ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

سفارات وطن

نــــــــــــــــزار حيدر*

لأول مرة في حياتي، أحضر حفل إستقبال تنظمه سفارة عراقية في العالم .

كانت المناسبة، إعادة فتح السفارة العراقية في العاصمة الاميركية، واشنطن. تصفحت وجوه الحضور ــ وكلهم، بالمناسبة، كانوا مواطنين عراقيين من مختلف شرائح المجتمع العراقي، ولم يكن فيهم حتى غريب واحد ــ وسألتهم، ما إذا كانوا يرتادون سفارات بلادهم في الماضي ؟، أجابوا بالنفي، وتبين لي أنهم مثلي، يشاركون لأول مرة .

حتى السفيرة العراقية الجديدة في واشنطن، السيدة رند الرحيم، أخبرتني أن آخر مرة زارت فيها مبنى سفارة عراقية، كانت في العام 1976 في العاصمة اللبنانية بيروت، عندما اضطرت لتمديد جواز سفرها العراقي، وأضافت ــ برهبة، وهي تتذكر الساعات التي قضتها مع موظف الأمن، الذي حقق معها وهو يهدد ويتوعد، فيما كانت تدور في مخيلتها صور ضحايا النظام المرعبة، من الذين قتلهم موظفون يعملون في السفارات العراقية في العديد من دول العالم ــ ؛ (لم أكن أتوقع وقتها أبدا أنني سأخرج سالمة من مبنى السفارة، وأرى النور وأشم الهواء ثانية، لولا أن تداركتني رحمة من ربي)، لأن الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، أضفت قائلا .

في الحفل، سألتني مراسلة صحيفة الواشنطن بوست الاميركية الواسعة الانتشار، التي حضرت الحفل لتغطية الخبر، عما يلفت نظري اليوم ؟، فأجبتها وأنا أجول بناظري على جدران القاعة التي اكتظت بالحضور المستبشر خيرا بالعهد الجديد ؛ (غياب صورة الطاغية الذليل صدام حسين، إذ لم يعد بيننا بعد اليوم)، ضحكت المراسلة وقالت ؛ (بالفعل، إنها ملاحظة تستحق التسجيل)، وقد سجلتها بالفعل، في تقريرها الخبري الذي نشرته في عدد الصحيفة ليوم الجمعة .

وكأغلب العراقيين في دول العالم، لم أكن في الماضي، أجرؤ على النظر ــ مجرد النظر ــ إلى مبنى السفارة العراقية، لدرجة أنني كنت أتحاشى السير على الرصيف الذي يقع فيه المبنى، فأسرع الخطى للانتقال إلى الجهة الأخرى من الشارع، كلما لمحت علم العراق يرفرف على مبنى من المباني، في دولة من دول العالم، ( سفارة كان، أو أي شئ آخر، لا فرق، إذ ليس هنالك متسعا من الوقت للتأكد ما إذا كان هذا المبنى سفارة للعراق، أم مكتبا للخطوط الجوية العراقية، فكل مؤسسات النظام في الخارج لا تختلف بمهامها، بعضها عن البعض الآخر)، خشية أن يلمحني أحد الموظفين بنظرة شك أختفي بعدها من الوجود، والى الأبد، لأن سفارات نظام صدام حسين كانت أوكارا إرهابية تنحصر مهامها في ملاحقة العراقيين في الخارج، لاغتيالهم أو اختطافهم ونقلهم بالبريد الدبلوماسي إلى مديرية الأمن العامة في العاصمة بغداد، ليلاقوا مصيرهم المحتوم هناك (القتل) .

فقد حصل ذلك لعدد كبير من المواطنين العراقيين، الذين أختطف بعضهم من الشارع، ليتم العثور على جثته مقطعة إربا إربا في كيس زبالة مرمي على قارعة الطريق، كما حصل للمواطن العراقي (نجم عبد الكريم) في السويد في العام 1983، أو على جثة محروقة ومشوهة من شدة التعذيب، ومن دون رأس ويدين، كما حصل للمواطنين العراقيين الطالبين في كلية الهندسة ( سامي محمد مهدي، ونعمة مهدي محمد) في الباكستان في العام 1987، أو في أفضل الحالات، كان يدس إليه السم، إذا ما تعذر قتله أو اختطافه ونقله إلى بغداد، ليعيش بقية حياته مشلولا لا يقوى على الحركة، كما حصل ذلك لصديقي العزيز الأستاذ صادق الشكرجي في العام 1984 عندما كان في زيارة تفقدية للجالية العراقية في السويد، إذ تمكنت عناصر من جهاز المخابرات العراقية العاملة في سفارة النظام في العاصمة استوكهولم، أن تصل إليه بطريقة ماكرة لتدس في طعامه سم الفئران القاتل، لولا أن من الله عليه بالحياة مرة أخرى، ليظل حتى الآن يعاني الشلل نصف التام، بسبب ذلك .

أما عمليات الملاحقة والمطاردة والقتل والاغتيال، فحدث عنها ولا حرج، وكأمثلة فقط، أتذكر هنا حالات اغتيال الشهداء، السيد مهدي الحكيم في العاصمة السودانية الخرطوم عام 1987، والشيخ طالب السهيل في العاصمة اللبنانية بيروت في العام 1996، والدكتور المتخصص في علوم الكيمياء أبو محمد حبش في العاصمة الإيطالية روما في العام 1984، عندما تمكنت المخابرات العراقية من محاصرته في شقته، ورميه من الطابق الثامن في العمارة التي كان يسكن فيها مع عائلته، إلى الأرض التي وصل إليها جثة هامدة، والسيد حسن الشيرازي في العاصمة اللبنانية بيروت في العام 1980، وغيرهم المئات .

