بدأت الحرب .. سقط صدام ونظامه.. ومر الآن عام
على أكبر حدث شهده العراق منذ قرن تقريباً،فصدام لم يسقطه انقلاب عسكري،
ولم ينهر نظامه بسبب اجتياح جيش دولة مجاورة العراق..
إنه سقط بفعل تحالف دولي قادته أقوى دولة بالعالم
وبعد حرب استخدمت فيها أسلحة متطورة جداً ..خلال هذه الحرب اختلطت
مفاهيم كثيرة، فالحرب خاضها طرفان، صدام ونظامه من جهة، وأمريكا
وبريطانيا وحلفائهما من جهة أخرى..
الطرف الأول رفع شعارات الإسلام والقومية، وهو
بالفعل ينتمي إلى القومية العربية ويُحسب على المسلمين، بينما القادم
من خلف الحدود ينتمي إلى قومية أخرى ويدين بدين آخر، فبدا الصراع من
حيث المسميات قومياً ودينياً، فتذكر البعض الحروب الصليبية التي دارت
قبل قرون، وتذكر آخرون حروب الاستعمار!!
ولكن أسبابا أخرى في هذه الحرب أضفت عليها أشكالا
وألواناً أخرى، فالقادم لبس ثوب التحرير ورفع شعارات القضاء على نظام
قتل أهله وجيرانه وتسبب بكوارث إنسانية وبيئية كبيرة.. إنه نظام مسلم
ولكن المسلمين لقوا الحيف على يديه بطريقة لم يلقوها على يد غيره من
أتباع الديانات الأخرى.
إنه عربي أيضاً ولكن العرب عانوا من حروبه وتشتت
شملهم بسببه، وكان غير العربي وغير المسلم هو الذي أخرج من فمه دولة
ابتلعها لعدة شهور، إلا وهي دولة الكويت!
نظام جاء من رحم تناقضات عربية وعراقية، فلم يكن
قادراً على العيش إلا وسط تناقضات عصفت بالواقع العربي بل الدولي برمته.
مر الآن عام على السقوط ولكن البعض يريد أن ينسى
الأسباب ويتمسك بالنتائج فقط، وربما سرّ البلاء الذي يخيم على العرب
أنهم يفكرون بطريقة مبتورة، وتتداخل عند الكثيرين منهم الأسباب
بالنتائج فتتشكل لديهم غمامة تحجب عنهم الحقائق بشكل مثير..
بعد عام نحاول أن نلتفت إلى ما حدث دون انفعال
فنقرأ الموقف العربي، ونذكر بالموقف العراقي في محاولة جديدة لفهم ما
جرى ويجري بعيداً عن المزايدات والشعاراتية..
لماذا كانت الحرب؟
أحداث أيلول.. هذا الحدث العالمي لم يغير وجه
نيويورك فقط ولكنه لفت انتباه الأمريكيين إلى مخاوف جمة، فهناك عدو
يريد بأمريكا شراً وهذا العدو يملك من وسائل القتال ما عجزت الأسلحة
الأمريكية المتطورة عن محاربته، عدو لا يخشى الموت بل هو يصر على أن
يموت طمعاً بالجنة!
ويتساءل الأمريكيون بعد أن رأوا بأعينهم انهيار 220
طابق تشكل منها برجا التجارة في نيويورك، ماذا لو حمل بعض هؤلاء الذين
اختطفوا الطائرة قنبلة غير تقليدية؟
ماذا لو استطاعوا أن يحصلوا على غازات سامة فيرشوها
في فضاء مدينة أو مدن أمريكية؟
حتماً إنه أمر بالغ الخطورة، سيما وأن الأمريكان
عاشوا صدمة كبيرة بعد أحداث أيلول، فانهيار أعلى شاخص حضاري في أمريكا،
وربما في العالم، أيقظ لديهم مخاوف بحجم الكارثة.
كان لزاماً على الساسة الأمريكان إذن أن لا يكتفوا
بالقضاء على الوجود السياسي لشبكة القاعدة وحركة طالبان، بل أن يبحثوا
عن أنظمة تمد هؤلاء بالمال، وربما تمدهم بأسلحة غير تقليدية في وقت ما،
ولعل أول نظام يتصدر قائمة الأنظمة المشكوك فيها هو نظام صدام .
