على الرغم من ان العديد من اعضاء مجلس الحكم
الانتقالي في العراق عبروا عن ارتياحهم لتوقيع قانون ادارة الدولة
للمرحلة الانتقالية فان هذا التوقيع قد يضعهم في مواجهة مع الرأي العام
الشيعي الذي غالبا ما يتقيد تماما بمرجعياته الدينية وعلى راسها آية
الله علي السيستاني.
وقال عضو المجلس عبد العزيز الحكيم في مؤتمر
صحافي عقده الثلاثاء غداة التوقيع على قانون ادارة الدولة "يوجد فيه
بعض النواقص المهمة التي لا بد من بذل المزيد من المساعي لحلها وعلاجها
مستقبلا".
واضاف "لقد قدمت مسودات عديدة وجرت مناقشات
مفصلة وبدا في مرات عديدة انه سيصعب وسط هذه الظروف المعقدة الوصول الى
نتيجة مرضية في الموعد المحدد لحل الاشكالات الخطيرة والقضايا الموروثة
التي خلفتها عهود طويلة من الاستبداد والقمع وغياب اي شكل من اشكال
الحريات العامة".
وتابع الحكيم الذي يتزعم المجلس الاعلى للثورة
الاسلامية في العراق ان اعضاء مجلس الحكم كانوا بين خيارين "ان نتوقف
او ان تستمر العملية وبالتالي نسعى لعلاج المشاكل والنواقص الموجودة في
هذا القانون في الايام القليلة القادمة".
واكد الحكيم ان "اعتراضنا هو ان مثل هذا النص قد
يقطع الطريق امام بناء سلطة دستورية مما قد يضع البلاد في حلقة مفرغة
وفي حالة انتقالية دائمة".
واوضح انه "عندما نعطي الحق لثلاث محافظات لقطع
طريق الاغلبية الساحقة فأن هذا قد يعني عمليا ان اقل من 10 بالمائة من
السكان قد يعطلون قرار الاغلبية الساحقة للشعب العراقي بكردهم وعربهم
وسنتهم وشيعتهم وتركمانهم وغيرهم".
وكان الحكيم يشير بذلك الى الخلاف مع الاكراد
حول الفقرة (ج) من المادة 61 التي تقول "يكون الاستفتاء العام ناجحا
ومسودة الدستور مصادقا عليها عند موافقة اكثرية الناخبين في العراق
واذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات او اكثر".
واعتبر المعترضون ان هذه المادة تعطي حق النقض
على الدستور الدائم للمحافظات الكردية الثلاث بشكل خاص في شمال البلاد.
وكان 12 عضوا شيعيا في مجلس الحكم (جميع الاعضاء
الشيعة باستثناء ممثل الحزب الشيوعي حمد مجيد موسى) اصدروا بيانا فور
انتهاء عملية التوقيع على قانون ادارة الدولة الاثنين اعلنوا فيه
تحفظاتهم على القانون الجديد.
وجاء في البيان الذي تلاه عضو مجلس الحكم
ابراهيم الجعفري ان "تأخرنا في التوقيع يوم الجمعة الماضي كان حرصا منا
على الوحدة الوطنية وعلى منح هذه العملية افضل زخم ممكن".
واضاف الاعضاء المتحفظون ان "توقيعنا على
القانون كان مقرونا بالتحفظ خصوصا على الاشكالات التي تطرحها فقرتان :
الاولى مسألة اعطاء الحق لهيئة غير منتخبة (اي مجلس الحكم) صلاحية
الزام هيئة منتخبة (الجمعية الوطنية الانتقالية) بقانون والثانية
المتعلقة بالفقرة ج من المادة 61 والتي تنص على مسودة الدستور الدائم
انما يكون الاستفتاء عليه ناجحا اذا حصلت على موافقة الشعب ولم يرفضها
ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات".
