اخذ العراقيون يتعاملون مع دينارهم الجديد بمزيد من
الالفة، على الرغم من قصر المدة التي تعرفوا فيها عليه، وعلى الرغم من
ان القيمة الشرائية لا تختلف عن القيمة الشرائية للدينار السابق، الا
بقدر بسيط جدا في مكاتب الصيرفة، تتساوى هذه القيمة في مجالات الشراء
والبيع كافة.
وقال الخبير الاقتصادي اسعد محمد علي، ان ميزة
الدينار الجديد هي انه غير قابل للتزوير، بينما كانت العملة السابقة
تطبع حسب الامزجة والاهواء في مطابع عدة، ومنها مطابع التزوير.
والمعروف ان قيمة الدينار الجديد هي نفس قيمة الدينار القديم، بسبب
تعادل الكميات المطروحة. ولما كانت العملة الجديدة مطروحة على وفق
ضوابط، وبكميات محسوبة، فان موازنته مع الدولار ستأخذ ابعادا غير سابقة.
وستكون كميات العملات الاجنبية في السوق اكثر من كميات العملة الجديدة
المنضبطة. ومن هنا لا بد ان ترتفع قيمة الدينار. وسعر الصرف حاليا هو
نفس سعر الصرف السابق ( 1/2000 ) من الدولار ( + 10 او ـ 10)، ولكن مع
سحب العملة القديمة وضبط الاوراق النقدية المزورة سيكون الفارق ملحوظا،
وسيكون هناك ارتفاع في قيمة الدينار وسيصل حسب توقعات الكثيرين الى
1/1500 من الدولارات في وقت قريب.
والدينار الجديد له مزاياه الايجابية حسب مكاتب
وشركات الصيرفة. وقال داود سلمان مدير شركة «الرفد» ان اهم مزايا
العملة الجديدة هو شكلها المقارب لشكل العملة القديمة على الرغم من
فارق اللون والقيمة. وسيؤدي انتشارها الى قيام الكثيرين بالتخلص من
عملاتهم الاجنبية، وخاصة ذات الارقام الصغيرة، لصالح الارقام الكبيرة
من العملة العراقية الجديدة. وهذا بدوره سيؤدي الى ارتفاع قيمة الدينار.
واضاف «في السابق كان سعر صرف المائة دينار كورقة واحدة اعلى من سعر
صرف المائة دولار المجزأة (لسهولة حمل اكبر كمية ممكنة والتعامل بها)،
ثم تغيرت المعادلة في السنوات الاخيرة فاصبح سعر التجزئة اكثر من سعر
الفئات الكبيرة (المائة دولار)، او اصبح السعر واحدا، لان التعامل في
السوق يجري بموجب سعر الدولار، ويستطيع المواطن ـ على سبيل المثال ـ ان
يحمل في جيبه الصغير 80 الف دينار على شكل عملات دولارية صغيرة، بدلا
من ان يحمل كتلا من الدنانير العراقية، كما ان توفر العملة الجديدة
بفئة عشرة الاف دينار سيجعل المواطن يستغني عن اقتناء الخمسة او ستة
دولارات، وتوفر العملة من فئة خمسة وعشرين الف دينار، يغني المواطن عن
حمل رزمة من الاوراق النقدية بهذه القيمة، اذ قد تضطره بعض الظروف الى
شراء من اماكن لا تقبل الدولار او ليس فيها مكتب للصيرفة.. العملة
الجديدة ستزيد من ضخ العملات الاجنبية في السوق والاقبال على العملة
العراقية، وهذا بدوره يرفع قيمة الدينار الجديد الذي يزداد الاقبال
عليه حاليا.
وفي سوق الكرادة قال المتبضع جواد شاكر الخزرجي،
الذي اوضح ان جيبه لا يخلو من الفئات الدولارية الصغيرة، التي يستخدمها
لشراء أي شيء يحتاجه، فبدلا من ان ينفخ جيوبه برزمتين من النقود (200
ورقة فئة 250) يكتفي بحمل عدة اوراق من الدولارات من فئة خمسة اوعشرة
دولارات او اكثر. ويقول الخزرجي «النقود العراقية الجديدة هي البديل
المناسب. ان ورقة العشرة الاف دينار تعوض عن هذه الدولارات، اما ورقة
الـ25 الف دينار المتداولة حاليا على نطاق ضيق، فانها تحل الكثير من
الاشكالات».
وللخزرجي رأي اخر ايضا، فهو يلاحظ ان المواطنين
يقبلون على ورقتي الـ 1000 دينار والـ250 دينارا اكثر من غيرها، لسهولة
التعامل بها في الاسواق العامة وسيارات الاجرة والامور الخدمية. وهما
الان الاكثر رواجا مع الفئات الاخرى. ويوضح «عندما استقل سيارة الاجرة،
ويطلب من السائق 1500 او 2000 دينار، فانا لا اضطر الى اعطائه خمسة
الاف دينار، ثم يعيد لي المتبقي من العملة السابقة، اولا يجد ما لديه
لاعادة بقية المبلغ فيقف ليبحث عمن يستبدل عنده الخمسة الاف دينار
بفئات اقل. وبصراحة الناس لا ترغب في اعطاء عملة جديدة نظيفة، ثم تأخذ
المتبقي عملة قديمة ورديئة. وهذا هو السبب الرئيسي لكثرة الاقبال على
فئة الالف دينار وفئة الـ250 دينارا، اما العملات الاعلى فتستخدم
للمشتريات الأعلى».
ولكن هناك من يشعر بالتضرر من العملة الجديدة، لان
العاملين الذين يتقاضون اجورهم بالدولار، وتم تحويل مبالغهم الى
الدينار، يشعرون ان رواتبهم قد انخفضت، حيث المعدل الرسمي هو 1600 ـ
1700 دينار للدولار، بينما السعر السائد هو 2000 دينار للدولار الواحد.
وقد جاء سلم الرواتب الجديد بهذا الشكل (18 دولارا = 300000 دينار)
و240 دولارا = 400000 دينار).. وهكذا. الا ان الشعور بالتضرر يقابله
شعور بان قيمة الرواتب بشكلها الحالي ستزيد، اضافة الى الزيادات
المقررة في سلم الرواتب الجديد الذي سيتم العمل به في السنة المقبلة. |