هذه الصدارة السيئة ليست لأن أمريكا أو غيرها لها
خلاف مع صدام ، ولا لأن إسرائيل ترغب بالتخلص منه، فمن الناحية الفعلية
لم يكن صدام يشكل تهديداً لإسرائيل، بل ربما استفادت هذه الأخيرة من
حروبه وأزماته التي تسبب بها للوضع العربي فضاعف من تأزمه، وبدد قدرات
العرب العسكرية والمالية والمعنوية.
الذي جعل صدام يتصدر قائمة الشك هذه هو صدام نفسه،
فتاريخه السياسي كان كارثياً بكل ما للكلمة من معنى. إنه تسبب بحربين
دوليتين، واستخدم الأسلحة المحظورة فيهما لا سيما ضد شعبه، وتسبب في
كوارث إنسانية وبيئية لا حصر لها، وقتل مئات الآلاف من العراقيين
بطريقة مروعه، وتعامل بطريقة غير عقلائية، بل صبيانية مع كل قرارات
الأمم المتحدة التي صدرت بعد اجتياحه لدولة الكويت، ولم يمّكن لجان
التفتيش التي تشكلت بموجب قرارات وقف إطلاق النار في حرب الخليج
الثانية من أداء عملها بشكل سليم، بل لجأ إلى أسلوب المراوغة والخداع
رغم احتراق خياراته كلها ولم يبق لديه سوى التعاون مع الأمم المتحدة،
الأمر الذي يحيطه بدائرة شك قوي، فالذي يريد أن يتعاون مع الأمم
المتحدة لا يبتكر الوسائل لتضخيم المخاوف وإثارة الشكوك، وقد رأى
الجميع كيف تعاونت ليبيا مع المنظمة الدولية وتخلصت من برنامجها النووي
ولم يجرؤ أحد على القول أنها تكذب. ولكن صدام كان على الضد من ذلك
تماماً فهو سعى باستمرار لإثارة الشكوك حول برنامجه، أو لنقل حول سلوكه
ونواياه، فهو لم يكن حسن التصرف مع المفتشين الذين يمثلون المنظمة
الدولية، وطالما منعهم من دخول مواقع هي في الأصل خالية، ولكن تصرفاته
المثيرة هي التي ضخمت الشكوك حوله، وربما اهتم صدام دائماً بتضخيم قوته
لردع الآخرين في الداخل والخارج، ولكن النتائج جاءت عكسية هذه المرة،
فحتى المفتشين لم يتمكنوا من إثبات براءته والدفاع عنه قبيل الحرب التي
أسقطته!
الموقف العربي من الحرب
انطلاقاً من دعاوى المشتركات بين العرب والتي
تعلمناها في كتب المدرسة ينبغي أن نبحث عن الموقف العربي من العراق قبل
الحرب، وليس الموقف العربي من الحرب فقط، والواقع أن هذا الموقف كان
مجحفاً لأبعد الحدود بحق الشعب العراقي، وسأدعي عدم معرفتي الأسباب
الحقيقية وراء وقوف العرب موقفهم السلبي ذاك، وأكتفي بالإشارة إلى أنه
يقال مرة ــ والعهدة على القائل ــ أنها تعود لحالة الخواء في الجسد
العربي، وأخرى يقال أنها تعود لأسباب طائفية تتعلق بالتركيبة المذهبية
للشعب العراقي، وبين هذا وذاك هناك من يقول غير ذلك، وأي كانت الأسباب،
فالذي حصل أن الدول العربية منفردة أو متمثلة بالجامعة العربية لم تقف
مع الشعب العراقي حتى عندما تبين للعالم أجمع فجاجة نظام صدام وبعده عن
كل قيمة أخلاقية، وحتى بعد أن ارتكب جريمته التاريخية بحق دولة الكويت
وشعبها، وهي سابقة لم تحدث من قبل في الوسط العربي وكان يفترض أن تدفع
الجامعة العربية نحو سلوك جدي في التعامل مع نظام متوحش وخارج على كل
الأعراف والقوانين ومواثيق الجامعة العربية قبل الأعراف الدولية، ولكن
لم يحصل أي تغير ملموس في الموقف العربي من هذا النظام، وكان ينتظر من
الدول العربية مثلاً أن تعلق عضويته فيها، غير أن المفارقة أن
العراقيين هم الذين عُقبوا من قبل أشقائهم العرب، فبدل أن تطرد الدول
العربية سفراء نظام غير شرعي سجل العراقيون رفضهم له في انتفاضة آذار
الواسعة، طردت الدول العربية المعارضين العراقيين من أراضيها أو منعتهم
من الدخول إليها باستثناء دولة الكويت والمملكة العربية السعودية
وسوريا في زمن رئيسها الراحل حافظ الأسد، وبدا هذا الموقف العربي
معاقباً للعراقيين عن جرائم يرتكبها صدام وحده، وهو يعيد للأذهان ما
درجت عليه الدول العربية أيام الحرب العراقية الإيرانية، فآنذاك فرّ
بعض العراقيين إلى بعض الدول العربية ولكنها أعادتهم لصدام وسط اتهامات
بالخيانة من مثقفين وكتاب وسياسيين عرب!
