أشادت شخصيات شيعية عراقية بارزة بمواقف الادانة
الاسلامية والعالمية العاجلة التي قوبلت بها الهجمات الارهابية على
المسلمين الشيعة في العراق قبل ايام معتبرة ان موجة التضامن والتعاطف
القوية التي أظهرها السنة العراقيون تجاه اخوانهم الشيعة من ضحايا
التفجيرات "اعطى نتائج معاكسة لخطط الارهابيين" في اشارة الى تنظيم
القاعدة.
وفيما طالب بعضهم بتجريم ومحاكمة فقهاء التكفير
ودعاة العنف الديني، ودعوا الى الاعتراف الرسمي الصريح بالمذهب
الاسلامي الشيعي كأحد المذاهب الكبرى الخمسة في الاسلام، حمل علماء
وسياسيون عراقيون سلطات الاحتلال الأمريكي مسؤولية استمرار الانفلات
الأمني الذي يعاني منه العراق حاليًا.
وكان مئات الاشخاص قتلوا وأصيب اكثر من خمسمائة
غيرهم اصابات بالغة في سلسلة انفجارات ضربت المدن المقدسة كربلاء
والكاظمية صباح الثلاثاء الماضي أثناء مشاركة أكثر من مليوني شيعي في
إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي طالب، حفيد نبي الاسلام، في
عاشوراء على يد القوات الاموية.
ويرى رجل الدين الشيعي الشيخ محمد سعيد في تصريح
هاتفي من الكاظمية ليونايتدبرس انترناشنال ان "وحدة الشعب العراقي بكل
مكوناته ضرورية لأنقاذ البلاد من الاحتلال ومن الفتنة التي يخطط لها
المرتزقة الارهابيون المتسللون من الخارج" معتبرا ان دعوات التهدئة
التي اطلقها علماء الدين الشيعة "هي اساسا ما ساعد في السيطرة على ردود
الافعال الغاضبة ضد الحقد علينا الى درجة يبدو معها رهيبا ونهائيا
ولمجرد قتل الشيعة" .
كما يشير سعيد الى ان "التعاطف الذي أظهره كل
العراقيين دون استثناء مع ضحايا التفجيرات وكلهم مدنيون ابرياء، قلب
خطط اعداء الشيعة والعراق رأسا على عقب"، مضيفا "بصراحة ان استهداف
الشيعة العراقيين وهم في بلادهم من قبل قتلة اجانب لا بد ان ينجب العنف
ضد كل من يهاجم عقائدهم" مؤكدا ان معظم العراقيين "يساوي بين تنظيم
القاعدة والوهابية في معاداة الشيعة".
وكان اكبر مرجع شيعي في العراق آية الله علي
السيستاني دعا العراقيين في بيان اصدره عقب الحادث الى "الحذر
والانتباه لمكائد الاعداء والطامعين وحثهم على العمل الجاد لرص الصفوف
وتوحيد الكلمة" مؤكدا على لزوم ادانة هذه "الجرائم النكراء التي قام
بها من تجردوا من كل القيم والمبادىء السامية". وتشديدا على تجنيب
العراقيين السنة أي مسؤولية في تلك الهجمات حمل السيستاني القوات
الامريكية مسؤولية تردي الوضع الامني، مشيرا الى "ما يلاحظ من تسويف
ومماطلة في ضبط حدود العراق ومنع المتسللين وعدم تعزيز القوات الوطنية
المكلفة بتوفير الأمن".
لكن آية الله العظمى كاظم الحائري لم يكتف بالادانة
لتلك الهجمات التي اعتبرها "جريمة تهدف الى تفتيت كلمة الشعب العراقي
المسلم، واسداء الخدمة لقوات الاحتلال كي تواصل هيمنتها علي العراق من
خلال قاعدة (فرق تسد) الاستعمارية"، انما طالب في بيان "تطهير العراق
من هؤلاء الارجاس الانجاس وذلك عبر ابادتهم لكي ينعم هذا البلد بالامن
والهدوء والاستقرار" في اشارة الى ارهابيي تنظيم القاعدة وفلول النظام
البائد الذين اعتبرهم في فتواه "محاربين لله وللرسول".
من جانبه استنكر عالم الدين العراقي آية الله محمد
حسين الانصاري التفجيرات ذاتها رافضا اعتبار مرتكبيها بالمسلمين او
بالمقاومين متسائلا بسخرية "أي مقاومة واي عار!". وقال في بلاغ تلقته
يو بي آي ان القوات الامريكية المحتلة هي التي تتحمل المسؤولية كاملة
عن تدهور الامن في العراق.
"مركز الأبحاث العقائدية" الشيعي في قم قال من
جانبه في بيان تلقته الوكالة ان وجود فتاوي التكفير ضد الشيعة صادرة من
قبل فقهاء سنة متطرفين هو احد اسباب "امثال هذه العمليات الاجرامية" ضد
الشيعة مشددا على ان الوقوف بوجه هذا الارهاب يتطلب "الوقوف امام
المرتزقة الذين يصدرون فتاوى التكفير بحق شيعة اهل البيت واكثر فرق
المسلمين". ودعا المركز الى ملاحقة الفقهاء الذين يفتون بتكفير الشيعة
او المتواطئين معهم لمحاكمتهم محاكمة الآمر بالقتل لأنهم "من الذين
امروا بالقتل , وحكمهم حكم الآمر بالقتل, ويحق لجميع المسلمين ان
يرفعوا ضدهم احكاما جنائية , لكي يسحبونهم الى المحاكم".
نزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن،
بدوره أعرب في تصريح خاص عن اعتقاده بوجود بُعد طائفي للهجمات
الإرهابية التي ضربت المقدسات الشيعية في كربلاء والكاظمية، داعيا
علماء وفقهاء السنة إلى إصدار فتوى تعترف بالتشيّع كأحد المذاهب
الإسلامية إلى جانب المذاهب الأربعة الأخرى (المالكي والحنفي والشافعي
والحنبلي) لتفادي انزلاق البلاد في حرب طائفية يشعلها المتسللون
الارهابيون من جماعة القاعدة ام غيرهم من الاجانب في اشارة الى قوات
الاحتلال.
وارتفعت الهجمات على بن لادن والتطرف الوهابي بعد
الهجمات الارهابية على كربلاء والكاظمية خاصة فيما اتهم الحاكم
الامريكي للعراق بول بريمر ومجلس الحكم الانتقالي العراقي تنظيم
القاعدة تحديدا بتدبير الانفجارات تحت اشراف احد قادته هو الارهابي
الاردني ابو مصعب الزرقاوي، وهو ما أكده الجنرال جون ابي زيد قائد
القوات الامريكية في المنطقة الذي اعلن ان الولايات المتحدة تمتلك "معلومات
استخباراتية واضحة" تشير الى وجود علاقة بين الزرقاوي وتفجيرات كربلاء
وبغداد كما تمتلك معلومات استخباراتية اخرى تربط ما بين الزرقاوي
واجهزة الاستخبارات العراقية السابقة.
وكانت سلطة الاحتلال الامريكية في العراق نشرت قبل
اسبوعين رسالة منسوبة للزرقاوي يحث فيه على تنفيذ هجمات ارهابية ضد
الشيعة الذين يتهمهم بمعاداة الاسلام في محاولة لإشعال حرب طائفية
شيعية سنية كما يتهم الاكراد بالعمالة للولايات المتحدة ولأسرائيل.
لكن كاتبا عراقيا علمانيا يعتبر ان موجة التعاطف
القوية التي أظهرها السنة العراقيون خاصة مع ضحايا التفجيرات "اعطى
نتائج معاكسة لخطط الارهابيين" مشيرا ايضا الى ان "حصول الاعتداءات على
احتفالات دينية بعد الهجمات الانتحارية في اربيل قبل اسبوعين خلق شعورا
مشتركا لدى كل العراقيين بالاستهداف من قبل الارهاب الخارجي"، معتبرا
ان "الاعتراف بالشيعة كأغلبية سكانية في العراق اصبح ضمنا امرا واقعا
في تعامل اهم الهيئات والدول الاسلامية في العالم".
وكان مفتي مصر علي جمعة ندد بالهجمات على الشيعة،
داعيا جميع الطوائف العراقية الى الوحدة فيما ادانها الأمين العام
لرابطة العالم الاسلامي عبدالله التركي معتبرا افي بيان خاص انها "عمليات
اجرامية اسفرت عن اراقة دماء المسلمين ومحاولة لتمزيق الشعب العراقي
ونشر الفوضى بين صفوفه وبث الفتنة بين الطوائف والاحزاب والاعراق المتعددة
فى العرا".. وحث الامين العام لرابطة العالم الاسلامي الشعب العراقي
على اليقظة والحذر من أسباب الفتنة والابتعاد عنها ليفوت الفرصة على
المغرضين ويحافظ على وحدته الوطنية
الحكومة السعودية ايضا دانت في بيان اليوم الخميس "ما
تعرضت له بغداد وكربلاء من أحداث دموية، وأدت الى ازهاق أرواح بريئة من
أبناء الشعب العراقي الشقيق"، فيما اصدر نحو 130 من رجال الدين
والناشطين السعوديين اليوم الخميس بيانا ادانوا فيه تلك الاعتداءات
ودعوا المسلمين الى رص صفوفهم ضد التطرف. وقال موقعو النص ان "الجريمتين
الوحشيتين (في بغداد وكربلاء) وما سبقهما من اعمال عنف استهدفت اماكن
مقدسة وشخصيات دينية تهدف الى ايقاع الفتنة بين المسلمين وشق صفهم
(...) وتكريس مبررات استمرار الاحتلال في العراق".
واضاف البيان ان "التحديات والمخاطر التي تعيشها الامة الاسلامية"
تتطلب من المسلمين "مزيدا من التكاتف والوحدة ومواجهة الافكار
والتوجهات المتطرفة وبناء اللاقات العادلة بين مختلف مكونات المجتمع".
لكن موقف جماعة الاخوان المسلمين في مصر كان لافتا
بشكل خاص حيث اعتبرت الجماعة: "إن الحادث الإجرامي الذي استهدف الجموع
المحتشدة في مدينتَي كربلاء وبغداد اليوم الثلاثاء 2/3/2004م، وأدى إلى
مقتل وإصابة المئات، لَيَهُز مشاعر المسلمين سُنةً وشِيعةً، بل يهزُّ
مشاعر كل إنسان"، مؤكدة في بيان صدر بعد ساعات من الحادث إدانتها "لهذا
العمل الإجرامي، الذي لا يقره شرعٌ ولا عقلٌ ولا دينٌ ولا خلُقٌ"،
محملة قوات الاحتلال "مسؤوليتها عن الحادث، وكافة الحوادث التي تستهدف
العراقيين الأبرياء بحكم المواثيق الدولية".
المصدر: حسين الهنداوي - يو
بي آي |