استئـذان الرئيس

عبدالزهرة الطالقاني

 

من الاسس الادارية السليمة ان يستأذن المرؤوس رئيسه في أية خطوة يقوم بها.. ولا تتيح القوانين الادارية ان يتصرف الموظف الحكومي دون علم رئيسه في المؤسسة والمنظومة بما فيها المؤسسات الرئاسية، وتستوجب القوانين ايضا إعلام المافوق أو المؤسسة على اقل تقدير عند سفر الموظف إلى خارج العراق حتى وان كان ذلك سفراً لأغراض شخصية، سواء كان للسياحة والاستجمام أو العلاج والاستشفاء وما سوى ذلك.

وتنطبق الضوابط الإدارية على جميع موظفي الدولة بدءا من الموظف بالدرجة (11) وحتى نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس البرلمان ورئيس الوزراء، وتقتضي الأعراف البروتوكولية وادارة الدولة ان يكون هناك انضباطاً عالياً في التصرف.. وتعتبر مخالفة المسؤول الكبير كبيرة، تتناسب وحجم مسؤولياته.. فلا يليق به ان يغيب، او يتخلف عن موعد حضور اجتماع، وما شابه ذلك والدولة التي تُبنى مؤسساتيا تكون أكثر تمسكاً بضوابط وتعاليم البروتوكول وتطبيقاتها داخلياً وخارجياً.. كما ان الدستور العراقي حدد صلاحيات السلطات الثلاث كل حسب اختصاصه ورسم العلاقة بينها بما يضمن بناء دولة عصرية متطورة..

وهذا يعني ان النائب في البرلمان لا يمتلك صلاحيات السفر دون علم رئيس البرلمان وموافقته، وهكذا الأمر بالنسبة للوزير يعتبر سفره مخالفة قانونية وإدارية وبروتوكولية إذا لم يعلم رئيس الوزراء بسفره ويستحصل موافقة مسبقة بذلك.

 أيها السادة : الرئاسات الثلاث ليست دكاكين بقالة يستطيع أي منكم غلق دكانه والتوجه إلى أي جهة يريد دون علم المافوق، وكلما تعلق الامر بالتصرف الصحيح والسليم فأن رئيس الوزراء لابد ان يتشاور مع رئيس الجمهورية تحديداً قبل السفر إلى أية دولة، كما توصي الاعراف في انظمة الحكم المختلفة استحصال موافقة الرئيس وهكذا الامر بالنسبة لرئيس البرلمان.. ومتى حصل هذا نكون قد وضعنا اقدامنا على الخطوات الصحيحة نحو بناء دولة المؤسسات. الموضوع وما فيه ان رئيس الجمهورية (زعلان) حسب معلومات صحفية على نائبه نوري المالكي لأنه سافر إلى المحافظات العراقية دون الاذن بالسفر، ولو تليفونياً، حيث ذكرت مصادر ادعت انها مطلعة من ديوان رئاسة الجمهورية ان الرئيس معصوم طلب من رئيس ديوان الرئاسة إبلاغ نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي بضرورة استئذان الرئيس مسبقاً قبل أية زيارة يقوم بها إلى المحافظات، هذا أولاً.. واشتدت صيغة الخطاب ليضيف: تحذير نائب الرئيس من مغبة تجاوز حدود وظيفته واستغلال منصبه في الدعاية لنفسه.. ولم يقف التحذير إلى هذا الحد بل اشتد اكثر عندما اشارت المعلومات الى أن الرئيس سوف يستخدم صلاحياته والتي تقضي بإقالة او استبدال نوابه الذين لا يلتزمون بسياقات وظائفهم..

الخطاب العريض الطويل من رئيس الجمهورية الذي ابلغه رئيس ديوانه والذي يبلغ به نائبه جاء بعد قيام المالكي بزيارة إلى النجف الاشرف وبابل ولقائه بمسؤولين هناك. ولا نريد ان ندخل هنا فيما اذا كان نواب الرئيس يمتلكون صلاحيات او لا يمتلكون، أو انهم مجرد موظفين كبار يجلسون على مكاتب يمثلون كتلهم واحزابهم.. هذه المعلومات التي نقلتها احدى الصحف المحلية التي تبحث عن الاخبار حتى وان كانت على حساب الحقيقة احياناً، نفاها ديوان الرئاسة في وقت لاحق، ذكرتني بالسيد فؤاد معصوم عندما كان نائباً في البرلمان العراقي.. هل كان يستأذن رئيس البرلمان عندما يغادر الى كردستان ويجري مباحثات مع رئيس الاقليم وبقية المسؤولين، ام انه كان يضرب بعرض الحائط كل التقاليد والضوابط والاعراف، ويخرج زعلاناً متوجهاً الى المطار لتقله اول طائرة الى اربيل.. وهل ان السيد فؤاد معصوم رئيس جمهورية العراق يستطيع ان يستخدم هذا الخطاب وبهذا الاسلوب مع السيد مسعود برزاني رئيس الاقليم، ام انه يعتبر البرزاني رئيسه، وانه مجرد موظف عنده يأتمر بأوامره..

وهل سيعترض رئيس الجمهورية الذي يسهر على حماية الدستور وتطبيقه على الاستفتاء الذي ينوي برزاني اجراءه لبيان رأي الاكراد بإستقلال الاقليم عن العراق.. ام انه سيصمت عند ذلك لأسباب وطنية وربما قومية او حزبية او عدم قدرة على الكلام.. انها تساؤلات مواطن عراقي عاش في هذا البلد بعد التغيير ورأى مثل بقية المواطنين العجب العجاب من الساسة والحاكمين.. ثم ألا يمكن لرئيس الجمهورية ابلاغ نائبه مباشرة ً بضرورة الاستئذان منه دون تسريب ذلك الى الصحافة، وهل هذه الضوابط تنطبق على النائبين الآخَرين.. أم انها معنية بشخص المالكي شحماً ولحماً دون الآخرين.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/تشرين الثاني/2014 - 18/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م