هكذا هو الموقف العربي، عاقب العراقيين لأنهم رفضوا
الوقوف مع صدام في مغامراته قبل أن يغزو دولة الكويت، وعاقبهم بعد
الغزو.. حسبهم في العقاب الأول ضد صدام حين كان متستراً وراء شعارات
مغرية ولم تفضح بعد، بينما حسبهم في العقاب الثاني مع صدام..والنتيجة
بالنسبة للعراقيين واحدة، فلم يسجل موقف عربي قوي ضد صدام.
وبالعودة للموقف العربي من حرب الخليج الثالثة نجد
ذات الضعف وتلك الرمادية التي أوصلت العرب إلى أسوأ حال، فحين بدا أن
الولايات المتحدة وحلفاءها قد عزموا الأمر لخوض الحرب ضد صدام لإسقاطه،
لم يحضر الموقف العربي المطلوب، والذي لا يحيد عن مطالبة صدام بالرحيل،
فالعراق ليس ملكاً لصدام كما أن الدول العربية ليست ملكاً لحكامها..
بهذا الحل وحده كان يمكن أن نتجنب الاحتلال وقبله الحرب وخسائرها، ولكن
أشقاء العراق خذلوه مرة أخرى، ولو تبنوا بقوة مبادرة الشيخ زايد في
وقتها لكانوا قدموا خدمة جليلة للعراق وجامعتهم ولكن هذا لم يحدث!
وحين تُحاكم المواقف من زاوية بدوية يقال إن من حق
العرب بل من واجبهم الوقوف مع صدام ولو كان مخطئاً استناداً إلى
التفسير الجاهلي للقاعدة العرفية: أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. ولكن
هذه لم تحدث هي الأخرى، فأين هو الموقف العربي من حرب الإطاحة بصدام،
هل هو مع الأخير فيقف إلى جانبه تطبيقاً لميثاق الدفاع المشترك، أم هو
ضده فيقف مع الشعب العراقي ويسقط مبررات التدخل من أيدي الآخرين؟!
مواقف ما بعد الحرب
وأبرز التناقضات العربية برزت في مواقف ما بعد
الحرب... فبينما كان العراقيون يسقطون تماثيل الرئيس العراقي المخلوع
ويطوفون الشوارع تعبيراً عن فرحهم بالخلاص، وبينما هم يعيدون دفن مئات
الآلاف من ضحايا المقابر الجماعية التي عرّت نظام صدام وأثبتت للجميع
صدق ما كانت تصرح به المعارضة العراقية آنذاك ، بدأت الاتهامات العربية
بالعمالة وخيانة صدام تنطلق من مصادر رسمية وغير رسمية في الساحة
العربية وتوجه للعراقيين، وامتدت أصوات إعلامية وثقافية أخرى لتتهم
دولة الكويت أيضاً، فظُلم العراقيون مرة أخرى من أشقائهم، ووقع الموقف
العربي في تناقض آخر ومطب كبير، فالذين اتهموا الشعب العراقي واتهموا
الكويتيين بالخيانة والوقوف مع المحتل، لم يقفوا بوجه أحد لا سيما وبعض
أولئك يتحدثون من دولة كانت ومازالت مقراً رئيسياً للقوات الأمريكية في
الخليج ، وكثير منهم استلمت حكوماتهم مساعدات ضخمة من الإدارة
الأمريكية في وقت كانت الطائرات الأمريكية تمطر جيوب الرئيس العراقي
المخلوع بالقذائف والصواريخ.. ولم يقل أحد أن قابضي المساعدات قد باعوا
مواقفهم واستثمروا الأزمة العراقية لحسابهم!
