قال مسؤولون في التحالف ان حارس مسؤول عراقي، يعمل
ضمن لجنة الاعداد لصياغة الدستور الجديد تعرض لمحاولة اغتيال يوم الاحد
الماضي، قتل في المحاولة. وكان قد اعلن ان جلال الدين الصغير (شيعي)
نجا من محاولة اغتيال عندما هوجمت سيارته حوالى الساعة 00.15 من يوم
الاحد عندما كان غير بعيد عن منزله في احد ضواحي بغداد. وقال تشارلز
هيتلي المتحدث باسم التحالف في مؤتمر صحافي «حارسه فقد حياته».
ويأتي الحادث في وقت تركت فيه لجنة الاعداد لصياغة
الدستور سؤالا مهما بدون إجابة وهذا يتحدد بالكيفية التي سيتم وفقها
اختيار المندوبين الى مؤتمر صياغة الدستور من بين أعضاء مجلس الحكم
الانتقالي الذي يؤكد ان العملية ستتم خلال شهر أو شهرين. وفي هذا
السياق يُطرح سؤال حول مقدار النفوذ الذي ستلعبه العناصر الدينية التي
يعتبرها البعض «متطرفة»، في المجلس، في صياغة هذا الدستور. وأكثر
الجماعات تنظيما حاليا هي تلك التي يقودها رجال الدين وبقايا حزب البعث
الحاكم. وإضافة إلى ذلك ما زالت تلك الوجوه السياسية العلمانية بحاجة
إلى أن تكسب مؤيدين على مستوى الوطن كله. واللجنة التي من المفترض أن
تقدم تقريرها اليوم إلى مجلس الحكم المؤقت وضعت سبعة اقتراحات حسبما
ذكره أعضاء من مجلس الحكم العراقي وبعض الدبلوماسيين الغربيين المطلعين
على العملية. وهذه تتدرج من إجراء انتخابات لاختيار ما بين 100 إلى 150
شخصا يقومون بوضع مسودة الدستور أو تعيينهم. كذلك هناك مقترحات تجمع
بين الخيارين، وهناك اقتراح آخر بتبني دستور مؤقت.
ومن المتوقع أنه حالما يتم اختيار المشاركين في
صياغة الدستور ستكون أمامهم فترة ستة أشهر لكتابة مسودته ثم يطرَح بعد
ذلك على الشعب ليجري استفتاء وطني حوله. بعد ذلك، ستجري حملة سياسية
لانتخاب النواب ثم تقوم إدارة قوات التحالف بتسليم السلطة للعراقيين.
وقال سعد شاكر مساعد عدنان الباجه جي، عضو مجلس الحكم الانتقالي، إن
كتابة الدستور ستكون «شبيهة بمعركة». وأضاف أنه إذا جرت الانتخابات
الآن لاختيار من سيشارك في كتابة الدستور فإنها «ستفرز جمهورية إسلامية
فورا». ووافق سمير الصميدعي، عضو مجلس الحكم، على ذلك مضيفا: «هناك
درجة من الانقسام داخل المجلس بين خياري الانتخاب والتعيين». وهو يقف
مع الطرف المؤيد لمبدأ «التعيين».
وقام مجلس الحكم الانتقالي باختيار لجنة مكونة من
25 فردا ينتمي أغلب أعضائها إلى سلك القضاء من قضاة ومحامين وخبراء
قانونيين. وستقوم هذه اللجنة بالتنقل في انحاء العراق ولعدة أسابيع كي
تستمع إلى الأسلوب الذي يريد العراقيون أن يتَّبع في صياغة دستورهم.
ويرأس هذه اللجنة فؤاد معصوم وهو من الشخصيات الكردية البارزة التي
تحظى باحترام كبير من الجميع. وسيواجه أولئك الذين يقومون بكتابة
الدستور اختبارا يتمثل بإرضاء عدد كبير من الجماعات الدينية والاثنية
حول العديد من المسائل بضمنها دور الشريعة وإلى أي مدى سيتم تحديد
الطابع الفيدرالي للمحافظات انطلاقا من الأرضية الاثنية. كذلك ستكون
مسألة التركيب الحكومي من بين الخيارات المطروحة سواء كان النظام
برلمانيا أو ملكيا دستوريا أو جمهوريا على نمط الولايات المتحدة.
ومن بين المؤيدين لانتخاب الأفراد الذين سيقومون
بصياغة الدستور هم الشيعة الملتزمون داخل مجلس الحكم. ويشكل الشيعة
نسبة 60 في المائة من عدد السكان وهذا يجعل للفئات الأخرى وزنا كبيرا
أيضا، ومع ذلك يحترم الشيعة فتاوى آيات الله الكبار وخصوصا تلك التي
تصدر عن آية الله العظمى علي السيستاني الذي أصدر فتوى دينية في بداية
هذا الصيف يطالب فيها بأن يكون كاتبو الدستور منتخَبين.
