اعلن ضابط كبير في الجيش الاميركي ان الاعتداءات
الدامية التي استهدفت الشيعة الثلاثاء في بغداد وكربلاء نفذت في نفس
اللحظة مشيرا الى "مستوى من التنسيق نادرا ما نلاحظه".
واوضح الجنرال مارتن ديمسي قائد القوات
الاميركية في بغداد "انه مستوى من التنسيق نادرا ما نلاحظه" موضحا ان
الاعتداءات وقعت "في نفس الدقيقة".
وقد اشار خبراء الى ان تزامن هذه الهجمات
والتنظيم المستخدم يدلان على وقوف منظمة حديثة تشبه الطرق التي
يستخدمها تنظيم القاعدة الارهابي وراء الاعتداءات.
واستخدم انتحاري على الاقل وعبوات مفخخة وقذائف
هاون في هجمات كربلاء (110 كلم جنوب العاصمة العراقية) بينما وقعت في
بغداد اربع عمليات انتحارية خلال بضع دقائق حسب المصادر الرسمية.
وتعتبر هذه الاعتداءات التي اسفرت عن سقوط 170
قتيلا واكثر من 500 جريح حسب اخر حصيلة رسمية الاكثر دموية في العراق
منذ سقوط نظام صدام حسين في نيسان/ابريل 2003.
وشهد العراق الثلاثاء افظع يوم منذ سقوط نظام
صدام حسين في نيسان/ابريل. واستهدفت التفجيرات مقاما شيعيا في بغداد
وموكبا للشيعة كانوا يحيون ذكرى عاشوراء في كربلاء.
هذا وقد وقف قادة السنة والشيعة في بغداد جنبا
إلى جنب يوم الأربعاء لحث العراقيين على تجنب حرب اهلية بعد الهجمات
الانتحارية في الاحتفالات بعاشوراء التي أودت بحياة عشرات من الشيعة.
وتجمع آلاف من الشيعة في مسجد الكاظمية في بغداد
لتشييع أكثر من 70 شخصا من اخوانهم الذين قتلوا في تفجير وقع يوم
الثلاثاء وتزامن تقريبا مع هجوم قتل عشرات غيرهم في مدينة كربلاء.
ولوح مئات من الشيعة باعلام الحداد السوداء
وأيدوا دعوة زعمائهم الدينيين للحفاظ على الوحدة ورددوا قائلين "نحن
اخوة سنة وشيعة ولن نبيع بلدنا للاجانب."
وحكى شهود عيان حكايات مروعة عن تطاير اشلاء
بشرية في الهواء اثر وقوع الانفجارات. وجه البعض عضبهم صوب الولايات
المتحدة التي تحتل العراق منذ الاطاحة بالرئيس صدام حسين منذ نحو 11
شهرا. وبعضهم هاجم اسرائيل حليف واشنطن الرئيسي في الشرق الاوسط.
وقال مؤيد النعيمي امام مسجد الامام ابو حنيفة
في الاعظمية على نهر دجلة "اننا نواجه ساعات حرجة وايام سوداء ....لذا
افتحوا أعينكم على دسائس امريكا واسرائيل لبذر الشقاق."
واضاف انه لن يتأتى للعراق ان ينهض الا بالسنة
والشيعة معا وان اتباعه من السنة سارعوا الى التبرع بالدم للضحايا
الشيعة.
وحث رجال الدين المواطنين العراقيين الا ينجروا
الى حرب اهلية.
وقال الشيخ الشيعي رائد الكاظمي إنه اذا تناحر
الطرفان فالامريكيون هم المستفديون من ذلك ليجدوا لهم مبررا للبقاء في
العراق.
والقى البعض باللائمة على الوهابيين اتباع
الحركة الوهابية السنية التي ظهرت في الجزيرة العربية في بداية القرن
التاسع عشر. ويقول هؤلاء ان الوهابيين يعتبرون الشيعة من الخوارج.
