أعرب وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي المجتمعون في
بروكسل امس عن ترحيبهم بالاعلان الذي صدر نهاية الاسبوع الجاري حول
الفترة الزمنية لنقل السلطة في العراق من التحالف الى حكومة عراقية قبل
نهاية العام 2005. وجاء في نتائج الاجتماع حول الازمة العراقية ان
الوزراء رحبوا بهذا الاعلان الذي ينص على نقل السلطة الى حكومة عراقية
انتقالية في نهاية يونيو (حزيران) 2004 وصياغة دستور يؤدي الى تشكيل
حكومة عراقية منتخبة ديمقراطيا ومعترف بها دوليا. من جهته دعا وزير
الخارجية البريطاني جاك سترو امس الى نقل سريع للسلطة الى الشعب
العراقي لكنه أكد على ان الامن يبقى الاهم. وقال للصحافيين لدى وصوله
الى بروكسل لحضور اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي «ليست هناك عصا
سحرية للتعامل مع الارهاب المروع في العراق وان ما يجب ان نضمنه هو
انتقال السلطة بأسرع وقت ممكن الى الشعب العراقي ولكن بطريقة تضمن
الرخاء والامن للعراقيين مستقبلا». واضاف سترو ان وزراء الدول الخمس
عشرة الاعضاء في الاتحاد والدول العشر التي ستنضم للاتحاد قريبا
سيبحثون الوضع في العراق. وأردف قائلا «يجب ترك الامر لممثلي العراقيين
ومجلس الحكم في الوقت الحالي لاتخاذ قرار بشأن الموعد بناء على طلب
الامم المتحدة».
من جانب اخرتوصل الحاكم المدني الأميركي بول بريمر
ومجلس الحكم المؤقت في العراق الى اتفاق لنقل السلطة الى حكومة عراقية
جديدة يعينها مجلس تمثيلي موسع منتخب من قبل المجالس المحلية في
المحافظات العراقية الثماني عشرة وذلك بحلول نهاية يونيو ( حزيران)
القادم، وقد أعربت فرنسا عن شكوكها إزاء هذا الخيار ودعت الى تسريع نقل
السيادة والمسؤوليات الى العراقيين. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي
دومينيك دو فيلبان الذي كان مفترضا ان يجتمع أمس مع نظيره الأميركي
كولن باول في بروكسل ان استحقاق نهاية يونيو المقبل «متأخر جدا»،
مطالبا بالإسراع في نقل السلطة الى العراقيين وتشكيل حكومة عراقية
جديدة قبل نهاية العام الجاري. وقدم الوزير الفرنسي، في حديث نشر أمس
في صحيفة «لا كروا» الكاثوليكية ثلاثة مقترحات تتمثل بالإسراع في تعيين
مبعوث خاص للأمم المتحدة في العراق تكون مهمته مواكبة عملية نقل
السيادة والسلطة الى العراقيين رغم الانسحاب النسبي والمؤقت للمنظمة
الدولية، وإنشاء «جمعية تمثيلية» على طريقة النموذج الأفغاني وذلك من
خلال دمج مجاس الحكم المؤقت واللجنة الدستورية والحكومة الحالية. وتضم
كل هيئة من هذه الهيئات 25 عضوا. ويقترح الوزير الفرنسي، ضم قوى اخرى
لم يحدد هويتها الى الهيئات الثلاث، الأمر الذي يساعد، من وجهة النظر
الفرنسية، على زيادة تمثيل هذا المجلس للمجتمع العراقي. لكن الوزير
الفرنسي لم يأت على ذكر كيفية تعيين الأعضاء الجدد للمجلس التمثيلي
المؤقت ولا عددهم ولا القوى المفترض أن يمثلوها. وينص المقترح الفرنسي
الثالث على أن يقوم المجلس التمثيلي المؤقت «بانتخاب حكومة مؤقتة من 15
عضوا» قبل نهاية العام الجاري بحيث تجسد الحكومة السيادة العراقية
وتنقل لها تدريجيا السلطة التنفيذية في العراق. ولا يرى الوزير الفرنسي
أي تناقض بين ما يقترحه وبين «المسار الدستوري» الذي يمكن أن «يمتد الى
عدة شهور». وبحسب باريس، فإن الوضع الميداني «لا يحتمل التأجيل
والانتظار» علما أن التوجه الأميركي الجديد لنقل السلطة الى العراقيين
يأتي في إطار ما تدعو إليه باريس منذ شهور.
وتدعو باريس الى الدفع في تسريع نقل السيادة
والصلاحيات ونهاية الاحتلال الأميركي وتعتبر ذلك السبيل الوحيد من أجل
«فك الارتباط» القائم ميدانيا بين القوى التي تقاتل قوات التحالف.
وبحسب دو فيلبان، فإن القوى التي تحارب الأميركيين وحلفاءهم هي الشبكات
الإرهابية، والمقاومة الوطنية، والمجموعات الاصولية وان نقل السيادة
والصلاحيات الى العراقيين «يساهم» في فك الارتباط بين هذه القوى ويعزل
الإرهابيين والاصوليين عن قوى المقاومة الوطنية. ولا تدعو فرنسا الى
انسحاب القوات الأميركية من العراق، لكنها تربط ذلك بأمرين هما مواكبة
المجموعة الدولية ورغبة السلطة العراقية الجديدة. والى جانب ذلك، ترى
فرنسا أن لا بديل في الوقت الحاضر عن الحضور العسكري الأميركي في
العراق. ولكن مع انتهاء صيغة الاحتلال وعودة السيادة الى العراقيين
وقيام سلطة شرعية، فإن الوضع سيتغير وقد يشجع الدول الاخرى على إمكانية
المشاركة في قوة حفظ سلام جديدة في العراق وعلى رأسها فرنسا. وبحسب
المصادر الفرنسية، فإن هذه التطورات الجديدة بخصوص العراق تستدعي
العودة الى مجلس الأمن الدولي وصدور قرار جديد عنه. وأبدت باريس
استعدادها للعمل مع واشنطن. وسبق للوزير دوفيلبان أن أكد على سياسة «اليد
الممدودة» تجاهها. |