ازمات سياسية تدفع لبنان صوب مستنقع الارهاب

 

شبكة النبأ: ما زالت لبنان تعاني الكثير من التهديدات الداخلية والخارجية، مع الهجمات المسلحة التي شنها مقاتلون مرتبطون بتنظيم القاعدة مؤخرا، فيما راوحت الازمة السياسية في مكانها، بعد ان عجز الفرقاء السياسيون من توحيد مواقفهم تجاه اختيار مرشح توافقي لمنصب الرئيس، الذي اعتمد كثيرا على فشل التوافقات الاقليمية في حل خلافاتها المستدامة داخل لبنان، بعد ان اقتربت (السعودية وايران) من الوصول الى اتفاق وسطي لإنهاء الازمة، لكن سرعان ما انهار هذا الاتفاق لتعود الاوضاع الى سابق عهدها من الجمود السياسي، وكانت لبنان قد تعرضت لعدة هجمات انتحارية اسفرت عن مقتل العشرات، بعد ان زاد التوتر الطائفي والخلافات الدينية في منطقة الشرق الاوسط نتيجة للازمة السورية وسيطرة التنظيمات والحركات المتطرفة على مناطق واسعة في العراق وسوريا، خصوصا تنظيم ما يسمى (الدولة الاسلامية/ داعش)، والذي اعتمد على كسب الالاف من المقاتلين العرب والاجانب الى جانبه واعلان اقامة الخلافة الاسلامية في الاراضي التي استولى عليها، اضافة الى جبهة النصرة (وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا)، والتي استهدفت القرى الحدودية اللبنانية مع سوريا، بعد ان اتهمت حزب الله (احد اطراف العملية السياسية في لبنان ولدية جناح عسكري شارك في القتال في سوريا) بالتدخل في سوريا الى جانب النظام، فيما اكد الحزب انه قاتل التنظيمات المتطرفة التي تسعى لتحويل لبنان الى مسرح لعملياتها الجهادية.

واعلن زعيم جبهة النصرة ابو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجلة ان المعركة في لبنان مع حزب الله لم تبدا بعد، مؤكدا ان مسلحي هذا التنظيم المتطرف يحضرون لمفاجآت عند الحدود بين سوريا ولبنان، واعتبر الجولاني في المقابلة التي اجرتها معه مؤسسة المنارة البيضاء التابعة لجبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، ان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة يشكل اكبر "التحديات" على الساحة السورية، وقال الجولاني في ما قدم على انه اول مقابلة صوتية له علما انه لم يكن بالإمكان تحديد التاريخ الذي اجريت فيه هذه المقابلة "اخواننا في (منطقة) القلمون (السورية الحدودية مع لبنان) يخبئون في جعبتهم الكثير من المفاجآت، والمعركة الحقيقية لم تبدا بعد في لبنان"، واضاف "القادم باذن الله تعالى ادهى وامر على حزب الله، ولعل (زعيم حزب الله) حسن نصر الله سيعض اصابعه ندما على ما فعله في اهل السنة في الشام في الايام القادمة ان شاء الله".

ويقاتل حزب الله الى جانب النظام السوري، وقد قتل العشرات من عناصره خلال السنتين الماضيتين في المعارك في سوريا مع فصائل معارضة وتنظيمات جهادية على راسها جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية اللذين يعتبرهما الحزب الشيعي تنظيمين تكفيريين، وفي وقت سابق، توعد الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء "التكفيريين" بالهزيمة، مجددا التزامه بالقتال في سوريا الى جانب قوات النظام، واقيمت مراسم عاشوراء وسط تدابير امنية مشددة خوفا من تفجيرات او اعمال امنية قد تستهدف الاحتفال في الضاحية الجنوبية لبيروت التي سبق وان شهدت هجمات تبنتها تنظيمات جهادية، وقال الجولاني في المقابلة المسجلة "كان لا بد من ان ننقل المعركة الى الداخل اللبناني والى مناطق تواجده (حزب الله) في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية ونستهدف المواقع الحساسة له عله يعلم خطورة تدخله ووقوفه حليفا لنظام بشار (الاسد) ضد اهل السنة في الشام". بحسب فرانس برس.

