ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

على خلفية زيارة مساعد الخارجية الإيرانية لكابل... الحضور الإيراني في ترتيبات الملف الأفغاني

محمد عبد الله محمد / البحرين

جاءت زيارة مساعد وزير الخارجية الإيرانية لشؤون آسيا واستراليا محسن أمين زادة إلى أفغانستان لتعيد تأكيد الحضور الإيراني في ترتيبات الملف الأفغاني الشائك وكذا استتباعاً لمسلسل الزيارات البينية بعد سنوات عجاف عاشاها البلدان إبّان حكم حركة طالبان (1996 – 2001) التي سخّرت بنيانها الآيدولوجي السلفي المتطرف لإدارة علاقات سياسية إقليمية الأمر الذي أفضى إلى علاقة مأزومة تتمعير بمذهبية حاقدة جرّت (أو كادت تجر) المنطقة إلى صراع ديني – ديني خطير لا يُعلم أين يُفضي بها .

وبعد أحداث 11 / سبتمبر وحين بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تتجهّز وتُجيّر حلفائها للحرب العالمية على الإرهاب، رفضت طهران ذلك التحالف قائلة بأنها لن تساهم في أي تحرك تقوده الولايات المتحدة لأن الأخيرة " ليست صالحة وغير صادقة للقيام بتلك الحملة " كما صرّح بذلك المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإمام الخامنئي وأن إيران مستعدة لتقديم العون لهذا التحرك العالمي في إطار الأمم المتحدة شريطة أن لا تخضع لنفوذ واشنطن وغيرها من الدول الكبرى، كما لم يفلح وفد الترويكا الذي زار طهران بعيد هجمات سبتمبر أن يُقنع القيادة الإيرانية في ذلك أيضاً .

وعندما قامت القوات الأمريكية والبريطانية بضرب الخطوط الأمامية لحركة طالبان بعد رفضها تسليم زعماء تنظيم القاعدة أو إبعادهم (هكذا أُعلِن) أعلنت إيران الحياد العسكري المباشر وأغلقت حدودها مع أفغانستان باستثناء نقطة إقليم خراسان وهي أكبر إطلال جغرافي مع الحدود الأفغاني للتعامل مع قضية اللاجئيين إلاّ أنها أبقت على دعمها اللامحدود لتحالف الشمال المعارض والذي بدأته بعد سقوط حكومة رباني وسيطرت حركة طالبان على الحكم وكان ذلك تكتيكاً منها لتفادي كل ما يهدد أمنها القومي أو يهددها بالعزل عن الترتيبات التي قد تقوم في جارتها أفغانستان .

كانت طهران تُريد لذلك الحكم أن ينقشع خصوصاً وأنه في جانب منه عدو طفيلي هلامي كّلفها الكثير وشغلها عن قضايا عدّة من بينها تأمين حدودها مع أفغانستان الممتدة على طول 850 كيلو متر ومن ثمّ تسوية قضية اللاجئيين الأفغان (مليونان ونصف المليون يعيشون في الأراضي الإيرانية) الذين باتوا يُشكلون خطراً حقيقياً على الأمن القومي الإيراني بسبب تورّط الكثير منهم في عمليات السمسرة النَشِطَة لتجارة المخدرات، واستنزافاً هائلاً للمال الإيراني .

لقد كانت طهران (ولا زالت) حاضرة بقوة على المسرح الأفغاني ومتابعة بدقة لكل حيثيات قضاياه وبالخصوص للدول اللاعبة فيه، وكان تجسيرها للعديد من العلاقات المتينة مع قيادات تحالف الشمال ومع بعض الأحزاب الأخرى وأمراء القبائل والحرب هناك قد مكّنها من لعب دور في تسويات ما بعد سقوط طالبان وخصوصاً إتمام الاتفاق بين المجموعات الأفغانية في مؤتمر بون، حين مارست نفوذها على تحالف الشمال بغرض وضع نقط النهاية لأية خلافات تفصيلية طارئة وهو ما يعرفة المراقبون وأقرّ به الأخضر الإبراهيمي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان

