كشفت أكبر شركة للشحن البري في العراق يوم
الاثنين ان شبكة النقل التجاري في البلاد أُصيبت فعليا بالشلل بسبب
تدهور الوضع الأمني واغلاق القوات الأمريكية للطرق الرئيسية.
وقال مزاحم العزاوي المدير التنفيذي لشركة
الجزيري للنقل لرويترز ان حركة الشاحنات توقفت تماما على الطرق الغربية
الممتدة الى الاردن وسوريا وان جسرا على الطريق الوحيد المفتوح من
الجنوب الى بغداد أصبح الآن ضعيفا بدرجة لا يمكن معها عبوره بسبب أضرار
الحرب وأعمال التخريب الأخيرة.
وقال العزاوي "بغداد صارت معزولة فعليا." مضيفا
ان الطريق الغربي المؤدي للاردن وسوريا ولبنان ينقل عبره ما يصل الى 70
في المئة من الشحنات العراقية.
واضاف "شاحنات قليلة تحاول العبور بين الحين
والآخر لكن المشكلة ان المقاومة توقفها للاشتباه في انها تنقل امدادات
للأمريكيين."
وعرقل العنف أيضا حركة سفر المدنيين وأغلب الناس
صاروا يختارون الطيران حيث يأخذون من مطار بغداد طائرات تقوم بمناورات
حادة لتجنب أي هجمات بقاذفات صورايخ تطلق من الكتف.
وتمر الطرق السريعة المؤدية الى سوريا والاردن
عبر أو قرب الفلوجة حيث دارت أعنف الاشتباكات خلال الاسبوعين الماضيين
بين المقاومة السنية والقوات الامريكية. واستهدفت المقاومة قوافل تحمل
امدادات للقوات الامريكية.
وقال العزاوي فيما كان يتلقى اتصالات هاتفية من
عملاء محبطين "زبائني لا يرسلون أي شيء خاصة بعد امتداد العنف للحدود
السورية العراقية."
وقتل خمسة من مشاة البحرية الامريكية قرب الحدود
في معركة عنيفة يوم السبت.
وتأتي الواردات العراقية في الاغلب من الغرب
والجنوب حيث عانت من مقاومة شيعية عنيفة بعد هدوء نسبي ساد بعد الحرب.
وأغلق طريق جنوبي يمتد من بغداد الى ميناء
البصرة بعدما قام المقاومون بتفجير جسور على الطريق.
وقال العزاوي ان الشاحنات لا يمكن ان تستخدم
جسرا على الطريق الجنوبي الآخر المعروف باسم الطريق السادس السريع.
وأغلقت القوات الامريكية أيضا الطريق الرئيسي
المؤدي الى مدينة الموصل التي تعد مركزا تجاريا مع سوريا.
وقالت الادارة التي تقودها الولايات المتحدة ان
الطريقين أُغلقا لاجراء اصلاحات وللمساعدة في وقف هجمات المقاومة على
القوات الامريكية وقوافل الامدادات.
واوقفت وزارة النفط العراقية استيراد البنزين
عبر سوريا والاردن والخليج بسبب الوضع على الطرق السريعة.
وقالت شركات شحن ان الطريق الوحيد الباقي مع
تركيا خطر كما ان عبور الحدود ينطوي على تعقيدات بيروقراطية.
وقال مسؤول في شركة حجازي لسيارات الأجرة ان
عناصر المقاومة توقف باستمرار السيارات حول الفلوجة.
وتابع عاني المثنى "نسلك الطرق الجانبية لتجنب
الطرق السريعة إلا انهم مازالوا يوقفوننا ويسألوننا عن جوازات سفر
للتأكد من انه ليس ثمة غربيين بين المسافرين."
من جهة اخرى وفي ظل حراسة مركبات عسكرية امريكية
من طراز همفي مزودة بالرشاشات اختار مجلس بلدية بغداد يوم الاحد رئيس
بلدية جديدا بعد ان طلب منه العودة الى الوطن من امارة عربية مزدهرة
الى مدينة مهدمة الجدران وذات نظام صرف صحي بدائي.
