يواجه الرئيس خاتمي ضغوطا قوية من مختلف
الاتجاهات تلبية لمشروعه الاصلاحي الذي اصبح على ابواب النهاية، وقد
أقر الرئيس الايراني محمد خاتمي بذلك امام المؤتمر الوطني للمنظمات
الشبابية حيث قال بانه خيب الآمال التي وضعها فيه الشباب لكنه حذر من
الاستخفاف بتطلعاتهم، على ما افادت وكالة الانباء الايرانية.
وقال خاتمي للمنظمات الشبابية غير الحكومية: «يصعب
علي خلال الفترة الاخيرة ان أدلي بحديث لانني اشعر بأن القناعات التي
كانت لدي وما قلته واعربت عنه بصدق ووافق عليه الناس لم يتحقق منه
الكثير».
واقر خاتمي امام الشباب الذين ساهموا كثيرا في
انتخابه ولا يتجاوز معدل الاعمار بينهم الثلاثين سنة ويمثلون 70% من
السكان. بأنه لم يتم الوفاء بكل الالتزامات التي قطعها ان ذلك يثير
لديه «اسفا كثيرا».
واضاف «انا وفي لالتزاماتي حتى وان كانت
الصعوبات تشير خطأ الى انني ربما تخليت عنها».
واعلن الرئيس «ان الاستخفاف بالشباب وتطلعاتهم
واستخدام الدين وقيمه للتغلب (على الخصم) يسبب مشكلات كبيرة لمجتمعنا».
واعرب خاتمي الذي يواجه منذ انتخابه الاول في
1997 عراقيل متواصلة من طرف المحافظين عن تخوفه من الاخطار المحدقة «بالهوية
الدينية لمجتمعنا».
وألح على ان «مجتمعنا يريد الحرية والاستقلال
والتقدم مع الاحتفاظ بالقيم الدينية ولكن هذا لا يعني اقامة سلطة دينية
نخبوية (ارستوقراطية)».
ودعا خاتمي الى «تجديد ديني واجتماعي» للاخذ في
الاعتبار بتطور شباب «بدا يشهد ازمة هوية».
وفي حرب اخرى وفشل آخر لخاتمي ومشروعه نقلت
الصحف الايرانية الاربعاء عن ناطق باسم هيئة تشريعية ايرانية قوله ان
الهيئة رفضت للمرة الثانية مشروع قانون اقترحه الرئيس محمد خاتمي بهدف
الحد من هيمنة المحافظين على مؤسسات الدولة باصلاح القانون الانتخابي.
وعرض مشروع القانون في ايلول/سبتمبر في مجلس
الشورى لمنع مجلس امناء الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون من ان يرفض
بشكل تعسفي المرشحين غير المحافظين للانتخابات التشريعية في العام 2004
وللانتخابات الرئاسية في العام 2005.
وكأي مشروع قانون يرفع الى هذا المجلس للموافقة
عليه. وهذا المجلس مكلف ايضا السهر على مطابقة النصوص مع الدستور
والشريعة.
وكان مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الشورى
الاصلاحي رفض مرة اولى في الاول من نيسان/ابريل من قبل مجلس امناء
الدستور الذي اكد انه "السلطة الوحيدة القادرة على البت في شرعية
الانتخابات".
وعدل النواب مشروع القانون وصادقوا عليه مرة
ثانية في العشرين من تموز/يوليو وعرض مرة اخرى على مجلس امناء الدستور.
وقال الناطق باسم هذا المجلس ابراهيم عزيزي ان النواب عدلوا النص لكنهم
ابقوا على بعض البنود المثيرة للجدل.
وعرض النص مرة ثانية امام مجلس الشورى لكن
الاصلاحيين اكدوا انهم لن يدرسوا مجددا مشروع القانون. وفي حال لم
يتوصل الطرفان الى اتفاق سيرفع مشروع القانون الى مجلس تشخيص مصلحة
النظام اعلى هيئة تحكيم في البلاد التي يسيطر عليها المحافظون.
