من اجل الوصول الى زبدة المخاض والخروج من ازمة
قائمة، لابد اذن من التعاطي مع التأريخ لارتباطه بقرارات وتداعيات
الحاضر. وعلى هذا الاساس فان البحث لن يقتصر على الاراء الشخصية
القابلة للطعون والاخذ والرد بقدر ما يجب الاحتكام الى القرارات
والاحداث التي تمت وتبلورت فيما بعد الى واقع لا زلنا نعاني منه جميعا.
سنحتكم الى ممارسات فعلية وخطوات سلبية حذّر منها في السابق الكثيرون
ولكن لسوء الحظ والطالع لم تجد الاذن الصاغية ممن يجلسون على الطرف
الاخر من الطاولة! حيث كانت الشعارات البّراقة واللافتات الثورية قد
طغت للتو على اي صوت عقلائي ينادي بضرورة التفكر والتدبر وعدم الاسراع
في تقرير مصير امة. وفي هذا التحقيق او البحث المقتضب سنحاول ما
اسعفتنا الذاكرة فيه ان نعتمد على منطق الرياضيات في عرض المشكلة
وايجاد الحلول المتاحة لها.
الاخطاء:
صلاح الدين 1 وصلاح الدين 2:
عقدت ما كانت تسمى المعارضة العراقية وقتذاك
وتحديدا في عام 1992 مؤتمرا لها في شمال العراق اطلق عليه مؤتمر صلاح
الدين. سيطر على مجمل فعاليات هذا المؤتمر مراكز قوى ميدانية ثلاث هي
المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق بقيادة الشهيد محمد باقر
الحكيم، والقيادتين الكورديتين بزعامة السيد مسعود البرزاني والسيد
جلال الطالباني، وزعيم المؤتمر لاحقا الدكتور احمد الجلبي. وتمخض عن
اللقاء تشكيل (المؤتمر الوطني العراقي) والذي انشأ بدوره مرجعيات اربع
هي الجمعية الوطنية، والمجلس التنفيذي، والهيئة الاستشارية، والهيئة
الرئاسية. وتم في ذلك المؤتمر اقرار مبدأ (المحاصصة الطائفية المذهبية
والقومية)! حيث اعطي الشيعة 50% والاكراد 25%، بينماكانت حصة السنة 20%
وتركت الخمسة المتبقية لبقية الطوائف والقوميات والاديان. وهذا هو في
النهاية تقسيم بين الطائفتين المسلمتين الشيعة والسنة خصوصا اذا ما
اخذنا بنظر الاعتبار في نهاية المطاف ان اغلبية الاكراد هم ذوو اصول
سنية وخصوصا اولئك الذي يملكون سلطة القرار الكوردي. وانتهى المؤتمر
على هذه الشاكلة وترك الامر لحوالي العشر سنوات والى ان جاء مؤتمر صلاح
الدين الثاني.
لم يحضر مؤتمر صلاح الدين 2 الذي عقد عام 2003
اغلب الفصائل العراقية المعارضة لسلطة البعث العراق واكتفى الحاضرون
بتوزيع المناصب ايضا بينهم وبناء على ما اقروه في مؤتمر صلاح الدين
الاول الانف الذكر! فاستأثر المجلس الاعلى بحصة الشيعة وأكد الاكراد
حضورهم الفاعل ودعوتهم الى الفيدرالية، وكان للدكتور احمد الجلبي زعيم
المؤتمر الوطني العراقي حضورا لابأس به. شكّل الحاضرون ما يسمى (قيادة
المعارضة العراقية) التي اعتبرتها الادراة الامريكية انذاك "مبالغة
سياسية" على حد تعبير سفيرها لدى المعارضة العراقية الافغاني الاصل
السيد زلماي خليل زادة.
مؤتمر لندن:
من المهم هنا الاشارة الى ان مؤتمر صلاح الدين
الثاني قد جاء بعد ان عُقد (مؤتمر لندن) والذي قاطعته احزاب وتشكيلات
عراقية لها وزنها في الوسط العراقي المعارض والمناهض لديكتاتورية بغداد،
حيث كان حزب الدعوة الاسلامية على راس قائمة المقاطعين. في هذا المؤتمر
ايضا لم يكن هنالك مفر من اقرار مبدأ (المحاصصة) فيه والسير على نفس
الخطى السابقة رغم دعوات الاعتراض من الاخرين سواء من داخل النسيج
العراقي المعارض او من خارجه؟! وبعد اقرار ما سمي بلجنة التنسيق
والمتابعة حصل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق على 20 مقعدا
وهي حصة الاسلاميين ومن ضمنها حصة السنة والمقدرة بـ 5 مقاعد، بينما
تقاسم الفصيلين الكورديين الـ 10 مقاعد المخصصة لهم مناصفة. واكتفت
الاحزاب الاخرى بواقع 4 مقاعد لكل منها وهي على التوالي: المؤتمر
الوطني بقيادة الدكتور احمد الجلبي، وحركة الوفاق بقيادة الدكتور اياد
علاوي والحركة الملكية بقيادة الشريف علي بن الحسين. ووسط اعتراضات من
بقية الاطراف المعارضة لم يحصل المستقلون على المقاعد التي يستحقونها
ويصبون اليها.
