نظمت وزارة الخارجية الاميركية مؤخرا زيارة
للعراق قامت بها مجموعة من رواد الفنون الاميركيين لاستطلاع الموقف
كأمر يحظى بأولوية مثل اعادة الكهرباء، لكن بالنسبة لبعض المسؤولين
الاميركيين فان جماعات الفنون التي تعمل على اعادة تأهيل المؤسسات
الثقافية العراقية تقوم بعمل لا يقل أهمية عن عملية اعادة البناء.
وتعرض الكثير من المؤسسات الثقافية العراقية
لتخريب أو نهب وسلب أو لحقت به أضرار أخرى خلال الحرب التي قادتها
الولايات المتحدة أو في أعقابها مباشرة ولم يقتصر الامر على متحف بغداد
الشهير وانما امتد أيضا الى مكتبات ومعاهد فنية. وأعرب بعض أعضاء
البعثة الثقافية عن قلقهم من ان تكون المؤسسات الثقافية العراقية تواجه
مهمة شاقة لاعادة البناء وكذلك تعلم العمل في مناخ ما بعد صدام حسين،
حيث من المستبعد ان تكون الاعانات الحكومية وفيرة.
وتساءل مايكل قيصر رئيس مركز كنيدي للفنون
التعبيرية بواشنطن عن كيفية المحافظة على ما هو موجود في العراق. و كيف
يتم تحصين تلك المؤسسات والمدارس التي تعلم مختلف الفنون. وكيف يتم
تحصين الهيئات الاقليمية للفنون وما هي الثغرات الموجودة.
وحجبت احتياجات اعمار العراق الاكثر ضرورية
كاصلاح الكهرباء والخدمات الاخرى الاساسية الحاجة الى اعادة بناء
الثقافة. ويحاول مسؤولون قبيل انعقاد مؤتمر للمانحين في اسبانيا هذا
الاسبوع جمع 55 مليار دولار لاعادة بناء العراق، لكن الولايات المتحدة
وحدها التي تعهدت بتقديم اموال على نطاق كبير. وقال راي جينينجز وهو
باحث كبير في المعهد الاميركي للسلام عمل في اعادة اعمار البوسنة
وأفغانستان ومؤخرا في العراق، ان الفنون والثقافة تعد كذلك من القلاع
الاخيرة التي تظل رموز الهوية الوطنية موجودة بها ومن ثم فانها ضرورية
لاعادة بناء الامة. وقال لرويترز «في كل مكان عملنا به ادركنا غالبا
قوة المحافظة على الثقافة، وهذا هو السبب في ان ضياع مقتنيات متحف
بغداد كان مدمرا». وأضاف «اعتقد ان وقعه كان عظيما لان القوات
الاميركية لم تقم بحمايته فيما يبدو».
وقالت باتريشيا هاريسون مساعدة وزير الخارجية
الاميركي للشؤون التعليمية والثقافية والتي ترأست وفد قادة الفنون ان
المسؤولين في متحف بغداد استخدموا بالفعل 250 الف دولار من أصل مليوني
دولار وعدوا بها للمساعدة في تأهيل المؤسسة التي تحتوي على مقتنيات
نادرة تسجل تاريخ الحضارة البشرية في بلاد ما بين النهرين.
ويقدر مسؤولون عراقيون ان نحو عشرة آلاف قطعة
أثرية لا تزال مفقودة. وينوي مسؤولو الفنون الاميركيون التركيز في
البداية على المتحف ، وكذلك على اعطاء باحثين عراقيين منحا للدراسة في
الولايات المتحدة من خلال منحة فولبرايت في اوائل العام القادم.
وكان المسرح والنحت والفنون التعبيرية الاخرى
تخضع لرقابة مشددة في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان
يصدر أوامر بانتظام بان تشيد به الاعمال الفنية والادبية، كما كان يدفع
مرتبات شهرية لكثير من الفنانين. وقال قيصر انه يمكن الاتصال بشركات
مثل شركة هاليبرتون التي فازت بالجزء الاكبر من تعاقدات اعادة بناء
العراق للحصول على تمويل للفنون. وأضاف «انهم يقومون باعمال كثيرة في
العراق، اذا كانت هناك شراكة بكثير من الاعمال في هذا البلد فانك تتوجه
اليه للحصول على مساهمات».
مما يعني ان اولئك القائمين على اعادة بناء
العراق لا يلتفتون لدرس مهم يشير الى ان الآداب والفنون والدراما يمكن
ان تحفز غالبا النقاش حول الهوية الوطنية.
من جانب اخر عقدت الهيئة العامة للآثار والتراث
اجتماعا موسعا برئاسة ربيع القيسي، حضره المنسق الايطالي الجديد للهيئة
ومسؤولون من قوات التحالف، حيث تمت مناقشة واقع المتحف العراقي، ووضع
الخطة المستقبلية الجديدة بعد اتخاذ جميع الاجراءات الامنية لها واعادة
اعمار وتأهيل المتحف. وتدارس الاجتماع ايضا وضع دوائر الهيئة بشكل عام
كما نوقش وضع المختبر الخاص بهيئة الاثار والتراث والعمل على رفده
بالاجهزة والمعدات الحديثة.
وتحدث في الاجتماع احد مسؤولي التحالف عن اجهزة
الاتصالات والكومبيوتر، حيث تم تهيئة 25 جهاز كومبيوتر سيتم توزيعها
على الاقسام وستربط هذه الاجهزة بشكل مباشر على الانترنت الى جانب
تجهيز المتحف واقسامه بهواتف كذلك جرى تقييم الوضع الامني اذ اشير بهذا
الصدد الى الجهود الكبيرة من الشرطة العراقية بالتنسيق مع قوات التحالف.
وتحدث مسؤول الاجهزة الهندسية والتكييف من قوات
التحالف موضحا انه سيتم امداد المتحف العراقي بطاقم جديد من مستلزمات
التدفئة والتبريد بشكل كامل. من جهة اخرى سيزور المتحف الوطني العراقي
الشهر المقبل البروفيسور الايطالي جوفياني المتخصص بالتراث والاثار
ليضع خطة لانقاذ التراث العراقي وسيكون مسؤولا عن الجوانب التراثية،
كذلك ستشمل زيارته الاستماع الى ملاحظات الاثاريين العراقيين بهدف
التنسيق لوضع الخطة الكفيلة للنهوض بمستوى المعالم الاثرية ومناقشة سبل
تطوير العمل فيها. |