قال أعضاء في مجلس الحكم العراقي يوم الاربعاء
ان المجلس بحث اقتراحا يقضي بعدم اعتقال رجل الدين الشيعي المتمرد
مقتدى الصدر بتهمة القتل إذا وافق على وقف الانتفاضة الشيعية.
وقال الاعضاء لرويترز بعد اجتماع لبحث العنف
الذي يجتاح العراق ان استخدام مزيد من القوة ضد رجل الدين الشيعي الشاب
واتباعه ربما يؤدي الى مزيد من الخسائر في صفوف المدنيين ويعزز التأييد
له.
وقال عضو شيعي في مجلس الحكم العراقي اشترط عدم
الكشف عن هويته ان العراق ربما يقرر عدم ملاحقة الصدر في مقابل اعلان
الاخير تخليه عن العنف. واضاف ان الامر ربما يكون على غرار ما تم بحق
رجل الدين الشيعي صبحي الطفيلي الزعيم الاسبق لحزب الله اللبناني الذي
تم احتواؤه.
والطفيلي مطلوب بتهم تتعلق بادعاءات بقتل جنود
لبنانيين وبمحاولة اغتيال رئيس لبناني سابق قبل اعوام الا انه يتجول في
مناطق البقاع بحرية في مقابل الابتعاد عن الخوض في السياسة.
وصدرت مذكرة اعتقال بحق الصدر بتهمة الضلوع في
قتل رجل دين آخر عاد من المنفى قبل عام. وقد أثار اغتيال السيد عبد
المجيد الخوئي نجل الراحل اية الله العظمى ابو القاسم الخوئي مخاوف من
حدوث انقسامات عنيفة بين قادة الشيعة في العراق.
ونفى الصدر الضلوع في مقتل الخوئي. وقد صدرت
مذكرة الاعتقال قبل اشهر ولكن لم يتم الاعلان عنها الا بعد اشتباك
انصاره مع القوات الامريكية مؤخرا. ويقول الجيش الامريكي ان الصدر
سيعتقل.
ويقاتل اتباع الصدر قوات الاحتلال في مدن
الناصرية والعمارة والكوت وكربلاء والنجف في جنوب العراق وقالوا انهم
عاقدو العزم على الاستمرار في الانتفاضة التي تسببت في سقوط ما يزيد
على 130 قتيلا منذ الاحد الماضي.
وقالت مصادر بمجلس الحكم العراقي ان المجلس اصدر
بيانا استنكر فيه العنف الا انه ينظر في اتخاذ موقف فعال لانهاء الازمة.
وقال مسؤول على صلة قوية بمجلس الحكم العراقي ان
الاعضاء لن يوقعوا على الخطة ولن يتوجه وفد للقاء الصدر قبل ان يتأكد
اعضاء المجلس من امكانية احتواء الازمة.
واضاف المسؤول ان استخدام مزيد من القوة ضد
الصدر لن ينفع وان الامريكيين يعرفون ذلك كما انه سيتسبب في وقوع مزيد
من القتلى وربما ظهور مزيد من العناصر المتشددة.
وقال اعضاء في مجلس الحكم العراقي ان محاولات
سابقة لاشراك الصدر في العملية السياسية التي تقودها امريكا فشلت.
وقالوا ان وفدا من المجلس التقى سرا بالصدر في العام الماضي بعد ان
قاتل اعوانه اتباع اية الله على السيستاني الذي يعتبر اكثر رجال الدين
الشيعة نفوذا في البلاد.
واضاف الاعضاء ان الصدر وافق وقتها على عدم
اللجوء للعنف الا انه اصر على ضرورة انسحاب القوات الامريكية من العراق.
وقال مسؤول في مجلس الحكم ان رجال الدين الشيعة
المعتدلين مثل السيستاني لا يمكنهم فعل الكثير في هذه الاوضاع لانهم
رجال دين وليسوا وزراء داخلية على حد قوله.
وقد سمحت قوات الشرطة في مدينة النجف لاتباع
الصدر باحتلال مراكزها كما تركهم اتباع السيستاني يسيطرون فعليا على
المدينة.
من جهتها قالت صحيفة واشنطن تايمز إن الاشتباكات
تثير توترات غير مسبوقة ومخاوف من مغبة أن يقف الشيعة المعتدلون في صف
مقتدى الصدر في نهاية المطاف.
كما حذر محللون في معهدين عسكريين امريكيين من
ان المحاولة الامريكية لاعتقال الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر يمكن
ان تشعل انتفاضة أوسع نطاقا وتضر بجهود واشنطن للسيطرة على العراق.
وقال خبراء في كلية الحرب العسكرية الامريكية
ومعهد للدراسات البحرية العليا ان الصدر يستغل فيما يبدو معارضة اتباعه
للاحتلال الامريكي للعراق لاثارة قضية وطنية بين الغالبية الشيعية في
العراق.
وقال والي ناصر استاذ دراسات الشرق الاوسط وجنوب
اسيا في معهد الدراسات العليا البحرية "وقوف شاب ورجل دين من أجل
العدالة في مواجهة الة عسكرية ضخمة لها مغزاها الكبير لدى الشيعة
بالفعل. انها تذكرني بالثورة الايرانية."
وأضاف "على الولايات المتحدة ان تكون حذرة
للغاية. فبدخولها (القوات الامريكية) إلى مسجد أو الدخول إلى النجف
يمكن ان تفعل (امريكا) ما فعله الجيش الهندي حين دخل امريستار" مشيرا
إلى اجتياح المعبد الذهبي للسيخ الذي قامت به القوات الهندية عام 1984
والذي ادى إلى اغتيال رئيسة وزار الهند الراحلة انديرا غاندي.
وانتقل الصدر يوم الثلاثاء من مسجد في الكوفة
إلى مكتبه في النجف وتحيط به حشود من اتباعه.
وتوعد مسؤولون امريكيون باعتقاله ووصفه بول
بريمر الحاكم المدني الامريكي للعراق بانه خارج على القانون وهو متهم
بالتورط في قتل الزعيم الشيعي عبد المجيد الخوئي العام الماضي وهو ما
ينفيه الصدر.
لكن خبراء يرون ان اعتقال الصدر سيعزز مكانته
كزعيم وطني ويشكل ضغطا على زعماء شيعة معتدلين مثل اية الله علي
السيستاني لاتخاذ موقف أكثر تشددا.
وقال دبليو. اندرو تيريل وهو استاذ في أبحاث
الامن بمعهد الحرب العسكرية الامريكية ان الصدر يمكن ان يحول مسألة
اعتقاله إلى "انه الشخص الذي يحارب حقا من اجل القومية العراقية بينما
الكل متواطيء."
ويمثل الصدر تيارا يشبه التيار الذي ادى إلى
قيام ثورة اسلامية عام 1979 ضد شاه ايران الراحل رضا بهلوي حليف
الولايات المتحدة اما السيستاني فهو يمثل تيارا يفصل بين الدين والدولة
لا يشارك فيه رجال الدين في السياسة الا اذا لمسوا خطرا على المؤمنين.
المصدر: وكالات |