وبعد طرح برنامج التنمية UNDP التابع للأمم المتحدة لإعمار أفغانستان قامت وزارة الخارجية الإيرانية وعقد ندوة " الإعمار والتنمية في أفغانستان " ودعت إليها وفداً أفغانياً من ثمانية أشخاص، يتقدمهم وزيرا التجارة والأشغال العامة، ونائب وزير خارجية طاجيكستان، وممثلون عن البرلمان الأوروبي وبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي، وباحثون من ألمانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان، ومن الحكومة الإيرانية ثلاثة وزراء وأربعة من نواب الوزراء، وعدد من الباحثين، فضلا عن ممثلي 50 شركة عاملة في القطاع الخاص، وهو ما مهّد لها الطريق للنفاذ إلى الدخل الأفغاني والبدء في تكوين حضور إيراني فاعل حيث أوكِل إليها صياغة المنظومة التعليمية الجديدة وبناء المدارس والجامعات وتعبيد الطرق وتدريب قوات الأمن وعقد العديد من الاتفاقيات التجارية الأمر الذي حدا بواشنطن لأن تُحذر كرزاي من مغبة التساهل حيال نفوذ إيراني قوي بدأ في التغلغل في قضايا حسّاسة واستراتيجية دخل أفغانستان، وأن إيران تحاول أن تتأكد من أن أفغانستان لا تزال بلداً إسلامياً وأنها لا تتوجه نحو المزيد من العلمنة، والغريب أن الرئيس حامد كرزاي (الأفغاني المولد والأمريكي المنشأ والجنسية) قد تحفّظ على تلك النداءات الأمريكية مُكللاً تحفظه بزيارة قام بها لطهران على رأس وفد كبير ضمّ ثمانية وزراء أواخر شهر فبراير الماضي، والتي جاءت في وقت تشهد فيه العلاقات الإيرانية - الأمريكية حالة من التوتر على خلفية وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش لإيران بأنها إحدى دول محور الشر، وقال في تصريحات مهمّة للصحفيين " إن حضورنا هنا بمثابة زيارة زيارتك لبيت أخيك لأن إيران دولة شقيقة لنا ونريد من دول العالم كافة أن تساعدنا كما ساعدتنا إيران
و لن نقبل أن يتعرض جيرانها للضرر من خلال أفغانستان، وينبغي لإخواننا الإيرانيين أن يثقوا في ذلك تماما" كما وقّع كرزاي اتفاقاً سياسياً مشتركاً لمكافحة المخدرات وتوطيد علاقات حسن الجوار، وكانت تلك رسالة واضحة منه للولايات المتحدة بالنسبة لتوازنات الوضع الإقليمي الجيوبوليتيكية .

كما أن الجنرال قاسم فهيم وزير الدفاع الأفغاني قد ردّ على تلك التصريحات بقوله " إن المساعدات الكبيرة التي قدمتها إيران واستضافتها لأبناء الشعب الأفغاني ستبقى ماثلة في ذاكرة هذا الشعب، واعتبر إيران جارة يمكن الوثوق بها وشريك مهم لأفغانستان، وإننا بحاجة إلى التعاون الشامل مع إيران من أجل إعادة إعمار أفغانستان .

وأمام كل ذلك الاهتمام الإيراني الجدي للقضية الأفغانية يمكن معرفة الدواعي الحقيقية لذلك على النحو التالي :

(1) يُشكّل نهر هِلْمَنْد ( 1.295 كم ) وروافده العديدة والذي ينبع من منطقة بهسود الهزارة ليصب في إيران مسألة مُهمّة جداً للمناطق الزراعية والتنموية للحدود الإيرانية الغربية خصوصاً فيما يخص العمل على ترميم طريق هرات - إسلام قلعة، وإيجاد جسر على نهر هلمند وفتح ميناء جديد بالتعاون مع الهند لنقل البضائع للأسواق الأفغانية من ميناء بندر عباس الإيراني بدلاً عن ميناء كراتشي الباكستاني .