المؤتمر الشيعي:
عقد بعض رموز الشيعة مؤتمرا لهم في العاصمة
الايرانية طهران مباشرة بعد انتهاء مؤتمر صلاح الدين الثاني. وهذا بحد
ذاته كان مدعاة لتندر البعض وانتقادات البعض الاخر اللاذعة للمؤتمرين
والقائمين عليه! حيث اتفقت الاطراف المنتقدة للمؤتمر على خطء الدعوة
لعقد مثل هكذا مؤتمر وفي توقيت غير مناسب فضلا عن الاختيار الغير موفق
من ناحية مكان الانعقاد. وخرج المؤتمرون ليثبتوا حقوق الشيعة الضائعة
والمصادرة من قبل الحكومات السالفة. يقول احد المنتقدين ان شيعة العراق
هم اكثرية وليس ثمة حاجة لعقد مثل تلك المؤتمرات التي ربما تكون موفقة
وذات جدوى لطوائف وتجمعات تشكل اقلية في المجتمع.
هذا المؤتمر وغيره لفت انظار وتطلعات الطائفة
السنية في العراق التي اخذت تنظر الى الامور بتوجس وكأنها ستفقد كل شئ
بمجرد زوال صدام حسين! فترائى لها حجم التغييب الذي سيحصل لو تمت عملية
الاقصاء واستأثر الشيعة والاكراد بالدولة العراقية الجديدة؟!
النتائج:
التصريحات الغير مسئولة توّلد
الارهاب:
لاشك وبعد الاطاحة بالحكم البعثي في العراق كان
لابد ان تبرز على الساحة السياسية العراقية قوى لم تكن معروفة على
نطاقها الواسع قبل اليوم. فظهرت تشكيلات حتمتها ضرورة المرحلة من جهة
وغياب الضغط والقمع من جهة اخرى فكان ابرزها التيار الصدري بقيادة
السيد مقتدى الصدر. وفي الوقت الذي ازدادت فيه التحركات الشيعية على
المستوى السياسي والميداني فان الطائفية السنية هي الاخرى بدأت تنظر
الى الامور بتوجس ورعب بسبب التصريحات التي كان يضخها بعض القادة
الشيعة السياسيين في الشارع العراقي من قبيل التركيز على مسألة
الاغلبية وضرورة الاحتكام الى رأي الغالبية. وان كان هذا الكلام
عقلانيا وصحيحا الى حد ما الا انه لم يكن ليخرج من وجهة نظر المقابل عن
دائرة ترسيخ الطائفية والاستئثار بكل شئ! فاخذت بعض الوجوه السنية ترتب
بيتها الداخلي وتلملم بقاياها لتدخل وبقوة في الشارع العراقي ومن ثم
لتؤثر في قرارات ومناقشات مجلس الحكم لاحقا. فتشكلت (هيئة علماء
المسلمين)، و جماعة (اهل السنة والجماعة)، و (مجلس الشورى والجماعة)
وغيرها من التجمعات الاخرى وتحت مسميات عديدة تنادي باحقيتها في قيادة
الامة الاسلامية دون غيرها. بل وتطور الامر الى العصيان المسلح من بعض
الفئات المحسوبة على التيار السني العراقي، فتشكلت ما تسمى (الجبهة
الوطنية لتحرير العراق) تحت ذريعة مقاومة الاحتلال بنفس قومي عربي.
بينما تشكل ما اطلق على نفسه ( جيش انصار السنة) الذي فضّل رفع راية
الجهاد والاسلام والمناداة بالعودة الى السلف الصالح حسب ما يدعون. وفي
كلا الحالتين فقد كان الشيعة والاكراد كالعادة هم من يدفعون ثمن تلك
التكتلات والتشكيلات الطائفية المتعصبة. فلم يهدأ العراق منذ سقوط صدام
من الاعمال الارهابية التي لم تميز بين المدرسة والمستشفى وبين الجندي
الامريكي والشرطي العراقي وبين المواطن العراقي وغيره. الجدير بالذكر
ان اغلب عناصر منظمة انصار السنة هم من العرب الذي قدموا من خارج
الحدود وتحديدا من سوريا والاردن ومن جنسيات عربية مختلفة.
