الأهوار: في اللغة هي جمع لمفردة (هور) وهو
الأرض المنخفضة التي يتجمع فيها الفائض من
مياه الأثمار والترع والمبازل مكونةً
بخيرات طبيعية مختلفة الأعماق ولكنها تتصل
فيما بينها بقنوات تسمى في العرف
الأهواري بـ (الكواهين) ومفردتها (كاهن)
التي هي ممرات مائية مفتوحة ينتقل منها سكان
الأهوار بين قراها المتناثرة
والأهوار ليست منطقة منعزلة فمن على ضفافها تتصل بالقصبات والمدن
الصغيرة التي تزودهم بما يحتاجون إليه من بعض طعام ولباس ويزودها بما
جاءت به نِعَمْ الأهوار من أسماك وطيور ولحوم الجاموس والأبقار
(أحياناً) وتقول إحصائية وثقتها دائرة التغذية المختصة في جامعة الدول
العربية خيرات الأهوار قبل أن تتعرض لمسحها عن جغرافية أرض الرافدين
على يد الحُكم الصدامي التخريبي أن أسماك منطقة الأهوار جنوبي العراق
تكفي أن تُطعم الشعب العربي برمته من المحيط إلى الخليج وبمعدل ثلاث
وجبات يومياً ولا ينتهي رفد طعامها لحدود معينة.
لذلك سعى النظام الصدامي البائد ضمن تنفيذ خطة
تجويع الشعب العراقي إلى التمهيد لضمان نجاح تلك الخطة بأن قام بتجفيف
الأهوار وإجبار أهاليها بالنزوح إلى مناطق أخرى من العراق بعد أن فقدوا
كل شيء كان لهم من بحبوحة العيش المتواضع الجميل ولعل ما شجع سكان
الأهوار أكثر للبقاء فيها أن رياح التقدم ونسمات الحضارة بدأت تصل إلى
مرابعهم بعد أن وصلت إلى قراهم داخل الأهوار امتداد الأنابيب الناقلة
للمياه الصالحة للشرب وكذلك وسائل الإنارة الكهربائية الحديثة سنة
1961م والمستوصفات الصغيرة والمدارس المتواضعة.
وسكان الأهوار الذي تضرروا كثيراً جراء فرض
سياسة الجفاف على مناطقهم ليس هم من يُدعّونَ بـ (المعدان) وحدهم بل أن
العديد من القبائل والعشائر العراقية يتواجدون فيها وكان مصدر عيشهم هو
الزراعة والصيد فقد كانت الأهوار أهم مصدّر لمادة القيمر (القشطة) إلى
العديد من المدن العراقية المجاورة والقريبة من الأهوار وكانت أسواق
العاصمة بغداد تصبح بأنواع أسماك الأهوار.
ولعل في فضل شكلة الأهوار التي تواجه القضية
العراقية آنياً هي ليست مسألة ما حدث على الأهوار من تجفيف وتغيير
طبيعتها وتهجيراً أو هجرة معظم أهلها بقدر ما ينبغي عمله لضرورة أن
يستعيد العراق لجنته الجغرافية القديمة (الأهوار) التي يمكن أن تصبح
أعظم معلم سياحي حيث ستمكن حتماً استعادة زرع الغابات الكثيفة من القصب
والبردي وبطرق ملائمة وتعاد مساحات البحيرات المائية التي تجوب على
سطحها المشاحيف والزوارق كما ويمكن أن تحسّن أكثر لو تمت عصرنة المكان
أكثر، ومن المؤكد فإن الموضوع يحتاج إلى دراسة جغرافية علمية
وطبوغرافية وافية لاستعادة جماليات الأهوار الطبيعية الخلابة.
تبلغ مساحة أراضي الأهوار التي تقع في جنوبي
العراق زهاء (6) آلفا ميل مربع ويمكن تنظم استعادتها بتوزيع جغرافي
جديد لو تمّ التخطيط العلمي لذلك جيداً حتى تصلح الأهوار كأماكن
للسياحة العصرية خاصة وأن مناخها يمكن حصره بحقيقة كون فصل الصيف
والشتاء فيها واضحان لكن فصل الربيع وفصل الخريف لا يستديم كل واحد
منهما أكثر من شهر واحد إذ يبدأ الصيف في شهر ماير ـ أيار وينتهي في
أوائل أكتوبر ـ تشرين الأول حيث تبدأ فيه الأمطار بالهطول.
وبديهي جداً فإن في استعادة الأهوار إلى عهدها
الزاهر سيرافقه حتماً عودة لنباتات الأهوار التي كانت تكسو أجزاء واسعة
من الأراضي (الجزر) المرتفعة على مياه الأهوار المحيطة بها الممكن أن
تختار بعضها كـ (كازينوات) للسواح والزائرين كما بالإمكان إنشاء
الفنادق السياحية في بعضها الآخر، وبذاك ستكون المساهمة أوفر في
استعادة الحياة إلى منطقة الأهوار العراقية الشهيرة. |