وكذلك العمل على بناء طريق يربط إيران بأوزبكستان وطاجكستان عبر الشمال الأفغاني، يضاف إلى كل ذلك فإن الأرض الأفغانية لا تزال بكراً من ناحية الطبيعة الجغرافية والاقتصادية والتجارية فالأراضي الزراعية المزروعة لا تتجاوز الـ 22 % من مُجمل الأراضي الصالحة للزراعة، كما أن أرض أفغانستان غنية بخمسين نوع من المعادن كالحديد ( أكبر مخزون من الحديد النادر في العالم تبلغ أكثر من مليوني طن منها 63 % حديد خالص ) والنحاس والفحم والرصاص والذهب والكروم والأمنيوم والفضة والجير والرخام والياقوت، وبالتالي تُصبح السوق الأفغانية مكاناً خصباً لأي مشاريع اقتصادية وتنموية وبالخصوص ما يتعلق بالوكالات والوساطات التجارية .

لذا فقد جاء إعلان الحكومة الأفغانية عن برنامج شامل لإعادة إعمار البلد على ستة محاور أساسية هي التعليم والصحة والمواصلات والري والتنمية الريفية وبناء المؤسسات الحكومية فرصة تاريخية للنفوذ التجاري والسياسي الإيراني في أفغانستان حيث قامت الشركات الإيرانية‎ بإنشاء طريـق‎ دوغـارون هرات‎‎ وتأهيل شبكه الكهرباء لمدينه‎ هرات، كما بدأت في تدريب قوات الأمن والدفاع وهو ما عرضه شمخاني على وزير الدفاع الأفغاني الجنرال قاسم فهيم .

(2) تُعاني إيران كثيراً من تجارة المخدرات القادمة من حدودها الغربية عن طريق عصابات تهريب مُسلحة تنشط على طول الحدود الممتدة بطول 850 كم مربع، حيث أن خريطة الإنتاج والتوزيع مُقسّمة على محورين : الأول : هو محور الإنتاج وقلاعه في المثلث الذهبي الذي يتألف من لاغوس وتايلاند وكمبوديا ثم المنطقة التي اشتهرت بالهلال الذهبي في باكستان وأفغانستان أما المحور الثاني : فيتركز في التوزيع أي نقل الإنتاج إلى مراكز الاستهلاك وأسواقه الرئيسية وهي الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا الغربية التي يصلها 90 % من المواد المخدرة، علماً بأن أمريكا وحدها تستهلك 80 % من الإنتاج العالمي من الكوكايين ويأتيها عبر كمبوديا .

وفي أفغانستان يبلغ إنتاج الترياك والأفيون 2000 طن سنوياً ( بلغ إنتاج الأفيون عام 2002 أكثر من 3400 طن )

وأمام تلك الخريطة الجغرافية الخطيرة لتهريب المخدرات فقد باتت تلك التجارة تُمثّل تهديداً جدياً على الأمن القومي الإيراني وعلى مئات الآلاف من الشباب الإيراني الذين تورطوا في عمليات إدمان قاتلة وبالخصوص في المحافظات المتاخمة للحدود مع أفغانستان (إقليم خراسان) وقد قامت طهران في سبيل ذلك بإنشاء هيئة أركان مُسلحة مستقلة تابعة مباشرة لمكتب رئاسة الجمهورية ويرأسها وزير الداخلية وبضميمة كل من قوى الأمن الداخلي وقوات من حرس الثورة الإسلامية (الباسدران) حيث تقوم بين حينٍ وآخر بإجراء مناورات تشارك فيها 80 % من عناصر الهيئة بغرض تعطيل عمليات التهريب وقد قُتِل الآلاف منهم خلال مواجهات حقيقية مع عصابات التهريب التي تمتلك الكثير من الأسلحة الثقيلة كصواريخ أرض جو وراجمات صواريخ وهو ما يُكلف إيران مبالغ باهضة .

لذا فإن تحيين الحضور الإيراني الفِعلي في أفغانستان سيساعد بقوة على تحريك هذا الملف لدى القادة الجدد في كابل .

