من الأسباب المتقدمة التي تم التوصل إليها في
الغرب أن مرض الاكتئاب يقف وراء اكثر حالات الانتحار.
رغم أن القناعة الاكاديمية المستندة إلى إحصاءات
علمية حديثة تؤكد أن أكثر المقدمين على إنزال الموت بأنفسهم بطريقة
انتحارية وبأخرى يعود إلى مرحلة الذروة في الاكتئاب المصابين به إلا أن
أغلب المعنيين متفقون تماماً أن العلاج لتفادي حالة الانتحار أمر ممكن
تحقيقه وبعكس ما يتصوره الآخرون.
إن انتشار الأمراض النفسية وفي أولها الاكتئاب
مسألة يمكن لمسها على سحنات العديد من الناس من مختلف المشارب إذ تشكل
نسبة عدد المصابين بمرض الاكتئاب (90%) من بقية المصابين بأمراض نفسية
أخرى التي تبلغ نسبتها هي الأخرى أمام المجموع الكلي للأمراض العضوية
في العالم زهاء (11%) بينما تشير آخر الإحصاءات: (إن عدد المصابين منهم
الذين يترددون على عيادات الطب النفسي حالياً بحدود (450) مليون شخص
ومما يؤكد ذات الإحصائية أن واحد على الأقل من (4) أشخاص معرض للإصابة
باضطرابات عصبية أو عقلية في مرحلة ما من حياته.
وما يفاقم ذلك أن معظم المصابين نفسياً لا
يلجأون إلى اتباع العلاج اللازم أما لكونهم محرومون منه، أو تهرباً من
مواجهة المجتمع الذي يعاملهم بصورة اعتيادية وكأنهم أناس عاديين لهذا
في حين يبلغ عدد المنتحرين سنوياً بمعدل وسطي يصل إلى مليون شخص أو
يزيد على ذلك أحياناً. وهناك تصور عام أشارت إليه إحدى الدراسات
الحديثة حددت فيه: (أن العديد من الأشخاص اللامصابين بالاكتئاب لا بد
وأن يصابوا بالاكتئاب خلال مرحلة من مراحل حياتهم وأكيد فإن الظروف
الحالية التي تعصف بمعظم العوائل في الغرب ذاته ليست مسألة يمكن تجاوز
بحثها نظراً لما تسببه من تأثيرات سلبية على بقية مرافق الحياة فمن بين
(64) شخصاً كان هناك (22) شخصاً أقدموا على محاولات انتحارية جادة.
ولأن الاكتئاب ليس فيه نذير لنهاية العالم فإن
الحلول العلاجية المضبوطة يمكن أن تساهم في تقديم إرشادات تردع أو تحجم
مرض الاكتئاب أو تمت وفقاً لتوافقات سلامة المنطق في العلاج.
هيئة (تشايلد لاين) البريطانية الاستشارية أكدت
في 25 آيار الحالي: (أن أطفالاً صغار في السادسة من أعمارهم يحاولون
الانتحار في بريطانيا بعد تعرضهم لاعتداء جنسي وتعذيب مدرسي وإجهاد في
الامتحان، ويتلقى بهذا الصدد خط المساعدة الهاتفية الخاص بالهيئة ما
يصل إلى زهاء (1500) مكاملة سنوياً من أطفال لديهم ميول مؤكدة للانتحار
بل أن بعضهم يتصل هاتفياً لإنقاذ شخص يحاول قتل نفسه وتتراوح أعمار
الغالبية العظمى ممن يتصلون بخط المساعدة بين (13) و(18) سنة.
هذا في حين قالت إحصائية استرالية حديثة: (إن
الأطفال الذين يتعرضون لاعتداءات جنسية أكثر عرضة عشر مرات لمحاولة
الانتحار مقارنة مع غيرهم من الأطفال). ومعظم أولئك الأطفال يصابون
بمرض الاكتئاب قبل التجرؤ على عملية الانتحار فقد تتبع الباحثون في
مستشفى سيدني ويستميد للأطفال حياة أكثر من (200) طفل تعرضوا لاعتداءات
جنسية عندما كانت أعمارهم تتراوح من (5) إلى (15) سنة خلال فترة عشرات
سنوات فتوصلوا إلى: (أن نسبة الانتحار بين أولئك الأطفال هي أكثر
بمقدار (10 – 13) مرة من مجموعة الأطفال من نفس الأعمال) وقالت الطبيبة
(كيم كاتيس) أن الدراسة أظهرت الحاجة إلى معالجة الاكتئاب بين الذين
تعرضوا لاعتداءات جنسية) بينما حذر البروفيسور كاتيس من: (أن الاعتداء
الجنسي هو واحد من العوامل التي تزيد من خطر إقدام الشباب على الانتحار)
وأكد بـ(أن نسبة الانتحار بين الأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات هي دائماً
عالية وأن الاعتداء الجنسي هو عامل خطر يمكن أن يؤدي إلى الانتحار فيما
بعد).
كذلك كشفت دراسة أجريت مؤخراً في فرنسا عن: (أن
هناك فتاة من بين (5) فتيات وذكر من بين (10) ذكور من الذين تتراوح
أعمارهم ما بين (15) و(24) سنة يقبلون على الانتحار وبذلك احتل
الانتحار المركز الثاني بعد حوادث الطرق في اسباب الوفيات بفرنسا)
وبينت الدراسة التي أجريت على مجموعة من تلاميذ المدارس بلغ عددهم
(1000) طالب وطالبة أعمارهم تتراوح ما بين (11) و21) سنة أن (75%) منهم
حاولوا الإقبال على الانتحار).
وفي (السويد) تتأهب السلطات هناك لارتفاع متوقع
بعدد حالات الانتحار بعد أن أظهر استنتاج إحصائي جديد: (أن عدد
المنتحرين يرتفع أكثر من (10) أضعاف في أعياد رأس السنة) ويعزو مركز
أبحاث الانتحار والوقاية منه في السويد بأنه يخشى: (أن يكون الإحساس
بالوحدة والعزلة الذي يصب الناس بالاكتئاب عشية كل سنة جديد) ويأتي هذا
الاهتمام الرسمي من قبل الجهات السويدية الرسمية بعد إطلاعها على إحصاء
اعتبر خطيراً في مداه إذ جاء فيه: (أن (4) أشخاص في المتوسط ينتحرون في
كل يوم عادي في السويد التي يبلغ عدد سكانها (9) ملايين نسمة، بينما
يصل عدد المنتحرين في اليوم الأول من كل سنة جديدة ميلادية جديدة إلى
(50) منتحراً ومنتحرة إن لم يكن أكثر من ذلك أحياناً. |