يقدر خبراء الجيولوجين.. (أن بحراً زاخراً من
النفط تحت أرض العراق) وهذا يعني أن العائدات المالية الممكن أن تحصل
عليها البلاد من جراء إنتاج وتسويق مادة النفط لو استغلت علمياً
وبنوايا حسنة لأمكن تعويض العراقيين عما حرموا منه إبان العهد الصدامي
المقبور الذي وظف.. مليارات الدولارات التي حصل عليها أما لمصالح أفراد
عصابته أو لتقوية أجهزة مخابراته أو لتخريب البلاد عبر إدخالها في حروب
طاحنة مع الجوار.. لا طائل منها وقد دفع ثمنها الغالي الشعب العراقي من
أرواح أبنائه ومصير ومستقبل كل عائلة عراقية.
أمضى العراق حقبة النظام الصدامي الجائر والأمل
كان يحذوا كل شرفاء العراق أن رحمة الله سبحانه وتعالى لا بد وأن تأتي
إليهم لتنقذهم من النظام ذاك الذي عاث فساداً وجرائماً لا أول لها ولا
آخر حتى يمكن القول من جانب ايماني أن ما حدث من تغيير في العراق رغم
كل الملابسات في التفسير أو المعلومات عن كيفية ما حدث فإن يد الله عز
وعلا كانت وراء عملية التغيير وطبيعي فهذا لا يعني تأييداً لقوى
التحالف الغربي الانكلو – أمريكي الذي احتلت عساكره البلاد لكن الجانب
العرضي من جراء إزالة نظام صدام وفريقه السياسي المشبوه كان في خلاصة
محصلته في صالح الشعب العراقي الذي عجزت قواه السياسية المعارضة من
مجابهة الماكنة العسكرية الإرهابية التي كانت تحت أمرة النظام البائد
ولأسباب معروفة.
إلا أن المرحلة الراهنة التي اتاحت لقوى
المعارضة وشخوصها ومؤيديها فرصة توحيد المواقف السياسية بقدر (شبه كامل)
الذي بدا ظاهراً وملموساً في المشاركة الجماعية بمجلس الحكم الانتقالي
في العراق وبالتنسيق الوقتي – كما هو مقرر – مع قوى التحالف – الاحتلال
الأجنبي المشار لها فهذا ما خلق جواً أكثر ملائمة للتفكير بأفضل وأقصر
الطرق الممكن إنجازها لصالح عملية أعمار العراق وعلى أساس من هذا اتخذت
بعض الخطوات العملية كما وكانت هناك وما تزال خطوات تمهيدية لفتح باب
الاستثمار الأجنبي واسعاً في العراق مقرر أن تتزامن بصورة أكثر فاعلية
بعد تشكيل الحكومة العراقية الوطنية في شهر حزيران 2004 القادم.
والأخبار الواردة عن الداخل العراقي تشير إلى أن
السلطات العراقية المؤقتة قد وقعت اتفاقات عديدة مع أغلب دول الجوار من
أجل تمشية الحاجات اليومية للمجتمع العراقي ومن المؤكد فإن حل جميع
المشاكل التي يواجهها الناس دفعة واحدة في بلد كالعراق الذي فقد كيان
دولته السابقة على حين غرة يبدو خيالياً ويحتاج إلى عمل متواصل
واستعدادات هائلة من أجل التأمين السريع للحاجات الملحة التي يحتاجها
العراقيون والتي ستوفر بعضها أو أغلبها مشاريع الاستثمار المتوقع أن
يكون على شكل انفجارات اقتصادية ذات فوائد قادرة على سد ما يزيد حتى
على سهم تلك الحاجات الفعلية.
ومن الحرص على مصالح العراق أن ينظر إلى أي
اتفاقية للاستثمار من قبل الجهات العراقية أن تكون ذات جدوى وفاعلية
لفائدة حاضر ومستقبل العراق والمحاولات العاجلة لتوسيع حجم المشروعات
دون تفضيل الأهم منها على المهم سيعرّض أموال البلاد إلى التبذير لذا
فإن عملية تفضيل مشروع على آخر هي من صلب ما ينبغي أن يتقرر بهذا الشأن
وما سيساعد على ذلك أن التوجهات حتى الآن هو الاتفاق بين الجهات
العراقية المسئولة مؤقتاً الآن مع قوى تحالف بريطانيا وأمريكا المحتلان
مؤقتاً للعراق حسبما تشير تصريحات قيادتهما في لندن وواشنطن. ومعلوم أن
شركات أجنبية ما تزال مترددة لقبول توقيع عقود مشاريع استثمارية في
العراق قبل التأكد من إنهاء المشاكل الأمنية – الإرهابية التي يقوم بها
بمعدل يومي تقريباً بعض عناصر ومرتزقة النظام الخائن السابق الذي سلم
البلاد لقوى التحالف الغربي دون أي مواجهة عسكرية معها (وكما كان الشعب
العراقي يتوقع ذلك) وهذا ما كان في صالح البلاد من حيث المقارنة
الأخيرة بين احتلالين (لا مباشر سابقاً) و(مباشر حالياً).
إن الدول المستعدة للمشاركة في إعادة أعمار
العراق عديدة رغم أن قرار (الإدارتين البريطانية والأمريكية) حتى الآن
هو استبعاد الشركات الفرنسية والألمانية والروسية والكندية من المشاركة
في استدراج أي عروض لإعادة بناء العراق وهذا الموقف البريطاني الأمريكي
مازال موضع دراسة لدى حكومات الدول الآنفة للوقوف على مدى شرعية
الإجراءات التي اتخذتها بريطانيا والولايات المتحدة واستثنتا بها ما
تعتقداه أنه قرار غير محق.
هذا ويتخوف رجال الأعمال في العراق أن يواجهون
المنافسة الأجنبية بعد أن أطلعوا على أن القانون الجديد للاستثمار
بالعراق الذي سيتيح للاستثمارات الأجنبية التملك بنسبة (100%) نتيجة
للامكانات المالية الضخمة لدى الشركات الأجنبية التي سوف لن يستطيع
تجار العراق الأقل امكاناتاً من مجاراتها أمام عروض صفقات المشاريع
لذلك فإن قانون الاستثمار الأجنبي في العراق يثير جدلاً في العراق ما
في خارج العراق فردود الفعل لدى الدول التي منعتها الولايات المتحدة أن
تستثمر مشاريعها في العراق بدأت تظهر ولكن بحذر إذ صرح الناطق باسم
الحكومة الألمانية من برلين (بيلا اندا) مؤخراً: (أن استبعاد الشركات
الألمانية من المشاركة بعملية إعادة أعمار العراق غير مقبول) في حين
صرح اسيرغي ايفانوف وزير الدفاع الروسي: (أن بلاده لا تنوي إلغاء
الديون العراقية البالغة (8) مليارات دولار).
ويدل توالي الرغبات الدولية للمشاركة في استعادة
أعمار العراق أن البلد سيعود بوجهه الحضاري المشرق بين بقية بلدان
العالم إذا ما اتيحت له فرصة ذلك. |