(3) انتبهت إيران إلى أن المستطيل الجغراسي من طوروس إلى المحيط الهندي والتي تكون أفغانستان في خاصرته الجنوبية الشرقية هو مفتاح آسيا ويتضمن مواقع تاريخية ودينية واقتصادية واستراتيجية مهمّة، وقد قال شاعر باكستان الكبير محمد إقبال " آسيا جسد من طين وماء، أفغانستان قلبه، من صلاحه تصلح آسيا كلها، ومن فساده فساد آسيا " وهي مقولة تستحق التمعن والقراءة، وأعتقد أن الإيرانيين قرأوها جيداً خصوصاً وأنهم يتطلعون لمد ذراعهم نحو شبه القارة الهندية صاحبت الرقعة الجغرافية الضخمة (3.3 مليون كم2) وثاني أكبر تعداد للسكان في العالم بعد الصين (1.1 مليون إنسان) وثالث أكبر اقتصاد في أسيا لإيصال الغاز المُسال إليها وكذا بغرض الاستقواء بها لرفض التواجد الأمريكي في منطقة الخليج بسبب تخوف الهند من أن ذلك التواجد قد يُقلِّص حرية حركتها، وأن أي صراع قد ينشب في غرب آسيا وتشترك فيه قوى دولية عدة قد ينعكس سلباً على مصالحها الهندية وهو ما يتوافق مع سياسة إيران الخارجية ومخاوفها الأمنية، كما أن طهران تطمح في تصيير الهند مصدراً مهمّاَ للتكنولوجيا العسكرية وتكنولوجيا المعلومات الكمبيوترية الرائجة لدى الهنود، وهو ما يحتاج لتأمين ممرات وطرق وأجواء يمكن الوثوق بها من قِبَل رؤوس الأموال وكانت الهند قد ساعدت إيران على إعادة برمجة الغواصات الروسية الثلاث (التي قامت إيران بشرائها من روسيا) على نظام السير في المياه الدافئة

كما أن تقريب التعاون الهندي الإيراني جغرافياً سيساعد على ترتيب الملف الأفغاني بما يتوافق وأجندة دول جنوب شرق القارة الآسيوية، وهو رأيناه جلياً في ندوة إعمار أفغانستان التي نظمتها الخارجية الإيرانية حيث كان الحضور الهندي واضحاً وبجلاء أكثر من أي دولة أخرى .

كما أن الإيرانيين باتوا يعتمدون بشكل استراتيجي على دول جنوب شرق آسيا ككتل نَشِطة في السياسة الدولية، وبالتالي فإن الاعتماد عليها في التوازنات الإقليمية له ما يُبرره، خصوصاً في ظل تنافر إيراني أمريكي صاعد، يضاف إلى كل ذلك فإن التقارب يأتي في ظل قناعة إيرانية راسخة بأن التوجه شرقاً (في عمق القارة الآسيوية) هو سياسة استراتيجية لإيران فمعدلات النمو الاقتصادي المتصاعدة في الصين والهند وفي منطقة جنوب شرق القارة وبالتحديد النمور الآسيوية تُعطي مؤشرات جيدة لأي شراكة اقتصادية مستقبلية، وأن القارة القديمة تمتلك ما لايمتلكه الآخرون من مساحة هائلة تصلح لأن تكون مرتعاً تجارياً محورياً لإيران وهي بالإضافة إلى كل ذلك تعتبر منبعاً وافراً للعمالة الرخيصة، خصوصاً وأن الهند تستورد أكثر من 70 % من احتياجات مصافيها التي يمكنها معالجة 3.2 مليون برميل يومياً وتأتي ثلثي تلك الواردات من منطقة الشرق الأوسط .

كما أن إيران تُحاول أن تلعب دور ما عبر تلك المسالك (الأفغانية والباكستانية) والهنود يُدركون ذلك جيداً فإيران وباكستان وأفغانستان دول مسلمة ولها مصالح مشتركة وتداخل إثني وعرقي كبير فالشيعة الباكستانيون يمثلون أكثر من 20 % من السكان أي ما يُعادل 28.3 مليون نسمة، وفي باكستان أكثر من 12 مليون من البلوشستان وهم من أصول إيرانية ويُشكلون 8.5 % من تعداد السكان، والأفغان يتكلمون الفارسية والتداخل البشتوني والطاجيكي مع حدود إيران الغربية واضح بجلاء لذا فإن الهند تُعَّول على إيران في لعب دور مهم في الصراع بينها وبين باكستان وكذا الأمر بالنسبة لدول آسيا الوسطى وروسيا.

 

mamalali@batelco.com.bh

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 25/12/2003 -  1/ ذي القعدة/1424