والمادة الاولى التي تحفظ عليها الشيعة تحظر
ادخال اي تعديل على قانون ادارة الدولة ما لم يحظ التعديل بموافقة هيئة
الرئاسة وثلاثة ارباع الجمعية الوطنية الانتقالية التي ستنبثق من
الانتخابات العامة قبل نهاية كانون الثاني/يناير 2005.
واكد البيان ان "هدفنا هو توفير افضل الاجواء
لتقديم العملية السياسية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي
الدستوري حيث يصبح الشعب فعلا مصدر السلطات وحيث تضمن فيه حقوق جميع
شرائح شعبنا من دون اعتداء من اغلبية على اقلية او بالعكس".
من جانبه اعتبر عدنان السعدي نائب عضو مجلس
الحكم ابراهيم الجعفري زعيم حزب الدعوة "انه من الطبيعي ان يعترض بعض
القادة الروحيين خصوصا آية الله علي السيستاني على الدستور فهم يعتبرون
من وجهة النظر الشرعية وفق الاسلام أن السلطة يجب ان تأتي من الشعب لا
من سلطة غير منتخبة غير شرعية".
واضاف "الا ان هذا لا يمنع العمل به لضرورات
المرحلة ولتمشية امور الوضع الحالي الذي يمر به العراق". وفيما اذا كان
يتوقع حصول تظاهرات في الشارع العراقي ضد القانون لاعتراض السيستاني
عليه قال السعدي "لا اعتقد ان ذلك سيحصل لان زيارتنا الى النجف ولقاءنا
مع السيد السيستاني اعطتنا ضمانات بأن لا يتحرك الشارع العراقي".
وقال السعدي ان التوقيع الجمعة الماضي على هذا
القانون كان سيؤدي الى اضطرابات و"لكان الشارع العراقي قد انقلب على
نفسه" لان السيستاني لم يكن قد اعطى الضمانات بعدم التظاهر حسب قوله.
يذكر ان المرجع الشيعي السيستاني اعتبر في بيان
الاثنين ان قانون ادارة الدولة الذي وقع عليه مجلس الحكم الانتقالي
العراقي "عائق امام الوصول الى دستور دائم" للبلاد.
ومن جانبها ترى رجاء الخزاعي العضو الشيعي في
المجلس ان "السيستاني ليس بالرجل المتزمت انه يستمع للاخرين ويولي
اهمية لما يقوله الاخرون وانا متأكدة مائة بالمائة انه سيكون هناك لقاء
معه قريبا لمعرفة ما يدور في خلده".
واضافت انها "تفاجأت لبيانه حالها حال كل
العراقيين الاخرين خصوصا بعد زيارة الوفد المكون من خمسة اعضاء الى
النجف في اطار عملية تبادل الاراء واخذ المشورة".
واوضحت الخزاعي ان "الشعب العراقي في اخر المطاف
عندما يقرأ القانون سيعلم حينها انه حصل على حقوق لم يكن يحلم بها يوما".
اما نصير الجادرجي العضو السني في المجلس فيقول
من جهته ان "من حق اي انسان ابداء رأيه والسيستاني رجل يحظى باحترام
الجميع ورأيه محترم وكل الاراء الاخرى محترمة". واضاف انه "لا يوجد
قانون في العالم يحظى برضا الجميع لكن رغم ذلك فأن هذا القانون وافق
عليه مجلس الحكم رغم تحفظ بعض اعضائه على نقطة او نقطتين".
واعتبر الجادرجي ان "القانون سيشكل نقلة نوعية
للعراق وعهد جديد لم يشاهده احد من قبل وفيه حريات وضمان يجعله الاول
من نوعه في تاريخ العراق".
اما محمود عثمان العضو الكردي البارز في المجلس
فعبر عن أمله في ان تبقى هذه التحفظات مجرد تحفظات وقال ان "السيستاني
لم يقل شيئا ضد القانون السيد له آراء وتحفظات تحترم وهذا لن يؤدي في
تصورنا الى حصول مشاكل".