ويطالب خصوم حزب الله في لبنان الحزب بالانسحاب من القتال في سوريا، محملين اياه مسؤولية التداعيات الامنية للنزاع على البلد الصغير ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة، من جهة اخرى، راى الجولاني ان "ساحة الشام اليوم تمر بعدة تحديات اولها التحالف الدولي فالتحالف الدولي جمع معه 60 دولة وما يقارب ال 50 مليار دولار وهذا العدد من الدول والاموال فاق التحالف الدولي الذي جمع لحرب الخليج عام 1991 ما يقارب 32 دولة و100 مليار دولار"، وحذر من ان دول التحالف الدولي العربي الذي تقوده الولايات المتحدة ويوجه ضربات جوية الى المقاتلين الجهاديين في سوريا والعراق مصممة على انهاء "حالة الجهاد" في سوريا، وذلك من اجل تحقيق "اهداف وغايات كبيرة في المنطقة"، وتابع "لا ننسى ان نذكر ان هناك حساسية بلغت مبلغها عندما وصل المجاهدون الى الشريط الحدودي بينهم وبين اسرائيل ولا شك ان هذا الامر يثير المخاوف عند اسرائيل التي تحميها كل الاطراف المتنازعة" في سوريا "بشقيها الاميركي والروسي".

وكان زعيم جبهة النصرة هدد في شريط صوتي مسجل تم بثه في نهاية ايلول/سبتمبر ب"نقل المعركة" الى الدول الغربية عندما باشرت قصف مواقع جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق، وتطرق الجولاني في المقابلة المسجلة الى المعارك التي خاضها تنظيمه مع جبهة ثوار سوريا، احدى اقوى الكتائب المعارضة المدعومة من الغرب، في محافظة ادلب شمال غرب سوريا وتمكن خلالها مؤخرا من السيطرة على عدة بلدات تقع في منطقة جبل الزاوية ومناطق اخرى على الطريق المؤدي الى حلب، وقال ان "القتال الذي نشب ليس كما اشيع اي بيننا وبين جبهة ثوار سوريا بل هناك الوية اخرى وفصائل مقاتلة والناس من اهالي جبل الزاوية، يعني انها كانت شبه ثورة شعبية" ضد الكتيبة التي تؤيد نظاما علمانيا ديموقراطيا في سوريا، ودعا الجولاني زعيم جبهة ثوار سوريا جمال معروف الى "التوبة" كي يعتبر "اخا" من جديد، بعدما اتهمه بانه قام بالتنكيل بسكان المنطقة، وعن القياديين والمقاتلين الاجانب في جبهة النصرة، قال الجولاني ان نحو 40 بالمئة من قيادات هذا التنظيم المتطرف وبين 30 الى 35 بالمئة من مقاتليه هم من "المهاجرين"، اي من غير السوريين، مشيرا الى ان اعداد هؤلاء كانت اكبر بكثير قبيل اندلاع الخلاف مع تنظيم الدولة الاسلامية والذي قتل فيه مئات المسلحين من الطرفين.

اشتباكات مع مسلحين

من جهته قال الجيش اللبناني إن جنوده اعتقلوا 50 شخصا في مداهمات ببلدات ومخيمات للاجئين السوريين بشمال البلاد في إطار حملة أمنية بعد معارك مع مسلحين إسلاميين خلال الأيام القليلة الماضية، ونفذ الجيش عددا من المداهمات منذ أن اشتبك متشددون إسلاميون مع جنود في مدينة طرابلس ومحيطها في بعض من أسوأ المعارك التي امتدت الى لبنان من الحرب الأهلية السورية، ودخل الجيش بلدات المنية ومشتى حسن ومشتى حمود ومخيمات للاجئين في بلدة بحنين، وأفاد بيان للجيش أن معظم المعتقلين كانوا سوريين لكن بينهم تسعة لبنانيين وفلسطيني، وذكر البيان أنه في واحدة من المداهمات صادر الجنود عددا من الأسلحة بينها قاذفات صواريخ ومعدات اتصالات.