وتجنبت إدارة قوات التحالف تقديم أي مقترحات مباشرة
للعراقيين، لكن الدبلوماسيين يقولون إنه من المستحيل القيام بانتخابات
نزيهة الآن وإن عملية الانتخابات ستؤخر من عملية صياغة الدستور. وهم
قلقون بشكل خاص من احتمال إجراء الانتخابات الآن لأن رجال الدين
سيطلبون من أتباعهم للتصويت لصالح من يرغبون بانتخابهم. كذلك قدر
الخبراء في مجال العمليات الانتخابية أن ذلك سيستغرق ما بين 9 و12 شهرا
لتنظيم الانتخابات التي تتوافق مع المعايير الدولية. وإذا تم تقليص بعض
الإجراءات فإنه من الممكن أن تقلَّص الفترة الزمنية إلى ستة أشهر، لكن
ذلك يعني أيضا تأخير انتخاب الحكومة العراقية حتى حلول سنة 2005.
والكثير من الشيعة يقولون إن المسؤولين الأميركيين يبالغون في احتمالات
التأخير ويقللون من المصداقية الهائلة التي يمكن الحصول عليها في حالة
إجراء الانتخابات. وقال عادل مهدي ممثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية
في العراق والذي يشكل زعيمه عبد العزيز الحكيم عضوا أساسيا في مجلس
الحكم المؤقت إن «الانتخابات هي الطريقة الأفضل لاختيار الناس (الذين
يصوغون الدستور). وحتى لو أننا انتُقدنا بسبب بعض الجوانب السلبية فإنه
سيكون هناك انتقاد أكبر فيما لو تم تعيينهم. بالتأكيد ستكون اللجنة
أكثر تمثيلا في حالة إجراء الانتخابات من حالة التعيين».
وترى إحدى وجهات النظر أن السبب الذي دفع بآية الله
السيستاني إلى إصدار فتواه في بداية الصيف الماضي هو لضمان وجود أكثرية
شيعية في اللجنة المكلفة صياغة الدستور، لكن هناك مخاوف بين العراقيين
من أن يهيمن الأميركيون على عملية كتابة الدستور. الا ان بول بريمر
رئيس الإدارة المدنية لقوات التحالف كرر علنا ضماناته بأن ذلك لن يحدث.
وعلى الرغم من أن مخاوف العراقيين من هيمنة الولايات المتحدة على عملية
صياغة الدستور قد تضاءلت فإنها مع ذلك ما زالت باقية لحد ما.
وقال أحمد البراك، أحد أعضاء مجلس الحكم والذي
ينتمي إلى منطقة شيعية تقع إلى جنوب بغداد، إن «العراقيين يؤيدون مبدأ
الانتخابات»، لكن المشكلة تكمن في كيفية إجرائها. لكن الصميدعي الذي
يعارض انتخاب الأفراد الذين سيصوغون الدستور يحاجج بأنه ليست هناك أية
طريقة تضمن تحقيق هذه العملية بحيث تكون النتائج نزيهة. وعدَّد ما يقرب
من ست مشاكل تواجه الانتخابات من بينها غياب القوانين المعنية بتنظيم
الانتخابات واستفتاءات الرأي ووجود سجل فقير للمنتخِبين.
كذلك يعيش ما يقرب من 4 ملايين عراقي خارج الوطن
وأغلب الموجودين في الداخل يرون أنهم يجب أن يشتركوا في الانتخابات.
والكثير منهم يقيمون في بريطانيا، كذلك هناك عدد كبير من العراقيين
الأكراد الذين يسكنون حاليا في إيران. لذلك فإن تحديد من يمتلك الحق
بالمشاركة بالانتخابات هو مهمة كبيرة. الى جانب ذلك، يشكل غياب الأمن
عائقا آخر. وقال الصميدعي إنه «ليس مستبعدا أن يتم تخويف بعض الناس لكي
يصوِّتوا بهذه الطريقة أو تلك أو عدم التصويت على الإطلاق. أنا لا
أستطيع تجاهل احتمال تدخل بقايا حزب البعث وآخرين يعملون ضد النظام
الحالي. وبدون توفر طريقة تساعدنا على التعامل مع تجاوزات من هذا النوع
فإننا لن نستطيع أن نقول إن انتخاباتنا تعكس إرادة الشعب. |