حذرت دراسة ميدانية من ظاهرة انتشار العدوان
والعنف بين الشباب لدى المجتمع الكويتي في الوقت الحالي وعدم قدرة
هؤلاء على ضبط سلوكياتهم والتحكم فيها .
وأظهرت نتائج الدراسة التي أجراها الباحث في
القضايا الاجتماعية والتربوية ومدير ادارة الأحداث السابق ناصر العمار
تحت عنوان " العدوان والعنف لدى الشباب بالمجتمع الكويتي" أن نسبة
انحرافات العدوان والعنف تمثل 38 في المائة من حجم العينة معتبرة ذلك
"نسبة كبيرة تنذر بالشؤم" .
وقال العمار ان الدراسة أجريت على مدى خمس
سنوات على عينة قدرها 14 ألفا و 505 من الشباب (ذكورا واناثا) تتراوح
أعمارهم بين السابعة وال 18 والذين سلكوا سلوكا خاطئا أدى بهم الى
مخالفة القانون وحكم عليهم بأحكام قضائية .
وأوضح أن اجمالي حجم العينة "ليس هو العدد
الحقيقي لاجمالي الحالات المنحرفة" في المجتمع مبينا أن كثيرا من
الحالات التي ارتكبت جرائم العنف لم تسجل عليها قضايا اما لتراضي
أطراف النزاع واما بسبب هروب أطراف النزاع من يد العدالة أو بسبب حفظ
القضايا ضد المتنازعين وعدم وصول ملفات القضية الى المحكمة وبالتالي لم
تقيد .
وذكر انه من خلال استعراض نتائج الدراسة يتبين
أن معدل جرائم العنف كان خمسة آلاف و507 حالات أي ما نسبته 38 في
المائة من حجم العينة محذرا من أن هذه النسبة "لا يستهان بها " .
وقسم العمار جرائم العدوان والعنف الى ثلاثة
أنواع هي العدوان ضد النفس (نسبتها اثنان في المائة) والعدوان على
ممتلكات الغير (نسبتها 9 ر9 في المائة) والعدوان على الآخرين ( نسبتها
4ر89 في المائة ) .
وقال ان أكثر انحرافات السلوك العدواني هو
الضرب والمشاجرة بنسبة 1ر62 في المائة مضيفا أنها نسبة عالية " لعل
مرجعها الى المرحلة العمرية أو المراهقة وما تتسم به من خصائص جسمية
ونفسية واجتماعية تدفع بالشباب الى الاعتماد على القوة الفعلية في حل
مشكلاتهم " .
وأضاف ان تقارير الحالة لبعض أفراد العينة
أظهرت أن سلوكهم السلوك العدواني يرجع الى ما يطلق عليه في المجتمع
الكويتي "الفزعة" والمتمثلة في تلبية حاجة الآخرين ومساندتهم في
مواقف العدوان .
وذكر العمار أن السلوكيات غير المقبولة لعينة
البحث تزايدت في المرحلة العمرية من (14 - 18سنة ) حيث مثل هؤلاء
5ر72 في المائة من مجموع العينة مضيفا أنها نسبة تتفق مع مرحلة
المراهقة وما تحمله من تغيرات فسيولوجية وانفعالية لدى عينة البحث .
وأوضح أن معظم عينة البحث تركزت عند المرحلتين
المتوسطة والثانوية حيث يمثل هؤلاء 52 في المائة من العينة داعيا الى
التركيز على المناهج التربوية والانشطة في هاتين المرحلتين الدراسيتين
"حتى تحقق هدفها المطلوب لأن هناك خللا في التطبيق ويجب اعادة النظر
فيما هو مطبق بالفعل مع مراعاة المرحلة العمرية" .
وقال ان 55 في المائة من العينة يعانون من
تخلف دراسي واحباط وفشل متكرر مبينا أهمية العمل على حل المشكلات
التي تقابلهم حتى لا يولد الفشل المتكرر لدى هؤلاء السلوكيات المضادة
للمجتمع وبالتالي السلوك العدواني بأشكاله المختلفة .
وافاد العمار أن للقيم السائدة في المجتمع
والمناهج الدراسية والبرامج والانشطة تأثيرا كبيرا على هذا النوع من
السلوك متسائلا من يتحمل المسؤولية عن ارتفاع معدلات السلوك العدواني
لدى الشباب .
وذكر أن تحديد معيار الرجولة في المجتمع لم
يستند الى القيم والعادات وانما الى مدى قدرة المراهق المنحرف على
اختراق القوانين ومقاومة السلطة .
وحذر العمار من تنامي سلوكيات العدوان والعنف
بين الشباب لدى المجتمع الكويتي مضيفا ان هذه السلوكيات قد تؤدي الى
احداث عاهات مستديمة ببعض أفراد المجتمع وهذا بدوره يفقد الوطن الكثير
من أعمدته ويجعل بناءه الاجتماعي هشا .
وقال ان هناك حاجة الى عمل المزيد من البحوث
العلمية حول السلوك العدواني لدى الشباب للتعرف على الحجم الحقيقي في
المجتمع لعينة الشباب الذين يتسم سلوكهم بالعدوانية وأوقعهم هذا
السلوك في مخالفة القانون .
المصدر: كونا |