وفيما وصفه مسؤولون امريكيون بانه انتصار
للديمقراطية فاز علاء التميمي وهو مهندس ذو شعبية كبيرة قضى سنوات في
ابوظبي كمستشار لادارة التخطيط بها باغلبية ساحقة من الاصوات.
الا ان القول الفصل بشان اختياره في يد بول
بريمر رئيس سلطة الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة.
وقال التميمي بعد اختياره من قبل هيئة من اعضاء
مجالس احياء بغداد الذين اجروا مقابلات مع المرشحين السبعة النهائيين
لساعات انه يأمل ان تعود بغداد لمكانتها باعتبارها "ام الدنيا".
وتركزت الاسئلة على الصرف الصحي.. و10 الاف طن
من النفايات في الشوارع..
هذه الاسئلة لم تكن محل تفكير في ظل صدام حسين
الذي اطيح به. الا انه بينما يجتهد الامريكيون لتوضيح الحريات الجديدة
فان كثيرين من العراقيين لا يزالون ينظرون الى التغيرات السياسية
بارتياب.
ويكشف الوجود الامني فوق العادة خارج مجلس
المدينة ان بعض العراقيين ربما لا يرحبون برئيس بلدية جديد. وكان
الجنود المدججون بالسلاح يقفون الى جوار عرباتهم عندما كان الزوار
يدخلون المبنى المحاط بالاسلاك الشائكة.
ويواجه التميمي تحديات ضخمة في بغداد حيث تعوق
تفجيرات المقاومة وعمليات الخطف اعادة بناء بنية تحتية مدمرة واجتذاب
الاستثمارات.
ولم يقدم اي من المرشحين لمنصب رئيس البلدية
استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه المشاكل.
وقال التميمي "نحتاج لان نضع نطاما للعمل. لا
نريده ان يدار على ايدي افراد. نحتاج منهجا علميا" مشيرا الى الايام
التي كان فيها حزب البعث في عهد صدام حسين يسيطر على مجلس المدينة الذي
كان الفساد متفشيا فيه.
ويقول مرشحون للمنصب واعضاء مجلس المدينة انه
لايزال على نفس القدر من الفساد وهو موضوع سيطر على الاستجوابات.
والقى الاستجواب الضوء على التحول الصعب من
العراق القديم الى عراق تكون فيه الكفاءة هي اهم المعايير وليس
العلاقات مع حزب البعث او الجيش او العلاقات الاسرية.
فعندما بدأ احد المرشحين ويدعى عمر الدمالوجي
تصريحاته في البداية بمناقشة المهارات الطبية لوالديه ودرجاته العلمية
اوقفه احد اعضاء اللجنة على الفور وقال له "سمعنا ما فيه الكفاية عنك.
نريد ان نعرف كيف ستعيد بناء بغداد." وتم اختياره نائبا لرئيس البلدية.
وقال اعضاء اللجنة الذين صوتوا لصالح التميمي
الذي كان يعمل في هيئة الطاقة النووية العراقية قبل ان يتوجه الى
ابوظبي ان المؤهلات لم تضمن فوزه وحدها.
وقال نشأت الحسيني وهو عضو في مجلس بلدية بغداد
"فاز بالكثير من الاصوات بسبب شخصيته وقبيلته قوية النفوذ. عندما تكون
خلفك قبيلة ذات نفوذ فهذا نجاح."
واضاف "الناس يحبونه ايضا لانه قاوم ضغوطا
للانضمام الى حزب البعث عندما كان يعمل في هيئة الطاقة النووية
العراقية."
وتعهد التميمي بان "يطهر" مجلس المدينة باستخدام
ميزانية سنوية قيمتها 75 مليون دولار و9 الاف موظف معظمهم باقون من
ايام صدام.
لكنه ربما يحتاج الى اكثر من الشخصية والعلاقات
القبلية لاثبات ذاته امام سكان بغداد المحبطين الذين ليس لديهم سوى
القليل من الثقة في السياسيين الذين تدعمهم الولايات المتحدة.
وقال قبل التوجه الى المطار عائدا الى ابوظبي "تقول
الامم المتحدة ان من حق سلطة الاحتلال ادارة هذه العملية."
المصدر: وكالات |