ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

النشوء والإرتقاء: الزمن يتسارع

الباحث السوري : هشام محمد الحرك

في البدء كانت الكلمة ... والكلمة أصبحت لحماً.

يوحنا

كلما نظرت أبعد إلى الخلف يمكنك أن ترى أبعد إلى الأمام.

وتستون تشرشل

سنعود إلى ركبة المنحنى لكن دعنا نغوص أكثر في الطبيعة الأسية للزمن. جرى في القرن التاسع عشر إفتراض مجموعة مبادئ موحِّدة سُميت قوانين الديناميكا الحرارية، وكما يوحي أسمها فإن هذه القوانين تتعامل مع الطبيعة الديناميكية للحرارة وكانت هي أول تنقيح مهم لقوانين الميكانيكا الكلاسيكية التي صاغها إسحاق نيوتن قبل ذلك بقرن. كان نيوتن قد وصف عالماً له كمال الساعة تتبع فيه الجسيمات والأشياء بمختلف أحجامها أنماطاً شديدة التنظيم قابلة للتنبوء بها بينما وصفت قوانين الديناميكا الحرارية عالماً من الفوضى، وذلك حقاً هو حال الحرارة. فالحرارة هي الحركة الفوضوية – التي لايمكن التنبوء بها – للجسيمات التي تؤلف العالم. ثمة نتيجة طبيعية للقانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية هي أن عدم الإنتظام ( والمسمى " إنتروبيا " ) يزداد في نظام مغلق (مثل الكون حيث الكيانات والقوى تتفاعل غير عرضة لنفوذ خارجي). وهكذا بتركه وشأنه فإن نظاماً كالعالم الذي نعيش فيه يصبح فوضوياً بإطراد. يحد كثير من الناس أن هذا يصف حياتهم وصفاً إلى حد ما أفضل، ولكن في القرن التاسع عشر كانت قوانين الديناميكا الحرارية تُعتبر إكتشافاً مزعجاً. ففي بداية ذلك القرن بدا أن المبادئ الأساسية التي تحكم العالم هي مبادئ مفهومة ومنظمة في نفس الوقت. لم تكن هناك سوى تفاصيل قليلة لإستكمالها أما الصورة الأساسية فكانت تحت السيطرة.

لقد كانت الديناميكا الحرارية هي أول تناقض لهذه الصورة الهنيئة، ولن تكون الأخير.

يبدو قانون الديناميكا الحرارية الثاني، الذي يُسمى أحياناً قانون الإنتروبيا المتزايدة، كأنه يشير ضمنياً إلى أن الظهور الطبيعي للذكاء أمر مستحيل. إن السلوك الذكي هو نقيض السلوك العشوائي وأي نظام قادر على التجاوب العشوائي وأي نظام قادر على التجاوب الذكي مع محيطه لابد من أن يكون منظماً بشدة تتألف كيمياء الحياة – لاسيما كيمياء الحياة الذكية – من تصاميم دقيقة دقة إستثنائية، وأحياناً ما تخرج التصاميم الذكية من الدوامة الفوضوية بإطراد التي تمر فيها الجسيمات والطاقة في العالم. كيف لنا أن نوفق بين ظهور الحياة وقانون الإنتروبيا المتزايدة؟

هناك إجابتان أولهم هو أنه على الرغم من أن هذا القانون يبدو متناقضاً لزخم النشوء والإرتقاء، والذي يميل إلى نظام دقيق بصورة متزايدة، فإن الظاهرتين غير متناقضتين لزوما، فالحياة تكون منظمة وسط فوضى عظيمة ووجود أشكال من الحياة لا يؤثر تأثيراً ذا بال على مقياس الإنتروبيا في النظام الأكبر الذي نشأت فيه الحياة. إن الكائن الحي ليس نظاماً مغلقاً بل هي جزء من نظام أكبر نسميه البيئة والتي هي شديدة في انتروبيتها. وبتعبير آخر فإن الإنتظام الذي يمثله وجود أشكال من الحياة ليس بذي أهمية من حيث قياس اإنتروبيا الكلية.

إذن على الرغم من أن الفوضى تزداد في الكون فمن الممكن أن توجد في الوقت نفسه عمليات نشوئية خلقت أنماطاً دقيقة ومنظمة بإطراد7. إن النشوء عملية ولكنه ليس نظاماً مغلقاً، فهو عرضة للتأثير الخارجي ويعتمد في الواقع على الفوضى التي تكتنفه. إذن فقانون الإنتروبيا المتزايدة لاينفي ظهور الحياة والذكاء.

أما للإجابة الثانية فنحتاج إلى أن نلقي نظرة أدق على النشوء والإرتقاء بإعتباره المبدع الأصلي للذكاء.

خطى النشوء والإرتقاء المتسارعة أُسياً لعلك تتذكر أن الكوكب المغمور الذي نسميه الأرض قد تكون بعد بلايين السنين (من نشأة الكون)، ثم مدفوعة بطاقة الشمس كوّنت العناصر جزيئات أعقد فأعقد. من الفيزياء وُلدت الكيمياء.

