تعتبر مكتبة الدولة في موسكو واحدة من اكبر خمس
مكتبات في العالم بمساحة مبانيها التي تبلغ 130 ألف متر مربع
ومحتوياتها التي تبلغ 43 مليون مؤلف بين كتاب ووثيقة ومطبوعة.
ويعود انشاء المكتبة الروسية الى عام 1828 عندما
اصدر القيصر نيقولاي الثاني مرسوما بتولي الامبراطورية مسئولية حفظ
الكتب والمخطوطات واللوحات الفنية التي خلفها بعد رحيله عن الدنيا احد
النبلاء الروس ويدعى نيقولاي روميانتسيف. وفي عام 1862 انتقلت المكتبة
من عاصمة الامبراطورية الروسية سانت بطرسبورغ الى موسكو وتم تحويلها
الى مكتبة عامة.
وظل هذا الوضع على حاله حتى قامت السلطات
السوفييتية وغيرت اسمها الى مكتبة (لينين) واستقرت في احد المباني
التاريخية على بعد بضعة امتار عن الكرملين. ويصل عدد رواد المكتبة
يوميا الى 3500 يزداد عددهم خلال فترة الامتحانات الى 7 الاف وتضم 20
صالة للقراءة تتسع لـ 2200 قاريء. ويعمل في المكتبة 2500 موظف بينهم
العديد من المختصين في اللغات والاداب الاجنبية وتضم المكتبة ملايين
المؤلفات في 293 لغة اجنبية.
وتضم مكتبة الدولة في روسيا عددا من الاقسام وهي
قسم المخطوطات وقسم المؤلفات النادرة وقسم كتب الفنون الجميلة وقسم
الخرائط وقسم الادب الروسي المهاجر اضافة الى قسم المؤلفات الحربية
وقسم المؤلفات القانونية اضافة الى اقسام خاصة بالصحف ورسائل الدكتوراه
وغيرها.
وقال المدير العام لمكتبة ان الاهتمام الاساسي لهذه
المكتبة الوطية ينصب بالدرجة الاولى على جمع الادبيات والكتب والمراجع
الصادرة في روسيا والتي تتحدث عن روسيا في الخارج. واوضح فيودورف ان
المكتبة تحتوي على عدد كبير من المخطوطات البيزنطية التي تعود للقرن
الخامس والسادس ونسخ قديمة ونادرة من القرآن الكريم اضافة الى الطبعات
الاولى من المؤلفات الروسية والاوروبية.
وقال فيودورف ان المكتبة قررت افتتاح مركز خاص
بالادب الشرقي العربي والصيني والياباني. وذكر ان كافة المخطوطات
والمؤلفات العربية التاريخية النادرة ستغدو في متناول يد الباحثين
والمختصين في قاعة خاصة معربا عن امله في تعزيز التعاون والتبادل مع
الدول العربية من اجل اغناء القسم العربي في مركز الاداب الشرقية.
وقال انه سيرسل الى مكتبة الاسكندرية التي شارك في
حفل افتتاحها مؤخرا عدة مجلدات باللغة العربية لقصة الكاتب الروسي
الكبير ليف تولستوي (الحرب والسلام). وعن اثار التحولات الديمقراطية في
روسيا على مكتبة الدولة الروسية قال فيودورف انها تأثرت بصورة مباشرة
حيث لم تعد تحمل اسم مؤسس الدولة السوفييتية فلاديمير لينين وفقا
لمرسوم اصدره الرئيس السابق بوريس يلتسين عام 1992.
واضاف ان جميع اقسام المكتبة بجميع محتوياتها فتحت
امام القراء ورفعت القيود عن الطلاب الذين لم يكن مسموحا لهم بدخول
المكتبة نظرا لوجود اعتقاد بان المكتبات الجامعية كافية لتلبية
احتياجاتهم من المراجع والكتب.
وذكر ان القيود الايديولوجية التي كانت مفروضة على
بعض الاقسام مثل قسم الادب الروسي المهاجر ومؤلفات بعض الكتاب من امثال
ايفان شميلوف وفاسلي اكسيونوف وغيرهم قد ازيلت حاليا. واضاف ان من حق
اي قاريء الآن الاطلاع على اي وثيقة او كتاب يريده باستثناء بعض القيود
التي ترمي الى حماية المخطوطات التاريخية النادرة من التلف والتي
بموجبها لا يتم تلبية القاريء الحصول عليها الا بعد تقديم ما يكفي من
البراهين على حاجته الحقيقية والاكاديمية للاطلاع عليها.
وقال فيودورف ان المكتبة تؤدي مهمتها في الحفاظ على
الذاكرة التاريخية وجمع المؤلفات والكتب من اجل الاجيال القادمة ومن
اجل حماية التواصل الثقافي التاريخي بدون انقطاع. وتابع ان التحولات
الاقتصادية والسياسية التي وقعت في روسيا ادت كذلك الى حدوث تغير في
اهتمامات القراء بعد ان تميزت في العهد السوفييتي بالتركيز على الجوانب
العلمية والثقافية.
وقال فيودورف انه مع بداية العهد الرأسمالي في
روسيا انحسر عدد القراء بصورة كبيرة نتيجة لبروز اعتقاد خاطيء بعدم
ضرورة العلم والمعرفة في ظروف السوق والعرض والطلب وامكانية الحصول على
كسب سهل.
وذكر ان هذه المرحلة استمرت عدة اعوام في بداية
التسعينيات لكنها سرعان ما انتهت في وسط التسعينيات وعاد القراء الى
المكتبات بحثا عن الادبيات والمؤلفات الاقتصادية التي كان من شأنها
مساعدة الناس على معرفة قوانين المال والاعمال وكيفية ادارته اضافة الى
اهتمامهم بالمؤلفات القانونية.
واضاف ان الاهتمام عاد في الاعوام الاخيرة للمؤلفات
في الحقول الانسانية مثل التاريخ والفلسفة واللغات عازيا ذلك الى
امتلاء السوق بالخبرات الاقتصادية والقانونية وبروز حاجة الخبراء في
شئون التاريخ والجغرافيا والفلسفة وعلم الاجتماع. ولفت فيودورف النظر
الى ان القانون الروسي يفرض على دور النشر ان تقوم الزاميا بتزويد
مكتبة الدولة بـ 16 نسخة من كل اصداراتها.
واوضح ان روسيا حققت العام الماضي معدلا غير مسبوق
بعدد المؤلفات والكتب بعد فترة طويلة من الركود وحققت نفس المستوى الذي
كان سائدا ابان العهد السوفييتي. ومن جهته قال رئيس قسم الادب العربي
في مكتبة الدولة في روسيا اناتولي تروفاتوف ان المكتبة تضم مجموعة من
المخطوطات العربية تضم 300 مخطوطة. |