اعترفت ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش بأنه من
غير المرجح أن تنجح خطتها الطموحة لنقل السيادة مباشرة الى حكومة
منتخبة بشكل ديمقراطي في العراق وذلك بعد إصرار العراقيين على اجراء
انتخابات لا يفسدها النفوذ الامريكي.
وقال سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الابيض ان
الخطة المبدئية للادارة الامريكية بتشكيل حكومة مؤقتة منتخبة بشكل
ديمقراطي من خلال سلسلة معقدة مؤلفة من 18 مؤتمرا انتخابيا اقليميا
فشلت في الحصول على دعم الزعماء العراقيين .
وأردف قائلا للصحفيين "هناك إدراك واسع بأن خطة
المؤتمرات الانتخابية شيء لم يحصل على تأييد كبير."
وقبل أربعة أشهر فقط من نقل السيادة في 30 يونيو
حزيران قال البيت الابيض انه يجري محادثات مع الزعماء العراقيين بشأن
خيارات جديدة لترك العراق "بحكومة نيابية انتقالية" في الوقت الذي
ينتظر فيه توصيات من الامم المتحدة.
وستعلن تفصيلات موقف الأمم المتحدة بشأن
الانتخابات هذا الاسبوع مع جدول زمني لانتخاب حكومة دائمة ربما أواخر
العام الجاري أو أوائل عام 2005 .
وتعمل الامم المتحدة التي أيدت الموقف الامريكي
بعدم إمكان إجراء انتخابات قبل 30 يونيو حزيران مع العراقيين بشأن
مقترحات للحكم المؤقت تشمل توسيع مجلس الحكم أو عقد مؤتمر وطني للزعماء
يقوم باختيار حكومة مؤقتة.
ولكن مكليلان قال ان الامم المتحدة لم تقم بدور
قيادي بشأن المفاوضات في العراق.
وقال"قلنا دائما ان للامم المتحدة دورا حيويا
تقوم به. ونقدر جهودهم في تقييم مدى جدوى الانتخابات وسنواصل مناقشة
السبل التي يمكن من خلالها مواصلة القيام بدور."
وأعلن أية الله على السيستاني أكبر زعماء الشيعة
في العراق في مقابلة نشرت يوم الجمعة أن أي حكومة مؤقتة يتركها
الامريكيون وراءهم لابد وان تكون سلطتها محدودة.
وقال دبلوماسيون ان المنهج المفضل هو اضافة نحو
75 عضوا آخرين الى مجلس الحكم العراقي المؤلف من 25 عضوا ثم تقوم هذه
المجموعة بعد ذلك باختيار حكومة مؤقتة.
لكن بول بريمر الحاكم المدني الامريكي في العراق
قال بإنه ليس من الممكن اجراء انتخابات في العراق قبل ما بين عام و15
شهرا "لأسباب فنية."
وأضاف بريمر في مقابلة بثتها قناة العربية
الفضائية التي تتخذ من دبي مقرا لها "سيستغرق حل تلك المشكلات الفنية
وقتا.. وفقا لتقديراتنا ما بين عام و15 شهرا.. هناك مشكلات فنية مهمة
حقيقية لا يمكن في ظلها اجراء انتخابات."
وأضاف بريمر في معرض سرده لهذه الأسباب الفنية "لا
يوجد قانون للانتخابات في العراق وليس هناك مجرد لجنة قومية لوضع قانون
وطني يحكم عمل الأحزاب السياسية ولا توجد قوائم انتخابية وليس هناك
تعداد معتمد يمكن الوثوق به منذ نحو 20 عاما ولا توجد أي حدود للدوائر
الانتخابية تحدد مواقع اجراء الانتخابات."
وكان كوفي عنان الأمين العام للامم المتحدة قد
انضم يوم الخميس الماضي إلى الولايات المتحدة قائلا إن اجراء انتخابات
في العراق لن يكون ممكنا قبل نقل السلطة السياسية في 30 يونيو حزيران
وهو الموعد الذي من المقرر ان تسلم فيه واشنطن السلطة للعراقيين.
وقال عنان للصحفيين وهو يصدق على الموقف
الامريكي إن موعد اعادة السيادة للعراقيين الذي تريده واشنطن "يجب ان
يحترم".