بعد ذلك ببليونين من السنين بدأت الحياة، وذلك بأن أنماط المادة والطاقة التي إستطاعت أن تداوم (تكرر وتخلَّد) نفسها وتستمر داومت وإستمرت. إن كون أن هذا التكرار الحشوي الصريح مضى غير ملحوظ حتى قرنين مضيا لهو أمر ملفت للنظر في حد ذاته.

بمرور الزمن أصبحت تلك الأنماط أعقد من مجرد سلاسل من الجزيئات؛ فبنبات الجزيئات التي تؤدي وظائف متميزة نظمت نفسها في شكل مجتمعات من الجزيئات. من الكيمياء وُلدت البايولوجيا.

وهكذا فمنذ نحو 3.4 بليون سنة ظهرت أولى الكائنات الحية الأرضية متمثلة في بروكاريوتات (كائنات وحيدة الخلية) لاهوائية (لا تحتاج إلى أكسـجين) لها طريقة بدائية على تكرار هيئاتها. أما التجديدات الأولى التي تلت ذلك فكانت تشمل نظاماً وراثياً بسيطاً وقدرة على السباحة والتمثيل الضوئي والتي مهدت الطريق لكائنات أعقد مستهلكة للأكسجين.

كان التطور الأهم في البليونين التاليين من السنين هو الوراثة القائمة على العامل الوراثي DNA والتي منذئذ فصاعداً ستوجه التطور النشوئي وتدوّنه.

ثمة شــرط أساسي لأي عمـلية نشوء وإرتقاء وهو تدوين الإنجــاز " كتابياً " وإلا فإن العملية سيكون مآلها أن تكرر إيجاد الحلول لمشاكل محلولة سلفاً. وكان الشئ المدوَّن في حالة الكائنات المبكرة مكتوبة ( مركّباً ) في أجسامها مضمناً مباشرة كشفرة في كيمياء بنياتها الخلوية البدائية. ولكن بإختراع النظام الوراثي القائمة على العامل DNA يكون النشوء قد صمم حاسوباً رقمياً لتدوين إنجازاته. وقد أتاح هذا التصميم تجارب أشد

تعقيداً؛ فمجاميع الجزئيات المسماة خلايا إنتظمت على شكل مجتمعات من الخلايا منذ حوالي 700 مليون سنة. وفي خلال 130 مليون سنة التالية تم تصميم المخططات الجسمية الأساسية للحيوانات الحديثة بما في ذلك هيكل عظمي شوكي أتاح باكورة أسماك لها أسلوب سباحة كفء.

وهكذا بالرغم من النشوء استغرق بلايين السنين كي يصمم باكورة الخلايا البدائية فإن الأحداث البارزة عندئذ بدأت الحدوث في مئات الملايين من السنين، وهكذا تسارع واضح في الخطى.

قضت كارثة ما على الديناصورات قبل 65 مليون سنة فورثت الثديـات الأرض (وإن كانت الحشرات قد تعترض على هذا). وبظهور الرئيسيات (لثديات العليا) كان التقديم يقاس عندئذ بعشرات الملايين من السنين فقط. ثم ظهرت المخلوقات الشبيهة بالإنسان (humanoids) قبل 15 مليون سنة متميزة بسيرها على أرجلها الخلفية؛ وبذلك نكون قد وصلنا إلى خطى للنشوء مقاسة بملايين فحسب من السنين.

بظهور أمخاخ أكبر حجماً، لاسيما في منطقة القشرة المخية شديدة الإلتفاف المسؤولة عن التفكير العقلاني، ظهرت فصيلتنا نحن – فصيلة الإنسان – ربما قبل 500 ألف سنة. لا تختلف فصيلة الإنسان إختلافاً شديداً عن الرئيسيات العليا الأخرى من حيث موروثها التكاثري؛ فعاملها الوراثي DNA يماثل ما لغوريلا المناطق المنخفضة بنسبة 98.6 % وما لإنسان الغاب بنسبة 97.8 %. 12 باتت قصة النشوء والإرتقاء تتركز الآن منذ ذلك الحين في نوعية من النشوء والإرتقاء يتولاها الإنسان .. ألا وهي التقنية.

التقنية : النشوء والارتقاء بوسائل أخرى

عندما يقول عالم إن شيئاً ما يمكن فمن المؤكد غالباً أن على صواب. وعندما يقول إن شيئاً ما مستحيل فمن المحتمل جداً أنه على خطأ.

الطريقة الوحيدة لإكتشاف حدود الممكن هي التوغل قليلاً إلى ماورائها داخل المستحيل. أي تقنية متقدمة بما فيه الكفاية لا يمكن تمييزها عن السحر.

قوانين آرثر كلاركس الثلاثة للتقنية

إن الآلة هي إنسان بجلاء وبراعة وإفصاح كسوناته كمانية أو نظرية في إقليدس.

التقنية تلاحق تماماً خطى النشوء والإرتقاء المتسارعة أُسياً. الإنسان ليس الحيوان الوحيد الذي يستعمل الأدوات وإن كان يتميز بأنه إبتدع التقنية. 13 والتقنية تتعدى مجرد تشكيل الأدوات وإستعمالها؛ فهي تتضمن سجلاً من صناعة الأدوات وتقدماً في تطويرها وتحديثها.