لكن خاتمي الذي يعرقل المحافظون باستمرار
اصلاحاته منذ انتخابه رئيسا في 1997 أعرب عن معارضته علنا لرفع مشروع
القانون ومشروع قانون آخر الى مجلس تشخيص مصلحة النظام.
وفي ايلول/سبتمبر 2002 رفع خاتمي مشروعا ثانيا
يسمح للرئيس الايراني بتعليق قرار قضائي اذا اعتبر مخالفا للدستور وهي
طريقة تمنع اقدام القضاء الذي يهيمن عليه المحافظون على اغلاق الصحف
واجراء محاكمات سياسية. وفي ايار/مايو رفض مجلس امناء الدستور مشروع
القانون الذي صادق عليه البرلمان.
وفي حرب اخرى جدية رفض مجلس امناء الدستور
الثلاثاء توقيع ايران على اتفاقيتين دوليتين واحدة ضد التعذيب والاخرى
لحماية حقوق المرأة.
اذ تثير قضية حقوق المرأة انقسام المجتمع
الايراني، حيث يعارض رجال الدين المحافظون توقيع الاتفاقية الدولية
بهذا الخصوص مع انها يمكن ان تخفف من الانتقادات الاجنبية للنظام
الاسلامي.
وكان مجلس الشورى (البرلمان) حيث الغالبية من
الاصلاحيين اقر في 23 من تموز الماضي قانونا يسمح للحكومة التى تقدمت
بمشروع القانون بتوقيع الاتفاقية الدولية حول حقوق المراة التي وضعتها
الامم المتحدة. لكن النواب اعربوا عن تحفظات رافقت اقرار القانون تشدد
على الا تطبق في ايران بنود الاتفاقية التي لا تتفق مع الشريعة
الاسلامية والا يخضع ذلك لاي طعن امام محكمة العدل الدولية.
وندد بالقانون النواب المحافظون على الرغم من
التحفظات التي عبر عنها مجلس الشورى، معتبرين انه يخالف الشريعة
الاسلامية المعتمدة منذ قيام الثورة الاسلامية العام 1979 وقال احد
ابرز وجوه المحافظين اية الله محمد تقي مصباح يزدي انه يخالف الشريعة
في تسعين نقطة على الاقل. في حين بدأ رجال الدين في قم حملة حتى يقوم
مجلس صيانة الدستور برد القانون.
ويشير انصار التوقيع على الاتفاقية الى ان
الاغراق في النزعة المحافظة لدى بعض رجال الدين هو الذي دفع الى اقرار
القانون. وقالت النائبة جميلة كديوار لو ان رجال الدين طوروا الشريعة
في ما يتعلق بالمراة لما كنا بحاجة الى الالتفات الى هذه الاتفاقية.
ورات ان انضمام ايران الى الاتفاقية من شانه ان يعزز الجمهورية
الاسلامية. وقالت ان المجتمع الدولي ظل يشير باصابع الاتهام الى ايران
بالنسبة لانتهاكات حقوق المراة ولا شك ان التصويت على هذا القانون يسكت
الانتقادات الدولية.
وقالت النائبة اكرام موسى مانيش ان الموافقة غير
المشروطة على الاتفاقية لا تطرح اي مشكلة لان ليس هناك اي بند في هذه
الاتفاقية مخالف للتعاليم الاسلامية. فروح الاتفاقية هي ازالة التمييز
ضد المراة وهو سبب لا يمكن اعتباره مخالفا للشريعة.
الا ان هناك العديد من انصار حقوق المراة يرون
ان الاتفاقية سواء رافقتها تحفظات ام لا بعيدة عن التاثير عميقا في
المجتمع الايراني في غياب جهاز تشريعي جديد يعطي للمراة الحقوق نفسها
التى للرجل في القوانين المدنية والجنائية. واستنادا الى القانون
الايراني والى جانب فرض الحجاب على المراة فان دية المراة تعادل نصف
دية الرجل كما ان الشريعة تعطي للذكر مثل حظ الانثيين في الارث اضافة
الى ان حق الحضانة نادرا ما يعود للام في حال الطلاق.