المنافع الفئوية:
حاول كل طرف (الشيعة، السنة، الاكراد) اثبات
وجوده سواء اكان عن طريق تهييج الشارع الذي يتمركز فيه الانصار الكثر
او عن طريق ممارسة لغة التهديد والوعيد والانسحاب من كل الاتفاقات او
عن طريق التلويح باتباع سياسة شمشون! وهذه الاخيرة شكّلت هاجسا لدى
القيادات الشيعية والسنية على السواء من ضرورة مجاراة القيادة الكوردية
في مطالبها خصوصا وان الشمال العراقي مستقر منذ العام 1991. اي ان
الخاسر الوحيد في معادلة عدم الرضوخ للمطالب الكوردية هم الشيعة والسنة
وباقي الطوائف التي هي اصلا خارج حدود ما يسمى بكوردستان العراق.
مجلس الحكم:
بعد الاطاحة بحكم البعث العراقي وسقوط بغداد في
9 نيسان من عام 2003 وبالتشاور مع القوات الامريكية المحتلة تشكل ما
يسمى بمجلس الحكم الانتقالي. حيث تم اختيار 25 شخصية تمثل اغلب
التيارات العراقية التي كانت متواجدة في الخارج وتطعيمها بشخصيات لها
ارث سياسي دون الميداني لاضفاء الشرعية من جهة وتهدئة اطراف داخلية
واقليمية من جهة ثانية.
وجاءت المحاصصة مرة اخرى، فأعطي الشيعة بغض
النظر عن الاسلاميين او العلمانيين 13 مقعدا، وحصد السنة 10 مقاعد كانت
4 منها للسنة الاكراد و 6 للسنة العرب، بينما اكتفى التركمان بمقعد
واحد فقط وكان المقعد الاخير للمسيحيين الاشوريين.
هذا النمط من التقسيم مهّد لنوع اخر من الخلافات
داخل اروقة المجلس. فبعد الخلافات حول مواد الدستور المؤقت وما سبقها
من التحضير للانتخابات النيابية والرئاسية وانقسام الشارع العراقي
بشأنها، طفت الى السطح اتهامات وتراشق تصريحات حول ادخال فقرات ما كان
لها ان تكون ضمن ما سمي بقانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة
الانتقالية. فكانت صلب الخلافات الفقرة (ج) من المادة (61).
حيث تنص هذه الفقرة على الاتي:
(يكون الاستفتاء العام ناجحا، ومسودة الدستور
مصادقا عليها، عند موافقة اكثرية الناخبين في العراق، واذا لم يرفضها
ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات او اكثر).
هذا بحد ذاته اعتبرته الاغلبية بطريقة او باخرى
وصاية لاي ثلاث محافظات على مجمل الاستقرار والحياة السياسية العراقية
واستقرار العراق الدستوري مستقبلا. ففي الوقت الذي رفض الاعضاء الشيعة
التوقيع عليها استنفر القادة الاكراد الشارع الكوردي وهددوا بمراجعة
مواد الدستور باجمعها وكتابته مرة اخرى وفقا للمصالح الكوردية التي
يقولون انهم قد تنازلوا عن الكثير منها. وهنا اضطر المعترضون وعددهم
احد عشر عضوا على التوقيع في نهاية المطاف رغم تحفظاتهم التي سجّلوها
فيما بعد في مذكرة الى كافة اعضاء مجلس الحكم للاطلاع.
المشاكل الدستورية:
هل يمثل القانون الانتقالي الطموح الحقيقي الذي
كان يتوق اليه الشعب العراقي نحو الحرية والديمقراطية؟
هل يعطي هذا الدستور مصداقية لمسيرة الاصلاح
والمشروع الديمقراطي الذي تقوده الولايات المتحدة في منطقة الشرق
الاوسط؟
ماهي الاخطار الحقيقية التي يتضمنها هذا الدستور
على مستقبل العراق واستقراره وتحقيق الديمقراطية فيه؟
كيف يمكن اسقاط المواد السلبية لهذا الدستور
التي قد لاتمثل طموحات الشعب العراقي؟
وقبل الاجابة على تلكم التساؤلات ينبغي لنا ان
نعرف ماهي هذه المواد التي احتواها (قانون ادارة الدولة للفترة
الانتقالية) والتي تصب في خانة غير خانة المصلحة الوطنية ولاتؤدي الى
الغرض المنشود وهو وحدة العراق ارضا وشعبا. ومن ثم استقرار العراق كبلد
عاني الامرين.
