ذِكْـــراكِ فَــجْرٌ تَــنَدَّى حَــوْلَــهُ الــعُشُبُ
فَــجــرٌ مــن الخُــلْدِ قــد لاحَــتْ طَلائِعُهُ
نَــدَىً مــن العَــرْشِ قَــدْ شُقَّــتْ لآلِــؤُهُ
نَــهْــرٌ مِنَ (الكَوْثَرِ) الصَافِي يَسِيْلُ هُنَا
بَــوْحٌ مــن الــجَنَّةِ (الــزَهْـرا) رَوائِعُهُ
ذِكــراكِ نــهــجٌ ومَسْــرَىً شَــفَّهُ ألَــقٌ
دُنــياكِ رَوْضٌ بــهِ الأحــلامُ مُــورِقَـــةً
عــلْياكِ أُفْــقٌ تجــارَى عِــنْدَ مَــبْسَمِـه
مســراكِ نــارٌ ونــورٌ في جَــوانِحِــنــا
مــا ســارَ في صَــدْرِنا نَبْضٌ ولا نَفَسٌ

زَهْــراءُ يا شُعْلَةً في الطورِ قد سَمَقَت
يــا وَمضَــةَ الــطُهْرِ في لــيلٍ تــؤَرِّقُــهُ
يــا عَــبْقــَةَ الــوَرْدِ في مَحْــلٍ تــنَكَّــرَهُ
يــا نَــسمَةَ الــرَوحِ في أرجــاءِ مَقْبَرَةٍ 
يــا بــَلسَمَ البُــرْءِ في جُــرحٍ تـــــَنَاهَبُه
يــا مَــنْهــَلَ الخَــصْبِ، يا سَيْلاً بـأودِيَةٍ
يا مُــشْتهى الــدربِ يا كَــهْفاً يـلوذُ بـهِ
تَــرَقَّـبَـتْــكِ ربــيعاً وهي ضــــامــــــرَةٌ
وأمَّــلَتْكِ ليــالي التِــيهِ - حــالِــمَــــةً -
حــتى إذا اللــيلُ قــد ضَاقَتْ مَـسَارِبــُه
بَزَغتِ في العالَمِ القُدْسِيِّ طَــيفَ رُؤىً
فعَــايَـنَـت دُرَّةً مــن نــورها خُــلِقَـــــت
في سِــدْرَةِ المُــنتَهى شَعَّت بَوَارِقُهـــا
فــنَــوَّرَت عــــالَمَ الأرحــامِ نــاسِكَــــةً
وهَــــمْهَــمَ الـفــجرُ والأمْــلاكُ تَرْقُبُهـا
وأشــرَقَــتْ (فاطِمٌ) فالشَمسُ مَبْسَمُهـا

أشــرَقتِ يا دَانَةَ الفِردَوسِ عِقْدَ هَــوَىً
وسِــلْتِ نــهراً تــلاقى عِــنْــدَ ضِفَّــــتِـهِ
ولُــحْتِ كــفَّاً تواسي المــُصْطَفى جَلَـداً
كم تمــسَحينَ بهــا جُــرحاً يَسِــحُّ إبَــــاً
وتُشعِــلينَ بهــا جَــمْـــرَ الحَصِيرِ لــكي
وتَنْــفُضِيــنَ بــــهــا تُــرباً بــهــامَتِـــــهِ
وتشحــذِين بهــا عـــــزماً بخــافِــقِـــــهِ
قد جــاءَ يَــنْهَلُ جَــدْبُ الأرضِ غَيْثَكُــما
وجــاء يســألُ يُــتْمُ الفَــضْلِ جُودَكُــــما
تَعــَجَّبَ الــكونُ: هــل صْــدرٌ تــكــَفَّلَهُ؟

نَــــهواكِ يــا (فاطِمٌ) سِرَّاً وبَـحْرَ رُؤى
نَــهواكِ يـــــا (فاطِمٌ) إســــراءَ أفئِــدَةٍ
نهواكِ يا (فاطِمٌ) عِشْــقَاً وَسَــهْمَ هَوىً
نهــواكِ يــا (فــاطِمٌ) دَفْــقَاً بِــــخــافِـقِنا
يــا حَــبَّـةَ السُــنْـبُلِ القُدْسِيِّ يـــا سُحُبَاً
صُبِّــي نــداكِ عــلى أشــلائِــنا مَــــطَراً
يــا ليــلةَ القــدْرِ أنــتِ الــوَحْيُ مَـــنزِلُهُ
مــن ألــفِ دَهْــرٍ وأنتِ العِشْقُ في دَمِنا
تــنــزَّلُ الــــرُوحُ والأمــلاكُ نــاهِــلَــــةً
وَيَــخْــتِمُ الــفَــجْرُ لَــيْلَ القدْرِ - سَيِّدَتي -
تــلقى لــديهِ ليــالي التِــيهِ بُــلْــغَــتَــها
يَــجري نــميراً فــتَهفوا نحــوَ جَــدْوَلِــهِ
ويُــكْــتَــبُ الــنصرُ فــي رايــاتِهِ ألَــقَــاً
كُـــلُّ التــراتيلِ قــد جــاءَتـْكِ صــاغِـرَةً
كــلُ الــتسابــيحِ قــد ضَلــَّتْ شــواطِئَها
كُــلُّ السُــراةِ تَــعَــفَّى دَرْبُــهُم لُــجَــجــاً
ونــحــنُ جُــزْنــا فــما زَلَّــتْ لــنا قــَدَمٌ،
مــا جَــفَّ نــبعٌ لــنا أو زهْــرَةٌ ذَبُــلَــت
مــا راعَــنــا حــادِثٌ أو لَــزَّنا عَــنَــــتٌ

