كشف رئيس اركان «فدائيي صدام» السابق اللواء الركن
نوري العبيدي لصحيفة«القبس» ان الذي يقود العمليات العسكرية ضد القوات
الاميركية هو المقدم الركن فارس الناصري.
وقال العبيدي، الذي التقته «القبس» في احدى العواصم
الاوروبية، إن فارس يقود اخطر المجموعات على هذا الصعيد، وهي مؤلفة من
عناصر المخابرات الداخلية لـ«الفدائيين»، وهذه المجموعات مدربة تدريبا
كافيا لشن حرب عصابات.
ولفت العبيدي الى ان بعض العمليات التي نفذت في
مناطق الغرب العراقي تحمل طابع التدريبات التي تلقاها «الفدائيون»،
خاصة المتعلقة بالمتفجرات، وزرع الالغام الارضية، ومهاجمة الدروع من
خلال مجموعات صغيرة.
واللواء نوري ضابط عسكري معروف، احترف العسكرية منذ
عام 1969 وتدرج برتبه بشكل طبيعي حتى عام 1977 عندما تم اختياره ضمن
(20) ضابطا عراقيا للالتحاق بكلية سانت هيرست في بريطانيا، حيث حصل على
ماجستير في العلوم العسكرية وعاد ليصبح مدرسا في كلية الاركان العراقية،
وفي عام 1995 تم اختياره من قبل عدي صدام شخصيا ليعمل ضمن هيئة ركن
فدائيي صدام التي دخلت مرحلة جديدة بعد عام 1995.
وقال في حواره الذي نذكر جزءا منه ان فكرة تشكيل
فدائيي صدام تبلورت عام 1992 عندما اصبح عدي صدام حسين رئيسا لاتحاد
الطلبة والاتحاد العام لشباب العراق في السنة نفسها، كان الهدف المعلن،
ان هذا التشكيل سيضطلع في حماية المواطن ولكن سرعان ما سقط هذا الهدف
في الوحل، عندما بدأ يتدخل في امور بعيدة كل البعد عن اختصاصاته.. وعلى
سبيل المثال، وبموافقة رئيس النظام المخلوع، قام هذا التشكيل بعمليات
مداهمات واعتقال لعدد من المواطنين الذين يتهمهم النظام بأنهم من حزب (الدعوة)
المحظور في العراق في ذلك الوقت، كما قام بعدد من العمليات في مناطق
الاهوار في جنوب العراق قبل تجفيفها.. واشترك في اعتقال العديد من
المواطنين بعد محاولة اغتيال عزت الدوري في كربلاء وغير ذلك.
وحينما سئل هل هناك قيادة عامة وهيئة اركان وغرفة
عمليات لفدائيي صدام.. فهل يستحق مثل هذا التشكيل ان تكون له هذه
العناوين القيادية.. وهل كانت البدايات تحتمل وجود مثل هذه العناوين؟
اجاب قائلا :
- في البداية، لم تكن هذه العناوين موجودة، وقد
اقتصرت الهيئة القيادية عام 1992 على عدي صدام حسين واللواء الركن مكي
حمورات وهو لواء متقاعد وعسكري محترف، واللواء الركن علاء مكي خماسي
وهو عسكري محترف معروف وسيف الدين المشهداني نائب عدي في الاتحاد
الوطني لطلبة العراق. ود. حسن نفل نائب عدي في الاتحاد العام لشباب
العراق والمقدم الركن فارس عبدالغني الناصري، وهو احد ابناء عمومة عدي..
في ذلك الوقت كانت ميزانية الفدائيين حوالي نصف مليار دينار عراقي،
وكان عددهم ثلاثة الاف شخص اغلبهم من الذين حصلوا على انواط شجاعة خلال
الحرب العراقية -الايرانية، اي انهم خدموا في الجيش ولديهم خبرة ممتازة
في القتال.. وبعد عام 1995 سلمت قيادة الفدائيين الى مزاحم صعب الحسن
ابن عم صدام بعد ان طرد عدي من القيادة بسبب قيامه باطلاق النار على
عمه وطبان ابراهيم الحسن، وهو اخ صدام من امه.. ولكن فترة ابتعاد عدي
لم تدم طويلا،فقد عاد في منتصف عام 1996 لتسليم قيادة الفدائيين.. ولكن
هذه المرة باسلوب جديد، وهدف جديد، فأنت تتذكر انه في هذا العام بدأت
احتمالات قيام الاميركان بهجوم على العراق تلوح بالأفق وكانت هناك اكثر
من أزمة بلغت ذروتها عام 1998 بعملية «ثعلب الصحراء» المهم في الأمر،
ان عدي وبأوامر صريحة من صدام طلب التوسع في بناء هذه الميليشيات لتكون
بمثابة البديل عن الجيش الشعبي الذي كان النظام في العراق قد استحدثه
منذ بداية انقلاب 1968، وبالفعل بلغ عدد الافراد المنتسبين الى فدائيي
صدام اكثر من 50 ألف شخص اغلبهم من العسكريين السابقين الذين انهوا
الخدمة العسكرية ولم يجدوا وظيفة أو عملا يقتاتون منهما، كما تم تطويع
عدد من الفتيات في هذا التشكيل وتم تشكيل فرق انتحارية، واصدر عدي
أوامره بقبول عدد من المتطوعين العرب سواء من الذين يعملون في العراق
اصلا او من الذين يفدون اليه من مناطق عربية مختلفة، وهكذا صار من
الضروري ان تتشكل قيادة عامة وغرفة عمليات وهيئة أركان لكي تقوم بإدارة
هذا التشكيل الذي يعادل جيشا أو «فيلقا».
