ما يطال العراق وبالذات محاولة التمهيد لجعل
السيادة التي ستمنح لشعبه في أوائل تموز القادم 2004م هي سيادة مخترقة
أو ناقصة بحسب ما تبينه بعض الأخبار المؤكدة المتداولة داخل العراق على
وجه التخصيص ولعل أحد صور التمهيد المشار له هو توجه السياسات الدولية
المعنية الآن بالشأن العراقي أن لا يكون مستقبل العراق أكثر من شكل
مقبول مقارنة مع الفترة المظلمة الحالكة الغرهاب التي كانت في زمن حكم
صدام وفريقه السياسي.
رغم أن مجلس الحكم الانتقالي في العراق يقوم
بأوسع حملة ضد مخلفات النظام الصدامي السابق إلا أن يقظة المجلس فيما
يجري خلق كواليس السياسة في العراق مسألة أخرى، إذ تفيد معلومات مؤكدة
من الداخل العراقي أن قوافل من الشاحنات الضخمة العسكرية محملة بالسلاح
والعتاد تشرف على مسيرها طائرات الهلكوبتر تحسباً من أي هجوم معاكس من
قبل الجماعات الداخلة الى العراق بصورة سرية وغير مشروعة وأن تلك
الشاحنات كانت تسير على مقربة من مدينة سامراء شمالي بغدد وقواتها هم
من قوى التحالف – الاحتلال الأنكلو أمريكي لكن المفاجئ الذي لاحظه عن
طريق الصدفة بعض الناس الذين شاءت الصدف أن يكونوا شهود عيان على مسير
تلك الشاحنات أن غالبية سواقها أن لم يكونوا جمعياً هم من ذوي اللحى
الطويلة جداً الذين يذكرون بلحى اليهود الذين يظهرون عادة على أجهزة
الإعلام المرئية او المطبوعة.
ولعل من معطيات هذه الأخبار اللامجال للشك فيها
توضح أن قوات الأنكلو أمريكان المحتلة العراق عالياً والتي يدعي قادة
الحكومة في لندن وواشنطن أن ما يعنيهما هو استكمال (تحرير العراق) على
حد تعبيرهما بخطوات منها منح السيادة الأكيدة للعراقيين وتحقيق
المساواة بين مواطني العراق بالاستناد الى حكم ديمقراطي حقيقي وهذا كله
ما يتنافى تماماً مع إدخال يهود إسرائيليين الى أرض العراق سواء ضمن
قوات الاحتلال كـ(عناصر عسكرية) أو كـ(أفراد مدنيين) يحملون صفة تجارية
أو ما شابه ذلك وهذا ما يمكن تفسيره بأن التصريحات لدى المسؤولين
الإنكليز والأمريكان لا مصداق لها إذا كان الأمر يتعلق عناصر إسرائيلية
الى ارض العراق إذ يعتبر ذلك تمهيداً لمس كبير لأسم العراق كبلد
ولكرامة شعبه.
لا شك أن العراق بوضعه الحالي المربك غير مستبعد
لتحدي أي قوة عسكرية منظمة ويستحيل أن يدفع ثمن معارك أو تحديات لم يعد
نفسه لها ويأمل العراقيون أن لا تتكرر مساهماتهم ثانية في شن أي حرب لا
ضد الجوار ولا غيرهم إلا أن إدخال عناصر إسرائيلية الى العراق ستجعل أي
حكومة شرعية قادمة ان تفكر لتعمل شيئاً في إزالة أي كابوس إسرائيلي
داخل العراق عبر أداءات عناصرها وزرعهم في بنية المجتمع العراقي سواء
كانوا عناصر عسكرية أو مدنية.
وأن الأخبار الموثقة على الصعيد الرسمي داخل
العراق أن عدد اليهود في العراق لا يتجاوز أكثر من (20) عشرين شخصاً
ويقال أقل من نصف هذا الرقم لما لا يصل لعدد أصابع يد إنسان.. لكن
الصورة الثانية للمسألة بحسب الدعاية الإسرائيلية التي اصبحت تهربها
الى بعض مواقع الانترنيت الدولية هي الإدعاء أن نحو (120) الف يهودي من
اصل عراقي على حد زعم تلك الدعاية متواجدون داخل إسرائيل وتقول الدعاية
أن هؤلاء اليهود يتطلعون الى العودة الى العراق متناسون أن العراق
الحالي والعراق القادم سيرفض أن يعاد لحكمه بطريقة وبأخرى أشخاص يحملون
أسماء مثل (حسقيل) و(طلفاح) إذ من اللانزاهة أن يعاد النظر بأمر سياسي
خطير يكون فيه الشعب العراقي هو الذي يدفع الثمن غالياً مثلما حدث
بإيصال كتلة الهيوديان الأصل (أحمد حسن البكر) و(صدام التكريتي) اللذان
أسلما أجدادهما زوراً وبهتاناً بدليل أن ما فعلاه في العراق في غير
حاجة الى أين برهان.
وربما تكون لنتائج الحرب اللامسماة رسمياً
الجارية الآن بين الإسرائيليين المدججين بالسلاح أمام المقاومة
الفلسطينية الجرداء من السلاح ما يجعل عدد من اليهود يفكرون في بلد
يعتقدون أنه سيكون آمناً قياساً لاستمرار العنف في أرض فلسطين وأن
تفكيرهم محصور الى العيش بالعراق إذ تفيد الأرقام الرسمية الصادرة في
أرض فلسطين مثلاً أن استطلاعاً حديثاً قد أجري قبل أيام أفاد: (أن
(50%) من الإسرائيليين يعتبرون رئيس الوزراء الحالي ارييل شارون غير
جدير بالثقة بعد أن قال أنه قد يتخذ خطوات من جانب واحد لحل الصراع مع
الفلسطينيين بشروط إسرائيل).
ولعل مثل الأوضاع الداخلية الآنفة المرتبكة التي
تعيشها حكومة إسرائيل لتثير التساؤل كيف تستطيع هذه الحكومة من التأثير
على بعض السياسات العربية التي لا ينبغي أن تحدث فعلى سبيل المثال: (ففي
سابقة أعتبرت هي الأول من نوعها أعلنت (مكتبة الاسكندرية) سحب كتاب (بروتوكولات
حكماء صهيون) من خزانة العرض المخصصة للكتب فكيف ولماذا يحدث ذلك؟!
فإذا كان التدخل الإسرائيلي في شأن مكتبة
الاسكندرية بمصر قد تم بما توضح فإن الشعب العراقي فائق اليوم على
مرحلة يحرص أن تكون في أرضه ألغام بشرية أو غيرها لتعيد كرّة المظالم
عليه. |