كما اعتقل الجنود رجلا عند نقطة تفتيش قرب بلدة عرسال الشمالية اعترف بأنه مهرب أسلحة للمتشددين في المنطقة، وطبقا لمصادر أمنية أدت المعارك في الشمال الى مقتل ما لا يقل عن 11 جنديا و ثمانية مدنيين و22 متشددا، وقال الجيش في بيان منفصل إن السلطات الأمنية اعتقلت 12 سوريا في جنوب شرق لبنان قرب الحدود السورية للاشتباه في انتمائهم لجماعات متشددة ضالعة في المعارك بعرسال وبدخول البلاد بشكل غير مشروع، وقال مصدر قضائي إن محكمة عسكرية وجهت اتهامات لرجل قالت انه عضو مهم في تنظيم الدولة الإسلامية مضيفا أنه جرى توجيه اتهامات لسبعة عشر آخرين غيابيا، واعتقل الجيش الرجل ويدعى أحمد سليم ميقاتي في عملية مداهمة بشرق لبنان ووصفته قوات الجيش بأنه واحد من أهم أعضاء التنظيم في المنطقة، وقال الجيش اللبناني عند اعتقال ميقاتي وهو في منتصف الأربعينيات انه أنشأ خلايا للدولة الإسلامية في لبنان وجند مقاتلين وكان يخطط لتنفيذ "عمل إرهابي" كبير مع ابنه. بحسب رويترز.

وبدت الأوضاع هادئة في مدينة طرابلس بشمال لبنان بعد قتال على مدى يومين بين الجيش ومسلحين إسلاميين كان من أعنف الاشتباكات التي امتدت إلى لبنان من سوريا، وقال مسؤولون أمنيون وسياسيون إن الجيش استعاد السيطرة على أراض بعد معركة مع المقاتلين الإسلاميين قتل فيها 11 جنديا على الأقل وثمانية مدنيين، وكانت الأوضاع أهدأ بعد اشتباكات دارت بين الجيش والمسلحين في مناطق حول مدينة طرابلس التي تسكنها غالبية سنية والتي شهدت اقتتالا مرتبطا بالحرب الأهلية السورية عدة مرات في السنوات الثلاث الأخيرة، وقال سمير الجسر وهو سياسي سني من طرابلس في تصريحات "مبدئيا العملية انتهت والجيش يدخل إلى المواقع التي كان يتحصن فيها المسلحون لتنظيفها"، وصرح مصدر أمني بأن الجيش لم يسيطر بعد على موقع أخير يهيمن عليه المسلحون، وهذا أسوأ امتداد للعنف من سوريا منذ أوائل أغسطس آب عندما توغل مقاتلون إسلاميون مرتبطون بجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في بلدة عرسال الحدودية وأسروا نحو 20 جنديا وأعدموا ثلاثة.

وأحدثت الأزمة السورية أسوأ حالة من عدم الاستقرار في لبنان منذ حربه الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى 1990، وتفجرت عدة اشتباكات في طرابلس منذ اندلعت الحرب السورية عام 2011، كما أحدثت الحرب في سوريا انقسامات طائفية حادة داخل لبنان مع تأييد السنة للمقاتلين السوريين أو المتشددين الجهاديين وتأييد الشيعة للرئيس السوري بشار الأسد، وتسبب الصراع السياسي في ترك لبنان بلا رئيس منذ فبراير شباط بعدما انقضت مدة رئاسة ميشال سليمان، وتشمل المنطقة التي استعادها الجيش مسجدا يستخدمه المسلحون قاعدة في منطقة باب التبانة في طرابلس، وسمح في وقت سابق للمدنيين بالمغادرة في إطار وقف لإطلاق النار لأغراض إنسانية طالب به زعماء سنة محليون، ودار اشتباك قصير بالأسلحة النارية عندما دخل الجنود المنطقة وبدأوا في تمشيطها، ولم يتضح على الفور أين ذهب المسلحون، وقالت مصادر أمنية إن بعضهم ربما ترك المكان مع المدنيين.

واندلع القتال في مناطق أخرى بالشمال قرب بلدتي المنية وبحنين حيث قتل جنديان على الأقل في كمين، واستخدم الجيش طائرات الهليكوبتر المسلحة في قصف مواقع المقاتلين لأول مرة منذ سنوات، وأدان سياسيون من مختلف الأطياف السياسية بلبنان العنف في طرابلس ثاني أكبر مدينة بلبنان والقاعدة التاريخية للجماعات الإسلامية السنية، واجتمع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام مع وزراء ومسؤولي الأن وأكد ضرورة "متابعة المواجهة التي يقوم بها الجيش اللبناني والقوى الأمنية ضد الخارجين عن القانون"، وقال مكتبه في بيان "الحكومة تقف صفا واحدا وراء القوى العسكرية والأمنية الشرعية في المعركة التي تخوضها لضرب الإرهابيين وإعادة الأمن والأمان إلى طرابلس والشمال"، ولم تتضح على الفور انتماءات كل المقاتلين المشاركين في الاشتباكات، وتقول مصادر أمنية إن من بينهم مؤيدين لبنانيين وسوريين لجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية، وقال وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في تصريحات إن عدد مسلحي طرابلس لا يتجاوز 200 فرد وإنهم من لبنان وسوريا، وأضاف أن المعركة في الشمال "فتحت ولن تقفل من دون حسم".

