صوتت هيئة الاتصالات الفدرالية على تغيير
القوانين القديمة التي تقيد ملكية الوسائل الاعلامية.
وقد ادى هذا التصويت الى السماح للشركات
بامتلاك عدة محطات تلفزة وجرائد واذاعات في مدينة واحدة بعد ان كانت
القوانين القديمة تمنع ذلك علما بانه قد اقر بتأييد ثلاثة اصوات
مقابل صوتين من اعضاء الهيئة اذ ايده رئيس الهيئة النائب الجمهوري
مايكل باول فيما عارضه عضوان اخران ينتميا الى الحزب الديمقراطي.
واشارت وسائل الاعلام الى ان القوانين الجديدة
التي اقرت تتماشى مع التطور الذي حدث في هذا القطاع الذي بات يشتمل
على البث عبر الاقمار الصناعية والانترنت والتلفزيون لكن المعترضين
عليها قالوا انها تسمح بسيطرة مجموعات قليلة من الوسائل الاعلامية
على ما سيقرؤه ويسمعه ويراه الشعب الامريكي.
وقال مايكل باول اثر جلسة التصويت "ان هذه
الخطوة تحقق اهدافنا في التنوع والمحلية وقد اقرت لجنتنا اليوم
قوانين تتماشى مع العصر".
وكانت وسائل الاعلام الكبيرة قد طالبت بالغاء
قانون تحديد الملكية فيما طالبت الوسائل الاعلامية الصغيرة بمنع
الشركات الكبيرة من شراء المزيد من المحطات التلفزيونية لانها ستؤدي
الى الغاء الرقابة المحلية على البرمجة.
من جهة اخرى الغى القانون الجديد البند الذي
يمنع امتلاك صحيفة ومحطة اذاعية في المدينة نفسها لكنه ابقى على هذا
المنع في المناطق التي لا يوجد فيها اكثر من ثلاث محطات تلفزيونية اذ
يسري القانون على المناطق التي تضم بين اربع وثماني محطات.
وقد انهى التصويت على القرار الحملات
المتباينة التي اثيرت في مختلف الوسائل الاعلامية مع او ضد القوانين
الجديدة حيث كان روبرت مردوك الهدف الابرز لمنتقدي القرار اذ ان
شركته الاخبارية تمتلك محطة (فوكس نيوز) وتلفزيون (توينيث سنتشيري
فوكس اند فيلم ستاديز) وصحيفة (نيويورك بوست) ووسائل اعلامية اخرى.
وقد شهدت الساحة الإعلامية الأميركية تذمرا من
بعض أصحاب المؤسسات الإعلامية المستقلة حول تخفيف قوانين ملكية وسائل
الإعلام.
ويأتي تذمر هؤلاء ومن بينهم نجوم الموسيقى من أن
التغييرات يمكن أن تقضي على الأصوات المستقلة حيث ستطلق حملة من حمى
الاندماجات ستقضي على جماعات الإعلام الصغيرة وتتسبب في احتكار خطير في
عملية نشر الأخبار مما يضر بالديمقراطية الأميركية.
وقال تيد تيرنر مؤسس شبكة "CNN" الإخبارية موضحا
خطورة هذه التعديلات إنه "لو كانت هذه القوانين مطبقة في 1970 لكان من
المستحيل إنشاء شركة (تيرنر برودكاستنغ) أو (CNN) بعد ذلك بعشر سنوات".
من جانبه دافع رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية
مايكل باول عن هذه التعديلات مؤكدا أنه يعتقد أن التعديلات لن تتسبب في
عمليات اندماج كبيرة في وسائل الإعلام.
وأضاف "سنرى بعض عمليات إعادة الهيكلة لكنني
شخصيا لا أعتقد أن ذلك سيصل إلى المستوى الذي يوحي به المتوجسون من تلك
العملية فمجرد امتلاك شخص القدرة على شراء شيء لا يعني أن ذلك جيد
بالنسبة له من الناحية الإستراتيجية أو المالية".