وقال رضا دباغ وهو احد المشيعين الذي كان يبكي "هؤلاء
الذين أجازوا قتل المسلمين لا دين لهم. لا يمكن ان يكونوا مسلمين
حقيقيين."
وقال بعض الشيعة ان دعوة قادتهم الدينيين الى
التزام السكينة وضبط النفس منعتهم من الانتقام العنيف. وقال معتز
الشمري وهو تاجر قريب من المزار "لو أن زعماؤنا أعطونا الاشارة
لاكتسحنا السنة من العراق."
من جهته قال مجلس الحكم العراقي يوم الخميس إنه
يجب على قوات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة ان تبذل المزيد من
الجهد لتوفير الامن بعد الهجمات التي قتل فيها 171 على الاقل عند
المزارات الشيعية.
وتؤكد التصريحات التي أدلى بها محمد بحر العلوم
وهو رجل دين شيعي والرئيس الحالي لمجلس الحكم الذي عينته الولايات
المتحدة على وجود خلافات بين الغالبية الشيعية وقوات الاحتلال بشأن
موجة الهجمات المدمرة ضد العراقيين.
وقال بحر العلوم للصحفيين وهو يزور مستشفى يعالج
فيه ناجون من هجمات الثلاثاء في منطقة الكاظمية "انني أضع اللوم على
السلطات."
واضاف ان "قوات الائتلاف جزء من السلطات وهي
مسؤولة عن المحافظة على الامن ولذلك يجب عليها ان تبذل قصارى جهدها
للمحافظة على الامن."
وقال الحاكم الامريكي للعراق بول بريمر يوم
الاربعاء ان واشنطن ستنفق 60 مليون دولار لدعم الامن على امتداد الحدود
العراقية المليئة بالثغرات. وقال انه سيتم استخدام مئات العربات الاخرى
وافراد الامن لدعم الامن.
وقال بحر العلوم إنه قتل 171 في الهجمات التي
شارك فيها ثلاثة مهاجمين انتحاريين في بغداد ومهاجم انتحاري أخفى
المتفجرات وقذائف المورتر في كربلاء. وقال بحر العلوم يوم الاربعاء ان
عدد القتلى 271 وهو رقم قال مسؤولون في وقت لاحق ان سببه الفوضى بشأن
عدد القتلى.
ووصف مسؤولون عراقيون وامريكيون التفجيرات التي
استهدفت المصلين في يوم يحتفلون فيه بيوم عاشوراء جزء من حملة يقودها
رجل متهم بأن له علاقة مع تنظيم القاعدة للتحريض على حرب طائفية في
العراق.
من جهة اخرى افادت وكالة الانباء الايرانية
الرسمية ان قنصل ايران في بغداد حسن كاظمي غومي اعلن مقتل 49 وجرح 115
ايرانيا من زوار العتبات الشيعية المقدسة في الاعتداءات التي استهدفت
الشيعة في كربلاء.
واوضح كاظمي غومي "تم التعرف على هويات 25 من
الشهداء وان جثث 12 منهم مزقت تماما في الانفجارات ولم يعد ممكنا
التعرف عليها" نافيا سقوط اي ايراني قتيل او جريح في الاعتداءات التي
ارتكبت في نفس اليوم في بغداد.
ونفى مجددا اي تورط لبلاده في هذه الاعتداءات
الدامية التي اسفرت عن سقوط 170 قتيلا و500 جريح.
وقال "خلال اللقاءات مع المسؤولين الامنيين
والشرطة العراقية نفت الشرطة اعتقال مشتبه فيهم متورطين في الاعتداءات
تربطهم علاقة بجمهورية ايران الاسلامية".
الا انه لم يقل شيئا عن احتمال تسلل منفذي هذه
الاعتداءات من الاراضي الايرانية كما اكد ذلك امس مسؤول في التحالف
الذي يحتل العراق.