وفي سؤال اخروجه اليه جاء فيه:
لا بد ان تكون لهذه التشكيلات بعد ان اصبحت بهذا
الحجم مقرات ومراكز تدريب ومعدات وأسلحة وبرامج تطوير قتالية وغير ذلك،
ام ان التخطيط اقتصر على التدريب الخفيف، لا سيما ان المهام الموكلة
إليها تتمحور حول قمع اي احتمالات لانتقاضة شعبية؟
فاجاب قائلا:
ــ صحيح ان هدف القضاء على اي انتفاضة او تململ في
الشارع العراقي ممكن من خلال الاسلحة الخفيفة، ولكن قوة بمثل هذا الحجم
تحتاج الى مستلزمات هائلة، ومن الخطأ التصور ان مثل هذا الهدف يحدد
امكان استحداث برامج تدريبية على مستوى عال، بل على العكس، ولذلك، وبعد
المرحلة الثانية اي بعد ان اصبح عدي للمرة الثانية مسؤولا عن هذه
الميليشيات، تطورت أساليب ودبابات ومدافع من عيارات مختلفة كالهاون 160
ملم وأسلحة مقاومة الدبابات والدفاع الجوي المحمولة على الكتف الى جانب
الاسلحة الأخرى والمتفجرات وزرع الألغام واساليب قتال القوات الخاصة،
ولذلك فقد تم بناء ثلاثة معسكرات، كل معسكر يختص بجانب من التدريب،
فمعرفة اساليب المشاة كانت تتم في معسكر الفدائيين في معسكر التاجي
شمال بغداد، والتدريب على الانزال الجوي والمظلات ومهاجمة القطارات في
معسكر بدا صغيرا في مطار المثنى وسط بغداد، ثم توسع في منطقة تقع شمال
بغداد قرب قضاء بلد في محافظة صلاح الدين، والمعسكر الثالث وهو من اكبر
المعسكرات يقع في منطقة بسماية، الى الجنوب من بغداد قرب منطقة سلمان
باك، وكانت هنالك ثلاثة مقرات ايضا لقيادة الفدائيين: الاول في القصر
الجمهوري الواقع في منطقة الكرخ كرادة مريم، والثاني في منطقة زيونه
قرب الشارع السريع، والثالث في منطقة بسماية الى الجنوب من بغداد.
وفي النهاية سئل:
هل تعتقد ان فلول الفدائيين ما زالت قادرة على فعل
شيء، وهل توجد قيادة مركزية حالياً لهؤلاء الفدائيين وهل لهم علاقة
مباشرة مع الرئيس الهارب؟
ــ بالتأكيد لا تزال هناك فلول، وهي نشيطة على ما
يبدو لاسيما ان لديها الأسلحة والذخيرة الكافية للقيام بهجمات ضد قوات
التحالف.. أما حجم هذه الفلول فلا استطيع تحديده، ولا اعتقد ان هناك
قيادة مركزية والسبب ان القيادة الأصلية التي تعرف كل شاردة وواردة
تشتتت تماماً ولم تستطع بفعل الفوضى ان تفرض اي نوع من السيطرة على هذه
القوات، أما في ما يتعلق بوجود علاقة بين هذه القوات وصدام حسين فأنا
لا اعتقد بوجود مثل هذه العلاقة على الاطلاق، واذكر في هذا الصدد ان
الرئيس المخلوع اجتمع مرة واحدة بحضور ابنه عدي مع هيئة اركان هذه
القوات قبل الحرب بحوالي خمسة اشهر، وقد اعطى توجيهات عامة تركزت في
مجملها حول توجيه الجهود نحو جعل هذه التشكيلات تنصب فقط على الشأن
الداخلي، ولم يجرؤ أي شخص من الذين حضروا الاجتماع التطرق الى ممارسات
الفدائيين وتدخلهم في أمور تصل احياناً الى غلق محلات بيع الكاسيت
وشرائط الفيديو واعتقال اصحاب المحلات التجارية بتهمة أو من دون تهمة. |