مستلزمات إعادة الحرية المسؤولة في العراق تحتاج
إلى تظافر كثير من الجهود على المستويين الرسمي والشعبي وبروح تتقدمها
مشاعر الود ومنطلقات التفاهم من أجل تحقيق أرضية صالحة وقوية يستطاع
فيها مواجهة التحديات التي يواجهها الآن العراق أو التي سيواجهها
بالمستقبل كما يتوقع ذلك بعض السياسيين.
واستعادة السيادة للعراق قوة للعراقيين تحفظ
حقوقهم وتحفظ البلاد من أي تجاوز أو اعتداء أو هيمنة وموضوع استعادة
العافية للعراق بدأ يلمس بأكثر من صعيد فمثلاً إن (شبكة الهاتف) التي
تسهل حالة الاتصالات بين الناس وتزرع في نفوسهم روح الاطمئنان والتواصل
الاجتماعي المنسجم مع الرغبات والمصالح الشخصية والعائلية المشروعة قد
رسم لها مدة شهرين كي تنجز بحسب ما أفاد بذلك قبل أيام (حيدر العبادي)
وزير الاتصالات العراقي حيث أعرب عن أمله في إعادة شبكة الاتصالات
الهاتفية.. لعموم العراق خلال مدة لا تتجاوز الشهرين ومن المعلوم أن
الإدارة المدنية الأمريكية البريطانية المشتركة الحاكمة الفعلية في
العراق قررت منح الحكومة العراقية الانتقالية من خلال تخصيصات مالية
كبيرة للعراق تبلغ حوالي (20) مليار دولار لسنة 2004م القادمة بحسبما
قال العبادي أن رئيس الإدارة المدنية الآنفة (بول بريمر) قد وعده بذلك
أثناء استقباله له قبل أيام.
كما بدأ العراقيون يعيشون مرحلة من الحرية
المعقولة رغم الظروف الطارئة التي يمر بها البلد نتيجة لأعمال التخريب
التي يقوم بها أزلام النظام الصدامي الخائن داخل العراق الذين بدأو
يشعرون بنبذ الشعب العراقي لهم عبر كشف جرائمهم التي اقترفوها ضد
العراقيين دون وجه حق أبان فترة حكم ذلك النظام المقيت.
ومع التدرج البطيء للاستمتاع بالحرية الجزئية
التي ظفر بها المجتمع العراقي بعد زوال الطغمة الصدامية الفاسدة منذ
نيسان الماضي 2003م فقد أصبح للفتاة العراقية دوراً في حماية الوضع
الجديد من باب استعادة شيئاً من السيادة فقد تخرجت مؤخراً (29) فتاة
عراقية ليصبحن حارسات أمن وتسلمن شارات وتراخيص بحمل السلاح، وهن أول
عراقيات ينضممن لقوة حماية المنشئات وهن قوة تحرس كل شيء من الوزارات
إلى السدود، وستكون من مهامهن تفتيش النساء في نقاط التفتيش هذا وقد تم
تخصيص أجر لهن يبلغ (56) دولاراً شهرياً مثلهن مثل الرجال.
ومن بوادر التمتع بالحرية الجزئية المسؤولة بحسب
ما أفاد به استطلاع تابعته جريدة (الزمان) ميدانياً في العاصمة بغداد
وعلى مدار شهر إذ رصدت الجريدة من خلال مراسليها ارتفاع مؤشر حالات
الطلاق في العراق خصوصاً بعد فترة التسعينات وصاعداً من القرن الماضي،
وطبعاً لما تلاها حتى نيسان الماضي وأوعزت مصادر قضائية إلى أن هذا
الارتفاع جاء نتيجة لتردي الحالة الاقتصادية للفرد العراقي وارتفاع
مؤشر الفقر والتباين الطبقي المعيشي أثناء فترة الحكم الصدامي الذي فرض
حصاراً مضاعفاً على مصادر الرزق للناس. هذا وتشير المعلومات من داخل
العراق أن استعادة شيء من الرواتب خلال السنة أشهر الماضية حيث أكفلت
ذلك قوى التحالف قد لعب دوراً للحد من ظاهرة الطلاق الاضطراري في
العراق وأكيد فإن التمتع بشيء من الخير القادم لتحسين أوضاع المعيشة
للعراقيين هو جزء من الشعور لاستعادة كل ما هو طبيعي للعراق والعراقيين
ومن ذاك احتساب هذه الاستعدادات كخطوات أولية نحو استكمال السيادة
للعراق التي منها أن يعيش العراقيون أسياد في بلادهم لا عبيد أو
مساندين للظلم العارم الذي أجتاح المجتمع العراقي أبان فترة العهد
المباد.
وإذا كانت من معاني التمتع والشعور بالسيادة
الحقة عند كل مجتمع أن تكون لهم حكومة وطنية تنبع من صفوفه فإن تأكيدات
(كوفي انان) لتشكيل حكومة مؤقتة وطنية في العراق يختارها العراقيون ضمن
استفتاء عام خلال الفترة القادمة وتحديد زمن لخروج قوى التحالف من
العراق واتخاذ خطوات لازمة ليحكم العراقيون بلادهم بأنفسهم هي فعلاً
مؤشرات إيجابية ينبغي أن تدعم ليطل منها العراق الجديد نحو استعادة
سيادته الحقيقية التي يؤمل أن تكون كذلك في ظل الظروف الدولية الجديدة
التي ستشرف عليها الهيئة الدولية ولعل المستقبل كفيل بإجلاء البرهان
على ذلك خلال فترة لا تتجاوز نهاية السنة القادمة 2004م كما هو معلن من
قبل قوى التحالف ودعم هيئة الأمم المتحدة الآنف. |