ولم يبد السناتور جون ماكين رئيس لجنة مجلس
الشيوخ للتجارة والعلوم والنقل التي تغطي قضايا الاتصالات، ترحيبه أو
استياءه من هذا المشروع إلا أنه اكتفى بالقول إن عمليات الاندماج
المستمرة في وسائل الإعلام يمكن أن تحرم الأميركيين مع مرور الوقت من
الأخبار والمعلومات التي يحتاجونها مع إمكانية تبرير الاندماج.
وستسمح المقترحات التي تم تسريبها على نطاق واسع,
لمجموعة واحدة بامتلاك محطات تلفزيونية يشاهدها 45% من الشعب الأميركي
بدلا من 35%, كما تنص هذه المقترحات على رفع القيود عن الملكية
المتبادلة للصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون وتلك التي تحدد إمكانية
قيام الشبكات بشراء محطات التلفزيون المحلية.
وكان الكونغرس الأميركي قد خفف عام 1996 القيود
المفروضة على ملكية محطات البث وأمر اللجنة الفدرالية للاتصالات
بمراجعة قوانينها كل عامين.
ودافع رئيس اللجنة الفدرالية باول عن هذه
التعديلات مؤكدا انه يعتقد ان التعديلات لن تتسبب في عمليات اندماج
كبيرة في وسائل الاعلام.
واضاف "سنرى بعض عمليات اعادة الهيكلة لكنني
شخصيا لا اعتقد ان ذلك سيصل الى المستوى الذي يوحي به المتوجسون من تلك
العملية (...) مجرد امتلاك شخص القدرة على شراء شيء لا يعني ان ذلك جيد
بالنسبة له من الناحية الاستراتيجية او المالية". ورأى ان "الامر لا
يتعلق بالغاء القوانين بل بتعديلها وبالتأكيد فانه لن يتم الغاء بعض
القوانين على الاطلاق"، موضحا انه "قديتم تشديد بعض القوانين وسيتم
تعديل القوانين الاخرى لتعكس سوق الاعلام الحديث".
وكان الكونغرس الاميركي خفف في 1996 القيود
المفروضة على ملكية محطات البث وامر اللجنة الفدرالية للاتصالات
بمراجعة قوانينها كل عامين. وتأتي التغييرات المقترحة في اطار عملية
المراجعة الاخيرة التي تأخرت عن موعدها عدة اشهر. ويخشى منتقدو
المقترحات وبينهم نجوم الموسيقى ومؤسس شبكة "سي ان ان" الاخبارية تيد
تيرنر من ان تؤدي عمليات الاندماج بين شركات الاعلام الى التقليل من
عدد الاصوات المستقلة مما يضر بالديموقراطية الاميركية.
وتيرنر هو اهم المساهمين الكبار في شركة "اميركا
اون لاين تايم وورنر"، احدى اكبر خمس شركات اميركية للاعلام. وصرح
السناتور جون ماكين الذي يرأس لجنة مجلس الشيوخ للتجارة والعلوم والنقل
وتغطي قضايا الاتصالات، الاحد انه يعتقد ان القوانين الجديدة يمكن
تبريرها رغم المخاوف من فقدان الاصوات المستقلة. لكنه رأى في برنامج "ميت
ذي برس" (لقاء مع الصحافة) ان عمليات "الاندماج المستمرة في وسائل
الاعلام يمكن ان تحرم الاميركيين على مر الوقت من الاخبار والمعلومات
التي يحتاجونها".
يضاف الى ذلك ان اللجنة اسقطت بعض المعوقات التي
كانت تمنع امتلاك كونسورسيوم واحد لمحطات تلفزيون وصحف تغطي الاسواق
ذاتها. واقرار هذه القوانين الجديدة الاثنين بغالبية ثلاثة اصوات من
اصل خمسة في اللجنة يعكس سيطرة الجمهوريين على هذه الوكالة الفدرالية
التي عين الرئيس الاميركي جورج بوش رئيسها مايكل باول.