ويوجه كثير من المقاتلين السوريين السنة ومن الإسلاميين اللبنانيين السنة المتشددين اتهامات للجيش اللبناني بالعمل مع جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية التي أرسلت مقاتلين لدعم قوات الأسد الذي ينتمي للطائفة العلوية الشيعية، وهددت جبهة النصرة بإعدام الجنود اللبنانيين الذين تم أسرهم خلال اقتحام عرسال ردا على عملية الجيش اللبناني في طرابلس، وأصدر الجيش بيانا قال فيه "تستمر وحدات الجيش في تنفيذ عملياتها العسكرية في مدينة طرابلس ومحيطها حيث تمكنت من دخول آخر معقل للجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة التبانة حيث اعتقلت عددا منهم فيما تمكن آخرون من الفرار مستفيدين من طبيعة المباني السكنية بعد أن أقدموا على زرع عبوات وتفخيخات في الأحياء السكنية، حيث يعمل الجيش على تفكيكها، وقد تم العثور على مخازن أسلحة ومعمل لتصنيع المتفجرات"، وأضاف البيان "ستواصل وحدات الجيش بعد أن تم تعزيزها باستقدام قوى جديدة تنفيذ تدابيرها الأمنية وتعقب بقايا المجموعات الإرهابية ومداهمة المناطق المشبوهة كافة".

تمديد ولاية البرلمان

الى ذلك مدد مجلس النواب اللبناني الذي فشل 15 مرة في انتخاب رئيس ولايته حتى عام 2017 في خطوة تسلط الضوء على تأثير الانقسام الإقليمي الطائفي الذي أدى الى شلل نظام تقاسم السلطة الحساس في البلاد، ووصلت السياسة اللبنانية إلى طريق مسدود وسط مخاوف أمنية ناجمة عن تداعيات الحرب الاهلية في سوريا المجاورة مما أدى إلى اشتباكات منتظمة في البلاد، وتقول الاحزاب المؤيدة لمشروع قانون التمديد ان الوضع الامني في البلاد غير مستقر ولا يسمح بإجراء الانتخابات، لكن محتجين ودبلوماسيين وبعض المسؤولين اعتبروا التمديد خطوة غير دستورية، وغالبا ما تشهد البلاد خلافات سياسية تشكل انعكاسا للمنافسة بين دول اقليمية أبرزها ايران والمملكة العربية السعودية اللتان تمارسان تأثيرا حاسما في السياسة اللبنانية، وتوترت العلاقة بين ايران والمملكة العربية السعودية من خلال دعم الجانبين لفرقاء الحرب في سوريا.

وقالت سفيرة الاتحاد الاوروبي انجيلينا ايخهورست في تغريدة على حسابها على موقع تويتر كان "يوما حزينا في التاريخ الدستوري في لبنان"، ومع هذا التمديد الثاني منذ عام 2013 يضاعف أعضاء البرلمان مدتهم الاصلية المؤلفة من أربع سنوات، وأقر مجلس النواب المؤلف من 128 نائبا اقتراح التمديد حتى 20 يونيو حزيران 2017 بأغلبية 95 صوتا ومعارضة نائبي الطاشناق وغياب كتلة الزعيم المسيحي ميشال عون، وكان قد تم تمديد عمل المجلس في يونيو حزيران 2013 سنة وخمسة أشهر، ونقلت الوكالة الوطنية للاعلام عن البطريرك الماروني بشارة الراعي قوله ان التمديد "بكل بساطة في الأنظمة الديمقراطية يعتبر غير شرعي وغير دستوري"، وقال جبران باسيل وزير الخارجية وصهر الزعيم المسيحي ميشال عون الذي لم يحضر مع كتلته جلسة التمديد "طبيعي هذا التمديد غير ميثاقي وغير دستوري وغير قانوني وأكثر من ذلك هو عمل غير أخلاقي لأنه إعتداء صارخ على خيار الناس وسلبهم لخيارهم وللمؤسسة الدستورية المفروض ان تمثلهم، هي تمدد لنفسها باسمهم، متى ينتهي هذا المسلسل؟". بحسب رويترز.