مثلما لم يقل أحد أن شعباً خاض ثلاث حروب دولية
كبرى لم يعد باستطاعة أن يقاوم، فضلاً عن أنه فقد كل مبررات المقاومة
من أجل نظام غير عاقل وغير متزن.
التناقض الآخر الذي وقع فيه الموقف العربي بعد
الحرب هو عدم الاعتراف بمجلس الحكم العراقي بدعوى أنه تشكل في ظل
الاحتلال، وعلى الرغم من نزاهة أغلب أعضاء مجلس الحكم وكفاءتهم وتمتعهم
بتاريخ نضالي مشرف ومعروف للجميع يصر البعض على أنهم عملاء لأمريكا..
والحقيقة هي عكس ذلك تماماً فهؤلاء انبثقوا من مؤتمرات المعارضة
العراقية التي اجتمعت في لندن ومن ثم في صلاح الدين، وقد رفضت أمريكا
بادئ الأمر أن يكون للمعارضة العراقية أي دور بعد سقوط صدام وأرادت أن
تكتفي بتعيين حاكم عسكري، وصار العسكري مدنياً ثم قبلت إشراك المعارضة
العراقية في الحكم، ومن واجب وحق العراقيين أن يشاركوا في رسم مستقبل
بلدهم، فالانسحاب يعني الفوضى والاقتتال والفرقة في بلد لم يعد قادرا
على احتمال مآزق أخرى .
و فضلاً عن ذلك فقد عارض هؤلاء صدام ورفضوه أيام
كان مقبولاً من قبل أمريكا!
ولنفترض أنهم معينون من قبلها، فأيهم أسوأ، إسرائيل
أم أعضاء مجلس الحكم، وأيهم أجدر بالقطيعة المُعيَّن ــ بفتح الياء ــ
أم المُعيٍن ــ بكسرها ــ فلو كان للسادة العرب خصام حاد مع أمريكا
لرأيناهم قاطعوها اقتصادياً أو سياسياً أو دبلوماسياً، ولكننا نسمع
طقطقة القبلات الساخنة من وقت لآخر بين السادة الرسميين العرب وبين
المسؤولين في البيت الأبيض. كما أن العلم الإسرائيلي يرفرف بزهو في
عواصم عربية رفعت عقيرتها بالعداء للعراقيين والكويتيين بحجة مساعدتهم
أمريكا وإتيانهم بإسرائيل إلى المنطقة وكثير من الدول فتحت أسواقها
للبضائع والتجار الإسرائيليين!
الموقف العربي مما يسمى بالمقاومة
العراقية
التناقضات إذن صارت سمة بارزة في المواقف العربية
وهي علامة عجز وإمارات موت وما حدث أخيراً في تونس يؤكد أن الجامعة
العربية تعاني انفصاماً حاداً في شخصيتها، ومن بين ما حدث أن تقدمت
دولة عربية بورقة عمل لإدانة الأعمال (الانتحارية) ضد اليهود في فلسطين،
وليس هنا محل الاعتراض فلا شك أن هذه الأعمال تأتي في إطار العنف
والعنف المضاد وهي تطال الأبرياء ولا تميز بين طفل وامرأة وشيخ مسن،
الأمر الذي يتناقض مع أخلاقيات الحرب التي سنها إسلامنا الحنيف. ولكن
الاعتراض هو في أن يدان قاتل الإسرائيليين ولا يدان قاتل العراقيين،
حتى بدا أن معظم العرب قد اتفقوا على إبادة هذا الشعب وإفنائه، وإلا
فماذا يعني تجاهلهم المحنة العراقية لأكثر من عشرين عاماً، وماذا يعني
تجاهلهم لها الآن؟!
