وصف ناقد مصري بارز يعمل أستاذا بجامعة شيكاغو
بعض الروايات العربية التي حظيت بشهرة في الغرب بعد ترجمتها الى
الانجليزية بأنها تستهدف "دغدغة عواطف الناشرين والقراء الذين تستهويهم
اعمال ذات أبعاد غرائبية تصور العالم العربي ككائنات جنسية متخلفة."
وقال فاروق عبد الوهاب الذي ترجم الى الانجليزية
عددا من الروايات لبهاء طاهر وجمال الغيطاني وابراهيم عبد المجيد
وغيرهم ان بعض الروايات العربية المترجمة الى الانجليزية تحظى بمساحة
من الاهتمام رغم تواضع قيمتها الابداعية "حيث يختار مؤلفوها مناقشة
قضايا تثبت صورتنا الذهنية لدى الغرب باعتبارنا نعيش في عصر الحريم حيث
تتبنى ذلك كاتبة مصرية او كأننا مهووسون بالجنس كما يصور كاتب جزائري."
وأضاف عبد الوهاب الذي يزور القاهرة هذه الايام
ان اختيار عمل ابداعي عربي للترجمة لا يحكمه المستوى الفني وحده اذ
يبحث الناشر الغربي عن "المعرفة التاريخية والانثربولوجية الكامنة وراء
الابداع كما يبدو من الترجمة الرديئة لرواية (مدن الملح) للروائي
العربي عبد الرحمن منيف" وأنجزها بيتر فيرو الذي يعمل الان في ادارة
الرئيس الامريكي بوش.
وقال عبد الوهاب في حديث لرويترز يوم الاربعاء
ان اختيار المترجم لهذه الرواية بالذات ينطوي على كثير من الخبث بسبب
كوميديا التخلف في الجزيرة العربية كما يصورها الجزء الاول من (مدن
الملح) ولكن طلاب جامعة شيكاغو الذين درسوا الرواية ضمن المقرر العام
أعجبوا بقيمتها الفنية الرفيعة فضلا عن الجانب الغرائبي المتمثل في
الحياة الرتيبة والتلقائية لمجتمع أفسد الغرب تجانسه.
واشار الى ان الناشر في الولايات المتحدة يتعامل
مع الكتب كسلعة وبالتالي يرفض المخاطرة بالنشر لكاتب غير معروف ومن بين
القلائل الذين تترجم أعمالهم وتوزع على نطاق جماهيري الروائيان
الكولومبي جارسيا ماركيز والالماني جونتر جراس حتى لو كتبا مقالات.
واوضح ان سوق الترجمة والنشر في الغرب عموما
محاصر بمجموعة من المعايير أولها أن يكون للمؤلف "اسم مضمون واذا أفلت
كاتب من حالة الحصار فان كل ما يكتبه يترجم" مستشهدا بالروائي المصري
نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل عام 1988.
وقال عبد الوهاب انه اعترض على ترجمة الروايات
التاريخية الثلاث التي كتبها نجيب محفوظ في بداياته وهي (عبث الاقدار)
و/رادوبيس/ و/كفاح طيبة/ لانها ليست أفضل أعمال محفوظ ولا تفيده
ترجمتها الان بعد ان تجاوزها في مراحله الابداعية التالية.
وأضاف ان الالحاح على ان يسبق اسم نجيب محفوظ
مصطلح "الكاتب العالمي" يشير الى بعض عقد النقص التي تخلو منها مجتمعات
اخرى تنسب مبدعيها الى اوطانهم الاصلية لا الى "العالمية" مشيرا الى
انه كان يقرر على طلاب مركز دراسات الشرق الاوسط التابع لجامعة شيكاغو
التي يعمل بها منذ عام 1975 احدى روايات نجيب محفوظ أو يوسف ادريس ثم
يعقد مناقشة معهم مصحوبة بعرض الفيلم المأخوذ عن الرواية ويكون مبعث
الفخر انها لكاتب مصري وليس عالميا.
وشدد على ان الترجمة الدقيقة تتطلب معرفة
المترجم بأسرار اللغتين الاصلية والمترجم اليها حيث يترجم بعض الاجانب
"كلمات عربية لها دلالات خاصة جدا ترجمة حرفية معجمية ففي (مدن الملح)
اشارة الى قطاع الطرق وتعني اللصوص والخارجين على القانون ولكن الترجمة
جاءت كأنهم يقسمون الطريق شطرين."
وتابع "لهذا السبب ما زلت مترددا في ترجمة أعمال
الروائية الفلسطينية سحر خليفة بسبب عدم المامي الكافي بدلالات اللهجة
العامية الفلسطينية ولو وجدت مشاركا فلسطينيا لبدأت فورا في تقديم
ترجمة تتضمن كل المستويات الدلالية للكلمة."
واوضح ان الشعب الامريكي ليس كتلة واحدة متجانسة
وبالتالي تختلف ردود فعله فيما يخص القضايا العربية "فقد كانت هناك
جمعيات يهودية مناصرة للسلام وعدد كبير من الكنائس الكاثوليكية
والبروتستانتية ضد الحرب على العراق حتى ان أسقف الكنيسة التي ينتمي
اليها الرئيس الامريكي بوش شارك معنا في شيكاغو في مظاهرة رافضة الحرب."
وتابع "كانت كل العوامل تساعد على خلق عدو مثالي
ففي عام 1992 قدم ريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسات الدفاع الامريكي (سابقا)
تقريرا الى وزارة الدفاع الامريكية يتضمن ضرورة وقوع كارثة في حجم قصف
ميناء بيرل هاربور حتى يستيقظ المارد الامريكي."
وقال ان هجمات 11 سبتمبر ايلول "جاءت لهم من
السماء" في اشارة الى انهم كانوا ينتظرون ذلك الهجوم ذا الفوائد بعيدة
المدى "حيث تحدث دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي في اليوم نفسه
عن العراق قبل ان تظهر أفغانستان كعدو مناسب."
المصدر: رويترز
|