وعقدت جلسة وسط إجراءات أمنية مشددة مع تظاهرات لجمعيات حقوقية حاولت قطع الطرق على النواب ورشقهم بالطماطم (البندورة)، واعتصم بعض المتظاهرين في خيام قرب مجلس النواب، وردد المتظاهرون شعارات ضد النواب، وقال نائب تيار المستقبل أحمد فتفت للصحفيين عقب الجلسة "بالتأكيد التمديد تم اليوم لسنتين وسبعة أشهر ولكن هذا يعني ان السلطة التشريعية والتنفيذية مستمرة وأحوال الناس يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار"، وعطلت الازمة السياسية بين الفرقاء المتنافسين انتخاب رئيس وأنقذت حكومة المصلحة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام التي تشكلت في فبراير شباط الماضي بمباركة إيرانية - سعودية البلاد من الوقوع في فراغ سلطة تام، إلا ان الحكومة تكافح لاتخاذ قرارات أساسية فيما يعمل البرلمان بالكاد، وكان من المفترض إجراء الانتخابات في يونيو حزيران عام 2013 لكن تم تأجيلها إلى شهر نوفمبر تشرين الثاني الحالي بسبب الخلافات السياسية والعنف في البلاد.

وقد أثار الصراع السوري أسوأ حالة من عدم الاستقرار في لبنان منذ الحرب الاهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 حيث شهدت مدينة طرابلس الساحلية جولات عدة من القتال منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011 كما استولى عدد من المسلحين السنة المتشددين لفترة وجيزة على بلدة عرسال الواقعة على الحدود مع سوريا، وعلى مدى أكثر من ستة أشهر فشل البرلمان اللبناني في انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الاوسط خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في مايو أيار الماضي، وقالت سحر الاطرش وهي محللة لبنانية في مجموعة الأزمات الدولية ان التمديد هو "غير مسؤول ومثير للسخرية وفاسد"، وأضافت "انها صفة متلازمة جدا للطبقة السياسية اللبنانية، انها الطبقة السياسية التي تدعي أنها تريد إنقاذ البلاد ولكن في نفس الوقت ترتكب مخالفات دستورية"، ومضت تقول "السياسيون جميعا في وضع إنتظار وترقب والناس ينتظرون ليروا كيف تتطور الأمور على المستوى الإقليمي، هم مهتمون جدا بحماية مكاسبهم".

وحثت جماعات غير حكومية أعضاء البرلمان على عدم التمديد واجراء الانتخابات، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش ومقرها نيويورك في بيان "التصويت يتعارض مع التزامات لبنان الدولية في مجال حقوق الانسان وسيكون مخالفا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي يمنح المواطنين الحق في التصويت في انتخابات نزيهة، وقال نديم حوري وهو نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "سيكون من العار على لبنان أن يصبح في أدنى مرتبة من الدول العربية الأخرى حيث تجرى الإنتخابات على اهواء حكامهم أو لا تجرى على الاطلاق"، وأضاف "ينبغي على لبنان بدلا من ذلك أن يلعب دورا قياديا في مجال الحقوق السياسية والحريات المدنية للدول الاخرى في المنطقة".

حزب الله والمتشددون

فيما قال مصدر مقرب من جماعة حزب الله اللبنانية إن ما لا يقل عن 16 مسلحا سنيا من جبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا قتلوا في اشتباكات مع مقاتلي الحزب في شرق لبنان بعدما شنوا هجوما كبيرا، وكان مئات المسلحين المرتبطين بجبهة النصرة هاجموا عشر قواعد تابعة لحزب الله على الأقل بطول سلسلة جبلية قريبة من الحدود السورية اللبنانية وقتلوا اثنين من مقاتلي حزب الله في أحدث تمدد لأعمال العنف خارج حدود سوريا المجاورة التي تشهد حربا أهلية، وقال المصدر "هناك 16 قتيلا على الأقل من جبهة النصرة" مضيفا أن مقاتلين لحزب الله من مناطق اخرى بلبنان توجهوا للدفاع عن المنطقة، وتابع المصدر القريب من حزب الله ومسؤولون أمنيون أن حزب الله وجه الدعوة لمقاتليه للدفاع عن المنطقة، وذكرت قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله في وقت متأخر إن الحزب تصدى للمسلحين عبر الحدود وانتهت الاشتباكات.

