شهد العام 2003 في مجال الفضاء تحطم المكوك
الأميركي كولومبيا وأول رحلة صينية مأهولة إلى الفضاء وعدة مهمات
استكشافية إلى كوكب المريخ بحيث بلغت النشاطات الاستكشافية هذا العام
أعلى مستوى لها منذ هبوط مركبة أبولو على القمر عام 1969.
وشهد هذا العام أيضا تزايد الشكوك حول مستقبل محطة
الفضاء الدولية وإرسال ثلاث مهمات غير مأهولة لاستشكاف كوكب المريخ
وبعض النجاحات المذهلة في عالم الفضاء.
وستقرر عوامل من بينها الكرامة الوطنية والبعد
الإستراتيجي وميزانيات بمليارات الدولارات إضافة إلى عدد من الأفكار,
متى وأين وكيف سيقوم الإنسان بخطواته التالية في الفضاء.
وتقوم وكالة الأبحاث والفضاء الأميركية (ناسا)
العملاقة في عالم الفضاء على وجه الخصوص بإعادة التفكير في هيكليتها إذ
إنها تعيد النظر في سياستها في أعقاب تحطم المكوك كولومبيا ومقتل طاقمه
المكون من سبعة أشخاص في الأول من فبراير/ شباط الماضي.
وتواجه ناسا معضلة أكبر العام المقبل حيث يتعين
عليها أن تفكر في ما يتوجب عليها عمله في ما يتعلق بأسطولها من
المكوكات التي لم تعد وسائل يعتمد عليها في وضع الأشخاص والمؤن
والمعدات في المدار بل أصبحت وسائل باهظة الكلفة بشكل كبير وأصبحت
الرحلات التي تقوم بها أقل عددا بسبب تشديد أنظمة السلامة.
وانتقد كثير من العلماء المحطة على أنها باهظة
التكاليف ولا تقدم أي شيء جديد فيما يتعلق بالأبحاث بل إنها تلتهم
الأموال المخصصة لمشروعات أخرى كان يمكن أن تجرى بواسطة روبوتات بحيث
تكون أكثر فائدة وبعيدة عن أي مخاطرة.
وتم تعليق برنامج تجميع محطة الفضاء الدولية وخفض
عدد طاقمها إلى أدنى مستوى بحيث أبقت على عدد قليل للقيام بمهمات
الصيانة الأساسية بينما تحضر ناسا بنشاط وحماس للمهمة المكوكية التالية
التي من المقرر مبدئيا أن تتم في سبتمبر/ أيلول 2004 وتفكر بكيفية
استبدال كولومبيا أو ما إذا كان من الضروري استبدالها.
ومن المعروف أن النقاش في مجال الاستكشافات
الفضائية يدور دائما حول ما إذا ينبغي أن تكون المهمات الفضائية مأهولة
أم غير مأهولة وربما رجحت كارثة كولومبيا ووضع محطة الفضاء الدولية كفة
الخيار الثاني.
إلا أن البرامج الفضائية الأميركية للقيام بمهمات
مأهولة ربما تحرز دفعة بعد قيام الصين بأول مهمة مأهولة إلى الفضاء في
15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي إطار سعيها للتفوق على روسيا التي كانت القوة
الفضائية رقم 2 في العالم والتي تعاني ميزانيتها من العديد من المشاكل
بسبب التدهور الاقتصادي, وضعت بكين العديد من المشاريع من بينها بناء
محطة فضائية خاصة بها وإرسال مركبات فضائية للدوران حول القمر خلال
ثلاث سنوات وكذلك إجراء عملية هبوط غير مأهولة على القمر عام 2010.
وجرت خلال هذا العام أحداث هامة في عالم الفلك إلا
أن تلك الأحداث لم تأخذ مكانها البارز في خضم الأحداث الجسام التي حصلت
هذا العام. فقد أصدر الفلكيون البريطانيون والأستراليون أدق حساب على
الإطلاق لعدد النجوم التي تضيء سماء الكون المرئي وقالوا إنها تبلغ
حوالي 70 سكستليون (ألف مليون مليون مليون).
كما أطلقت ناسا في أغسطس/ آب الماضي ما وصفته بأعظم
مرصد فضائي وهو تلكسوب "سبيتزير" للأشعة تحت الحمراء الذي سيمنح
الإنسان نظرة إلى أعماق الفضاء.
أما تلسكوب "ويلكنسون مايكرويف إنيسوتروبي بروب"
الذي يعمل على الموجات القصيرة وأطلق عام 2001 فقد أنتج أوضح صور على
الإطلاق للكون بعد 40 ألف عام من "الانفجار العظيم" (بيغ بانغ). وأثبت
تحليل البيانات من التلسكوب أن الكون ليس مسطحا بل كرويا. |