لم تحظ قضية بلد في العالم المعاصر مثلما أثارت
ما كان للعراق وما كان عليه حتى إذا ما ولىّ النظام الصدامي المشبوه عن
الساحة العراقية في نيسان الماضي 2003م أخذ آراء الساسة العراقيين
والإقليميين والدوليين يفكرون معاً للإجابة عن سؤال يدور في ذهن الجميع
ألا وهو (ما العمل الآن؟ حتى يمكن القول أن ظاهرة من التجاذب حول الشأن
العراقي وعلى أكثر من مستوى محلي وعالمي تدور حول ما يناسب أو لا يناسب
الوضع العراقي الجديد.
وعلى اعتبار أن القضية العراقية كأي قضية دولية
تهتم بها المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) فإن الأنظار تتجه هذه الأيام
إلى ما يمكن أن تقدمه الهيئة الدولية من عون للعراق حتى يسترد عافيته
محلياً وإقليمياً ودولياً ويعود إلى المسرح السياسي العالمي ليؤدي دوره
الإنساني في بناء العلاقات الدبلوماسية الإيجابية بين الدول الأعضاء
المشاركة في الأمم المتحدة وهناك رأي متداول في أروقة المنظمة الدولية
بـ(ينويورك) حول العراق يفيد أن الجدال الدائر حالياً حول موضوع العراق
(بالذات) قد يؤثر على مستقبل المنظمة الدولية وهيكليتها مستقبلاً ما لم
تتدارك ما يتعرض له العراق الراهن وبالذات الوضع شبه المضطرب نتيجة
للأعمال الإرهابية التي يقوم بها أيتام ومرتزقة النظام البائد الذي
يحاولون تعكير الأجواء وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وعودة صدام (المطلوب
لوجه العدالة) إلى دست الحكم مما يدل أن مثل هؤلاء الإرهابيين وقيادتهم
وربما قياداتهم السياسية لا يملكون أي أفق واقعي لفهم المرحلة الجديدة
في العراق إذ تصل لديهم درجة الصلافة السياسية بأن يتجاهلوا حالة النبذ
والاستنكار والرفض الشعبي العراقي لكل ما له علاقة باسم النظام السابق
الذي تدور حوله وحول أزلامه الساقطين الشبهات الكبرى.
صحيح أن من الأمور المتداولة لدى قيادة هيئة
الأمم المتحدة هو إعادة النظر بوجودها في العراق نتيجة لتعرض مقرها
لعمليات تفجير مرتين خلال فترة متقاربة زمنياً بحسبما أفادت المتحدة
باسم بعثة الأمم المتحدة في بغداد (أنتونيا باراديلا) التي أفادت قبل
أيام: (أن المنظمة الدولية تعيد تقييم وجودها في العراق) لكن مراسل
محطة الإذاعة البريطانية B.B.C علق على ذلك بالقول: (أن هذا لا يعني أن
المنظمة الدولية بصدد الانسحاب كلياً من العراق وأن هناك تصوّراً نحو
تقليص كبير في عدد موظفي المنظمة الدولية الذين يعملون في مشروعات
إنسانية في هذا البلد.. هذا في حين بحث رؤساء عالميون على صعيد غير
رسمي عن أنجع المساعي الدبلوماسية الرفيعة المستوى داخل مقر الأمم
المتحدة في كيفية أن تدعم سياسات التجاذب لصالح الشأن العراقي.
ولما كان الاقتصاد يمثل عصب الحياة لدى أي مجتمع
ويتطلعون لحل مشاكلهم الاقتصادية (أي المعاشية اليومية بصورة عاجلة)
فإن العراقيين لا يحملون قوات التحالف الأنكلو – أمريكية مسؤولية
الهجمات الإرهابية على المدنيين لكنهم يوآخذون على القوات الآنفة عدم
الحزم في فرض الأمن حيث تتوالى الأخبار عن تكرار تنفيذ الهجمات بمعدل
يكاد يكون يومياً.
ولعل آخر خبر عن العراق ما تداولته أجهزة
الإعلام العالمية في اليوم الأول من هذا الشهر تشرين الأول 2003م الذي
أفاد كما نقلت ذلك بعض محطات الإذاعة والتلفزة من أن (كوفي انان)
الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة يتحاور الآن لإمكانية استبدال طاقم
الوضع السياسي القائم آنياً بالعراق إلى حكومة مؤقتة تعمل ما بين (3 –
5) أشهر وتكون تحت إشراف مباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية
ويعقب ذلك تشكيل حكومة عراقية دائمة، ويبدو أن تصريح (انان) هذا يأتي
منسجماً مع ما طالب به وزير الخارجية الأمريكي (كولن باول) مؤخراً من
منح (6) أشهر لمجلس الحكم الانتقالي في العراق ليصدر الدستور الدائم
للبلاد لكن الأخبار حول ذلك بدت غير مشجعة بعد إثارة خلافات حادة حول
صلاحية أو عدم صلاحية بعض البنود المقترحة بين أعضاء لجنة صياغة
الدستور حسبما تناقلت ذلك وكالات الأنباء عن مصادر مطلعة داخل العراق. |