مئات الأبرياء من العراقيين سقطوا على يد إرهابيين
يصر الإعلام العربي إلا أن يسميهم بـ(المقاومة) ، بينما استهدفوا
العراقيين أكثر من استهد افهم قوات التحالف، والغريب أن وسائل الإعلام
العربية تبرر هذا القتل الشنيع بحق العراقيين بحجة أنه كان يستهدف قوات
الاحتلال ولكن صادف مرور عراقيين في مكان الحادث فأصيبوا أو قُتلوا!!
تبرير يحتاج إلى علامة تعجب بحجم التناقضات العربية
وإلا فهل حياة الناس رخيصة إلى هذا الحد؟ وهل استهداف المصلين ورجال
الدين وعمال الخدمات وبيوت السكان أمر جاء بالصدفة؟
وهل قتل الإعلاميين العراقيين عمل موجه ضد قوات
التحالف؟
حين قتل إعلاميون يعملون لحساب بعض الفضائيات
العربية بنيران قوات أمريكية، أقام الإعلام العربي الدنيا ولم يقدها،
واعتبر ذلك انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، ولكن حين يُقتل إعلاميون
عراقيون على أيدي الإرهابيين لم نسمع إدانة من أحد!
العراقيون فرحون
أتمنى أن لا يفهمني السادة القراء أنني أدافع عن
أحد أو أتحامل على أحد، ولكنني أرى الواقع كما هو ودون عقد، فالنظر
للآخرين من خلال التاريخ أو من خلال مواقف مسبقة هو العقدة بعينها،
ونحن ننظر إلى الآخرين عموماً وإلى الغرب خصوصاً من خلال الحروب
الصليبية، ومن خلال فترة الاستعمار ولا نريد أن ندرك أن العالم يتغير
والأفكار والمواقف تتغير بتغير الناس، فالمضطهدون السياسيون في عالمنا
العربي يفرون إلى الغرب، وحين يمتلئ بعضهم عافية ينسى همومه التي دفعته
للهجرة ويبدأ بشتم الغرب في عقر دارهم ومن خلال فضائيا تهم، ويعود إلى
بيته وربما يسأل أقرباءه أو عائلته عن أدائه دون أن يخشى انتقام السلطة
منه، وهو يعلم أنه لو كان في دولنا المستبدة لما عاد إلى بيته مطلقاً
..
في العراق اليوم يشعر الناس بالارتياح لأنهم تخلصوا
من نظام خاض ثلاثة حروب دولية في ثلاثة عقود ..
وكان أفضل طبعاً لو تخلص العراقيون من نظامهم
بطريقة أو بأخرى على يد أشقائهم العرب.
ولكن ما يعكر هدوء العراقيين هو هذه العمليات
الإرهابية ، وإن كان الوضع ليس كما تصفه بعض الفضائيات العربية،
فالعراقيون يمارسون حياتهم بشكل معتاد، ليس بصورة طبيعية جداً ولكنهم
اعتادوا على حياتهم هذه، وهم أفضل حين يقارنون وضعهم الآن بما كانوا
عليه في السابق، فالذي يهدد أمنهم قبل الحرب هو السلطة، والسلطة
الظالمة قوية ومخيفة، بينما الآن هم يخشون عمليات عشوائية، ولكنهم
أحرار في السفر بين مدنهم وفي ممارسة شعائرهم ، لا يخشون الرفيق الحزبي
ولا يضطرون للانخراط في ميليشيات السلطة، ولكن مما يؤسف له أن الذي
يهدد العراقيين هو من أبناء جلدتهم يريد اختصار الطريق إلى الجنة
بتفجير نفسه بينهم وهم يصلون، أو حين يؤدون شعائرهم الدينية، فهل هذه
هي المقاومة، أم أن هناك أسباباً أخرى لهذا القتل المجنون؟!
Abbas_sm89@hotmail.com |