رغم كل ادعاءات الوطنية والقومية التي كان
النظام البكري الصدامي يدعيها من باب ذر الرماد بالعيون إلا أنه بين
فترة وأخرى كانت قد أخذت تنفضح أكاذيبه أمام المجتمع العراقي فالتجربة
على الأرض كان لسان حال الحقيقة المرة التي لا تقبل مغالطة أبداً،
والقائلة أن فريق الحكم الذي جاء بانقلاب 1968م هم حفنة من الخونة
المعادين لشعب العراق وأن تظاهروا بالكلام (والكلام فقط) وكأنهم وطنيون
أو قوميون.
لقد كان السباق المحموم بين العناصر الصدامية
المستوردة والمحلية العراقية التي تمثل بافتعال الهجوم على قوة
الاحتلال الأنكلو – أمريكية العسكرية وإحداث بلبلة في الداخل العراقي
مجرد صورة أولية ليست تلك القوة هي المستهدفة حقيقة أمام عناصر صدام
ومرتزقته بل أن الخطة اقتضت ذلك تماماً على أمل الانتقام من الشعب
العراقي في مرحلة لاحقة لأنه أيد بوقت مبكر أي تغيير سياسي يحصل في
العراق يكفل أبعاد كابوس الحكم الصدامي الإجرامي عن وجه العراق وحياة
العراقيين.
فإذا أدعى الإرهابيون الصداميون أن هدفهم هو
الأجنبي المحتل (الأمريكان والبريطانيين) لكنهم انعطفوا اليوم هذا
الادعاء المؤقت إذ أصبحوا الآن يوجهون رصاصهم إلى الشعب العراقي ودون
أي تحسب من أي مسؤولية.. فالجهد الإرهابي المبذول من قبل فلول عناصر
صدام داخل العراق ليس لديهم هم غير إنزال المزيد من المظالم والقتل
بالشعب العراقي فقد أوردت الأخبار الخاصة من ساحات العراق أن هناك
بقايا من المرتزقة يهددون أبناء الشعب العراقي في الشوارع والطرقات
العامة بأنهم سوف لن يدعوا أحداً من الشعب يرتاح مادام الشعب قد أيد
التغيير الذي حدث في نيسان 2003م الماضي وهذا مما يعني أن عناصر النظام
البائد ومرتزقته المستوردون إلى أرض العراق يشعرون أن إرثهم السياسي
السابق بكل ما يحويه من إجرام وتقصير وإرهاب بحق الشعب العراقي هو ما
ينبغي أن يسود وأن يتقبله الشعب عن طيب خاطر، باعتباره أمر واقع لا مفر
إلا من القبول به بكل رضوخ، ولعل المؤلم الأكثر من هذا أن بعض صحف
العراق الآن أصبحت تنشر أخباراً وبلا أسماء أن بعض المدارس ببغداد وبعض
المحافظات الأخرى تجبر إداراتها الطلبة لترديد شعارات النظام الصدامي
كل يوم خميس رغم أن فارسهم صدام مختبئ في مكان ما وهو يدعو (إبليس)
لينصره على شعب العراق!
إن محاكمة صدام وأركان حكمه الإرهابي هي مسألة
وقت والشعب العراقي بدأ يطالب بذلك وأول خطوة ستضطر قوى التحالف
للتعجيل بها هي إنشاء محكمة عراقية قانونية لتقديم أفراد عصابة النظام
السابق إلى القصاص العادل باعتبارهم مجرمي حرب أولاً وأعداء لشعب
العراق ثانياً وعندهم سوف لن يفيد صدام من جندهم من المرتزقة للقيام
بعمليات التفجير العشوائية التي طالت أبناء المجتمع العراقي الأبرياء.
طبيعي أن تردي صورة الحكم الصدامي مسألة لا يمكن
نكرانها وذلك لأن أصل تلك الصورة فيها من الخزي والعار لذاك الحكم ما
هو في غنى عن التعريف بها نظراً لكثرة الجرائم وسياسات البطش التي أضرت
بالشعب والسيادة وتعريض سمعة العراق إنساناً ومجتمعاً إلى تهم متدنية
لدرجة نالت حتى من حضارته الإنسانية العراقي ونفسه والحضاري المعروف.
إن ما فعله الحكم الصدامي في العراق يفوق ما
فعله كل المجرمين الطغاة مجتمعين ضد المجتمعات البشرية فلقد جعل أزلام
صدام باسم الشعارات الوطنية الزائفة والاعتبارات القومية الفارغة الشعب
أمام امتحان عسير بحيث أفرد النظام مجموعة كبيرة من الناس الخائفين
الممسوخين المرددين هتافات التأييد لرئيس العصابة صدام وحكمه الإجرامي
الذي سلط ذئاب السياسة من فريقه على الناس فسيروا البلاد إلى هذا
المصير الذي أثار العالم وأجبر الأجانب على إزالة النظام بعد أن وزع
هذا الأخير شروره على كل الشعب العراقي قبل غيره فأصبح الملايين منهم
مشردون خارج وطنهم لأسباب هي على الغالب غير سياسية.
ويبدو اليوم أن إرهابيو صدام مازالوا مصرون
لتحدي شعب العراق فقبل أن يزال النظام الصدامي كانت التعليمات الرسمية
تحظر على المواطنين أن يتحدثوا عن معاناتهم واليوم وبعد زوال النظام
فإن فلوله يطلبون من الشعب العراقي أن تكون له صيغة موافقة على إحلال
قتلهم في العمليات الإرهابية فتأملوا.. وهذه هي وجهة نظر أزلام صدام
المحصورة بأن بقبل كل إنسان عراقي بما كتب عليه من قدر النظام الذي لم
يراعي أي حرمة للمواطنين العراقيين لا أثناء فترة حكمه ولا بعد زواله.
إن مرتزقة صدام (المحليون والمستوردون) يلفظون
اليوم الأنفاس الأخيرة لهزيمتهم القريبة ومحو أي أثر لهم من العراق بعد
أن حجمت المتطرفة وأصبحت ملاحقة دولياً إذا ما أبدت تأييداً لعصابات
سياسية تسيء لشعوبها ولم يبق من تلك القوى الآن سوى رموز إرهابية تحاول
أن تثبت وجودها مجدداً في العراق ضمن لوبي يقدر السياسيون الواعون أن
كل ما يحدث الآن في العراق هو إلى زوال حيث سيباد على يد العراقيين
الوطنيين كل مرتزق محلي أو مستورد فالاستبداد في العراق أصبح مرفوضاً
والعراق الذي أطلق عليه الرأي العام العالمي بأنه (بلد المقابر
الجماعية) مسألة عليها متابعة قانونية عراقية ستظهر على ساحات العراق
قريباً وقريباً بعون الله تعالى لمحاسبة من قام باقتراف جريمتها. |