وفي وقت سابق قال مسؤولون إن عدد القتلى بلغ ثمانية وإن من المتوقع أن يرتفع، واضافوا أن مقاتلين من الدولة الإسلامية يشاركون في الاشتباكات ولكن المصدر القريب من حزب الله قال إن الذين شاركوا كانوا من جبهة النصرة وحسب، ووقعت الهجمات في مساحة كبيرة من الأراضي تمتد من جنوبي بلدة بعلبك وصولا إلى مناطق قريبة من بلدة عرسال الحدودية، ويعتبر المتشددون السنة حزب الله واحدا من أهم أعدائهم، ويقاتل مقاتلو حزب الله إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية السورية، وكثيرا ما امتدت أعمال العنف من سوريا إلى بلدة عرسال والمناطق المحيطة بها حيث يقاتل الجيش اللبناني المتشددين أيضا، وفي أغسطس آب هاجم مقاتلون من جبهة النصرة عرسال في أعنف امتداد لمعارك الحرب الأهلية في سوريا إلى الأراضي اللبنانية مما أدى إلى قتل وأسر أفراد من الجيش اللبناني، ومنذ ذلك الحين قتل ثلاثة من الجنود الأسرى على الأقل، وتحتجز جبهة النصرة عددا غير معروف من الجنود اللبنانيين.

الى ذلك قال نائب أمين عام حزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم لقناة تلفزيونية محلية إن التفجير الذي نفذه حزب الله على الحدود اللبنانية مع إسرائيل كان رسالة بأن الجماعة مستعدة لمواجهة عدوها القديم على الرغم من مشاركتها في الحرب الأهلية في سوريا، وكان حزب الله أعلن أن مقاتليه فجروا عبوة ناسفة على حدود لبنان أسفرت عن إصابة جنديين إسرائيليين وردت إسرائيل على الهجوم بقصف بنيران المدفعية، وتمثل هذه العملية التي شهدتها منطقة مزارع شبعا المرة الأولى التي يعلن فيها حزب الله المسؤولية عن هجوم على الجيش الإسرائيلي منذ عام 2006 حين خاض الحزب وإسرائيل مواجهة استمرت 33 يوما، وقال الشيخ قاسم في مقابلة مع تلفزيون (أو تي في) اللبناني "هذه رسالة، العبوات فجرت بناء على مسار العدو وهذا يعني أن المقاومة حاضرة".

وأضاف "إذا أراد البعض أن يقرأ بأن المقاومة تقول بأنه على الرغم من انشغالنا في الواقع السوري وعلى الجبهة الشرقية للبنان فإن أعيننا مفتحة ومقاومتنا جاهزة في مواجهة العدو الاسرائيلي ونحن متيقظون تماما، هذه هي الرسالة"، وإسرائيل ولبنان في حالة حرب من الناحية الرسمية لكن الهدوء يسود الحدود الممتدة بينهما لمسافة 80 كيلومترا منذ الحرب بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حزب الله عام 2006، ولا تزال إسرائيل في حالة تأهب لأي امتداد للحرب الأهلية في سوريا المجاورة حيث يحارب مقاتلو حزب الله الى جانب الرئيس السوري بشار الأسد وساعدوا على تغيير المد لصالح الاسد، وقال حزب الله انه اتخذ قرار القتال في سوريا لمنع المقاتلين المتشددين مثل جبهة النصرة والدولة الاسلامية التي سيطرت على أجزاء من سوريا والعراق من التقدم إلى لبنان. بحسب رويترز.

وفقد حزب الله عشرة من مقاتليه خلال معركة مع مئات المقاتلين من جبهة النصرة على الحدود الشرقية مع سوريا، وقال قاسم "مزارع شبعا محتلة ومن حق المقاومة أن تقوم بعمليات في الأرض المحتلة من أجل تحريرها حتى لو كانت العمليات متباعدة وبأوقات مختلفة"، أضاف "هذه عملية فيها زرع عبوات والعبوات لا يمكن أن تزرع إلا في مكانها يعني أن المقاومين انتقلوا من الأراضي المحررة إلى الأراضي المحتلة وزرعوا هذه العبوات في منطقة تحت الرقابة الشديدة ليلا ونهارا فقط على قاعدة أنه لا يمكن أن يحصل شيء، هذه رسالة"، ومضى يقول "العملية حققت هدفها بالكامل، هي عبوة ناسفة في دورية إسرائيلية موجهة من أجل أن توقع قتلى وجرحى في مزارع شبعا المحتلة وهذا حصل".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/تشرين الثاني/2014 - 19/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م