وترى المحامية هاله كشوارز ان التوقيع على
الاتفاقية لا يكفي. انه النظام القضائي كله الذي يجب ان يتغير.
من جهة اخرى وفي حرب اخرى يقوم خاتمي بالضغط على
اعدائه في مواجهة حربهم الشرسة، اذ أقر القضاء الإيراني الاثنين ان
الصحافية زهرة كاظمي التي توفيت بظروف غامضة بعد اعتقالها، قضت متأثرة
بضربة ولكن أكد ان الخطأ لا يقع على عاتق أي مؤسسة بل يتحمله أفراد،
حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الطلابية.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين
الهام للوكالة ان «المعلومات التي وضعت تحت تصرف القاضي من خلال تقرير
لجنة التحقيق التي أمر بها الرئيس (محمد خاتمي) ساهمت كثيرا في تقدم
التحقيق خصوصا حول الساعات التي كانت فيها الصحافية في أماكن مختلفة (داخل
السجن) والوقت الذي تعرضت فيه لضربة على الرأس».
وكان القضاء يكتفي حتى الآن بالرواية الرسمية
التي تحدثت عن ان الصحافية الكندية الإيرانية الأصل قضت نتيجة نزيف في
الدماغ نتج عن جرح في الجمجمة ولكنه لم يوضـح سبب هذا الجرح وما إذا
كان نتيجة حادث أو ذا طابع اجرامي.
وأعلنت نيابة طهران مؤخرا اعتقال خمسة أشخاص
تعاملوا مع زهرة كاظمي منذ القاء القبض عليها في 3 يونيو وحتى نقلها
إلى المستشفى في 23 من الشهر نفسه حيث توفيت في العاشر من يوليو.
وأفاد تقرير اللجنة التي أمر الرئيس محمد خاتمي
بتشكيلها ان الأطباء لاحظوا الوفاة الدماغية في 27 يونيو من نزيف ناجم
عن كسر في الجمجمة وقد أبقيت اصطناعيا على قيد الحياة طوال أسبوعين.
ولم يحدد التقرير أسباب الإصابة.
وفي السادس عشر من يوليو أعلن نائب الرئيس محمد
علي ابطحي ان الصحافية توفيت «بعد تعرضها إلى الضرب».
وأوضح غلام حسين الهام ان «التهمة لم توجه إلى
أي جهاز بل إلى أفراد. لم نتوصل إلى النتيجة بأن جهازا أو مؤسسة قد
ارتكب جريمة فالجريمة تقع على عاتق أفراد». ولكنه لم يعط إيضاحات
إضافية.
من جهة اخرى نفى الرئيس الايراني محمد خاتمي يوم
الاربعاء ما نشرته الصحف الايرانية من انباء تشير الى ان طهران اوصلت
الى واشنطن رسالة في نهاية تموز/يوليو تعرض عليها فيها استئناف
المباحثات غير الرسمية التي جرت في ايار/مايو الماضي في جنيف. وقال
الرئيس للصحافيين اثر اجتماع لمجلس الوزراء "لا اساس لذلك على الاطلاق
ولم تجر اي مناقشة".
وكانت صحيفة "انتخاب" المعتدلة نقلت عن مصدر "حسن
الاطلاع" ان دبلوماسيا ايرانيا ابلغ عن طريق وسيط وزير الخارجية
الاميركي كولن باول بان بلاده على استعداد لان ترسل من جديد ممثلين الى
سويسرا او غيرها "للتخفيف من حدة الازمة الحالية بين البلدين واعادة
الحوار على اساس الاحترام المتبادل".
وتؤكد الصحيفة، التي تملك عادة اتصالات جيدة، ان
باول رحب بهذه المبادرة التي وافق عليها خاتمي ونصح الرئيس جورج بوش
باستئناف الحوار مع ايران. واستنادا الى "انتخاب" فان الرئيس الاميركي
وافق على ذلك وطلب من وزير الخارجية تحديد موعد لاستئناف الحوار.
المصدر: وكالات، النبأ |