واضاف "انا في تصوري ان اغلبية الشعب العراقي
تؤيد هذا القانون وهذا ما دفع جميع اعضاء الحكم الى التوقيع عليه رغم
وجود التحفظات". واشار الى انه "من غير المعقول اثارة المشاكل في الوقت
الحالي والكل بحاجة الى وحدة الصف حتى يتم تجاوز هذه المرحلة الصعبة
التي تمر بها البلاد".
من جهة اخرى صدرت ردود فعل مرحبة بقانون ادارة
الدولة الموقت الذي تم التوقيع عليه الاثنين في العراق في عدد من الدول
العربية.
فقد رحبت السعودية بتوقيع مجلس الحكم الانتقالي
العراقي قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية كما افادت وكالة
الانباء السعودية الرسمية.
وافادت الوكالة ان مجلس الوزراء عبر خلال جلسته
الاسبوعية برئاسة ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز عن
"ارتياحه للاتفاق حول الدستور الموقت للعراق والتوقيع عليه".
واعربت الحكومة عن املها بان "يؤدي ذلك الى قيام
الحكومة المستقلة وعودة السيادة والاستقلال للعراق الشقيق".
في عمان اعتبرت الناطقة باسم الحكومة الاردنية
اسمى خضر توقيع القانون "خطوة الى الامام".
وقالت ان "موقفنا واضح. نحن نؤيد اي خطوة يقررها
الشعب العراقي وهيئاته وتؤدي الى الاسراع في استرداده مسؤولياته
وسلطاته وتساهم في بناء المؤسسات العراقية الوطنية" مضيفة "نحن نعتبرها
خطوة الى الامام".
وتابعت "طبعا هذه ارادة العراقيين" معربة عن
املها بان تعيد هذه الخطوة الى العراقيين "السيادة في اسرع وقت وفي
الوقت نفسه ان تحافظ على وحدتهم وامنهم وسلامتهم".
وصرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية البحرينية
بان مملكة البحرين ترحب باعلان مجلس الحكم في العراق التوقيع على قانون
ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية.
وقال المصدر ان "اقرار هذا القانون يعد خطوة
ايجابية في الطريق الصحيح لاستعادة العراق سيادته والتوصل الى دستور
دائم بهدف لتحقيق الاستقرار والامن والتنمية الاقتصادية في العراق".
واكدت مملكة البحرين على ضرورة "احترام سيادة
ووحدة العراق وسلامة اراضيه وحق الشعب العراقي الشقيق في تقرير مستقبله".
واعلن وزير الخارجية المصري احمد ماهر ان بلاده
تأمل في ان يؤدي التوقيع الاثنين على قانون ادارة الدولة العراقي الى
استعادة العراق سيادته.
وقال ماهر للصحافيين "اننا نرحب باي مبادرة تقود
الشعب العراقي الى ممارسة سيادته". واضاف "اذا ما كانت كل القوى
السياسية العراقية متفقة حول هذا الدستور واذا ما كان يحافظ على وحدة
وسلامة اراضي العراق فهو جيد".
كما دعا الامين العام العام للجامعة العربية
عمرو موسى الى استعادة العراق لسيادته بسرعة. وقال "طالما تم التراضى
على هذا فنحن نرجو ان تتحرك الامور وبسرعة نحو استعادة السيادة للعراق
ونحو انهاء الاحتلال".
واضاف "نحن نتابع ذلك باهتمام وهناك قرار من
مجلس وزراء الخارجية العرب بالترحيب بهذا القانون".
ووقع اعضاء مجلس الحكم الانتقالي الخمس والعشرون
الاثنين على قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية وهو بمثابة دستور
موقت الى حين تشكيل حكومة اثر انتخابات عامة تجرى قبل 31 كانون الثاني/يناير
2005 كحد اقصى على ان تنتهي المرحلة الانتقالية قبل نهاية كانون الاول/ديسمبر
2005.
المصدر: وكالات |