الحركات الإسلامية

بين الحرب الالغائية والمراجعة النقدية: الى اين؟

قاسم قصير

 

بينما كان قياديو الحركات الاسلامية يلتقون في ماليزيا لانشاء "منتدى الحركات الاسلامية" من اجل مراجعة التجارب الاسلامية وتقديم خطاب اسلامي جديد و اختيار القيادي الاسلامي زكي بني ارشيد امينا عاما له، كانت دولة الامارات العربية المتحدة تصدر قرارا بوضع 83 حركة وجماعة ومنظمة اسلامية على "لائحة الارهاب"، وضمت اللائحة: الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين وجماعة الاخوان المسلمين في مصر ومنظمات اسلامية في اوروبا واميركا تعمل لخدمة الاسلام والمسلمين.

القرار الامارتي ليس جديدا فهو جزء من حرب الغائية بدأتها الامارات ودول اخرى ضد القوى والحركات الاسلامية في العالم العربي وخصوصا الاخوان المسلمين منذ ثلاث سنوات ولا سيما بعد الثورات الشعبية العربية وفوز الاسلاميين في مصر وتونس، ورغم كل المحاولات التي تبذلها القوى الاسلامية من اجل التأكيد على سلميتها ورفضها للعنف واستعدادها للحوار ومشاركتها في العملية الديمقراطية، فان الرد يأتي دائما من خلال الاستمرار بهذه الحرب الالغائية والعمل لإسقاط اي تجربة اسلامية في الحكم والعمل السياسي.

لكن هل هذه الحروب ضد القوى والحركات الاسلامية مفاجئة وغير متوقعة؟ وكيف يمكن للقوى الاسلامية مواجهة هذه الحرب؟ واي دور جدي وعملي يمكن ان يقوم به منتدى الحركات الاسلامية في مواجهة هذه الحرب وتحقيق المراجعة النقدية المطلوبة؟

ليس جديدا على القوى والحركات الاسلامية ان تواجه حربا الغائية او محاولات لمحاصرتها واعتقال قياداتها وزجهم بالسجون ومنعهم من التحرك والنشاط وهذا ما حصل في العديد من الدول العربية والاسلامية منذ تأسيس حركة الاخوان المسلمين عام 1928، ولكن رغم كل ذلك نجح الاسلاميون في التوسع والانتشار واقامة المؤسسات المتنوعة ووصل بعضهم للحكم وهاهم اليوم اكبر قوة شعبية وتنظيمية وسياسية في العالم العربي والاسلامي وانتشر الالاف منهم في اوروبا واميركا واستراليا.

اذن المشكلة ليست في الحرب على القوى والحركات الاسلامية، رغم خطورتها واهمية التصدي لها وضرورة وضع خطط وبرامج عملية واعلامية وفكرية وسياسية ودبلوماسية للرد عليها وكشف ابعادها وظلمها، لكن المهم ان تحدد الحركات الاسلامية رؤيتها ومشروعها وكيفية تحقيق الاهداف التي تسعى اليها بعد هذه المسيرة الطويلة من العمل الاسلامي طيلة القرن العشرين والعقد الاول من القرن الواحد والعشرين.

وعلى ضوء ذلك تأتي اهمية انشاء "منتدى الحركات الاسلامية" في ماليزيا والمناقشات التي حصلت خلاله والنتائج والتوصيات الصادرة عنه وخطة العمل التي تم الاتفاق على تنفيذها.

فقد تطرق المشاركون في المنتدى الى اسباب فشل الاسلاميين في الحكم وعدم تحقيق الاهداف المرفوعة واهمها تحقيق العدالة الاجتماعية ودعا المشاركون الى اجراء مراجعة شاملة لهذه التجارب والاستفادة من الفكر والفقه الاسلامي من اجل وضع رؤية جديدة للعمل الاسلامي.

لكن هل ينجح هذا المنتدى في تحقيق الاهداف المطلوبة في هذه المرحلة الخطرة وماهي الشروط المطلوبة لإنجاز هذه الاهداف؟

ان العنصر الاهم والاساسي في نجاح هذه التجربة الحوارية الجديدة بين القوى والحركات الاسلامية، ان يكون الحوار شاملا وموضوعيا وجريئا وان يشمل كل التجارب والقوى الاسلامية ولا يتم استثناء احد بسبب الخلاف السياسي او المذهبي.

كما انه يجب الاستفادة من تجارب ايران وتركيا وتونس ولبنان وكيف نجح الاسلاميون في هذه الدول في مواجهة المخاطر والحروب والتصدي لكل المحاولات الالغائية التي واجهتهم.

اذن رغم كل الحروب الالغائية التي واجهت الانبياء والاديان منذ بدء الخليقة فاتباع الاديان منتشرون اليوم في كل العالم، لكن المهم تحقيق الاهداف المرجوة من الاديان، ورغم كل الحروب الالغائية التي واجهت القوى والحركات الاسلامية فهي مستمرة وناشطة، لكن المهم تحديد اي مشروع واي هدف تريد تحقيقه هذه القوى وهل هدفها فقط الوصول الى السلطة ام خدمة الانسان والدين والاسلام وتحقيق العدالة الاجتماعية؟

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/تشرين الثاني/2014 - 1/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م