1. العراق والعزلة القومية: المادة السابعة،2.
الفقرة (ب): (العراق متعدد القوميات والشعب العربى فيه جزء لا يتجزأ من
الامة العربية).
ولو اعتبرت المسألة على الشكل الاتي لكانت اولى
"الشعب العربي في العراق هو جزء من الامة العربية، والقوميات الاخرى في
العراق هي جزء من مكونات الشعب العراقي". ولو كتبت تلك الفقرة على نحو
"دولة العراق جزء من الامة العربية" من دون التطرق الى مسألة الشعب
التي كانت مثار ضجيج واعتراضات من قبل القوميات الاخرى التي تعتز
باصولها كما العرب، لكانت اهون.
3. فيتو الاقلية على رأي الاغلبية: المادة 61
الفقرة (ج): (يكون الاستفتاء العام ناجحا،4. ومسودة الدستور مصادقا
عليها،5. عند موافقة اكثرية الناخبين في العراق،6. واذا لم يرفضها ثلثا
الناخبين في ثلاث محافظات او اكثر). وهذه الفقرة بطبيعة الحال ستكون
عائقا امام اي تقدم من شأنه ان يعجل برحيل قوات الاحتلال وعودة المجتمع
الى حياته الطبيعية. خصوصا لو علمنا ان بعض المحافظات لا يقطنها الا
اقلية من حيث التعداد السكاني مقارنة بنفوس العراق ككل. وفي النهاية
ستكون الحياة الدستورية العراقية لاحقا بمواجهة هذا الفيتو الذي يمثله
لربما اقل من مليون شخص معترض امام ثلاثة عشر مليون مواطن مؤيد على
الاقل. وفي النهاية فهذه الفقرة ستضع البلاد حتما في حالة انتقالية
دائمة.
7. تقييد الشرعي باللاشرعي: المادة الثالثة
البند (أ): (ان هذا القانون يعد القانون الاعلى للبلاد ويسري مفعوله
على انحاء العراق كافة،8. ودون استثناء،9. ولا يجوز تعديل هذا القانون
الا باكثرية ثلاثة ارباع اعضاء المجلس الوطني واجماع الرئاسة). وهذه
المادة غير شرعية وغير منطقية! فكيف من يستمد شرعيته من الشعب فيما هو
الجمعية الوطنية ان يخضع لقانون وضعته مجموعة منصّبة من قبل الاحتلال
وغير منتخبة من الشعب فيما هو مجلس الحكم؟ هذا فضلا عن ان القانون انما
هو قانون مؤقت اي ان مواده يجب ان تكون سارية للفترة الانتقالية
المحددة وليست سارية المفعول ما بعد ذلك.
10. الدين والدولة: المادة السابعة،11. الفقرة
(أ): (الإسلام دين الدولة الرسمي ويعد مصدرا للتشريع): وهنا يكون
الاسلام وفقا لتلك المادة مصدرا واحدا حاله كحال بقية المصادر والمراجع
الوضعية. بعبارة اخرى ان الحكومة الجديدة يمكن ان تنتقي من الاسلام ما
يتماشى مع مصالحها والاخذ بتشريعات اخرى من مصادر اخرى تتعارض مع روح
الاسلام لربما. وهنا لايمكن الاعتراض حيث تؤكد المادة بان الاسلام ليس
المصدر التشريعي الوحيد للدولة.
12. المخفي والمعلن: المادة الثانية،13. الفقرة
(ب)،14. البند الاول: (المرحلة الاولى تبدأ بتشكيل حكومة عراقية ذات
سيادة كاملة تتولى السلطة في 30 يونيو 2004. وتتألف هذه الحكومة وفق
عملية تداول واسعة النطاق تسهلها الامم المتحدة ويقوم بها مجلس الحكم
وادارة الائتلاف المؤقته مع الشعب العراقي. ان هذه الحكومة ستمارس
السلطة بموجب ملحق يتفق عليه ويصدر قبل بداية المرحلة الانتقالية ويكون
جزءا لا يتجزأ من هذا القانون). وعلى الرغم من ان هذا الملحق سيحدد
الكيفية التي ستمارس الحكومة القادمة على ضوءه صلاحياتها الا انه ملحقا
لايعلم عنه الشعب العراقي ولا عن مضمونه شيئا!