لكن رغم ذلك ضم الكثير من الجمهوريين صوتهم الى
صوت الديموقراطيين لادانة هذه الاجراءات التي تطال الساحة الاعلامية
الاميركية. وقال ترينت لوت الجمهوري المحافظ من ولاية ميسيسيبي وزعيم
الحزب الجمهوري سابقا في مجلس الشيوخ "ان عددا كبيرا من الجمهوريين على
الارجح غالبيتهم في مجلس الشيوخ لا يوافقون على قرار لجنة الاتصالات
الفدرالية".
وفي الاسابيع الاخيرة التي سبقت عملية التصويت
في اللجنة طلب اكثر من 150 برلمانيا بينهم الكثير من الجمهوريين في
رسالة وجهوها الى اللجنة الفدرالية تأخير اتخاذ القرار النهائي بغية
منح وقت اضافي لدرس هذه المسألة.
واوضحت اللجنة انها تلقت قبل اتخاذ قرارها اكثر
من 500 الف رسالة بريدية والكترونية من مواطنين ومنظمات محافظة وتقدمية
على حد سواء تعارض في غالبيتها العظمى التعديلات على القوانين. ويخشى
هؤلاء المعارضون شأنهم في ذلك شأن اعضاء الكونغرس ان يتم الحد من وصول
مختلف تيارات الرأي الى وسائل الاعلام. ومن بين المعارضين "جمعية اصحاب
الاسلحة النارية" النافذة جدا (ناشونال رايفل اسوسييشن) والمؤتمر
الاسقفي الكاثوليكي الاميركي.
ووصف السناتور الديموقراطي بايرون دورغان القرار
بانه "خطير" معتبرا ان الانظمة الجديدة تسهل "تجمع محطات التلفزيون
والصحف بين ايدي قلة من الاشخاص مما يسيء الى القضايا المحلية
والتعددية".
ولخص السناتور الديموقراطي جون ادواردز احد
المرشحين للفوز ببطاقة الحزب الديموقراطي الى الانتخابات الرئاسية
العام 2004 قلق زملائه الحريصين على ضمان اعادة انتخابهم في دوائرهم.
وقال في بيان ان "القيود على امتلاك محطات التلفزة التي خففتها لجنة
الاتصالات الفدرالية ضرورية لضمان ان تبقى القرارات المتعلقة بالبرامج
في ايدي وسائل الاعلام المحلية والا تكون مركزة داخل مجموعات كبيرة في
نيويورك ولوس انجليس".
وكان يشير بذلك الى مجموعات كبيرة في هذا القطاع
مثل "نيوزكورب" (فوكس) التي يملكها روبرت موردوك وديزني (اي بي سي)
وفياكوم (سي بي اس) وجنرال الكتريك (ان بي سي).
وقال السناتور الجمهوري جون ماكين رئيس لجنة
التجارة في مجلس الشيوخ ان مجلس الشيوخ سينظم الاربعاء جلسات استماع مع
لجنة الاتصالات الفدرالية للبحث في القوانين الجديدة. ويتوقع ان يعرض
عدة اعضاء ديموقراطيين في مجلس الشيوخ مشاريع قوانين ل"تصحيح" قرار
اللجنة الفدرالية على ما افاد ناطق باسم توم داشل زعيم الاقلية
الديموقراطية في مجلس الشيوخ.
لكن حتى لو تمكن الكونغرس من اقرار قانون للعودة
عن قرار لجنة الاتصالات الفدرالية فقد يواجه فيتو من الرئيس بوش الذي
اعرب عن تأييده للاجراءات الاخيرة على ما افاد توماس مان الخبير في "بروكينغز
اينستيتوت".
المصدر: وكالات |