وهي تتطلب الإبتكار كما أنها في حد ذاتها إستمرار للنشوء والإرتقاء بوسائل أخرى؛ و "الشفرة الوراثية" لعملية نشوء التقنية وإرتقائها هي السجل الذي تحتفظ به الفصيلة صانعة الأدوات. وتماماً كما أن الشفرة الوراثية للأشكال الأولى من الحياة كانت فحسب هي التركيب الكيمائي للكائنات الحية نفسها فإن السجل المكتوب للأدوات الأولى كان قوامه الأدوات نفسها. ثم لاحقاً تطورت "جينات" النشوء التقني إلى سجلات تستعمل لغة مكتوبة وهي الآن كثيراً ما تُخزّن في قواعد بيانات حاسوبية .. وستقوم التقنية نفسها في نهاية المطاف بخلق تقنية جديدة. لكن ما بالنا نسبق أنفسنا.

باتت قصتنا تقاس الآن بعشرات الآلاف من السنين. كانت هناك أنواع فرعية متعددة من فصيلة الإنسان؛ فمنذ حوالي 100 ألف سنة ظهر إنسان نياندرتال في أوربا والشرق الأوسط ثم إختفى على نحو غامض منذ حوالي 35 إلى 40 ألف سنة.

وعلى الرغم من صورتهم الوحشية فقد أنمى النيانررتاليون ثقافة معقدة شملت طقوساً جنائزية مفصّلة – دفن الموتى بزينات كالزهور.

إننا غير متأكدين تماماً مما حدث لأبناء عمومتنا من جنس الإنسان الأول لكن من الواضح أنهم دخلوا في صراع مع أسلافنا المباشرين من النوع الإنساني الذين ظهور منذ 95 ألف سنة.

استهلت عدة أنواع وتفريعات من الإنسان الأول خلق التقنية، وكان الأذكى والأجرأ من هذه التفريعات هو الوحيد الذي استمر. كان من شأن هذا أن أرسى نمطاً سيكرر نفسه طوال التاريخ الإنساني ألا وهو أن الجماعة الأشد تقدماً تصبح مهيمنة في النهاية.

قد لا يبشر هذا الإتجاه بخير فيما تتفوق الآلات الذكية أنفسها علينا في الذكاء والتطور التقني في القرن الحادي والعشرين.

هكذا بقى نوعنا الإنساني بمفرده بين الكائنات الشبيهة بالإنسان منذ حوالي 40 ألف سنة.

كان أسلافنا قد ورثوا سلفاً من أنواع الإنسان السابقة وتفريعاتها ابتكارات مثل تدوين الأحداث على جدران الكهوف والفن التصويري والموسيقى والرقص والديانة واللغة المتطورة والنار والأسلحة. لقد ظل البشر لعشرات الآلاف من السنين يبتدعون أدوات بشحذ أحد طرفي حجر، ثم إستغرق نوعنا الإنساني عشرات الآلاف من السنين ليدرك أن شحذ كلا الطرفين يتيح أداة أشد نفعاً إلى حد بعيد. بيد أن ثمة نقطة هامة هي أن هذه الإبتكارات قد حدثت وإستمرت، ولم يكن هناك حيوان آخر مستخدم للأدوات على كوكب الأرض قد أبان (كالإنسان) قدرة على خلق الإبتكارات والحفاظ عليها في استعماله للأدوات.

النقطة الهامة الأخرى هي أن التقنية عملية متسارعة لزوماً مثلها في ذلك مثل نشوء الأشكال الحياتية التي أفرزتها. لقد استغرقت أساسات التقنية – كابتداع حافة حادة من حجر – دهوراً لتكتمل وإن كانت الدهور في حالة التقنية المبتكرة بواسطة البشر تعني آلاف السنين وليست بلايين السنين التي كان يتطلبها نشوء الأشكال الحياتية ليبدأ.

كشأن نشوء الأشكال الحياتية تسارعت خطى التقنية تسارعاً كبيراً بمرور الوقت؛ فتقدم التقنية في القرن التاسع عشر مثلاً تجاوز تقدمها في القرون السابقة ببناء القنوات والسفن الكبيرة ومجيء الطرق المعبدة وإنتشار السكك الحديدية وإبتكار التلغراف وإختراع التصوير الفوتوغرافي والأفلام السينمائية والسيارات وكذلك طبعاً مصباح توماس أديسون الكهربائي. كان نمو التقنية المتضاعف المستمر في العقدين الأولين من العشرين يماثل ذلك الذي تم في القرن التاسع عشر برمته. واليوم لدينا تحولات تكنولوجية كبرى في بضعة أعوام من الزمن فقط، وكمثال واحد فحسب أحدث ثورة في الإتصالات – الشبكة العالمية للمعلومات World Wide Web - لم تكن موجودة قبل بضع سنين .

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 23/10/2003 - 25/ شعبان/1424