وعلى ذكر ذلك، أتمنى أن يفتح المعنيون، ملف المتورطين في عمليات الخطف والقتل والاغتيال التي تعرض لها ضحايا النظام في دول العالم، سواء من عناصر النظام البائد، أو العملاء المتعاونين معه .

ولا أنسى أن أذكر، بهذه المناسبة، المهمة الثانية التي اضطلعت وتميزت بها سفارات صدام حسين، وهي شراء ذمم المثقفين والصحفيين وقادة الدول الصديقة والشقيقة، وزعماء الأحزاب الثورية جدا والتقدمية والديمقراطية، من خلال توزيع الهبات السخية عليهم، والتي اتخذت أشكالا مختلفة، مثل كوبونات النفط (والتي أعلن عن بعض أسرارها مؤخرا، والحبل على الجرار)، والفلل الفاخرة والسيارات الحديثة الفارهة، وفي أحيان كثيرة، صكوك الأموال التي كان يدفعها صدام حسين من حسابه الخاص ـ طبعا ـ، لأنه عودنا على أن لا يمد يده على المال العام أبدا ـ أعوذ بالله ـ .

لقد أساء نظام صدام حسين، كثيرا للعراق، عندما استغل النشاط الدبلوماسي الشريف في بلدان العالم، ووظف العلاقات الدولية والعمل الدبلوماسي، لخدمة أهداف لا إنسانية، من خلال تحويل سفارات العراق، إلى أوكار للتجسس وخلايا للإرهاب المنظم، وإدارة عمليات الخطف والقتل والاغتيال وشراء الذمم والضمائر الميتة التي باعت آخرتها بدنيا غيرها، بالمديح والتصفيق للقائد الضرورة وإنجازاته التاريخية والفريدة من نوعها، ومنها غزوه البربري والهمجي الأحمق للجارة الشقيقة الكويت .

بعض السفارات كان قد حولها إلى دولة داخل الدولة المضيفة، كما كان الحال في الكويت على سبيل المثال، والتي كان يعمل في طاقمها الدبلوماسي (150) عنصرا، قبل الغزو .

لقد كانت سفارات العراق في مختلف دول العالم، سفارات عصابة، وملاجئ للقتلة، وقواعد لأجهزة الأمن والمخابرات، ونقاط انطلاق لعناصر المنظمات السرية لتنفيذ عملياتها القذرة، بالإضافة إلى المافيات المتخصصة في السرقة والتهريب وحياكة المؤامرات ضد الدول المضيفة، كما كانت ملجأ لكل متزلف ومتملق ومداح للطاغوت .

أما هذه المرة، فنريدها سفارات وطن، عندما يدخلها المواطن العراقي المغترب، يشعر وكأنه يدخل بيته الثاني، لا يخشى السفير ولا يخاف الموظف، ولا يرتعد خوفا إذا مد السفير يده على جرس المنبه ليطلب شيئا يستضيف به زواره، ولا يتردد في تناول ما يقدم له خشية الاغتيال بالسم، أو الاختطاف بتناول المواد المخدرة أو المنومة، ولا يستثني في طرح أية مشكلة يعيشها هو وعائلته، في بلاد المهجر.

سفارة، الموظف فيها يخدم ولا يتآمر، يبادر ولا يتثاقل، يساعد ولا يبتز، همه أن يقضي حاجات المراجعين، لا أن يعقد مشاكلهم .

سفارة، تمثل صورة العراق الجديد، بتاريخه وحضارته وقيمه وأخلاقه وتنوع تركيبته الاجتماعية، وتعدد اتجاهاته الفكرية والسياسية .

سفارة ،لا يعمل فيها أعوان النظام البائد، من المتورطين في جرائم ضد العراقيين بأي شكل من الأشكال، ولا يتواجد فيها المرتزقة والمأجورين، وان موظفيها على درجة عالية من الأخلاق والثقافة والدراية والتجربة والحكمة والدماثة، بغض النظر عن انتماءاتهم الاثنية والدينية والمذهبية والفكرية والسياسية، على قاعدة (الرجل المناسب، في المكان المناسب) .

أعرف مسبقا أن (المثقفين جدا) لا يقبلون بهذا الكلام، وسيعترضون ويصرخون ويعتصمون ويتظاهرون أمام السفارات العراقية، مطالبين بالمستحقات المالية المتبقية على النظام البائد من السحت الحرام، لأنهم يريدون السفارات العراقية، بقرة حلوب تدفع لهم فواتير المقالات والقصائد والكتب والروايات التي يدبجونها ويكتبونها وينظمونها بحق القائد الضرورة، والمملوءة كذبا ودجلا وتزويرا ونفاقا، والتي كان يصب فيها صاحبها كل جهده الفكري والثقافي المتميز، لتبرير الديكتاتورية والاستبداد والنظام الشمولي، وكل جرائم الطاغوت، كالمقابر الجماعية والأنفال وحلبجة وسياسات العدوان والحروب العبثية، وكل ذلك، لتقربه زلفى إلى النظام وزبانيته .

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 16/3/2004 - 24/ محرم الحرام/1425