صدام.. العبد المأمور لذاته المريضة الذي قطع كل
صلة إنسانية مع شعبه العراقي وحكمه بقوة الحديد والنار والحيلة، ماذا
جنى من كل ذلك؟ والخطب على مصيره بالقتل الحق قد أصدره الشعب عليه منذ
زمن ليس قليل فخيانته للعراق مسألة غير قابلة لنقاش.
شبح صدام لم يزول بعد عن ذهن العراقيين الوطنيين
ومعهم أحرار العرب والعالم فالجميع ينتظرون ذلك اليوم الذي سيتم فيه
القصاص القانوني والعادل بحق أعتى رئيس دولة أختار من نفسه أن يكون
عدداً لبني جلدته وهكذا يمكن تسميته مجازاً مع أن العاهر حين تخرج عن
سرب عائلتها الشريفة لم تعد من أفرادها ومبدأ (يوم العدل على الظالم
أشد من يوم الباطل على المظلوم) ربما تحكم به وقت قصير لن يطول أكثر.
وحتى لا يقال أن هناك حقداً مبيتاً على صدام
وأركان حكمه فإن السؤال التاريخي الممكن طرحه على الرأي العام العالمي
قبل الرأي العام العراقي أو الرأي العام العربي هو – كيف كانت منزلة
العراقي كـ(مواطن) بين مواطني العالم؟ هل ينكر أحد رفعته ونفسه الحضاري
المتميز؟ أليس صدام وحكمه الجائر هو الذي نفذ المؤامرة الكبرى على
الإنسان العراقي حتى جعله يجول البلدان طلباً لرغيف الخبز والعراق
الفتي بما يملكه من خيرات قياساً لقلة نفوسه يعتبر من البلدان الأوائل
في العالم الذي ينبغي أن يعيش مجتمعه بخير ودلال وسؤدد.
عجيب حقاً أمر السياسة في جانبها المظلم وتفننها
البشع من تعميم المظالم والتواصل لسنين دون توقف لإرهاب الإنسان
العراقي ولعل الأتعسى من كل ما حدث ويحدث الآن في العراق من إلحاق
الموت بالمواطنين العراقيين الآمنين يتم الذين تحت شعار المبادئ
المزيفة التي لم تكن يوماً قابلة للتصريف) فمن أين أتى هذا النسيج
النشاز الذي جعل من الملوم حثالة المجتمع العراقي فريقاً سياسياً
ليحكموا أخيار البلد؟ وقد كانوا منذ أول أيام سلطتهم بالمرتين 1963
و1968م يلمسون رفض واستنكار الشعب العراقي لهم بسبب عدم أهليتهم للحكم
وكذلك نبذ المجتمع لهم الذي لم تخفى عنه ظاهرة من يكون هؤلاء الضائعين
وطبيعي فإن المبادئ المزيفة تلك بقدر ما أخذت مأخذها في التطبيق
المعادي للشعب وتنفيذ خطة تخريب البلاد والعباد إلا أنها مبادئ انطلت
ويا للأسف على البعض الذين يعضون اليوم على أصابعهم نادمين على ما
أبدوه من مواقف مخزية خدمت تلك الحثالة التي نجحت من اقتحام المجال
السياسي لأجل تحقيق مآربهم الشخصية البحتة من جاه وموارد الدولة التي
تعود للشعب. لذلك فقد لوحظ رغم طوال سنين الحصار الدولي على العراق
نتيجة لمؤامرة احتلال الكويت فإن من لم يتأثر بذاك الحصار الاقتصادي
المحكم هم صدام ومن معه فقط وكأن الحصار كان قد استثنى صدام وعائلته
وفريق عصابته من أي مساس بالامتياز (المال والجاه) مما كانوا يبتزوه من
خزينة الدولة العراقية بطرق علنية وخفية.
لقد أراد صدام وفريق حكمه من تأديب الشعب
العراقي تارة عبر إرهابه وأخرى عبر تجويعه وسط دعاية إعلامية كاذبة
كانت تنقل الصورة الطافية على السطح، وكان مبدأ كل من يرفض التعاون
معنا هو ضدنا، بمثابة سيف قد سلط على الرقاب العراقيين.
لذلك فقد اختفت آثار كثير من قضايا المفقودين من
المواطنين الذين تم إلقاء القبض عليهم من قبل نظام صدام وإرهابيوه
وتؤكد المعلومات الوثيقة أن أعداداً من تم العثور عليهم في (المقابر
الجماعية) لا يساوي شيئاً أمام الأرقام الكبيرة لهؤلاء المفقودين الذين
يعدوا بمئات الآلاف إن لم يكونوا أكثر! فهل كان كل هؤلاء سياسيون
معارضون للنظام الصدامي البائد؟ إن الجواب على مثيل هذه السؤال يصعب أن
يجيب عليه صدام نفسه إذا طرح عليه أثناء محاكمته التي يتمنى الشعب
العراقي أن تسبق (قتله الحق) فربما في قتله بعض من إنقاذ سمعته أمام
بعض الأخوة العرب الذي تلف أذهانهم (غمامة اللامعرفة) بهويته.
واليوم.. ومع أن صدام مختبئ في ظروف سياسية غير
مقبولة أن تستمر لزهاء سبعة أشهر وهو في بلد أصبح فيه مطلوب لشعبه كي
يقدمه إلى القضاء العادل فإن فلول صدام لم تتورع عن استخدام أخس
الأساليب الإرهاب ضد شعب العراق الصابر وهذا ما يستدعي من قبل المعارضة
العراقية الحقيقية وقفة مع النفس لتقييم الأوضاع العراقية بكل جرأة دون
الرجوع إلى أي مؤثر انتهازي ومن ذاك مثلاً تعبئة الشعب لإلقاء القبض
عليه وفرض الإسراع بتقديم أفراد عصابته وبالذات الملقى القبض عليهم إلى
محاكمات قانونية وذلك لأن إبقاء هذه المسألة هي من صالح المجهول
السياسي القادم وإذا كانت هناك عوائق فنية أو ادعاءات لم تستوعب خطورة
الوضع العراقي الداخلي فيمكن تشكيل محكمة عراقية وطنية تشرف على أحقية
تأسيسها الأمم المتحدة ذاتها على اعتبار أن صدام يدخل اسمه ضمن قائمة (مجرمي
الحرب) ليس ضد الحكومات الجارة بل ضد شعبه العراقي أيضاً وإلا فلماذا
الانتظار على قضية لا يتحمل العدل والإنصاف تأجيلها؟!
إن صدام اللاعب القديم على حبل السياسة مازال
محترماً بلعبه وباعتقاده أن تحالفه الخطير مع بعض المرتزقة أو المغرر
بهم من غير العراقيين (وبالذات المراهقين منهم) يراهن ومن معه على أن
يستعيد موضع قدم له في حكم جديد للعراق فتلك هي غاية الإرهابيين
الصداميين اليوم وما يقترفوه من جرائم قتل عشوائي ضد المواطنين
العراقيين الآمنين قبل غيرهم من الأجانب المحتلين مؤقتاً للعراق بحسب
تعميمات الخطاب الأنكلو – أمريكي الغربي الموجّه للرأي العام في الكون
الأرضي. |