***
















***










***















 

وبَــوْحُ نَــهْــرٍ تَــدَلَّى نــحــوَهُ القَصَــــبُ
عــلى الــوُجودِ فَــصَلَّتْ بــاسمِهِ الحُقَبُ
َفَسَــالَ بَــرْداً وجَــدْبُ الــكَوْنِ يــرْتَــقِـبُ
في القَلْبِ،في الرُوْحِ،في الشِرْيانِ ينسَكِبُ
في صَــفْحَــةِ الــعَالَمِ الــعُلْوِيِّ يــنكَتــِبُ
مــن عَــسْجَدِِ الشَمْســِ قامت فَوْقَهُ قِبَبُ
ودَفْــقَةُ الــنُــورِ فــي أرْجَــاهُ تحــتَطِــبُ
مــاءُ الــحياةِ فَــرَفَّــتْ حَــوْلَهُ السُــحُبُ
إن أطْبــَــقَ اللــيلُ أنتِ البَرقُ والشُهُبُ
إلا و(فــاطِــمُ) في نَــجْــواهُ تــنْسَــــرِبُ

والسَــفْــحُ مــن حَــولِها تَـغْتَالُهُ الرِّيـَبُ
نــــــارٌ تُــأَجُّ بِهَــامِ الــدورِ تــضــطــَرِبُ
حــتى الــهَواءُ وحــتى الرَمْلُ والحَصَبُ
طَيْــفُ الحــياةِ بهــا تَــغْــتَــالُهُ الــتُرُبُ
أنــيــابُ جَــهلٍ عــلى مَــبْكاهُ تحــتــَربُ 
ذُبْــلِ الشِــفاهِ حَــشاهــــا لاهِــبٌ تَــرِبُ
(أهــلُ الــرَقِيمِ) وقــد أَعْــيَاهُمُ الطــَلَبُ
سِــنِــيُّ يــوسُــفَ حــتى فَــتَّها الـسَغَبُ
نَــجماً تَــرِفُّ عــلى إنــسانِــهِ الــهــُدُبُ
وفي حــنايــاهُ ضَــجَّ الصــبرُ يــنــتَحِــبُ
سَــرَت لــه الشَــمسُ تستَجلي وتقتَرِبُ
كُــلُّ الــرســالاتِ والألــواحُ والكُــتــُبُ
فهَــزَّهــا (أحــمــدٌ) واسَّــاقَطَ الــرُطَــبُ
فــليلُــهُ مــن لُــجَــيْنِ الــنورِ يَخــتَضِبُ
وجلَّــلَت مَــهْدَهــا الأنــفَاسُ والــزَغَبُ
وفـي ذُرى الــعَرْشِ من أنوارِها شُعَبُ

يــذوبُ شــوقاً إلــيهِ الــدُرُّ والــذَهَــبُ
رَيُّ النبيِّ ورَوضُ العِصْمَةِ الخَصِـــبُ
للهِ كَــفُّــكِ مــا تُــوحي ومــا تَــهَــــــبُ
وأضــرُسُ الــشَوكِ في أحْشَائِهِ تــَثـِبُ
تُــذْكَى الجِــراحُ وتَخْبوا حَولَها النُصُبُ
لــتُشرِقَ الشــمسُ لاتُــربٌ ولاحُــجُــبُ
فــيَسْتَــكِينُ، وتـــَذوِي حَــولَهُ الــنِــوَبُ
وَأَشْــرَعَــتْ نحــوَكُم أفــواهَها الـقِرَبُ
فــــالمُــكْرَمــاتُ عــيــالٌ والـيـتـيـمُ أبُ
فــكُــنتِ أُمَّ أبــيــكِ وانقــضى العَــجَــبُ

قــد تــاهَ فَــخْــراً إلَــيْهِ الفَــضْلُ ينتَسِبُ
يُــرَنِّــمُ الــنبْضَ في مِــعراجِها الطَرَبُ
قــد غَــارَ بــيــن قِسِيِّ الــصَدْرِ ينتَشِبُ
يعُــبُّهُ الــــدَمُ والأنــفــاسُ والعَــصَـــبُ
مــن الجِــنــانِ عــليها سُنــدُسٌ قَـشِبُ
كــي مــا يُــدارَ عــلى أرواحِنا النَخَبُ
وأنــتِ أنــتِ مــراقِي الخُــلْدِ والــرُتَبُ
مــا ألــفُ شَهرٍ وماذا الدَهرُ والحُقَبُ؟
تَــرُومُ مَــجدَكِ مـــن أنْــدَاهُ تــحــتَلِــبُ
ومِــنْــكِ فَــجرٌ سيــأتي بــاسمِهِ الغَلَبُ
وتَــرتوي حـــولَهُ الأحــلامُ والقُــضُبُ
شُــمُّ الــجِبالِ وبَطْنُ الأرضِ والهُضُبُ
وحُــــمْرَةُ الــثأرِ فــــي بتّــَارِهِ تَــثِــــبُ
وأجــفَلَ الــحرفُ لا عُــتــبى ولا عَتَبُ
وأنــتِ تسبــيحَةُ الــشُطآنِ تصــطَخِبُ
وأنتِ منْجَىً لمن ساروا ومــن رَكِبوا
إن أظْــلَمَ الليــلُ أنــتِ الــنارُ والحَطَبُ
إلا وأنــتِ الــرَوَى والــكَرْمُ والــعِنَــبُ
إلا وحُــبُّــكِ فــي مَــنْجَــاتِــنــا السَــبَبُ