وتحدث هذا المسؤول في التحالف الذي يقوده
الاميركيون عن اعتقال 15 مشتبها فيهم في كربلاء اربعة منهم يتكلمون
الفارسية معتبرا ان مرتكبي هذه الهجمات قدموا على الارجح من ايران.
وقال المسؤول "جاء عدد كبير من الايرانيين
للاحتفال بعاشوراء. ومن بين مئات الالاف هناك على الارجح عدد قليل
مرتبط بالمنظمات الارهابية".
واوضح قنصل ايران من جهة اخرى "ان مفاوضات تجري
حاليا مع المسؤولين العراقيين والاجانب (في التحالف) لاعادة الجرحى جوا"
لكن في الوقت الراهن لم يتم استلام التراخيص الضرورية لذلك.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن عبد الرضى
شهرزاي مسؤول الهلال الاحمر قوله "اعيد نحو 60 جريحا الى ايران" بواسطة
سيارات الاسعاف وسيعاد نحو خمسين اخرين بعد ظهر اليوم الخميس.
واعلن كاظمي غومي ان نحو 400 الف زائر ايراني
للعتبات المقدسة الشيعية عبروا الحدود مع العراق للمشاركة في
الاحتفالات بعاشوراء.
وفي الوقت الذي تستعد فيه لاستقبال عشرات
الايرانيين الذين قتلوا أو جرحوا في الانفجارات التي وقعت يوم الثلاثاء
في اماكن شيعية مقدسة في العراق حثت ايران يوم الاربعاء مواطنيها على
عدم السفر الى العراق
ودعا علي اصغر احمدي نائب وزير الداخلية للشؤون
الامنية الايرانيين الى عدم السفر الى الاماكن الشيعية المقدسة في
العراق بسبب مخاوف امنية.
وقال لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية "ستعلن
مؤسسة الحج عن قوافل رسمية الى المدن العراقية المقدسة في المستقبل."
وكان مئات الالاف قد توجهوا من ايران ذات
الاغلبية الشيعية الى العراق خلال الايام القليلة الماضية لإحياء ذكرى
مقتل الامام الحسين في كربلاء قبل نحو 1300 عام.
وقال التلفزيون الحكومي نقلا عن دبلوماسي ايراني
في بغداد ان مجلس الحكم العراقي المعين من قبل الولايات المتحدة اعطى
تصريحا لطائرتين ايرانيتين بالهبوط في مطار بغداد لنقل القتلى
والمصابين الايرانيين.
وكانت وكالة الانباء الايرانية قد ذكرت في وقت
سابق ان 40 سيارة اسعاف عبرت الحدود الى العراق صباح يوم الاربعاء
لإعادة القتلى والجرحى الى البلاد. وكان الاطباء في حالة تأهب على
الحدود استعدادا لعلاج الجرحى كما جهزت ستة مستشفيات في الاقاليم
الحدودية لاستقبال الحالات.
وندد مسؤولون ايرانيون كبار بالهجمات وألقوا
باللائمة على قوات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة لاخفاقها في
حماية الشيعة اثناء احيائهم لذكرى عاشوراء.
واصدرت وزارة الخارجية الايرانية بيانا للرد على
تقارير اوردتها وسائل اعلام بان اربعة اشخاص يتحدثون باللغة الفارسية
كانوا بين 15 شخصا القي القبض عليهم في كربلاء في اعقاب الهجمات.
وقال البيان "الارهابيون يستخدمون غطاء من اي
نوع لأهدافهم الشريرة." واضاف "كثيرون ممن استشهدوا ايرانيون ابرياء
الامر الذي يثبت مجددا ان ايران في الخط الامامي في محاربة الارهاب."
وتقول واشنطن ان هناك اعتقادا بأن بعض المقاتلين
الاجانب الذين يعتقد انهم ينفذون هجمات جاءوا الى العراق عبر الحدود من
ايران وسوريا.
المصدر: وكالات |