قراءت لك فى كتاب (بغداد-مدينة السلام) لمؤلفه
البريطاني (ريتشارد كوك) الذي ترجمه الى العربية المرحوم الدكتور مصطفى
جواد و فوءاد جميل مايلي:
وجاء بغداد في أيام (أحمد
باشا الكبير) فى عام 1740 ميلادية شاب عربي
من نجد يدعي (محمد بن عبد الوهاب) في طلب علم الدين. ثم ذهب منها الي
دمشق وغيرها من المدن لاتمام دراسته. وبعد أن
أدى فريضة الحج
عاد الي موطنه يبشر الناس بعقيدة تنامت رويدا رويدا قي ذهنه وهي
تدعوا الى العودة الى عقائد الاسلام الاصيلة، وانها في حرب شديدة على
الاصنام وتقديس الاولياء. واستطاع ان يحصل على عون من شيخ نجدي يدعى (محمد
بن سعود) وهو من اهل الدرعية (تزوج ابنة الشيخ فيما بعد).
وهكذا استندت قوة الوهابيين الى سندين:
دنيوي وروحي، وسرعان ما غدت قوة لها تاثير فى الشئون العربية وذات
تهديد لكل من لا يستجيب الى قوتها غير المتسامحة. وسرعان ما جاس خلال
الاسواق فى جنوبي العراق طراز جديد من الدعاة الذين يرون عقائد الحضر
من السنة والشيعة معا شبه كفر. واصبحت للوهابيين غارات تترى على عامة
العشائر العراقية القاصية وصارت الغارات حديث الناس كل يوم.
وحطوا على اعلامهم شعارات دينية. وفى نيسان
عام 1801 و بينما كان اهل كربلاء خارجين الى زيارة النجف ظهر الوهابيون
خارج المدينة واستطاعوا ان يخترقوا تحصيناتها الواهنة وبلغوا مشهد
الحسين وجردوه من المعاليق الغالية وصفائح الذهب والفضة والاحجار
الكريمة والسجاجيد النفيسة التى لا تقدر بثمن وتلك هي مجموع نذور
الشيعة الموسرين فى عدة قرون. وقتل الوهابيون كل من قاومهم بفظاعة حتى
داخل المشهد المقدس وما تيسرت النجدة الا كان المغيرون قد تركوا
المدينة بعد نهبها واحراقها واوغلوا فى الصحراء.
وقال ياسين العمري فى (الدر المكنون) فى حوادث
1800 ميلادية:
قدم الى بغداد قافلة من نجد ومعهم فرسان وهابيون
فباعوا ما معهم وعادوا ومعهم الحجاج العراقيين فلما وصلوا المشهد (النجف)
وجدوا عرب الخزاعل وفيهم امير يقبل عتبة الامام علي (رض) وانقض وهابي
على الامير فقتله ثم تقاتل الفريقان بالسيوف وضرب الرصاص فقتل من
الوهابيين ومن معهم نحو مائتين ومثلهم من الخزاعل ونهب الوهابيون
أموال الحجاج الذين عادوا الى بغداد دون ان
يحجوا.
و قال ياسين العمرى فى حوادث عام 1801 ميلادية
(1226 هجرية):
وفيها يوم الجمعة ثامن عشر ذى الحجة قدم ركب
الوهابي فى ستة عشر ألف مقاتل على غفلة وأغاروا
على مشهد الحسين (رض) صباحاً ودخلوا المشهد
و قتلوا من وجدوا و نهبوا وسلبوا وهدموا قبر الحسين (رض) وأخذوا
ما فيه من البسط والاموال.
وقال فى (غاية المرام): و فى هذه السنة قدم ركب
الوهابي واغاروا على مشهد الحسين (رض) ثامن
عشر ذى الحجة وقتلوا جميع اهل المشهد وهدموا القبة ورحلوا من يومهم
بالغنائم. وجملة من قتل ثمانية آلاف رجل وامراة و غلام، وقيل خمسة آلاف.
وقال أمين بن حسن
الحلواني فى (مختصر مطالع السعود) فى حوادث 1801 ميلادية : اغار فيها
سعود بن عبد العزيز الوهابي العراق وحاصر كربلاء واخذها بالسيف عنوة
وغنم جميع ما كان فى مشهد الحسين من الذهب والفضة ما لا يتصوره العقل.
وباموال كربلاء استفحل امر سعود وطمع فى ملك الحرمين وشرع فى محاصرة
المدينة المنورة.
وقال المرزا أبو طالب
خان فى رحلته: حينما خرج معظم اتقياء كربلاء لزيارة مشهد النجف، رعفت
الصحراء بخمسة وعشرين الف وهابي وكانوا يتنادون بقولهم:
أقتلوا الشيعة، اقطعوا رقاب الملحدين.
فذبحوا السكان ونهبوا الدور شعثوا القبور وبقية ما فى المشهد وعادوا من
حيث اتوا فى افول الشمس. وقد قتل الوهابيون اثناء مكثهم فى كربلاء خمسة
الاف انسان وجرحوا عشرة الاف وحملوا معهم الذهب والفضة والاشياء
الثمينة.
|