل دعما للطرق المتبعة
لتطبيق هذه السياسة.
وتعلق صحيفة الفايننشال تايمز على هذا القرار
قائلة إنه ينظر إليه على أنه يشكل تنازلا كبيرا للمناطق التي كان يغلب
عليها السنة في حكم صدام حسين والتي شعرت بخيبة أمل كبيرة من تهميشها
وهو ما أدى إلى حركة التمرد المتزايدة في العراق حسب قول الصحيفة.
|