الحلول الممكنة:
وسط هذه المعمعة والكم الهائل من المتراكمات
والتوجسات وانعدام الثقة بين الاطراف المتعددة الاديان والاعراق
والاثنيات، ترى هل من الممكن ايجاد الحل الذي يقنع جميع الاطراف ويرضي
كافة الفصائل؟!
من المؤكد انه ليس ثمة حل واحد ترتضي اليه
الاطراف جميعها ولكن يمكن الاخذ بمجموعة من الخطوات الجادة نحو التقارب،
لاسيما لو كان هنالك فعلا ارادة وطنية، وشفافية في التعامل على اساس
المصلحة العليا للوطن والشعب العراقي ككل، وليس من اجل مصلحة وقتية او
شعارات حزبية او منطلقات قومية بحتة. فالجميع بحاجة الى تبادل ثقة
واطمئنان وهذه الخطوات على سبيل المثال لا الحصر هي:
تبادل الثقة وفقا للعمل الميداني وليس على اساس
الشعارات البراقة والخطب الرنانة.
اسقاط مبدأ المفاضلة بين المواطنين واعتماد مبدأ
الشراكة في الوطن الواحد.
اعطاء الفرصة المتاحة للشعب العراقي لان يعبّر
عن رأيه وقناعاته وفق ما يراه مناسبا للفترة الانتقالية والدائمة معا.
تفعيل المؤسسات المدنية واحتضان الرأي الاخر
وافساح المجال للاخرين للتعبير عن همومهم وتطلعاتهم اسوة بمن يملكون
سلطة القرار.
الابتعاد ما امكن عن الشعارت القومية او الدينية
التي من شأنها ان تستفز الطوائف والاقوام الاخرين، بما في ذلك الرموز
والاوصاف.
تفعيل الحوار العربي الكوردي، والشيعي السني،
والاسلامي المسيحي، وغيره من الحوارات الجادة للاطلاع على وجهات نظر
الاخرين واحترامها ومحاولة فهم كل طرف لمطالب وتوجسات الاخرين.
الابتعاد عن صيغ المحاصصة الطائفية او القومية
وانشاء لجنة مستقلة خاصة تعنى بامور البحث عن الشخصيات النزيهة للعب
دور فاعل في الحياة السياسية المستقبلية، وذلك تبعا لاستقلاليتها
وكفائتها وليس على اساس انتمائها الحزبي او الطائفي او القومي. اي
اعتبار منطق المواطنة الصالحة هو السائد وتفعيل لغة القانون الذي لايجب
ان يعلو على قراراته احد ايا كان.
الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية
والتنفيذية.
تنظيم قوانين الاحزاب والصحافة والهيئات
والتجمعات والاندية.
مساندة المؤسسات الاهلية المستقلة ودعمها ماديا
ومعنويا.
احترام خصوصية كل طائفة في اداء شعائرها الدينية
التي يجب ان تكون مصانة دستوريا.
وفي نهاية المطاف ربما يعتبر قانون ادراة الدولة
للمرحلة الانتقالية قفزة نوعية في تأريخ العراق الحديث منذ تأسيس
الدولة العراقية، الا انه من المؤكد لم يكن بمستوى طموح كل مواطن عراقي
عانى ما عانى من السلطات الشوفينية المتعاقبة على سدة الحكم. لكن هل
يعني هذا رميه في سلة المهملات؟ شخصيا احبذ واؤكد على ضرورة مراجعة كل
مواد الدستور هذا فقرة فقرة وبما يتناسب مع مصلحة العراق دولة وشعبا
وبما يحفظ الوحدة الوطنية واللحمة الجماهيرية. مراجعة الفقرات الخمس
اعلاه ودراستها دراسة موضوعية محايدة يعيد الكثير من الثقة المتبادلة
بين مكونات الشعب العراقي وموزائيكه الفريدة. اما لو استمر الدستور على
هيئته الحالية فحتما ستكون تلك الفقرات الخمس مطبا يهدد بكوارث
مستقبلية وتنبأ باشكالات هوية المواطن العراقي وربما تقود الى قطيعة
اهلية لتنتهي الى انقسامات طائفية وتكتلات قومية تمزّق النسيج العراقي
الموحد. خصوصا اذا ما اخذنا بالاعتبار انها ستسقط حتما اذا ما اخذ
الشعب العراقي زمام المبادرة باعتباره مصدر الشرعية والقرارات والسلطات.
تحقيق بقلم: رياض الحسيني/ كاتب
عراقي
www.geocities.com/numnmat |