لكن الأمين العام للأمم المتحدة لم يطرح أي
افكار لتشكيل حكومة انتقالية تتولي السلطة في 30 يونيو حزيران قائلا إن
على العراقيين اولا تحديد شكلها قبل تدخل المنظمة الدولية.
وفي هذا السياق اظهر استطلاع للراي العام في
بغداد وضواحيها ان غالبية من العراقيين تفضل الحصول على السلطة كاملة
ولو بعد حين بدلا من استعادتها بشكل مجتزا في 30 حزيران/يونيو المقبل.
واكد الاستطلاع الذي تنشره صحيفة "الزمان"
العراقية الاحد ان 49% يؤيدون الحصول على "سلطة كاملة بعد سنتين" في
حين اعرب 31% عن موافقتهم على "الحصول على سلطة جزئية" في 30 حزيران/يوينو
المقبل بدلا من الانتظار.
وقد شمل الاستطلاع 1190 شخصا من الذكور لديهم
مؤهلات جامعية كحد ادنى في مناطق الكاظمية والاعظمية والبلديات وحي
العامل واحياء من مدينة الصدر والمنصور والجادرية والدورة وجرى بعد
يومين من انتهاء زيارة وفد الامم المتحدة.
كما راى 72% من الذين شملهم الاستطلاع انه "لا
يوجد قادة سياسيون يمكن القبول بهم او لديهم قدرة على تسلم السلطة" في
حين اعتبر 11% منهم عكس ذلك.
وردا على سؤال "من المؤهل لحكم العراق" اجاب 17%
انهم يفضلون "مجلسا رئاسيا ثلاثيا" بينما راى 8% ان من "الافضل وجود
رئيس واحد" في حين ايد 9% وجود "ملك مقيد الصلاحيات". ونال مجلس الحكم
الانتقالي تاييد 2% فقط.
ورفض 60% من المستطلعين ان يكون الرئيس المقبل
او المجلس الرئاسي الثلاثي من اعضاء مجلس الحكم الحالي وايد 17% فقط
ذلك.
وعما اذا كانت الاوضاع الامنية ستشهد تحسنا بعد
موعد نقل السلطة في حزيران/يوينو المقبل اعتبر 46% من الذين شملهم
الاستطلاع ان الحالة "ستتحسن" في حين راى 36% انها "ستتدهور".
وردا على سؤال حول وضع الجيش العراقي خلال مرحلة
استعادة السلطة اجاب 61% ان "الوقت حان لاعادة النظر في قرار تسريح
الجيش" معتبرين ان ذلك كان "قرارا خاطئا" بينما اعتبر 7% ان "القرار لم
يكن خاطئا".
واعتبر 48% ان السلطة "مضمون وصيغة اكثر منها
مجرد موعد مرتبط بظروف انتخابات الرئاسة الاميركية" في حين راى 27% انه
"يجب الالتزام بموعد نقل السلطة بغض النظر عن المشاغل الانتخابية
للاميركيين".
واخيرا وافق 58% من المستطلعين على ان "الحاكم
المدني بول بريمر يريد ان يسلم السلطة في 30 حزيران/يونيو نظرا لرغبته
في مغادرة العراق الى الابد" بينما راى 17% ان بريمر "مجرد منفذ
للسياسة الاميركية".
وعلى الرغم من الغموض المحيط بمستقبل العراق
السياسي من كل جانب فان الشئ الوحيد الواضح على ما يبدو هو أن قليلا من
العراقيين يريدون أن يقودهم المجلس الحاكم الذي عينته الولايات المتحدة.
قال مجيد سالم (21 عاما) وهو طالب يعيش في حي
مدينة الصدر الشيعية الفقير في العاصمة العراقية بغداد "نرفض المجلس.
ليسوا سوى عملاء للامريكيين. إنهم لا يمثلون الشعب العراقي."
وتابع قائلا "المجلس يؤيد الامريكيين
والامريكيون يعتقلون المعارضين لهم. يفعلون ما فعله صدام ويتحدثون عن
الديمقراطية."
وأيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة يوم
الخميس الماضي الموقف الامريكي القائل بأن اجراء انتخابات مبكرة لن
يكون ممكنا في عراق ما بعد الحرب.
وقال عنان بعد اجتماع مع 46 سفيرا معنيا إنه ليس
قادرا بعد على تقديم اقتراح بشأن من يجب أن يشكل الحكومة الانتقالية في
30 يونيو حزيران لتدير العراق حتى يمكن اجراء انتخابات.
ويتركز الاهتمام بشكل متزايد على المجلس الحاكم
كقيادة مؤقتة ممكنة وهناك مشاورات حول توسيعه لتكريس تمثيل الشيعة
العراقيين الثائرين وجماعتي السنة والاكراد العرقيتين.
لكن الفكرة لا تلقى تأييدا في الشارع حيث غالبا
ما ينظر إلى أعضاء المجلس باعتبارهم دمى تحركها أمريكا وأمضوا سنوات في
العواصم الغربية فيما كان العراقيون يعانون من حكم صدام حسين الدكتاتور
العراقي الذي أطيح به.
وعمليا فان أعضاء المجلس الحاكم وعددهم 25
عراقيا هم الوحيدون الذين اكتسبوا خبرة قيادية منذ أن اختارتهم
الولايات المتحدة في يوليو تموز الماضي.
لكنهم فشلوا في كسب تأييد غالبية العراقيين
الذين حل محل فرحتهم بسقوط صدام في ابريل نيسان الماضي الغضب من
المحتلين الامريكيين وغياب ما يصفونه بانهم عراقيون يتمتعون بالشرعية.
وجاء غالبية أعضاء مجلس الحكم العراقي من المنفى
ولم يبق سوى قلة منهم في العراق أثناء حكم صدام. ويتخذ المجلس قراراته
بعد تشاور مكثف مع سلطة الاحتلال الامريكية.
وذلك الترتيب جعل غالبية العراقيين تتشكك بشدة
في أي وعود بالديمقراطية تقدمها الولايات المتحدة منذ أن غزت العراق في
مارس اذار الماضي.
قال حسين علي (28 عاما) وهو واحد من كثير من
العراقيين العاطلين عن العمل "هذا الاحتلال لن ينتهي أبدا. كل هذا
الحديث عن الانتخابات والسيادة ومجلس الحكم يستهدف تهدئة العراقيين."
بل تنظر الشرطة العراقية التي تساندها الولايات
المتحدة نظرة معادية للعملية السياسية التي تفرضها الولايات المتحدة
التي تستهدف أن تؤدي إلى انتخابات مباشرة لتكون مثالا في عالم عربي
يغلب طابع حكم الفرد على نظمه السياسية.
وأعرب الشرطي أحمد طالب عن شكوكه في قدرة المجلس
الحاكم على تحسين الاوضاع في العراق بينما كان يحملق عبر أسلاك شائكة
في جدار نسف في مركز الشرطة في الفلوجة غربي بغداد حيث لقي 22 شرطيا
حتفهم في هجوم شنته المقاومة المسلحة.
وقال طالب "نريد زعيما مشرفا وحسب. المجلس
الحاكم لا يفعل شيئا سوى تلقي الأوامر من الامريكيين. لا نريدهم."
وأضاف قائلا "لا يستطيع أناس مثل (أحمد) الجلبي
قيادة العراق. إنهم موجودون فقط من أجل مصالحهم وللحفاظ على استمرار
الاحتلال الامريكي."
والجلبي وهو أحد المنفيين العراقيين المقربين من
واشنطن وأدين غيابيا بالاحتيال المصرفي في الاردن. ونفى الاتهامات
قائلا إنه كان ضحية مؤامرة سياسية.
وقال أحد سكان مدينة الفلوجة السنية إنه سينتخب
واحدا من الذين يحتجزهم الامريكيون الأمر الذي يسلط الضوء على مدى
الصعوبة التي قد تظهر لاختيار قادة مؤقتين في بلد يعاني من صراعات
عرقية.
قال جمال الجميلي وهو تاجر عملة "نريد صدام حسين.
نحب صدام. المجلس الحاكم يضم كثيرا جدا من الشيعة.
المصدر: وكالات |